
نصت وثيقة الحوار الوطني على أن يتم إدماج الشباب وتمكينهم بنسبة 2% داخل المؤسسات وهياكل الدولة ليكونوا عنصراٍ فاعلاٍ في المجتمع وفي العملية السياسية وبين ما نصت عليه وثيقة الحوار والواقع المعاش هناك امتعاض من جانب الشباب حول تمكينهم وإشراكهم في الخارطة السياسية اليمنية حكومياٍ وحزبياٍ ومن خلال ذلك نسعى لمعرفة ماهي الإشكاليات والأسباب التي تقف عائقاٍ أمام الشباب وحول ما إذا كان هناك حلول وبرامج عمل أو أدوات ووسائل لتمكين للشباب سياسياٍ وحزبياٍ.. فإلى تفاصيل الاستطلاع :
عصام سعيد صالح قراضة – المدرب والناشط الحقوقي– سكرتير أول بمجلس النواب يقول: الشباب يلعب دوراٍ بارزاٍ ومتميزاٍ في الآونة الأخيرة في تغيير معالم الخارطة السياسية من خلال تمثيلهم في مواقع صناعة القرار كما أن الشباب المثقف الواعي والحاصل على مؤهلات علمية عاليه ساعد في الرجوع إليه في اختيار كوادر في مواقع صناعة القرار سواء على مستوى الأحزاب أو التمثيل الحكومي والمؤسسي كما أن مشاركة عدد كبير من الشباب في مؤتمر الحوار الوطني أسهم برسم وتعديل الخارطة والتوجه السياسي ونرى ذلك واضحا جليا في التمثيل الذي نراه الآن في مواقع صناعة القرار.
ويرى قراضة بأن أبرز الإشكاليات التي يواجهها الشباب حتى يكون لهم دور بارز في صناعة القرار تتمثل في ظاهرة نظرة القيادات العليا لمكون الشباب التي تختزل الحاجة إلى الشباب في الأنشطة الرياضية دون غيرها من الاحتياجات الأخرى وترى فيها بديلا عن النشاط السياسي والثقافي والفكري كذلك الخروج عن دائرة التفكير والتخطيط بالنيابة ولا ينظر إليه بأنه يمثل القطاع الأكبر في شريحة المتعلمين والمثقفين والمؤثرين في رسم خارطة التغيير الجديدة في البلاد.
ويعتبر برنامج حكومة الوفاق الوطني عام ????م أول بداية حقيقية للاهتمام بالشباب اليمني حيث افرد هذا البرنامج مساحة للشباب انطلاقا من الدور الذي لعبه شباب اليمن في تغيير معالم بناء اليمن الجديد حيث نص برنامج الحكومة إلى إشراك الشباب في مؤتمر الحوار الوطني وتوفير فرص اقتصادية ووضع استراتيجية لبناء قدراتهم وتفعيل عدد من الاستراتيجيات الوطنية التي تعنى بالشباب وكذلك تعتبر الإصلاحات الدستورية من أهم الحلول التي تلعب دورا بارزا في معالجة قضايا الشباب ودورهم البارز في المشاركة بصناعة القرار ولهذا فإن الإصلاحات الدستورية التي يتم إعدادها حاليا من قبل اللجنة المشكلة لإعادة صياغة الدستور تعتبر أيضا من الحلول التي تعالج الإشكاليات والمشاكل التي تحد من إسهام الشباب في رسم تغيير الخارطة السياسية.
مؤكداٍ أن من وسائل وأدوات تمكين الشباب تكمن بإشراكهم في السياسات العامة وإدماجهم في عملية التنمية الوطنية بمراحلها المختلفة وإعادة النظر في مكونات الأحزاب السياسة والحكومات والقيادات المؤسسية لتحتوي في طياتها كوادر شابة مؤهلة تسهم في بناء هذا الوطن.
استخدام لبنات جديدة
من جانبه يقول باسم الحكيمي – الناشط السياسي وعضو مؤتمر الحوار بقائمة الشباب : نصت وثيقة الحوار الوطني على أن يتم إدماج الشباب وتمكينهم بنسبة 2% داخل المؤسسات الدستورية وهياكل الدولة لأن يكونوا عنصراٍ فاعلاٍ في المجتمع و في العملية السياسية وبعد الحوار الوطني شكلت المؤسسات العديد من المهام واللجان ولكن في كل مرة كان يتم التشكيل باستبعاد الشباب ولم يتم تطعيم هذه المهام واللجان بالعنصر الشبابي الفاعل مما يعني أننا لا نزال أمام نخب سياسية عتيقة لم تقتنع بعد بإشراك الشباب في العملية السياسية والمشاهد اليوم في تقييم الوضع الحاصل في المشهد السياسي اليمني يجد الخلل.
ويضيف: لو كانت قيادة الدولة استندت على جيل الشباب في إدارة المرحلة الانتقالية السابقة لكان حدث تغييراٍ كبيراٍ لأن الشباب ليس لهم ارتهان بصراع الماضي وبالتالي هم معنيون.. وكانوا سيحسنون العملية السياسية بموجب القرار.
ويرى الحكيمي أن لا مجال لبناء يمن جديد بدون استخدام لبنات جديدة أما اللبنات القديمة غير صالحة لبناء اليمن الجديد لأنها ستكون مهددة بالانهيار فعندما تم الاستناد بالأدوات القديمة والتي تغلب عليها المصالح والصراعات التاريخية لم ينتج واقعاٍ جديداٍ بل أسوأ..
أما فيما يخص إشراك الشباب في الأحزاب فيقول : كان من المفروض بعد ثورة 2011م أن يرافقها ثورة داخل المؤسسات الحزبية لأن الأحزاب هي الرافعة لمشروع التغيير وبالتالي حتى تكون رافعة جيدة لمشروع التغيير لابد وأن يتم التغيير داخلها لأن الشخصيات التي تدير الأحزاب حالياٍ هي شخصيات قديمة جداٍ عليها العديد من صراعات الماضي وكان من أسباب تشوه العملية السياسية إضافة إلى أن النخب السياسية القديمة يجب أن تخلي الملعب وأن تشرك الشباب على المستوى الحكومي والحزبي إذ لا يمكن انتاج واقع جديد إلا بنخب سياسية شابة داخل المؤسسات أما إذا ظلت المؤسسات الحزبية والقرار السياسي والتمثيل داخل المؤسسات الحكومية بنفس الطريقة التي تلت المرحلة الانتقالية السابقة هذا يعني أننا نؤجل ونرحل الأزمات ونقوم بالتمديد وتشويه الواقع السياسي كما أن الأدوات السياسية في الوضع الحالي غير مؤهلة لتحمل هذا المشروع لأن بناء هذه الأحزاب تمت بطريقة قديمة جداٍ غير صالحة لأن تكون حامل الوثيقة الوطنية لمشروع التغيير لابد أن يتم إعادة هيكلة الأحزاب وإشراك الشباب في هذه الهيكلة ويكونوا جزءاٍ من صانعي القرار داخل المؤسسات الحزبية حتى يستطيعوا أن يكونوا حاملاٍ حقيقياٍ لوثيقة التغيير أو مشروع وثيقة الحوار الوطني لا مجال لإنقاذ العملية السياسية في اليمن إلا بأن يعاد للشباب دورهم ويكونوا فاعلين حقيقيين في رسم سياسة البلاد من غير هذا ستظل المشكلة ترحل من جيل لجيل ومن أزمة لأزمة.
ويضيف الحكيمي متفائلاٍ بأن هناك محدداٍ دستورياٍ في الدستور الجديد يعطي للشباب مكانته ويمكنه أن يكون طرفاٍ فاعلاٍ في الساحة اليمنية بالإضافة إلى أدوات كثيرة جداٍ وفق وثيقة الحوار الوطني نصت على إنشاء بنك خاص للشباب يعمل على دعم الشباب وتمكينهم وإرفادهم بالحقائب الاستثمارية التي تمكنهم من أن يكونوا فاعلين داخل الوطن ..
إهدار الطاقات الكامنة
ويرى مجيب الرحمن حسين – الناشط السياسي وعضو مؤتمر الحوار بقائمة الشباب : أن الإهدار والالتفاف و(التطفيل ) عناوين بارزة تختزل حضور الشباب في المشهد السياسي اليمني وتوصيف واقعي لتغييبهم وتهميشهم المتعمد وغير المتعمد وهي ظاهرة عامة يمكن إسقاطها على واقعنا العربي بصفة عامة فمجتمعاتنا العربية هي جزء من العالم النامي, فوصفها مجتمعا (شابا) من حيث الأغلبية حقيقة لا جدل فيها ولا خلاف وهذه الحقيقة واضحة في مجتمعنا اليمني وهذا التشكيل الديموغرافي لمجتمعنا إذ يشكل الشباب أغلبية عددية كان الأجدر به أن يكون معينا زاخرا تغترف من وفرته البلاد لصوغ واقعا زاهرا والإعداد لمستقبل أكثر إشراقا إنما المفارقة المؤسفة أن يتم إهدار هذه الطاقات الكامنة في الشباب وتبديد إمكانياتهم بغير قصد وأحيانا كثيرة بقصد أو من خلال التركيز عليهم بوسائل الإلهاء المختلفة والإثارة أو الإشباع الافتراضي وعليه تكال لهم التهم: بعدم الجدية أو الوعي القاصر وقلة تحمل المسئولية وعدم إدراكهم لواقعهم وبه تجيز السلطة التقليدية لنفسها التسلط على الشباب ومن هنا يبرز الصراع بين الأجيال بين شباب متوثب طامحهم بوابة العبور للمستقبل وأمل الحاضر و(الكبار) المتمثل بالسلطة التقليدية المحنطة.
ويضيف بأن إهدار القوى التقليدية القمعية التسلطية لطاقات الشباب أفقد هذه القوى حيوية العطاء والاقتدار في أدائهم السياسي وأعماهم عن الوعي بواقعهم وتغيراته أو حتى الاقتراب من جماهيرهم ( المزعومة ) ولو أنهم استثمروا عطاء الشباب ومكنوهم لما وصلنا لما وصلنا إليه مع أن الحكومات المتعاقبة أضحت تتحفنا برفعها لشعارات ( الشباب ) (المرأة) (التمكين) أو التشبيب وهي مجرد شعارات ليس لها أية مصداقية في الواقع وربما أعلنت للاستهلاك خصوصا الخارجي أوهي وسيلة بارعة للاستجداء وطلبة الله.
وتابع حديثه بالقول: إن تعلن (السلطة) في مختلف المحافل مباركتها لثورة الشباب والتغيير مشيدين بحيوية طموحهم ومشروعية حلمهم في التغيير وفي الوقت نفسه يمارسون إقصاءهم وتهميشهم وينظرون لهم من واقع الطفولة غير المسئولة وسواء كان الشباب في موضع (الإلهاء) أو (التطفيل) واللامبالاة فهو مهدور الكيان الأمر الذي يقوده لخطر التطرف الفكري أو العنف الفردي والجنوح! كما أنه وبعد الثورة الشبابية برزت الأيدي الآثمة للسلطة وعبثت بعفوية الشباب وبراءتهم من العهر السياسي وأخذت تمارس عليهم كافة أساليب الترغيب والترهيب لتمتطي ظهورهم وتركب موجة ثورتهم وتحرفهم عن مسارها وتكرس هيمنتها وتسلطها.
ويأسف مجيب الرحمن قائلاٍ:” وجدنا شبابا يفكرون بعقول محنطة غير عقولهم وأحيانا نجد عند البعض نضجا سياسيا فجا غير مستساغ وبدأت مجاميع تشكل لنفسها تكتلا داخل المكون أتضح في النهاية تحزبه وخضوعه للسلطة الجديدة هذا الأمر انعكس سلبا في أداء الشباب كمكون مستقل فقدنا فيه الكثير من العفوية والمصداقية بوصفنا مكونا مستقلا وبدأت حولنا الشكوك تثار هل هؤلاء الشباب فعلا جاءوا من الساحات فقد صودر كثير من استحقاقات الشباب بوجه عام نظرا للأداء السلبي المتعمد تشتيته للمكون وقامت باختيار مجموعة من الشباب المحسوبين عليها وقدمتهم كسفراء شباب للحوار ومكنتهم من مناصب كما قامت ببخس تكوين الشباب في هيئة مراقبة مخرجات الحوار واختارت ممثليهم نيابة عنهم دون معايير محددة واضحة.
وأردف : على الجميع أن يدرك أن ( الكبار ) لم يعودوا يشكلون مرجعية فعلية للجيل الصاعد بل إن سلطتهم التسلطية فقدت شرعيتها فعليها أن تكف عن ممارسة منهج الإهدار لطاقات الشباب كما أنه يجب على الشباب أن يدرك مسؤوليته ويدركون ببصائرهم حجم الدور المأمول بهم وما وراؤه من تأهيل علمي وتقني وكفاية معيشية.
وجودهم ديكور
من جهته يقول الكاتب عبدالغني الوجيه: الشباب اليمني كان ولا يزال مهمشا على مستوى الحكومة وحتى على مستوى الأحزاب) إذا استثنينا التقدم البسيط الذي أحرزه الحزب الاشتراكي مؤخراٍ).
ويضيف: تكمن الإشكالية في أن الدولة لم تقم في الواقع على نظام مؤسساتي حتى الآن ولا تزال الشخصنة هي سيد الموقف ويتم توارث المؤسسات كما الوظائف بالإضافة إلى من في مراكز النفوذ وحدوا جهودهم لتعطيل العمل بقانون التقاعد ?ن أغلبهم ممن بلغوا أجل التقاعد من مدد طويلة وفي الوقت ذاته لم يقابلوا بأي جهد ينتزع من خلاله الشباب حقوقهم الوظيفية كانت فرصة الحل الكبرى بعد نجاح الثورة الشبابية وأضاع الشباب من أيديهم تلك الفرصة التاريخية لذلك الشباب هم السبب الرئيسي فيما هم عليه من إقصاء.
وتابع الوجيه قائلا: اعتاد الساسة إضافة عدد محدود من الكراسي الحكومية للشباب على سبيل الديكور لكن الإخفاق الذي رافق أداء بعض أولئك المسئولين من الشباب كان سببا إضافيا لاستمرار تهميش فئة الشباب في المجتمع مشيرا إلى أن الشباب يملك الكثير من وسائل التمكين في ظل سيطرتهم الآن على أغلب المؤسسات والمنظمات التطوعية التي أن أحسن الشباب استغلالها فستؤتي ثمارها قريبا بالإضافة إلى استغلال المكانة التي وفرتها لهم فرصة مؤتمر الحوار الوطني .