رئيس الجمهورية يتسلم نسخة من المسودة الأولى لدستور دولة اليمن الاتحادية

التقى الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في دار الرئاسة أمس باللجنة الدستورية برئاسة إسماعيل احمد الوزير وذلك بمناسبة انجاز المسودة الأولى لدستور دولة اليمن الاتحادية .
وتسلم الأخ الرئيس في هذا اللقاء نسخة من المسودة الأولى للدستور مع مذكرة التغطية من اللجنة الدستورية بموجب القرار الجمهورية رقم 28.
وبهذه المناسبة العظيمة تحدث الأخ الرئيس فعبر عن شكره وتقديره للجنة الدستورية ولهذا الإنجاز الوطني التاريخي العظيم وقال كان شوطا حافلا ذلك الذي قطعناه معا حتى نصل إلى هذه اللحظة المشرقة من تاريخنا المشترك شوطا مررنا فيه بمحطات كثيرة للنجاح والانجاز ومررنا خلاله كذلك بلحظات مرارة وإحباط”.
وأضاف رئيس الجمهورية ” لكننا رغم كل تلك التحديات لم نحبط أو نهرب من تحمل المسئولية لأننا وضعنا نصب أعيننا مرضاة الله سبحانة وتعالى وآمال شعبنا وتطلعاته المشروعة في الحياة الآمنة والكريمة وبرغم كل الحملات الإعلامية المنظمة التي لم تكن تستهدفنا شخصياِ فقط ولكنها كانت تستهدف بالأساس اغتيال آمال البسطاء من أبناء شعبنا وآمالهم بالتغيير وبالمستقبل الأفضل.
وتابع قائلا ” ولأجل ذلك صبرنا وسنصبر وها نحنْ اليوم أمام محطة مهمة وانتصار كبير يتمثل بإنجاز المسودة الأولى للدستور الجديد والذي يمثل خارطة طريق واضحة المعالم للمستقبل ساهم كل اليمنيين في صياغتها إنه يومْ مجيد في تاريخنا يكلل فيه الشعب مسيرة نضالاته بمسودة الدستور الجديد .. هذا الدستور الذي توج مسيرة الحوار الوطني التي بدأت في مارس 2013 والتي جمعت اليمنيين من كل الأطياف السياسية والمجتمعية لصياغة وثيقتهم التي استندت عليها هذه المسودة.
وخاطب اللجنة بالقول ” إنه ليسرني أن أتقدم إليكم بالشكر الجزيل نيابة عن كل أبناء الشعب اليمني الصابر والذين أثبتم بصدق وإيثار أنكم بمستوى صبره وأمله بكم فكنتم بقدر تلك الأمانة الغالية والمسئولية الصعبة فلكم منا كل التقدير فلقد عملتهم لساعات متواصلة بلا كلل أو ملل متجاوزين الكثير من الخلافات لإنجاز هذه المسودة مستحضرين صورة الوطن الكبير الذي أنهكته الأزمات المتلاحقة والذي ينتظر بفارغ الصبر إنجاز هذه المسودة ليبني عقد دولته المدنية الحديثة المبنية على المساواة والعدل والحكم الرشيد.
كما عبر رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة تسلم مسودة الدستور الجديد عن شكره لكادر الأمانة العامة للحوار الوطني وجهود الأشقاء والأصدقاء وما قدموه من اشكال الدعم الفني والمادي خلال المرحلة الماضية لإنجاز مسودة الدستور خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة وألمانيا الاتحادية وفريق خبراء الأمم المتحدة ومساعي المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن.
ودعا الأخ الرئيس الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار ممثلة بالأحزاب السياسية والمكونات المجتمعية – والتي ستراجع مسودة الدستور للتأكد من عدم انحيازها عن الثوابت المتفق عليها في وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل- دعاها إلى الارتقاء بأدائها لمستوى تطلعات الشعب وأحلامه وبأن تكون أمينة لمخرجات الحوار وبأن تراعي حساسية الوضع القائم في نقاشاتها بحيث لا تستغرق أكثر من الوقت المفترض حتى لو استلزم الأمر ان تواصل الليل بالنهار لإنجاز عملها .. مشيرا إلى أن كل تأخير ينعكس سلباٍ على الأرض وعلى أمن المواطن ومعيشته .
وأشار بالقول:” إن من أهم استحقاقات الدستور الجديد هو تحول اليمن لدولة اتحادية من ستة أقاليم والنظام الاتحادي نظام تتبعه العديد من الدول ويعيش في ظله أكثر من مليارين من البشر وأغلب الدول التي تتبع النظام الاتحادي لا يعرف أنها تعيش في صراعات لكن السؤال هو : هل يمكن ان يكون النظام الاتحادي مخرجاٍ لأزمات اليمن ¿ أقول نعم وبثقة ودعونا نرجع لتشخيص علات الحكم في بلادنا وهي أولا مركزية شديدة ومفرطة في البيروقراطي وتحكم من قبل المركز أو بالأحرى من قبل بعض القوى النافذة فيه في السلطة وفي الثروة.
واستدرك الرئيس قائلا” فاليوم إذا نظرنا فقط على سبيل المثال لمحافظة غنية مثل الحديدة وهي تمثل نحو 47% من سلة الغذاء في اليمن فضلاٍ عن ثروتها البحرية الكبيرة ما هي حصتها من السلطة ¿ ما حصة أبنائها من الثروة ¿ حصص ضئيلة جداٍ هي أشبه بالفتات والنظام الاتحادي المقترح سيعالج هذا الوضع لأنه سيتيح لأبناء الحديدة حكم أنفسهم بأنفسهم ونيل الحصة العادلة من ثروتهم دون أن يكون ذلك مطلقاٍ على حساب بقية أبناء شعبنا في بقية المحافظات يعني ان النظام الاتحادي هو علاج لمسألة الاستئثار بالسلطة والثروة” .
وأضاف ” كما لا يجب أن ننسى أن الذين توافقوا على النظام الاتحادي هم الأغلبية الساحقة فمن بين 14 رؤية سياسية لشكل الدولة قدمتها الأحزاب لمؤتمر الحوار تبنت 12 رؤية منها الشكل الاتحادي للدولة ولا اعتقد أن كل القوى التي تبنت هذا الشكل كان ينقصها الفهم والنضج السياسي لاستشعار خطر الدولة الاتحادي على الوحدة إن كان هنالك خطر كما يدعي البعض بل على العكس أحاطت هذه القوى والمكونات الوحدة بالضمانات الكافية عندما أجمعت على معالجة مظالم الماضي وعندما أقرت تبني عقد اجتماعي جديد يعيد صياغة دولة الوحدة على أساس العدل والمساواة والتشاركية .
وتابع رئيس الجمهورية ” كما أضيف أن لكل نظام كلفته المالية ولا اعتقد ان كلفة النظام الاتحادي ستصل الى نصف كلفة النظام الحالي الذي أهدر مقدرات الدولة وأضاع عليها كثيراٍ من الفرص الاستثمارية والاقتصادية .
ولفت بالقول” كما ان هنالك عدة ضمانات لتغطية الكلفة التي ستنتج عن تطبيق النظام الاتحادي .. الضمانة الأولى هي تفكيك بيروقراطية المركز وتحويل كثير من الموارد التي تهدر في المركز إلى الأقاليم والولايات . ولكن الجزء الأهم – وهذه هي الضمانة الثانية – سيأتي من وضع حد للفساد وإنهاء احتكار الثروة من قبل أفراد وجهات بعينها وإعادة الموارد المالية إلى خزينة الدولة. .
ونوه الأخ الرئيس ” واذا استرجعنا بعضاٍ مما يضيع على اليمن بسبب الفساد واستباحة المال العام وموارد الشعب فإنه سيغطي تكلفة النظام الاتحادي ويزيد أما الضمانة الثالثة – فهي المجتمع الدولي الذي تعهد بمواكبة الانتقال التدريجي نحو النظام الاتحادي وهذا أمر مؤقت وقناعتي ان اليمن سيكون مستقبلاٍ في غنى عنه بفضل موارده ومصادر ثروته وبفضل تطبيق مبادئ الحكم الرشيد والتوزيع العادل للثروة والشراكة الحقيقية في السلطة .
وأكد الرئيس قائلا” ومع ذلك كله أقول ان النظام الاتحادي هو في نهاية المطاف شكل من اشكال الدولة وهو لوحده لا يحكم على نجاح أو فشل التجربة اليمنية المستقبلية بل عامل النجاح الأول هو المضمون الذي سنعطيه نحن اليمنيين لهذه الدولة مضمون العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية واحترام القانون وبناء المؤسسات بعيداٍ عن حكم الفرد أو الأسرة أو القبيلة أو المذهب مضمون يعكس تطلعات اليمنيين الى الدولة المدنية الحديثة “.
كما أشار رئيس الجمهورية إلى الجهود المبذولة من حكومة الكفاءات الوطنية للوصول للناس ولتلمس احتياجاتهم وكان آخرها الزيارة الميدانية لعدن وما جاورها من المحافظات والتي وجهه بأن تستمر لتشمل محافظات أخرى ” .. مشددا على الحكومة بضرورة التركيز على المشاريع الصغيرة وسريعة المردود وذات العلاقة بالناس وباحتياجاتهم العاجلة والى ضرورة الالتزام ببرنامج الـ100 يوم واطلاع الشعب على اية انجازات ومصارحته بأية تحديات .
كما شدد على ضرورة ترسيخ الأمن والاستقرار وان على الجميع تحقيقه متحدين خلف إطار الدولة الحامية الجامعة .. لافتا إلى أن فرص الإرهاب في ضرب وحدة المجتمع تزيد عند مواجهته متفرقين بعيدا عن الدولة .
وأكد ان الحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة يكمن في مساندة الحكومة والمضي قدما وفقا لما تضمنته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة بالإضافة لمخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاقية السلم والشراكة الوطنية بدون اجتزاء لبنود دون الأخرى ..
ودعا رئيس الجمهورية الجميع بالحفاظ على كيان الدولة اليمنية التي تمثل الحاضن لنا جميعا .. لافتا إلى ان محاولات تقويض سلطاتها وإضعاف هيبتها تحت اي ذريعة يعتبر مخالفة دستورية وقانونية وليس من مصلحة أي طرف مطلقا وأن ذلك له تأثيرات يصعب معالجتها ليس في سنوات بل عقود من الزمن ولنا فيما يحصل من حولنا في كثير من الأقطار والدول خير مثال .
وخاطب الرئيس اللجنة ” لا يخفى عليكم حساسية المرحلة ودقتها التي تتطلب من الجميع ضبط النفس والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يوتر ويشحن النفوس لذا على الخطاب السياسي والإعلامي لكافة المكونات والقوى مواكبة المرحلة ليكون خطابا عقلانيا جامعا بعيدا عن المفرقعات الفارغة والابتعاد عن الشحن على أساس مناطقي أو مذهبي حزبي وتوجيه هذا الخطاب ليسهم في تعزيز اللحمة الوطنية وتعميق قيم التسامح والتصالح والإخاء والتعريف بمسودة الدستور الجديد وبناء التوافق الجامع حوله وأن يكون رافدا وداعما لحملة المناقشات العامة الخاصة بالدستور ..
وأهاب بان يكون الخطاب الإعلامي مساندا حقيقيا للحكومة وان يحرص على إيصال صوت المواطن لها بما يساهم في الدفع بأداءها وإيصال النقد البناء لها .. معبرا عن شكره للمجتمع الاقليمي والدولي على مساندة ودعمه الدائمين لأمن واستقرار ووحدة اليمن .
وعبر رئيس الجمهورية في ختام خطابه عن إدانته وبشدة كافة الأعمال الإرهابية بكل أشكالها وصورها وتحت أي عنوان كان .. معبرا عن تعازيه لأسر الشهداء الذين سقطوا أمس أمام بوابة كلية الشرطة متمنيا الشفاء العاجل لكل الجرحى وطلب من الحاضرين قراءة الفاتحة ترحما على أرواح الشهداء .
وقال ” سوف نصدر قرارا جمهوريا باعتبار الشهداء الذين سقطوا اليوم من الطلبة المتقدمين ضباطا على قوائم وزارة الداخلية برتبة ملازم ثاني والجرحى سيعينون بوزارة الداخلية بدرجة مساعد أول “.
بعد ذلك ألقى رئيس اللجنة إسماعيل الوزير رئيس اللجنة الدستورية كلمة عبر في مستهلها عن شكر وتقدير اللجنة لاهتمامات الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي بصورة حثيثة ودائمة ذلك من اجل الإنجاز والتسريع.
وأكد ان اللجنة عملت في أجواء طيبة ومناسبة في ألمانيا والإمارات العربية المتحدة بصورة اخص مع توفير كل الأجواء الملائمة.
وقال ” ان مسودة الدستور المنجزة جامعة لكل اليمنيين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم الحزبية السياسية والفكرية مشيرا الى ان اللجنة عملت بجهد دؤوب ليلا ونهارا وبحرص شديد من اجل انجاز هذه المهمة الوطنية الكبيرة وبما يلبي طموحات الشعب ويكرس الوحدة ويحقق تطلعات اليمنيين بعهد ومستقبل جديد من اجل الدولة الحديثة بمفهوم الحكم الرشيد وتوزيع المسئولية والثروة والسلطة”.
وأكد ان اللجنة كانت في معظم اجتماعاتها تستقبل الملاحظات من أعضائها وكانت هناك بعض من المداولات والنقاشات تشتد من وقت إلى آخر حتى يتم توضيح وتذويب الفارق في المفهوم .
وقال كانت هناك مراجعة واسعة وكثيرة معربا عن أمله بان اللجنة قد أوفت بالواجب الوطني الكبير وحسب مخرجات الحوار الوطني الشامل .
وقد أدان اللقاء وبشدة التفجير الإرهابي الذي استهدف صباح أمس المتقدمين للدراسة بكلية الشرطة بصنعاء ونتج عنه عشرات الشهداء والجرحى .. واصفا هذه الاعتداء ” بالعمل الإجرامي” الغريب على مجتمعنا والمحرم من كافة الأديان والشرائع السماوية والمرفوض من جميع أبناء الشعب اليمني القادر على مواجهته بتعزيز قيم المحبة والتسامح وتقوية عرى التلاحم الوطني للتصدي لخطر الفكري الإرهابي والفئة الضالة التي تتبعه بغية تشوية صورة الإسلام والمسلمين .
حضر اللقاء مدير مكتب رئاسة الجمهورية الدكتور احمد عوض بن مبارك .

قد يعجبك ايضا