الملابس الرخيصة .. ضالة الفقراء


دفعت درجات الحرارة المنخفضة في سلسلة المرتفعات الوسطى اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء أكثر من مليون أسرة لإنفاق عدة آلاف من الريالات لشراء ملابس شتوية تقيهم وأولادهم شدة البرد القارص في وقت مبكر نسبيا هذا العام فيما دخلت آلاف المحلات والمولات والبساطين والباعة المتجولين في الشوارع والأسواق الشعبية مرحلة متقدمة من التنافس على بيع ملابس شتوية منخفضة التكلفة تعرف من أبو 500 ريال وما دون وسط توقعات بانتعاش هذه السوق مع تأكيدات الأحوال الجوية أن البرودة خلال الشهور الثلاثة القادمة ستكون أكثر انخفاضا مما هي عليه الآن.

الحاجة
يعترف جميع الناس بحاجتهم لملابس شتوية ثقيلة تقيهم البرد يقول عبد الرحمن محمد: البرد فعلاٍ قارص خصوصاٍ من قبل المغرب والصباح عند الذهاب للمدرسة ولهذا اشتريت ملابس لي ولأولادي الخمسة بعد أن اشتد البرد في الأيام الماضية . ومثله عبد الله الورد هو الآخر اشترى لأطفاله ملابس شتوية جديدة يقول عنها إنها إضافية غير تلك التي تم شراؤها في عيد الأضحى قبل شهرين. كما يفيد الأخ حسان توفيق أنه أيضاٍ لم يستطع الانتظار وقرر الشراء من سوق شعبي ملابس لأولاده الثلاثة.
نشاط
أسوق الملابس الشتوية في العاصمة صنعاء ومدن وقرى المحافظات المجاورة لها شهدت إقبالاٍ كثيفاٍ من الناس للشراء منذ بداية شهر نوفمبر الجاري مما أنعش الحركة التجارية لديها بنسبة تفوق 40% عن المعتاد . ويعتقد التجار أن هذا الموسم مبروك وأنهم يأملون في تحقيق قيمة مضافة جيدة وسط تنامي الطلب بشكل غير مسبوق مقارنة بالأعوام الماضية.
ويرى هاشم الكبودي – تاجر ملابس – في سوق الزمر أن دخول فصل الشتاء مبكراٍ هذا الموسم منتصف أكتوبر الماضي والناس يشعرون بحاجتهم لملابس ثقيلة خصوصاٍ مع تدني الحرارة إلى مادون 10مئوية صباحاٍ وقت الخروج للعمل أو المدارس وهي درجة منخفضة تحتاج لملابس ثقيلة يتم بها مقاومة البرد فكانت الأسواق الملاذ لشراء الملابس.
ويضيف الكبودي : إن الموسم بدأ منذ نهاية أكتوبر وبداية شهر نوفمبر بقوة حيث عزز البرد القارس الطلب ولاحظنا اتجاه الناس لشراء الملابس الثقيلة بشكل كبير سواء للأطفال أو النساء أو الرجال فالكل يشعر بالبرد على ما يبدو.
حركة
في جميع شوارع وأسواق الملابس بصنعاء وجدنا أن المحلات غيرت أثوابها الصيفية الخفيفة ولبست الثقيل الملبي لحاجة كل الأعمار فالفانلات والجواكت والملابس الداخلية والبجامات والكوافي والشيلان الثقيلة تصدرت حركة العرض وتزينت واجهاتها بأحدث موديلات الشتاء فيما تمكنت الأسواق الشعبية من توفير ملابس ثقيلة وجديدة بأسعار منافسة إذ ظهرت لأول مرة تعرف بابو 500 ريال وأقل .
ملابس رخيصة التكلفة
من ميزات السوق اليمني أن كل متسوق يمكنه الحصول على الملابس التي يحتاجها حسب قدرته الشرائية ومما لفت انتباهنا تلك المجموعات الكبيرة من البائعين المتجولين في سوق السلام وشعوب وشارع هائل حيث يبيعون باستخدام مكبرات الصوت كل قطعة بـ500 ريال وآخرين بـ 350 ريالا وتتضمن الملابس فانلات للأطفال وفانلات نسائية وطقم بدلات للأطفال الأصغر سناٍ وهؤلاء يجدون إقبالاٍ منقطع النظير . ويشير فهمي العباسي – بائع -إلى أن هذه الأصناف يتم توفيرها للناس ذوي الدخل المحدود ليكونوا قادرين على شرائها وتوفيرها لأطفالهم وعند سؤالنا من أين يتم جلبها قال إنها من بقايا المحلات والمولات من الأعوام الماضية وبعضها أسعارها مخفضة لأنها أصبحت مخزنة من عدة أعوام فيقوم التجار بإخراجها وبيعها بهذه الأسعار.
طلب
يبدي المستهلكون إعجابهم بتلك الملابس ولهذا يتسابقون على اقتنائها مما يعزز الطلب عليها حسب ما يؤكد حسن دحان مدرس مشيراٍ إلى أنها جيدة في أسعارها فقد تمكن من شراء بدلة شتوية لطفله بـ350 ريالا واشترى أخرى لولده عمره ثلاث سنوات بـ500 ريال . أما عبدالمعين الشيباني فقد اشترى بيجامة بـ800 ريال وفانيلة للولد بـ500 ريال وجاكتاٍ بـ1300 ريال .
منافسة
لا تقتصر الملابس الشتوية ذات الأسعار المنخفضة على الأسواق الشعبية أو البائعين المتجولين فحسب بل برزت في الآونة الأخيرة مولات كبيرة وحديثة متخصصة في بيع الملابس بأسعار تبدأ بـ 500 ريال إلى 1000 ريال وهذه دخلت على خط المنافسة بقوة خصوصاٍ هذه الأيام الشتوية القارصة وتعد المولات هذه كبيرة الحجم وذات مساحة تفوق 3000 متر مربع متكونة من عدة طوابق وهو أمر جعل مسألة بيعها ملايين القطع في اليوم وارداٍ مما أشعل منافسة في السوق اليمنية على بيع ملابس من أبو 500 ريال بقوة .
إقبال
تقبل الأسر اليمنية على شراء الملابس منخفضة التكلفة بشغف مستغلة السعر الذي ترى أنه مناسب من وجهة نظرها. ويعلل هذا الإقبال المتزايد من يوم لآخر على التسوق من هذه المحلات بالأسعار المغرية والمناسبة لقدرة رب الأسرة الاقتصادية.
ويرى فؤاد العريقي أن الأسعار مناسبة جداٍ للأسر الفقيرة إذ يمكنها شراء ملابس شتوية تكفيها لهذا الموسم وغيره وهذا أمر جعل التجار اليمنيين يجوبون دول العالم بحثاٍ عن ملابس منخفضة التكلفة – كما يقولون .
مفاجأة
لا تقتصر المنافسة على بيع الملابس الشتوية فقط بل تواصل المولات مساعيها لتوفير طلبات المستهلكين من كافة الملابس بشكل عام . ويقول مدير أحد المولات بشارع الستين الجنوبي إن المول صمم لتوفير ملابس بهذه الأسعار دون تمييز ويقدم خدماته على هذا الأساس فهناك القمصان الرجالية والبنطلونات وغيرها وكذلك للأولاد والنساء والأطفال.
شارع السلام
بشارع السلام في باب اليمن وفر تجار الجملة أنواعاٍ كثيرة من الملابس الشتوية وبأسعار منافسة – كما يقول التاجر عبد الله الرباعي مشيراٍ إلى أن الطلب على الملابس الثقيلة يتزايد في الشتاء في المحافظات الجبلية والوسطى نظراٍ لبرودة الجو وهذا يحتم علينا تزويد السوق بكل طلباته والتي نكون قد استعدنا لها من أيام الصيف .
ويشير إلى أن معظم المنتجات من الملابس تستورد من الصين حيث أن الأسعار مناسبة والبضائع جيدة ومتوفرة بالكميات المطلوبة. ويضيف: لدينا فانيلات ولادية صغيرة الدرزن 12 قطعة بـ3800 ريال وللأطفال بـ2600 ريال وهناك جواكت بـ12000 ريال.
نوعيات
عند اختيار الملابس الشتوية يفرق المستهلكون بين نوعين من الملابس حسب الأسعار فمحدودي الدخل يتجهون أصلا نحو اختيار الملابس منخفضة التكلفة ولايهمهم مقدار الجودة أو الماركة فيها بقدر مناسبتها للغرض الذي تشترى من أجله فيما هناك ماركات وأنواع فائقة الجودة بأسعار مرتفعة وهذه تكون في المحلات في الشوارع الرئيسية المشهورة.
الواردات
معظم الملابس الشتوية التي تباع بأسعار منخفضة التكلفة في السوق اليمنية مصنوعة في الصين وهي من النوع المصنوع من الخيوط الصوفية وهي تصنع في مصانع (التريكو) والتي اقتبست صناعة (البلوفرات) أي (الفانيلات) من حياكتها من النساء بواسطة الإبر الطويلة سابقاٍ فقد نشأت مصانع عملاقة تصنع ملايين القطع في اليوم في الصين نظراٍ لإدخال الآلات الحديثة التي تدار بالكمبيوتر ذات المواصفات التي تمكنها من خياطة وحياكة ملايين القطع نظراٍ لتوفر المستلزمات والطاقة والأيدي العاملة المؤهلة وتستقبل الأسواق اليمنية منتجات صينية من تلك الأقمشة المنسوجة بخيط شعيراتها اصطناعية بما يصل إلى 5 مليارات 860 مليون ريال وهناك ألبسة أخرى نسائية وللأولاد بقيمة 11 ملياراٍ و822 مليون ريال حسب بيانات التجارة الخارجية للعام 2013م.
وتوضح الأرقام أن واردات اليمن من الملابس وملحقاتها بلغت في 2011م 9 مليارات و10 ملايين ريال ارتفع إلى 17 مليارا و779 مليون ريال في 2012م, ووصل في 2013م إلى 19 مليارا و589 مليون ريال. أما ما يتعلق بالغزل والمنسوجات الأخرى فقد وصل في 2011م إلى 13 مليارا و909 ملايين ريال وارتفاع إلى 22 مليارا و370 مليون ريال في 2012م ثم وصل في 2013م إلى 26 مليارا و62 مليون ريال.
قلق
تثير هذه الأسعار المنخفضة التكلفة القلق لدى المحلات التجارية المتخصصة والرسمية في بيع الملابس على مدار العام فهم يتهمونها بأن التجارة فيها تقود لمنحى سلبي للسوق تجعله يركز على ملابس بمثل هذه الأسعار وثانياٍ تجعل الموردين يتجهون لجلب هذه الملابس والتي تعرف بانخفاض جودتها ورداءة صناعتها.
ويقول عبدالمنعم السياري, تاجر أقمشة وملابس: هذه المنتجات المباعة بـ500 ريال هي منتجات رديئة وفي أحايين أخرى مخزنة من سنين وقد ترتبط بأخطاء صناعية فيتم تصريفها وبيعها بمثل هذا السعر وهو سعر يقل عن سعر التكلفة في معظم الأحيان.
أخرى
الملابس الشتوية بشكل عام خارج إطار الأسواق منخفضة التكلفة مرتفعة جداٍ فسعر الجاكت متوسط الحال بـ5000 ريال فيما يبلغ ذي الماركة بـ12000 ريال وهناك بـ8000 ريال و6000 ريال لكن أقل سعر يمكن أن يجده المشتري يكون 3000 ريال أما الفانيلات فبعضها بـ6000 ريال والمتوسط ب4000 ريال والأدنى بـ300 ريال .

قد يعجبك ايضا