حكومة الكفاءات .. وجها لوجه أمام التحديات


لم يعد خافياٍ على أحد أن أمام حكومة السلم والشراكة برئاسة الأستاذ خالد بحاح العديد من المعوقات الشائكة والملفات المتداخلة الصعبة والمهام الجمة المعقدة في مختلف المجالات وعلى كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية…وأن النجاح في ظل هذه التحديات الكبيرة تحد صعب, فما العمل المطلوب من الحكومة لكي تتجاوز هذا الواقع السيءº لتحقيق النجاح المرجو منها لإخراج الوطن إلى بر الأمان¿…ولقد سلطنا الضوء للإجابة على ذلك بهذا الاستطلاع الذي أجرته (الثورة) مع عدد من الأكاديميين السياسيين… إلى التفاصيل :

البداية كانت مع الأستاذ الدكتور موسى علاية -أستاذ العلوم السياسية, جامعة صنعاء- الذي أكد أن أمام الحكومة المشكلة بقيادة الأستاذ خالد بحاح ملفات متعددة ومعقدة, أهمها الملف السياسي المعقد, الذي يتطلب منها التعامل مع جميع الأطراف السياسية بمسئولية كاملة, من خلال إدارة ملف المصالحة الوطنية, كما أكد عليه إعلان ملتقى بروكسل للمصالحة -بدية هذا الشهر- الذي خرج بتوصيات تحتاج إلى إدارة وحنكة كاملة وتسخير وحشد كافة الإمكانيات الداخلية والخارجية والمادية وغير المادية لتنفيذ توصياته والعمل بها, لأنه يمثل قاعدة الحوار والشراكة السليمة لطريق المصالحة. وهذا الملتقى كان من المفترض أن يسبق مؤتمر الحوار الوطني, وفقا لنظريات وحالات إدارة بعض الصراعات في بلدان أخرى, حيث تسبق المصالحة الجادة الحوارات السياسية.
خطة اقتصادية
ومضى في حديثه بأن على الحكومة الجديدة وضع خطة استراتيجية تتمكن بها من إخراج اقتصاد البلد من الانحطاط الذي يعاني منه, الذي بحاجة إلى خطه اقتصادية شاملة, والتي دعا إليها الأخ عبده ربه منصور هادي رئيس الجمهورية مؤخراٍ, ونتمنى في إعدادها أن يتم بموجب معلومات وبيانات صحيحة تعكس الواقع, وإلا فلا فائدة مرجوة منها وأن على الوزراء الجدد التركيز على الجودة الإدارية في اختيار القيادات ذات الكفاءة لتولي المناصب الإدارية بعيدا عن النظر إلى الانتماءات السياسية والاجتماعية. وأن عليهم الإدراك الكامل أن الوظيفة العامة ليست وسيلة تستخدم للاستمرار السياسي أو ما يسمى شراء الولاءات وإنما هي وسيلة لتحريك عجلة التنمية المستدامة في اليمن, فلا يمكن أن يكون هناك تنمية بدون إدارة فاعلة, والإدارة الفاعلة تحتاج إلى دماء جديدة, من خلال استيعاب الشباب وإعطائهم الفرصة الكاملة في خدمة بلدهم, خاصة الشباب المؤهل والحامل للأفكار الجديدة المتجددة بحيث ينعكس ذلك على تحسن جودة إدارة مؤسسات الدولة وانتشالها من حالة الركود والشلل, بحيث نخطو الخطوة الأولى في استعادة هيبة الدولة وبناء دولة المؤسسات.
محاربة الفقر
وشدد الدكتور علاية على أن الملف الأمني مرتبط بالفقر بشكل كبير, مما يتوجب على الحكومة الحالية محاربة الفقر, لأن النجاح في ذلك هو نجاح في توطيد الأمن وتحقيق الاستقرار في البلد. وذلك الأمر يتطلب محاربة الفقر في اتجاهين اتجاه قصير الأجل وهذا يعتمد على زيادة المساعدات الإنسانية للفقراء الأكثر تضررا, والثاني وهو الأهم وهو طويل الأجل من خلال إيجاد استراتيجية جديدة لمحاربة الفقرº وليس استراتيجية تهدف إلى مساعدة الفقراء فقط… لكون المساعدة بدون حل جذري في الواقع يؤدي إلى زيادة إفقار الفقير وفقا لأجندة خاصة.
وختم كلامه قائلاٍ: أن على الحكومة تشخيص السبب بموضوعية في ما يخص عدم فاعلية المشاريع التنموية الخارجية في اليمن خلال المرحلة المنصرمة الذي يتمثل في سوء تصميم وإدارة تلك المشاريع من قبل الخبراء والمنظمات المانحة نتيجة لقلة معرفتهم بالمشاكل والتعقيدات المحلية في اليمن وكذلك انعدام القدرة المحلية في إدارة تلك البرامج والمشاريع, خاصة وأن حجم الاستيعاب رقم بسيط جدا مقارنة إلى حجم التعهدات. وهكذا حرمت اليمن وعدد كبير من الفقراء من مليارات الدولارات بسبب تسيب وإصرار القيادات الفاسدة والعاجزة في إدارة المؤسسات المعنية.
سلبيات سابقة
من جهته شدد الأستاذ الدكتور حيدر غيلان -أكاديمي ومحلل سياسي, جامعة صنعاء- على ضرورة نجاح الحكومة المشكلة, وأن الأمر يحتاج إلى توافر عوامل متعددة لنجاحها لأن المسألة ليست تغيير وزارة أو حكومة ولكن على الوزراء الجدد أن ينظروا إلى مساوئ الحكومة السابقة وسلبياتها وأن يسعوا إلى إصلاح ما أفسده السابقون ويتجنبوا الوقوع في أخطاء من سبقهم وأن يعملوا بروح الفريق الواحد من أجل اليمن والمصلحة العامة, وليس من أجل الأشخاص أو الأحزاب أو المصالح الخاصة وأن يتم التركيز على الأمن والاقتصاد بدرجة رئيسية.
تنمية مستدامة
وفي سياق متصل تحدث الأستاذ الدكتور أمين الجبر -أكاديمي ومحلل سياسي, جامعة ذمار- قائلاٍ: أن على الحكومة المشكلة حديثاٍ الإدراك أن مهمتها ستكون استثنائية بما للكلمة من معنى, ليس بكون الواقع مضطربا دراماتيكيا يشير بتحقيق المكارثية, وإنما لأن هذا الواقع قد أصبح حقيقة ماثلة يعيشها المواطن ولم يتبق للمؤسسات إلا اسمها, وهو ما ينبغي التعاطي مع هذا الواقع وإفرازاته بمسؤولية وطنية تحكمها ثوابت الشعب, من خلال برنامج حكومي يحافظ على الثوابت الوطنية (الجمهورية الوحدة الديمقراطية) إذ بدونها لا قيمة ولا جدوى لأي كلام استهلاكي أو برنامج أو شعار.
وختم حديثه بالتأكيد على أن نجاح الحكومة الجديدة مرهون بألاِ تكرر أخطاء سابقاتها..وأن عليها العمل وفق أجندة وطنية تلبي حاجيات ومتطلبات الواقع اليمني بعيدا عن الولاءات الحزبية والمذهبية والجهوية, كما أن عليها الالتزام بتنفيذ برنامج يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة الشاملة, وجعل اليمن فوق كل الاعتبارات والمماحكات السياسية.
تسريع الانتقال
فيما خالف الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي الأستاذ الدكتور عبد السلام المخلافي من سبقوه بالرأي, قائلاٍ: إن على الحكومة إدراك المهام الأساسية التي يتوجب النهوض بها, وألاِ تصغي للمشاغبات التي تعمل لإبقاء البلاد بلا دولة أو بدولة تائهة ومشتتة… لذا يجب على رئيس الحكومة الأستاذ خالد بحاح وحكومته العمل كفريق واحد وطني لاستكمال ما تبقى من المرحلة الانتقالية, فكل هدف دون هذا الهدف قابل للتأجيل, فليس مطلوب من الحكومة السيطرة على الوضع الأمني مائة في المائة, لأن ما حدث في الواقع أكبر من إمكانيات هذه الحكومة, وليس مطلوب منها حل جميع المعضلات الاقتصادية المزمنة والمستعصية, ولكنه يمكن الاكتفاء ببعض المراجعات لموارد الدولة ونفقاتها لأنه يجب عليها أن تتذكر وعلى الدوام أن مهمتها العاجلة والملحة والوطنية بامتياز الانتهاء من المرحلة الانتقالية في أسرع ما يمكن, من خلال استكمال صياغة الدستور.

قد يعجبك ايضا