غياب التوعية والهيمنة الذكورية والعادات المغلوطة واستخدام النساء كورقة انتخابية .. أهم ما يكبل المرأة


الأحزاب تصادر حقوق المرأة .. ومنظمات المجتمع المدني تسير بنفس الاتجاه

المرأة ستنفذ إلى مراكز صناعة القرار .. لأن هناك قبول مجتمعي بدأ يتخلق اليوم

من المفاهيم الهامة في قضايا المرأة والتي تدعمها الكثير من المنظمات الدولية قضية تمكين المرأة وصولا إلى مراكز صناعة القرار خاصة بعد الأدوار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإدارية الناجحة التي أثبتت فيها المرأة اليمنية تميزها وجدارتها ولكن هناك العديد من العوائق الاجتماعية والإدارية التي تحول دون وصول المرأة إلى مثل تلك المراكز .. ترى كيف الصورة بعد مؤتمر الحوار وانتصاره لقضايا المرأة نتابع:

الدكتور عبد الباسط الحكيمي – من جامعة تعز يرى: أن المرأة اليمنية تبوأت أعلى المناصب منذ القدم ولنا بالملكة بلقيس وبالسيدة أروى عبرة وهي قادرة على تولي زمام المسؤولية بحنكة واقتدار إذا ما أتيحت لها الفرص المناسبة وهيئ لها الجو والظروف الملائمة غير إن أهم عقبة تقف في طريقها هي العادات والتقاليد الفاسدة في المجتمع اليمني والنظرة الدونية للمرأة واعتبارها كائنا ناقصا فضلا عن بعض القوى الدينية التقليدية التي تفسر الدين وتقوم بتأويل الدين وأحكامه على هواها وبما يمثل حطا من قدر المرأة مع أن الإسلام كفل لها كافة الحقوق وساوى بينها وبين الرجل في الأمور الأساسية فمن حقها أن تتبوأ المناصب القيادية بما فيها رئاسة الجمهورية.

إرهاصات مستقبلية
وتابع الحكيمي مستطردا: القوى السياسية دون استثناء ما زالت مترددة في منح المرأة حقوقها حتى في إطار الأحزاب التقدمية وما ذلك إلا ناتج عن قصر نظر تلك الأحزاب عن قراءة الواقع واستشراف المستقبل فالمستقبل يقول إن المرأة سيكون لها دور كبير في الحياة السياسية والاجتماعية على مستوى العالم وعلى المستوى الإقليمي واليمن ليست بعيدة عن ذلك وقد بدأت الإرهاصات التي تؤكد حصول ذلك في المستقبل القريب هذا إلى جانب أن القطاع النسائي مشتتا وغير موحد أضف إلى ذلك انعدام الثقة بالنفس لدى الغالبية العظمى من النساء .
ويتهم الحكيمي الجهل والتخلف بأنه صاحب دور أساس في وضع المعوقات والعراقيل في طريق المرأة وإزالة كل ذلك يحتاج إلى توعية مستمرة للمجتمع وتبصيره بما يمكن أن تلعبه المرأة في الحياة العامة.
وأضاف: حتى الرجل بات يخاف من مزاحمة المرأة له في تولي المناصب القيادية لاسيما بعد أن ثبت نجاح المرأة في الأعمال التي تسند إليها وهذا الخوف هو ما يدفع بالرجل إلى وضع العراقيل في طريق تقدمها.

التمكين السياسي
من جانبه يقول المحلل السياسي الدكتور عبدالملك الضرعي – من جامعة صنعاء : إن من المفاهيم الهامة في قضايا المرأة والتي تدعمها الكثير من المنظمات الدولية قضية تمكين المرأة ومفهوم التمكين يفترض أن يقوم به المجتمع بدايةٍ بالأسرة ثم الدوائر الاجتماعية الأخرى التي تتحرك في مجالها المرأة والتمكين هناك يقوم على مساعدة المرأة ومد يد العون لها في مجالات التعليم والرعاية الاجتماعية وتنمية قدراتها المهنية وبما يتناسب مع ميولها واستعداداتها الفردية.
وقال: قائمة القدرات المهنية مفتوحة لتشمل العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية بالنسبة للمرأة.
موضحا بأن المنطلق النظري لهذه الرؤية يعود إلى مفهوم الخصائص الفطرية والمكتسبة للمرأة فالخصائص الفطرية تبنى عليها مهام خاصة للذكور وأخرى للإناث ومنها مثلاٍ الحمل والولادة بالنسبة للمرأة بينما الخصائص المكتسبة تبنى عليها مختلف الأدوار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإدارية وفيها يتساوى الذكور والإناث في حق شغلها مؤكدا على ضرورة أن تكون المفاضلة بين النوعين بحسب المؤهل والنزاهة والمهارة وأن مراكز صنع القرار جزء من الخصائص الاجتماعية المكتسبة ولكن هناك العديد من العوائق الاجتماعية والإدارية التي تحول دون وصول المرأة إلى مثل تلك المراكز لذا فالحل أولاٍ بيد المرأة من خلال إثبات ذاتها في المواقع الحكومية الدنيا التي تشغلها وفي الوسط الاجتماعي الوظيفي والمجتمعي ثم على المجتمع أن يعينها عملياٍ في نيل حقوقها حسب قدراتها العلمية والإدارية والسياسية.

القبول المجتمعي
ويرى الدكتور الضرعي أن المرأة اليمنية ستحقق نفوذاٍ واضحاٍ إلى مراكز صنع القرار خلال العقود القادمة نتيجة تنامي مستوى القبول المجتمعي للأدوار السياسية والإدارية لشريحة لا بأس بها من النساء اليمنيات .وبالتالي نجاح نماذج نسائية في الحياة السياسية والإدارية والاقتصادية سيفتح المجال لنجاحات أخرى وبتزايد غير مسبوق وبالتالي المفتاح الأول للولوج إلى مراكز صنع القرار تملكه المرأة من خلال تقديم نماذج نسائية رائدة في مختلف المجالات..

أفكار متسلطة
فيما يقول الدكتور ناصر العرجلي – أكاديمي بجامعة صنعاء: إن عملية التنمية لن يكتب لها النجاح ما لم يتم إشراك المرأة في كل مواقع البناء وصولاٍ إلى مواقع صناعة القرار جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل وما من شك أن هناك معوقات وتحديات في طريق النساء اليمنيات يقع على رأسها الأفكار الدخيلة والتسلط إضافة إلى الأمية المتراكمة لعقود طويلة -وبإذن الله – ستنال كل اليمنيات كافة حقوقهن وفق القوانين والتشريعات الوطنية.

قفزة نوعية
الدكتور أحمد الخليفي – من جامعة صنعاء يقول : للمرأة اليمنية حضور تاريخي مشرف فقد أثبتت جدارة منقطعة النظير في كل الظروف والأحوال وخلال أهم محطات التغيير الاجتماعي , حيث تضطلع بعدد من الأدوار في وقت واحد.. فهي الأم الحانية والزوجة المسؤولة وربة البيت الناجحة والعاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية والإدارية والتربوية والأكاديمية.. وتؤكد مختلف المؤشرات على مميزات تنفرد بها نساء اليمن وفتياته عن الذكور في مختلف الميادين.. فهن الأكثر التزاماٍ وانضباطاٍ في العمل الإداري والأكثر اتقاناٍ وتفانياٍ في أداء الواجب الوظيفي.. والأكثر تفوقاٍ في الميدان التعليمي والعلمي.. والأكثر حضوراٍ في الفعاليات الاجتماعية والسياسية المختلفة.. ولكنهن مغيبات من قبل الرجال في المواقع المتقدمة على الصعيدين الإداري والسياسي.. وفقاٍ لثقافة المجتمع التقليدية التي لا تتيح لهن فرصاٍ متساوية في تبوأ المناصب القيادية..

وأكد أنه وبفضل نضالهن الدؤوب تمكن من فرض وجودهن وتحقيق مكانتهن المناسبة واثبات جدارة استحقاقهن.. ومع ذلك فإن الواقع يسعى ويسعى إلى الحد من انطلاقتهن والاكتفاء بتمثيلهن الرمزي.. فضلاٍ عما يعترضهن من عوائق وصعوبات في التمكين.. فلا يحظين بتسهيلات ولا يتمتعن بامتيازات.. ولا يزال العامل الثقافي هو المحرك لقضية التمييز ضدهن على أساس النوع الاجتماعي.
وواصل حديثه بالقول: بالرغم من كل المحبطات إلا أن النساء اليمنيات لن يقبلن حياة التقوقع والاستسلام.. فكل يوم يثبتن جدارة في اقتحام كل جوانب الحياة بثقة وإرادة واقتدار.. وأتوقع نتيجة لذلك أن ينلن جزءاٍ مهماٍ من حقهن في الحكومة القادمة والمستقبل يسير لصالحهن بكل تأكيد.

صوت انتخابي
مفتاح الزوبة – مدرس بكلية الإعلام بجامعة صنعاء – يرى بأن المرأة اليمنية تواجه الكثير من المعوقات التي تحول دون وصولها إلى مراكز صناعة القرار ابتداء من المجتمع الذي لا يتقبل بسهولة وصول المرأة إلى هذه المراكز نظرا للإرث الثقيل من العادات والتقاليد المتوارثة . وانتهاء بالأحزاب السياسية التي تدعي ترشيح المرأة في برامجها السياسية وذلك لاستقطاب أصوات النساء في الانتخابات فقط وعندما تحين الاستحقاقات يظهر الزيف الذي وقعت فيه المرأة اليمنية.
وأضاف: حتى منظمات المجتمع المدني التي عولت عليها المرأة اليمنية كثيرا بعد خذلان الأحزاب السياسية لها لم تكن على قدر من المسؤولية في هذا الجانب بل اقتفت أثر الأحزاب السياسية في ذلك متأثرة بمجتمع ذكوري لن تنفع معه إلا الكوتا التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني.

حالة استثنائية
من جهته يقول أستاذ السياسة الدولية بجامعة صنعاء الدكتور عبد الملك حميد إن المرأة اليمنية اليوم في أحسن حال بالرغم من الحالة الاستثنائية التي نعيشها والتي عادة تنكفئ المرأة في ظلها , ومن الناحية النظرية لا يوجد ما يعيق المرأة أن تصل إلى مكانة صناعة القرار وكل شيء صار مفتوحاٍ وبدون قيود لكن الصعوبة في الذهنية المجتمعية القائمة على مبدأ سيادة الرجل.

تطوير المهارات
أما الدكتور عبدالحكيم مكارم – من جامعة تعز فقد أشار إلى أن إنجازات المرأة تتبين في قدرتها على تجاوز الصورة النمطية لذاتها وما أفرزته الأحداث أرقام محدودة من نساء اليمن اللائي استطعن أن يقدمن للمجتمع خدمات قد يعجز عنها الرجل أحيانا.
ومضى يقول: كما أن تطوير مهارات المرأة وصقل قدراتها ومنحها فرصة المنافسة إلى جانب الرجل من أولويات التحديات التي تواجه المرأة اليمنية بحيث تكون شريكا فاعلا في عملية التنمية دون الاكتفاء بالدور الذي يصنع منها متلقيا سلبيا دون إعمال الفكر وإيقاد الآمال والتخطيط للمستقبل.

الدستور الجديد
الناشط عامر الضبياني يقول: نص دستور الجمهورية اليمنية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني على حق المرأة في المشاركة في مختلف المجالات إلا إن الواقع المعاش يجسد بوضوح إبعاد المرأة وعزلها عن المشاركة في شؤون المجتمع.

وأضاف: إن هذا التمييز القائم على أساس الجنس يشكل عائقا أمام المشاركة السياسية للمرأة ويحد من تواجدها وتمثيلها في مؤسسات صناعة القرار كالبرلمان وأجهزة السلطة المحلية.
مؤكدا على ضرورة أن يضع الدستور الجديد حدا لهذه الاختلالات بحيث يعطي المرأة كامل حقوقها بما في ذلك المشاركة والتمثيل في المؤسسات السياسية وصناعة القرار بما يتناسب مع إمكانياتها وقدراتها.فالمرأة اليمنية مؤهلة تأهيلاٍ كاملاٍ في مختلف الجوانب والمجالات وتتمتع بمقدار كبير من المهارات القيادية التي تجعلها قادرة على صنع القرار وإدارة المناصب القيادية والسياسية في مختلف مؤسسات الدولة.

التوعية
الناشط الحقوقي علي الجلعي أوضح أن العادات والقيم الاجتماعية المغلوطة والجهل والأمية المنتشرة في المجتمع والثقافة الذكورية البطريركية هي من أبرز المعوقات لوصول المرأة اليمنية إلى مراكز صناعة القرار.
ويرى أن الحل يكمن في رفع مستوى التوعية بأهمية إشراك المرأة في جميع المجالات الحياتية وخاصة السياسية.

قد يعجبك ايضا