
مدين سعيد : أفضل طلابنا من يتعلمون في الشارع أولاٍ
مرافق متهالكة وآلات قديمة متوقفة عن العمل وقد تجاوزتها التكنولوجيا بمراحل شاسعة وطلاب حائرون وكادر تدريسي يشكو المحسوبية والاهمال … هكذا بدت أمامنا منشأة في التعليم الفني والمهني قمنا بزيارتها والاطلاع على اوضاعها وطريقة العمل والتعليم فيها.
مر المئات من الطلاب من هنا وبالكاد يتذكرون أنهم كانوا هنا لكن الآلات التي تدربوا عليها مازالت كما هي عليه لم يتغير فيها أي شيء هذا إذا لم تزدد حالتها تدهوراٍ – العديد من السيارات الخاصة بتدريب الطلاب في المعهد التقني الصناعي تحافظ على بقائها كي تقدم لهم ما يفيدهم في مستقبلهم العملي مع أن حالات السيارات في الشارع اليوم قد تغير كثيرا وحدث تطورا مذهل في عالم التصنيع وبالتالي الصيانة .
لكن مدين سعيد وهو مدرس لمادة المكانيك في المعهد لا يخشى على طلابه من انهم يتعلمون شيئاٍ قديما ويرى أن الفكرة الرئيسية في جميع محركات السيارات لم تتغيير وحدث تطوير الأداء ومن السهولة أن يفهم الطالب الفرق ويقوم بالتعامل مع أي فروقات هذا بالاضافة إلى أن الطلاب يحصلون على تدريب في العام الذي يسبق تخرجهم في محلات صيانة تابعة لشركات حديثة ويعرف التدريب الذي يستغرق ثلاثة أشهر بالتدريب التعاوني اى بالتعاون مع القطاع الخاص الذي يسهم بتأهيل الطلاب الى سوق العمل حيث يقومون بالذهب الى الشركات التابعة للقطاع الخاص والتدرب فيها على آخر الآليات التى نزلت الأسواق والأشهر الثلاثة كافية كما يرى مدين .
هذا النوع من التعليم المهني المتوسط تعرض لإهمال غير مقبول وضعه على حافة النهاية خلال الأعوام الأخيرة في الوقت الذي أصبح التعليم الفني حجر الزاوية في سوق العمل والركيزة الأساسية لفرص التشغيل وبوابة المهارات والمواهب الابداعية.
المهم في التدريب
هذا ليس المهم في عملية التدريب للطلاب وطريقة استيعابهم هناك أمر أكثر أهمية وهو رغبتهم وميولهم نحو التعليم المهني فكل من يأتي بغرض الحصول على شهادة يحصل عليها لكنه لا يستوعب العملية الفنية وهذا نوع من الطلاب موجد حسب مدين ويحتاج الى جهود مضاعفة بينما الطالب الأفضل هو من ياتي وقد التحق بسوق العمل ويريد المزيد من التعلم ” هذا هو النوع الذي نفضل تدريسه ويشكل لنا نموذجاٍ جيداٍ بين زملائه بل إنه يعيننا في تعليم بقية الفصل ” .
يورد مدين ثلاثة طلاب من بين أربعين طالبا سبق لهم العمل في السوق وأتوا لتعلم المزيد في مهنتهم ويترك لهم المجال كي يدربوا زملاءهم بحيث يمكنهم مثلا فك وتركيب فرامل السيارة أمام الطلاب ويقدمون شرحا لهم ووفقا للثلاثة يتم التقسيم الى مجموعات ” حتى يتمكنوا من الفهم فأربعين طالباٍ عدد كبير لا يمكن التعامل معهم الا كمجموعات صغيرة في السابق كان العدد لا يتعدى ال15 طالب وكنا نتمكن من تعليمهم بطريقة اسهل ” .
جولة السنه الأولى
يلتحق الطلاب بالمعهد دون أن يكونوا قد حددوا تماماٍ مالذي يرغبون بتعلمه وحتى يتم الهامهم في التحديد ” نقوم بصطحابهم بجولة على الأقسام الموجودة الكهرباء المكنيك النجارة وغيرها من التخصصات ونراقب كل طالب ومالذي يشده أكثر وعليه يصبح قريباٍ من الشيء الذي يميل إليه فكل طالب له ميول وهواية يحددها اهتمامه الزائد ” .
وفيما يتعلق بالمنهج الذي يتم تدريسه فإن المعهد بحاجة الى تقديم الكتاب كما هو دون إضافة أي تعديلات من قبل لجنة اعداد المناهج ذلك لأن المنهج الأجنبي أو حتى العربي يحتوي على أساليب جيدة يتم الاخلال بها عند التعديلات والتدخلات من الكادر المحلي الذي يرغب بعمل أي مهمة للظهور بأنه أنجز وهذه مشكلة يواجهها الطلاب في رحلة تعلمهم للمهن ويذكر مدين سعيد أن أفضل منهج كان هو المنهج الالماني الذي أعقب مرحلة التأسيس حيث انه كل كتاب يشمل الشرح للتفاصيل ومكونات كل جزء في الإله ثم يلي ذلك امتحان لكل درس ويقاس من خلاله مستوى الفهم .
معلومات قديمة
تذهب منح التاهيل غالبا لأشخاص إداريين بينما يترك العاملون في الميدان لمعلوماتهم القديمة فمدين سعيد التحق بالتدريس قبل 22 عاما ولم يحصل على أي تحديث لمعلوماته ولم ينل أي تأهيل يساعده على فهم المتغيرات وبالتالي مساعدة طلابه وتقديم المعلومات بصورة افضل ويعتقد مدين أن من يحصلون على المنح لا يفيدون الطلاب لأنهم لا يجدونهم ويظلون بأعمالهم الادراية .
المفروض أن يكون هذا المعهد الحكومي احدى المصادر الرئيسية للعمالة التي تتجه الى دول الخليج وللأسف أن هذا لا يحدث ولا تقوم الجهات المعنية بالنظر الى هذه الثروة البشرية ولا يوجد اهتمام من قبل المتعلم نفسه ووفقا لمدين سعيد فان العامل الذي يشتغل في السوق ويجتهد يكون الأفضل للعمل في أي مكان سواء بالداخل او الخارج ويمنحه المعهد الجوانب التي يكون فيها قصور ويدعوا الجهات الى التنسيق وتسهيل المعاملات لأجل تصدير عمالة مؤهلة الى الخارج .
وفيما يتعلق بالطالب فهو معني بالاجتهاد وتطوير الأداء والتعلم وتطبيق كل ما يحصل عليه نظريا فالمجالات المهنية تحتاج الى صقل في الميدان ” تخيلوا أن يأتي الينا الكثير من الطلاب وهم لا يعرفون قيادة السيارة ويريدون تعلم هندستها كيف لمن لا يجيد قيادة سيارة أن يجيد هندستها حتى أننا نتفاجأ أن من بين 40 طالباٍ 7 فقط يجيدون القيادة ونتركهم أولاٍ يتعلموا القيادة ثم الهندسة ” – اتضح ان مهمة التعلم للقيادة يترك للطالب نفسه وليس من ضمن برنامج التدريب .
اعداد
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد المعاهد التقنية والمهنية يصل الى 65 معهداٍ ونظرا لأهمية التعليم الفني والتدريب المهني فقد تزايدت نفقات ذلك النوع من التعليم من 4 مليارات ريال إلى 11.6 مليار ريال خلال السنوات الخمس الماضية أي أن الزيادة بلغت 186.6% لكن وعلى الرغم من تلك الزيادة إلا أن هذا النوع من التعليم لا يزال يعاني من ضآلة في النفقات بين مراحل التعليم حيث أن هذا النوع من التعليم تكاليفه عالية مقارنة بالتعليم العام ولذلك فانه بالنظر إلى متوسط تكاليف الطالب نجد بأن تلك التكاليف قد ارتفعت من (120.99) الف ريال في المتوسط للعام إلى (130.979) الف ريال في الأعوم الخمسة الأخيرة.
ويعاني قطاع التعليم الفني والمهني من سيطرة الدراسات النظرية على التطبيقية مما أدى إلى ضعف الكفاءة وعدم الثقة بمخرجات التعليم الفني والمهني .
ويؤكد خبراء أن ذلك أدى أيضا الى تدني مستوى تأهيلهم واختلال التوازن بين مخرجات التعليم الجامعي والتعليم الفني والتقني مما قلب هرم القوى العاملة لصالح التعليم الجامعي .
ويرجع ذلك لوجود قصور كمي وكيفي في إعداد وتأهيل المعلمين المهنيين والتقنيين بشكل عام و الوفرة النسبية لمدرسي المواد النظرية مع قلة المدرسين للمواد التطبيقية .
تكلفة
تظهر الأرقام الرسمية أن تكلفة الطالب في التعليم الفني والتدريب المهني كانت 5.5 ضعف تكلفة الطالب في التعليم العام مطلع العقد الحالي في حين كانت تلك التكلفة 5 أضعاف تكلفة الطالب في التعليم العام في الاعوام الثلاثة الاخيرة ويرجع ارتفاع تكاليف الطالب في التعليم الفني والتدريب المهني إلى أن هذا النوع من التعليم له مستلزمات كثيرة لابد من توافرها خاصة وانه يتم تطبيق كل ما يتم تعلمه على الأجهزة والمعدات وآلات والورش والتي لها تكاليف عالية والدليل على ذلك فإن تكلفة إنشاء معهد تقني واحد مع تجهيزاته يكلف ملياراٍ ونصف المليار ريال بينما التعليم العام لا يحتاج مثل تلك المستلزمات حيث أن تكلفة إنشاء المدرسة الواحدة المكونة من 24 فصلاٍ دراسيا لا يزيد عن 144 مليون ريال.
وترزح هذه المؤسسات التعليمية تحت وطأة العديد من الاختلالات التي جعلتها عاجزة عن تقديم الجديد في العلوم المسايرة لتطورات العصر بسبب تقادم برامجها وعدم مواكبتها لحركة التغيير الذي أفقدها قدرتها في إعداد معلم للتعليم العام ناهيك عن إعداد مدرسي التعليم الفني والتدريب المهني التي لم تبدأ هذه الكليات بعد بالتفكير بإعداد البرامج المناسبة التي تجمع بين الجانب المعرفي والتطبيقي.