إذا مـرت دون عقـاب فعلـى تـراث اليمـن السـلام


■ أين هيئة الآثار والمدن التاريخية” والسلطة المحلية والأجهزة الأمنية بحضرموت مما حدث !!
مدينة تريم التاريخية حاضرة العلم على مدى عصور متعددة عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2010م ها هي اليوم تبكي أوجاعها .. مدينة القصور التاريخية الضخمة والفخمة التي ظلت تفاخر ومنذ عشرات السنين بأنها أكثر المدن التاريخية على مستوى اليمن والإقليم ثراءٍ بالقصور الطينية الضخمة ذات البناء المتميز والزخارف البديعة في هذه المدينة التي يتفاخر أهلها بتراثهم العريق ويعملون على الحفاظ عليه ارتكبت جرعة حضارية بحق تراث بلد وحضارة أمة بأسرها حيث تم هدم قصر من أجمل قصور تريم وفي سابقة خطيرة لم ترتكب من قبل فقصر الرياض واحد من قصور تريم الجميلة والرائعة كان يتمتع قبل هدمه بحالة إنشائية متينة لاسيما بعد ترميمه في العام 2010م من قبل وزارة الثقافة وضمن الاحتفال بتريم عاصمة الثقافة الإسلامية .. هاهو اليوم يساوي بالتراب على مرأى ومسمع من الجهات المختصة ووزارة الثقافة وهيئتا الآثار والمدن التاريخية والسلطة المحلية والأجهزة الأمنية في اعتداء سافر وصارخ على تراث هذه المدينة.

الثورة تابعت هذه القضية التي وصفها المختصون والمعنيون بالجريمة بل والكارثة الحضارية خلال لقاءات أجرتها مع عدد منهم..
ما الذي جرى وكيف وأين كانت الجهات المختصة ومن المسؤول وما هي الإجراءات الرادعة ضد من أقدم على ارتكاب هذه الجريمة البشعة¿
لجنة مشتركة
وجه وزير الثقافة الدكتور عبدالله عوبل بتشكيل لجنة مشتركة وعاملة في الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية والهيئة العامة للآثار والمتاحف وغيرها من الجهات ذات العلاقة لسرعة النزول إلى تريم وكشف ملابسات هذه الجريمة..
الدكتور مجاهد اليتيم وكيل وزارة الثقافة لقطاع المدن التاريخية والآثار والمتاحف يؤكد أن هذه الجريمة لا يقدم عليها إلا من كانت له نفوذ سواءٍ كان مالاٍ أو سلطة. ويقول اليتيم: ما ارتكب من جريمة في تريم بحق قصر الرياض التاريخي هي جريمة مكتملة الأركان يعاقب مرتكبها بموجب قانون الحفاظ على المدن التاريخية رقم (16) لسنة 2013م وأيضاٍ وفقاٍ للاتفاقيات الدولية التي وقعتها اليمن مع المنظمات الدولية المعنية بالتراث الإنساني وهذه الحادثة سترخى بظلالها السوداء على سمعة اليمن دولياٍ لاسيما لدى اليونسكو كون هذه الجريمة لم تمس تريم أو اليمن وإنما مست التراث الإنساني بشكل عام وأمام هذا الحادث الأليم لن تقف وزارة الثقافة مكتوفة الأيدي بل ستعمل قصارى جهودها لينال مرتكب هذه الجريمة ومن يقف وراءه ومن يثبت تورطه عقوبة رادعة وزاجرة جزاء ما اقترفوه من جرم والسعي لإلزام مرتكب هذه الجريمة وبحسب القانون إلى إعادة الحالة إلى ما كانت عليها وفقاٍ للتوثيق الذي تم للقصر. وما يؤسف له أن هذا القصر تعرض للترميم وصرفت عليه ملايين الريالات في العام 2010م وحالته جيدة وكما هو معروف فإن هذا القصر موثق قبل وأثناء وبعد الترميم وبموجب هذا التوثيق سيتم إلزام من ارتكب هذا الجرم بإعادة القصر إلى ما كان عليه وفقاٍ للمعايير والأسس المتعارف عليها في المعمار الطيني بمدينة تريم التاريخية.
وأشار إلى أن الإجراءات الرادعة والعقوبة أمر لا بد منه ضد من ارتكب هذه الجريمة لأنه بمثابة رد اعتبار للمكانة التاريخية لتريم التاريخية بل ورد اعتبار للتاريخ اليمني بشكل عام وهو أيضاٍ بمثابة ردع لكل من تسول له نفسه الإقدام على مثل هكذا فعل شنيع.
وأوضح أن وزارة الثقافة ستلجأ إلى النيابة العامة لرفع قضية مستعجلة وسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية والعقابية.
المسؤولية على من¿¿
وحول تحميل وزارة الثقافة جانباٍ كبيراٍ من المسؤولية فيما حدث بحكم أن لديها فروعاٍ لهيئاتها هناك وأيضاٍ فرعاٍ لمكتب الثقافة .
قال اليتيم: أولاٍ بحسب قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة (2000م) فإن تلك المكاتب والفروع تتبع السلطة المحلية وتعتبر الجهاز الفني والتنفيذي للمجلس المحلي وبالتالي لم يتخذ أي إجراء سواء من المكتب التنفيذي أو السلطة المحلية التي كان يفترض بها القيام بدورها بمنع هذه الكارثة أو على الأقل إبلاغ الوزارة في وقتها لكن أن تعلم الوزارة بهذه الجريمة بعد فوات الأوان وقد أوشك الهدم على الانتهاء فهذا أمر محزن وفي كل الأحوال هذه جريمة بغض النظر عن من يتحمل المسؤولية الأهم ما هو الإجراء الذي اتخذ في حق من قام بارتكاب هذه الجريمة النكراء مكتملة الأركان التي لا تحتاج إلى أدلة فهي واضحة للعيان..
من جهته يقول نائب رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية المهندس نبيل منصر أن لجنة مشتركة ستشكل وبصورة عاجلة لمعرفة ما هي ملابسات هذا الحادث غير المسبوق أبداٍ حتى وإن كانت ملكية هذا القصر خاصة فلا يجوز أبداٍ أن يتم هدمه.
وقال مدينة تريم مشهورة جداٍ بقصورها الضخمة والجميلة وكانت الهيئة تعد هذه المدينة لإدخالها في القائمة المؤقتة للتراث العالمي تمهيداٍ لإدخالها في قائمة التراث.. العالمي وبشكل رسمي كونها تمتلك كل الشروط والمعايير التي تؤهلها لأن تكون ضمن القائمة العالمية للتراث.. ومع هذا الفعل الشنيع المتمثل بتخريب وإزالة واحد من أجمل قصورها فإن هذا العمل سيؤثر وبشكل سلبي كبير على إدخال المدينة في القائمة المؤقتة وسيحظى باستنكار واسع وإدانة كبيرة من اليونسكو.. وقد عملت الهيئة وفور علمها بالخبر من وقت قريب قبل ثلاثة أيام مع أن الهدم قد بدأ منذ ما يقارب عشرة أيام عملت على توجيه رسائل عاجلة لإيقاف العمل وإدراك ما يمكن إدراكه من بقايا للقصر وسرعة اتخاذ الإجراءات العقابية في حق مرتكب هذا الجرم. وعلى جهات الضبط السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في تريم القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها.
وأشار إلى أن هذه الجريمة إذا مرت بدون عقاب وجزاء قوي ورادع في حق مرتكبها فعلينا أن نقر على مدننا ومعالمنا التاريخية وتراثنا الحضاري السلام.
وحول مسؤولية الهيئة في ما حدث لقصر الرياض بتريم أوضح نبيل منصر أن هيئة الحفاظ على المدن التاريخية في وضعها الحالي هيئة ضعيفة جداٍ ولا تستطيع أن توفر أدنى الإمكانيات اللازمة للقيام بدورها على وجه يليق على الأقل بها كهيئة معنية بالحفاظ على المدن والمعالم التاريخية وعبر صحيفتكم نوجه نداءٍ عاجلاٍ إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف بالاهتمام بالهيئة وتصحيح أوضاعها وتوفير الإمكانيات المناسبة التي تمكنها من أداء مهامها.
اكتفت هيئة الحفاظ على المدن التاريخية بتوجيه رسائل ونفت وزارة الثقافة المسؤولية عنها وما هو واقع أن القصر انهدم وتلك الجهات لم تعمل شيئاٍ.. وهنا يؤكد نبيل منصر أن الإجراءات الرادعة لا بد منها لكي يتم المحافظة على ما تبقى من قصور في تريم..
طيب هل تم الانتهاء تماماٍ من الإزالة وسوي القصر بالتراب أم أن الجهات المعنية تنبهت أخيراٍ وأنقذت أجزاء منه¿ وهل ما تم إنقاذه ذو قيمة يمكن البناء عليه لإعادة القصر إلى ما كان عليه¿
مخاوف من تدمير قصور أخرى
وحول هذا الموضوع التقينا الأخ حسين عيديد مدير عام فرع الحفاظ على المدن التاريخية بشبام ووادي حضرموت والذي تحدث قائلاٍ: ما حدث في مدينة تريم قبل أكثر من أسبوع جريمة ومأساة في حق التراث العمراني في تريم واليمن بشكل عام فهذا القصر يعد من القصور التاريخية ذات القيمة المعمارية والزخرفية الكبيرة وكان يتبع هذا القصر أسرة آل الكاف التي قامت ببيعه لأحد الأشخاص والذي قام بتقديم طلب لمكتب الأشعال قبل أربع سنوات للحصول على ترخيص لإزالة القصر وعمل مكتب الأشغال إلى تحويل المسألة إلى فرع هيئة الحفاظ على المدن ونحن بدورنا قمنا بالرد بأنه لا يمكن أبداٍ هدم هذا القصر باعتباره من القصور التاريخية الهامة في تريم.. وتم ترميمه في العام 2010م وقلنا أيضاٍ أنه يمكن الجلوس مع السلطة المحلية بتريم ومكتب الأشغال وكذا مالك البيت للبحث عن بدائل وخيارات أخرى مناسبة تكون بديلة عن الهدم لكننا تفاجأنا قبل أكثر من أسبوع ببلاغ بأن قصر الرياض يهدم فتواصلنا فوراٍ مع السلطة المحلية بتريم والذين نفوا بدورهم أن يكونوا على علم بهذا الهدم وحتى مكتب الأشغال فقد عمل مالك القصر بصورة فردية وبدون ترخيص على هدم هذا القصر وقد تم إزالة ما يقارب ثلثي القصر ولم يتبق منه سوى ثلث فقط بعد تدخل الجهات المعنية وإيقافها استمرار الهدم ومن يحملنا المسؤولية كجهة حكومية تتحمل جزءاٍ منها بلا شك وبقية الجهات تتحمل أيضاٍ مسؤولية وحتى المواطنين ومنظمات المجتمع المدني يتحملون ولعل غياب أو ضعف الدولة يمثل سبباٍ مباشراٍ لما يحل بالتراث وعلى رأسها ما حدث لقصر الرياض.
وأبدى عيديد تخوفه الكبير من استمرار الاعتداء على قصور تريم خاصة وأن قصراٍ آخر معروضاٍ حالياٍ للبيع وقد يلاقي نفس المصير الذي حل بقصر الرياض وهذا يعتمد على ما ستتخذه الأجهزة المعنية من إجراءات وعقوبات رادعة بحق من قاموا بتخريب قصر الرياض وإلا فقصور أخرى ستلحق وفي القريب العاجل بقصر الرياض في ظل الظروف التي تعيشها البلد.
وأكد أن فرع الهيئة بشبام ووادي حضرموت لا يستطيع أن يمنع أحداٍ في ظل الظروف الراهنة مبدياٍ قلقه على بقية قصور مدينة تريم..
تداخل الاختصاصات وتشابكها بين الجهات الحكومية أمر موجود وبقوة لاسيما بين هيئتي المدن التاريخية والآثار اللتين تتبعان وزارة واحدة وبما أن القلاع والقصور كما تقول هيئة الآثار تتبعها أو على علاقة بها فيا ترى ما هو موقف هيئة الآثار من تخريب قصر الرياض.
لا مبالاة وإهمال كبيرين
يقول الأخ عبدالكريم البركاني نائب مدير حماية الآثار والممتلكات الثقافية بهيئة الآثار والمتاحف: أجريت العديد من الدراسات الأثرية لقصور مدينة تريم كان أهمها البعثة الأثرية التابعة لجامعة شيكاغو برئاسة الدكتورة باميلا جيروم وأيضاٍ الدكتورة سلمى الراضي الخبيرة في ترميم الفنون الزخرفية وهذه البعثة والتي توقفت أعمالها في العام 2006م عملت ضمن خطتها دراسة وتوثيق قصور مدينة تريم ومنها قصر الرياض وضرورة إعادة ترميمها وتأهيلها وقصر الرياض كانت حالته الإنشائية على ما يرام خاصة بعد إعادة ترميمه ولا يوجد أبداٍ أي مبرر لتدميره وهذا العمل نستنكره وندينه بشدة في هيئة الآثار كون هذه الجريمة تمثل خسارة فادحة لا يمكن أن تعوض وعلى السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني بتريم والمواطنين الغيورين على تراث مدينتهم أن يقفوا صفا واحدا ضد كل من يسعى إلى المساس بتراثهم وحضارتهم عليهم تقديم المتسببين في هذه الحادثة إلى الجهات المختصة لمحاسبتهم ولو كنا علمنا في هيئة الآثار بالحادثة منذ البداية لكنا عملنا فورا على منعها وبشتى الوسائل والأساليب الممكنة ولما انتظرنا جهات أخرى لإيقاف هذا التدمير.
وأشار إلى أن قصر الرياض كان يمثل واجهة حضارية لمدينة تريم كونه يقع من مدخلها وتهديمه يمثل واقعة خطيرة جداٍ خاصة في تريم والتي يمتاز أهلها بحبهم الكبير لمدينتهم وتراثهم الحضاري. واستغرب البركاني من التعامل اللا مسؤول واللا مبالاة التي تعاملت بها الجهات المعنية وغياب الدولة والسلطة المحلية بتريم لإيقاف هذا العبث وهذه الكارثة.

قد يعجبك ايضا