كانت سوريا وستبقى أيقونة العروبة والنضال القومي، كما ستبقى حاضرة الإسلام وكعبة المسلمين والقلعة التي تتحطم عليها حراب المتآمرين كما اعتادت وعودت أمتها بأن تكون دائما الحصن المنيع الذي ذاد عن سيادة الأمة وكرامتها وسيادتها، واليوم تدفع سورية قيادة وجيشا وشعبا ثمن مواقفها العربية وثمن هويتها الإسلامية الحقيقية التي تجسد بمواقفها قيم الإسلام الحق وتعاليمه السمحاء التي تعمل بها سوريا ولا تزايد بها أو تتخذها واجهة تخفي وراءها وجهاً تأمرياً قبيحاً كما يفعل البعض من دعاة الإسلام الذين ينحرون قيمه ومبادئه من الوريد للوريد..
نعم سوري تدفع اليوم ثمن عروبتها وثمن هويتها الإسلامية والمسيحية وثمن تعايشها الاجتماعي الذي يحتضن كل أطيافها الاجتماعية بحب وتسامح وأخوة..
سوريا كانت ولا تزل وسوف تبقى وتستمر حاضنة القيم العربية الأصيلة وحاضنة قيم السماء ورسالتها السمحاء، وسوف تبقى كما كانت وكما عرفناها أرض المحبة والتسامح، كما هي أرض الصمود والتصدي لكل المخططات الاستعمارية والصهيونية.. لأن قدر سوريا أن تكون أرض الحرية والكرامة والممانعة، وهي عصية على الارتهان وعصية على التبعية والتطويع، وهي أي سورية أكبر من كل المؤامرات والمتآمرين..
إن ما يجري في سوريا وما تتعرض له سوريا اليوم هو ثمن انتمائها العربي الإسلامي، وثمن مواقفها المبدئية المناهضة لقوى الصهيونية والاستعمار.. لأن ((سوريا بحكم موقعها الجغرافي وإرثها الحضاري ودورها القومي ومكانتها في سياق الصراع الجيوسياسي)) كل هذه المقومات التي تمتاز بها سوريا جعلتها هدف المشروع الصهيوني الاستعماري الهادف إلى إيجاد ما اطلق عليه بـ(الشرق الأوسط الجديد) المراد تأسيسه على قاعدة ما يسمى بـ (الاتفاق الإبراهيمي) الذي تريد أمريكا الاستعمارية وربيبها الكيان الصهيوني أن يجعلا من هذا الاتفاق بوابة للولوج إلى جغرافية الوطن العربي وتطويعه وتحويله إلى (حديقة للكيان الصهيوني) يعبث به ويعمل على تمزيقه ويستمد قوته من ضعف الوطن العربي وهذا ما أتثبته الأحداث الدرامية المتلاحقة.
إن هزيمة المشروع الأمريكي _الصهيوني الذي سقط بالضربة القاضية بفعل معركة (طوفان الأقصى) رغم وحشية جرائمه وحرب الإبادة التي يشنها ضد الأشقاء في فلسطين ولبنان، أدت به وبرعاته إلى التوجه نحو سوريا بعد إخفاقه في فلسطين ولبنان، والبحر الأحمر، وعجز الصهاينة في تحقيق أيا من أهدافه التي كانت تراود مخيلته بعد أن اخفق في تحقيق بنك أهدافه في فلسطين ولبنان، وبعد فشله في تدمير قدرات الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقد تزامن كل هذا بإخفاق أمريكا في أوكرانيا وإجبار (موسكو) على الانكسار والاحتواء ناهيكم عن هزيمة أمريكا فيما يتعلق بعلاقتها مع الصين في ظل تنامي قوة دول البريكس..؟!
إن أزمات كثيرة وخطيرة تواجه النفوذ الجيوسياسي الأمريكي أبرزها ضعف قدرات ومكانة حليفها الصهيوني في المنطقة الذي فقد قوة الردع أمام المقاومة وأصبح مكشوفا أمام كل دول المنطقة التي كانت تراهن على علاقة حماية مع الكيان وكانت تراهن على قوته وقدرته في حمايتها فاتضح أن الكيان عاجز عن حماية نفسه عسكريا وأمنيا واستخباريا واقتصاديا وسياسيا، ناهيكم عن أن طوفان الأقصى جرد هذا الكيان ورعاته من كل القيم التي كانوا يروجون لها وظهر أمام الرأي العام الدولي ككيان مجرم يرتكب جرائم إبادة بغطرسة فاقت كل جرائم الطغاة الذين عرفهم التاريخ الإنساني قبله..؟!
إن ما يجري في سوريا هي آخر المحاولات التي يحاول الصهاينة والأمريكان وحلفاؤهم في الوطن العربي وبعض أنظمة الجوار العربي وخاصة _تركيا _التي يحاول نظامها الحفاظ على امنه القومي ولكنه للأسف أخطاء حين توهم أن استهداف سوريا سيحقق له هدفه وسوف يحمي أمنه القومي وتجاهل أن أمنه القومي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن واستقرار سوريا وسلامة ووحدة أراضيها وليس العكس وان من يستهدف الأمن القومي التركي هي أمريكا والكيان الصهيوني وبعض الأنظمة الدائرة في فلكهما..؟!
إن ما يجري في سوريا هي آخر المحاولات الصهيونية _الأمريكية للإبقاء على هيمنتهم ونفوذهم في الوطن العربي وهي محاولة بائسة وفاشلة، كما هي كذلك بالنسبة لتركيا الذي يحاول نظامها البحث عن ممكنات تأمين الذات وإن على انقاض جيرانه متجاهلا أن ممكنات أمانه الاستراتيجي هو مع جيرانه ومع احترام سيادة جيرانه وعدم اللعب بالنار معهم، وتدرك تركيا ماذا قدمت سوريا لها طيلة عقود طويلة رغم اقتطاع جزء كبيرا من أراضيها من قبل بريطانيا ومنحتها لتركيا واقصد لواء (الإسكندريون)..!
بيد أن ما يجري اليوم في سوريا فعل يمنحها الحق المطلق والكامل في تصفية البلاد من العصابات الإرهابية الذين تم جلب أفرادها من أكثر من 90 دولة بهدف تدمير وتمزيق سوري إعمالا لتحقيق المخطط الصهيوني الأمريكي بإقامة (شرق أوسط صهيوني الهوية وأمريكي الهوى)..
نعم لم تعد سوريا ملزمة بعد اليوم باتفاقيات إقليمية أو دولية تحت مسمى (اتفاق استانا) أو أي اتفاق يجعل هذه العصابات تشارك في تقرير مصير سوريا الأرض والإنسان والدور والموقف لصالح المخططات الصهيونية..؟!
أنا على ثقة بقدرة سوريا على الانتصار وتجاوز المحنة التي تواجهها لأنها ببساطة عصية على الانكسار والتطويع، وهي كذلك كانت وسوف تبقى وتستمر.. إن سوريا قدرها أن تكون أرض المقاومة والممانعة والصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات الاستعمارية، أن سوريا هي البلد العربي الذي لا يمكن لها أن تكون غير كما عرفناها وعهدناها بلد المقاومة والصمود، ولو شاءت أن تكون كبقية البلدان التي هرولت خلف المخططات الاستعمارية لا قدر الله فإنها سوف تسقط وتتمزق وتصبح مجرد كانتونات متناحرة لأن قدر سوريا أن تكون أرض الممانعة وأرض الصمود، ونحن على ثقة أن سوريا سوف تنتصر وتتجاوز كل ما تعاني منه من أفعال الإرهابيين المجرمين وسوف تخرج أقوى وأكثر توحداً وتماسكاً قيادة وجيشا وشعبا ودولة ذات سيادة وحاضنة للعروبة وقيمها والإسلام وتعاليمه، وستبقى أرض التعايش والتسامح والمحبة وأيقونة القومية، وللعلم أن استهداف سوريا يأتي رد فعل على هزائم الكيان والمشروع الأمريكي في المنطقة وسبب هزيمتهما هي سوريا ولهذا ذهبوا بعد كل ما حدث علهم ينتزعون جذوة الصمود والمقاومة من جذورها وهذا هو المستحيل لأن قدر سوريا دائما هو الانتصار دائما على أعداء الأمة وهذا ما سيكون وسيحدث قريبا بإذن الله وبسواعد أبطال الجيش العربي السوري.. حماة الديار عليهم السلام.