فلسطينيون: لا قيمة للتضامن ما لم يتوفق قتلنا
وقف الإبادة .. مطلب الفلسطينيين في يوم التضامن العالمي معهم
الثورة / وكالات
التضامن الحقيقي هو ما ينتج عنه وقف للإبادة الإسرائيلية الجماعية .. هذا ما يؤمن به الفلسطينيون في قطاع غزة بعد 14 شهرًا من الحرب الدامية وهم يعيشون ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وصادف الجمعة الماضي 29 نوفمبر، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وهو اليوم الذي أعلنت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1977 تخصيصه لهذه القضية.
ويعود تاريخ هذا اليوم إلى قرار تقسيم فلسطين الذي صدر عام 1947، ما يجعله لحظة محورية في الذاكرة التاريخية للصراع.
أوقفوا الإبادة
ويقف الحاج الفلسطيني عبد العال حميد ليغطي خيمته في مواصي خانيونس ببعض النايلون لمحاولة منع تسلل مياه الأمطار إلى داخلها ويقول لمراسلنا: لقد مللنا بيانات التضامن، التضامن الفعلي هو الذي يترجم إلى إجراءات توقف هذه الإبادة وهذا القتل اليومي، التضامن الحقيقي الذي يؤمن حفنة طحين لنا ورغيف خبز وخضروات وحليب لأطفالنا.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حرباً دامية على قطاع غزة، قتلت وأصابت فيها أكثر من 149 ألف فلسطيني، فيما فقد قرابة 10 آلاف يعتقد أن غالبيتهم شهداء وبات مليونا غزي مشردون ونازحون يعيشون في خيام أو مراكز إيواء أو بقايا منازل مدمرة بعدما هجرتهم قوات الاحتلال قسرا أو دمرت منازلهم.
ما قيمة التضامن مع العجز عن وقف قتلنا؟
الشاب الجامعي سالم شراب، يقول: نحن نقدر كل شكل من أشكال التضامن، لكن لا نريد أياماً ومسميات، نريد إجراءات توقف القتل اليومي للأطفال والنساء وتوفر الطعام للجوعي، متسائلاً ما قيمة أن نحتفل بالتضامن العالمي والعالم بأسره يعجز أو يتواطأ في قتلنا؟.
وعادة ما تتحول مناسبة اليوم العالمي إلى منصة لإصدار بيانات مناصرة للحق الفلسطيني، دون أن يتطور ذلك إلى إجراءات فعالة في وجه الاحتلال الذي يمارس جرائمه المختلفة ضد الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة عقود ونصف.
غوتيريش: أصبحت غزة بحالة خراب
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال: إن الأمم المتحدة ستواصل تضامنها مع الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف في العيش بسلام وأمن وكرامة.
جاء ذلك في رسالة تضامن وجهها غوتيريش، لمناسبة “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، وهي المرة الثانية التي تتجدد فيها المناسبة مع استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في قطاع غزة دون رادع.
والمناسبة التي تنظمها الأمم المتحدة منذ عام 1977، نص عليها القرار 181 الصادر عن جمعيتها العمومية في 29 نوفمبر 1947، للتذكير بقرار تقسيم فلسطين.
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة: “بعد مرور أكثر من عام، أصبحت غزة بحالة خراب، وتزداد الأزمة الإنسانية سوءاً يومياً، وهذا أمر مروع، لا يمكن تبريره”.
ورغم تعبيرات التضامن البراقة إلا أن الأمم المتحدة كما كل الأجسام الدولية عجزت عن وقف الإبادة ضد الفلسطينيين نتيجة تواطؤ دول الغرب وعلى رأسها أمريكا مع الاحتلال الإسرائيلي، وإفشالها مرة تلو الأخرى قرارات وقف إطلاق النار التي كان مجلس الأمن يسعى لإقرارها.
ويشدد غوتيريش: “آن الأوان لوقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة، وإنهاء الاحتلال غير القانوني للأرض الفلسطينية، بحسب ما أكدته محكمة العدل الدولية والجمعية العامة”.
وتابع قائلاً: “في هذا اليوم من كل عام، يقف المجتمع الدولي متضامناً مع كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه وعدالة قضيته وتقرير مصيره، إلا أن إحياء الذكرى هذا العام مؤلم لأن تلك الأهداف الأساسية أصبحت بعيدة المنال عما كانت عليه في أي وقت مضى”.
تكريس التضامن بوقف الإبادة
مركز الميزان لحقوق الإنسان دعا المجتمع الدولي وأحرار العالم لتكريس تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، وضمان احترام القانون الدولي بالعمل الفوري لوقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة للشهر الرابع عشر (420 يوماً) على التوالي في قطاع غزة.
وتأتي هذه المناسبة للمرّة الثانية والشعب الفلسطيني يرزح تحت جريمة الإبادة الجماعية، بما تشمله من جريمة تطهير عرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولاسيما إجبار ما يزيد عن مليوني نسمة من سكان القطاع للنزوح عدة مرات، والتكدس في وسط قطاع غزة، ومواصي خانيونس في الجنوب، وإجبارهم على العيش في ظروف إنسانية قاهرة في ظل القصف المتواصل واستهداف أماكن نزوحهم، وفي استخدام التجويع كسلاح، ومنع إمدادات الكهرباء والمياه والدواء والغذاء.
ويشدد المركز الحقوقي على أن ذلك يأتي في إطار سياسة مدروسة تهدف إلى إفناء الشعب الفلسطيني أو جزءاً منه خصوصاً في قطاع غزة، وفيما تواصل قوات الاحتلال المحرقة في شمال القطاع، فإن القصف والقتل الجماعي والتجويع لم يتوقف في كافة أرجاء قطاع غزة، كما تتواصل سياسة الاعتقال التعسفي والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة، واستخدام المعتقلين كدروع بشرية، فيما تواصل تعذيب المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية.
حقائق عن الإبادة
وتواصل قوات الاحتلال عمليات القتل بالجملة في قطاع غزة، حيث بلغ عدد الشهداء (43.972) وصلوا إلى المستشفيات، من بينهم (17.492) طفلاً، و(11.979) سيدة، فيما بلغ عدد الجرحى (104.008) من بينهم 70٪ من النساء والأطفال، دون احتساب المسنين والمرضى من الذكور، ومع الأخذ في الاعتبار أن هناك ما يزيد عن (11,000) مفقود لم يتم انتشال جثامينهم من تحت الأنقاض، أو ممن لا يزال مصيرهم مجهولاً، ما يظهر أن السواد الأعظم من ضحايا الإبادة الجماعية هم من المدنيين، ويدحض روايات قوات الاحتلال الزائفة والمضللة.
وتستمر عمليات التدمير الإسرائيلية الممنهجة، والتي تتمدد في جرائم نسف مربعات سكنية ومنشآت مدنية وتجريف الطرقات في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون وشرق وجنوب وغرب مدينة غزة، وفي المنطقة الوسطى شرق وغرب مخيم البريج وشمال غرب مخيم النصيرات وشرقي مدينة دير البلح، وفي مناطق رفح الشرقية والغربية، حيث دمرت قوات الاحتلال أكثر من (160,000) وحدة سكنية بشكل كلي، وأكثر (83,000) وحدة سكنية دمرتها بشكل جعلها غير صالحة للسكن، وأكثر من (193,000) وحدة سكنية لحقت بها أضرار جزئية.
وتجدر الإشارة إلى أن كل المناطق السكنية التي اجتاحتها قوات الاحتلال أصبحت غير قابلة للحياة، حتى لو أوقفت جريمة الإبادة الجماعية اليوم، بعد أن دمرت البنية التحتية الضرورية للحياة، جرى تدمير (3,130) كيلو متر أطوال من شبكات توصيل التيار الكهربائي، و (125 محولاً لتوزيع الكهرباء، (330,000) متر طولي من شبكات أنابيب توزيع المياه، و(655,000) متر طولي من شبكات الصرف الصحي، كما جرفت (2,835,000) متر طولي من شبكات الطرق والشوارع المعبدة، و (717) بئر مياه.
وتواصل قوات الاحتلال استخدام التجويع كسلاح حرب، وتمنع دخول إمدادات الغذاء والدواء، وتواصل قطع التيار الكهربائي وإمدادات المياه عن قطاع غزة، كما تحمي وتدعم قطاع الطرق، وتسهل سرقتهم للمساعدات باستهدافها كل من يحاول حماية العدد القليل من شاحنات المساعدات، وفي هذا السياق قتلت قوات الاحتلال (706) رجال شرطة مدنية أثناء محاولتهم حماية المساعدات أو في محاولة ضمان احترام القانون في المجتمع.
وتظهر الوقائع الميدانية على الأرض أن قوات الاحتلال تهدف لمنع استعادة الحياة في قطاع غزة، فقد قضت على الخدمات الصحية ولاسيما خدمات المستشفيات، التي كانت هدفاً مباشراً للعمليات الحربية والاقتحامات والتخريب والتدمير وأخرجت (34) مستشفى عن الخدمة، (من بينها المستشفيات الرئيسية كالشفاء وناصر والإندونيسي وغزة الأوروبي، والتي لم تدمر بشكل كلي، فإنها لم تعد قادرة على تقديم الخدمات بعد أن دمرت الأقسام، وأجهزه التشخيص من رنين مغناطيسي وأشعة مقطعية وغيرها)، و(80) مركزاً صحياً عن الخدمة، كما استهدفت (162) منشأة صحية، وقتلت (1054) من أفراد الطواقم الطبية، واعتقلت (319) آخرين، قضى بعضهم تحت التعذيب، ودمرت (134) سيارة إسعاف.
الحرمان من التعليم
وللعام الثاني على التوالي، يحرم أطفال وشباب وشابات القطاع من حقهم في التعليم، في ظل تعثر كل المبادرات الفردية والمؤسسية والحكومية في استخدام التعليم عن بعد، في ظل انقطاع التيار الكهربائي المتواصل وغياب البدائل لعامة الناس، وبعد أن دمرت قوات الاحتلال (131) مدرسة وجامعة بشكل كلي، و(346) مدرسة وجامعة بشكل جزئي، فيما تحولت المدارس التي نجت من التدمير الكلي إلى مراكز إيواء للنازحين، ومع ذلك، هاجمت قوات الاحتلال بالصواريخ (204) مركز إيواء وخيام نازحين.
وتستهدف قوات الاحتلال طواقم الدفاع المدني التي تكابد للقيام بدورها في ظل تدمير معداتها وسيارات الدفاع المدني ومعدات البلديات من جرافات وحفارات، واستهدفت أفراد طواقمها فقتلت (86) من رجال الدفاع المدني، واعتقلت العشرات كان آخرهم فريق الدفاع المدني العامل في جباليا.
هذا وتحاول قوات الاحتلال جاهدة منع التغطية الصحفية لجرائمها الواضحة والتي وثقها بعض مجرمي الحرب من جنودها بأنفسهم ونشروها على مواقع التواصل الاجتماعي للتباهي بما اقترفوه من جرائم، وفي هذا السياق، منعت سلطات الاحتلال دخول أي صحفي أجنبي أو وكالة أنباء أو محطة فضائية أجنبية إلى قطاع غزة، وواصلت ملاحقة الصحفيين المحليين، فقتلت (189) صحافي واعتقلت العشرات.
محاربة أونروا
وفي ظل هذه الأوضاع الخطيرة، أعلنت دولة الاحتلال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي المنظمة التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والمنوط بها تقديم الإغاثة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم لديارهم التي هجروا منها عام 1948، وأنها غير قانونية، وتمنعها من القيام بعملها، بهدف شطب حق العودة للفلسطينيين، ومحاصرتهم وتعريضهم للجوع وإلحاق الأذى في صفوفهم.