ماذا يعني انسحاب فرنسا وإسبانيا وإيطاليا رسمياً من التحالف الأمريكي في البحر الأحمر

 

محمد عبدالسلام: تهديد الملاحة البحرية الدولية ناجم عن عسكرة البحر الأحمر من قبل أمريكا
خبراء عسكريون: أمريكا تخشى الاصطدام المباشر بدول المحور

الثورة / يحيى الربيعي/ وكالات
تراجعت شركة الشحن الدانماركية «ميرسك» عن قرار كانت اتخذته – الأحد الماضي- استعدادها استئناف عملياتها في البحر الأحمر وخليج عدن. ويأتي قرار ميرسك، من بين شركات أخرى ما زالت متشككة بشأن نتاج عمل التحالف الجديد بالتراجع، بالرغم من تأكيداتها- في بيان لها- أنها تلقت تأكيدات بأن- ما أسمته- المبادرة الأمنية المتعددة الجنسيات المعلن عنها مسبقاً قد تأسست ونُشرت للسماح للتجارة البحرية بالمرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن.
وتشير تقارير إعلامية بانسحاب كلاً من ‏فرنسا وإسبانيا وإيطاليا رسمياً من هذا التحالف البحري الفاشل الذي دعت إليه أمريكا بزعم تأمين الملاحة البحرية من هجمات وتهديدات القوات المسلحة اليمنية.. لافتة إلى أن الدول الثلاث أوضحت موقفها بأنها لن تقوم بإجراء المزيد من العمليات البحرية إلا تحت قيادة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وليس “أمريكا”.
مؤكدة أنه بانسحاب هذه الدول الثلاث لم يتبق من الدول المشاركة في التحالف مع أمريكا سوى بريطانيا التي أعلنت مشاركتها بالمدمرة “دايموند”، وكندا التي لم تحدد حجم مشاركتها حتى الآن، بالإضافة إلى اليونان التي أعلنت مشاركتها بفرقاطة يتيمة، وقد تنسحب تحت ضغوط الحزب الشيوعي، فيما أعلنت هولندا مشاركتها بضابطين اثنين والدنمارك بضابط واحد وأستراليا بـ11 جندياً والنرويج بعشرة ضباط، أما البحرين وسيشيل فليستا داخل حسبان تشكيل تحالف دولي، نظراً لصغرهما من حيث المساحة والدور.
ونقلت رويترز، عن كوري رانسلم الرئيس التنفيذي لشركة درياد غلوبال البريطانية لاستشارات المخاطر البحرية والأمن، قوله إن عددا من الأمور ما زالت مجهولة فيما يتعلق بالتحالف، منها قواعد الاشتباك الخاصة بالقطع الحربية البحرية، وخطة الحماية الفعلية التي ستوفرها.
وأضاف: أن منطقة الحوادث صغيرة إلى حد ما، ومع ذلك فإن توفير الحماية للسفن التجارية في هذه المنطقة يمكن أن يكون مهمة كبيرة اعتمادا على عدد السفن، إلى جانب أي تغييرات في تكتيكات الهجوم للحوثيين. وتوقع رانسلم أن يستمر التهديد الذي يواجه الشحن البحري في المستقبل المنظور ما دامت الحرب مستمرة في غزة.
ويظل قرار صنعاء منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل– موقفاً ثابتاً غير قابل للتراجع دون السماح بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، والذي يتعرض لعدوان متواصل من الاحتلال الإسرائيلي أدى لتدمير كبير جدا ومقتل أكثر من عشرات الآلاف وإصابة مئات الآلاف. هكذا شددت صنعاء أنها ملتزمة بثبات مواقفها تجاه أمن واستقرار الملاحة في المنطقة، إذ أنها لم تمنع أي سفن غير تابعة لإسرائيل من المرور عبر البحر الأحمر.
وهو ما أكده رئيس الوفد الوطني المفاوض، محمد عبد السلام، أن تهديد الملاحة البحرية الدولية ناجم عن عسكرة البحر الأحمر من قبل أمريكا وشركائها الآتين إلى المنطقة دون وجه حق سوى توفير خدمة الأمان لسفن كيان العدو الإسرائيلي.
وقال رئيس الوفد المفاوض، في منشور على حسابه في منصة “إكس”، أمس: “ ‏فيما كانت طائرة استطلاع تابعة للقوات البحرية اليمنية تقوم بعمل استطلاعي عرض البحر الأحمر، قامت بارجة أمريكية بإطلاق النار بطريقة هيستيرية، وبأسلحة متعددة تظهر حالة الإرباك والقلق، حيث انفجر أحد الصواريخ بالقرب من سفينة متجهة جنوب البحر الأحمر، تابعة لجمهورية الغابون، وهي آتية من الموانئ الروسية”.
وحذّر عبد السلام من أن البحر الأحمر سيكون ساحة مشتعلة إذا استمرت أمريكا وحلفاؤها على النحو الذي هم عليه من البلطجة، داعياً الدول المشاطئة للبحر الأحمر إلى إدراك حقيقة المخاطر التي تهدد أمنها القومي.
كما أوضح المتحدث لأنصار الله محمد عبد السلام عبر منصة إكس، أن تشكيل التحالف يأتي لـ”حماية إسرائيل وعسكرة البحر دون مسوّغ”، مضيفاً أن “من يسعى لتوسيع الصراع عليه تحمل عواقب أفعاله”.
مشيراً إلى أن “التحالف المشكل هو لحماية إسرائيل ولن يوقف اليمن عن مواصلة عملياته المشروعة دعماً لغزة”، موضحاً أنه “وكما سمحت أمريكا لنفسها أن تساند إسرائيل بتحالف وبدون تحالف، فإن شعوب المنطقة تملك كامل المشروعية لمساندة الشعب الفلسطيني”.
من جهته، أكد نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله، نصر الدين عامر، إن منطقة باب المندب منضبطة من قبل وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء والجهات الرسمية، موضحاً أن صنعاء جاهزة للرد على أي تصعيدات أو هجمات يمكن أن تُشن عليها، دفاعاً عن موقفها المؤيد للفلسطينيين في غزة، ومعتبراً وصول البارجات الأمريكية منذ بداية التصعيدات بمثابة “فعل عدائي” في المنطقة.
وفي ردود فعل لدول محاور المقاومة، على ادعاءات المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية وعضو الحزب الجمهوري حازم الغبرا أن الولايات المتحدة موجودة في مياه دولية وإقليمية بحسب الاتفاقيات مع بعض الدول، من أجل ضمان أمن الممرات المائية، إلى جانب منع القيام بأي أعمال عدائية تجاه إسرائيل، وضمان حركة شحن آمنة ومستقرة تؤمن مصالحها التجارية.
اعتبر أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن الإيراني، حكم أمهز، وجود الولايات المتحدة بمثابة التدخل «السافر» وأنه يشكّل تهديداً لدول المنطقة، ويقول:» الإيرانيون يعتبرون أن هذه المنطقة هي لأهلها ودولها ومن ضمنهم إيران والسعودية وغيرها وهي التي تقرر أمن المنطقة وحفظ الملاحة فيها».
كما أكد أمهز أن تشكيل التحالف الدولي يحمي المصالح الإسرائيلية فقط، نافياً أن يكون من شأنه حماية التجارة الدولية، مشيرا إلى أن اليمنيين أكدوا أنهم لا يستهدفون إلا السفن المتجهة لإسرائيل.
حكم أمهز: تشكيل التحالف الدولي يحمي المصالح الإسرائيلية فقط ولا شأن له بحماية التجارة الدولية
على الصعيد ذاته، يؤكد خبراء عسكريون أن مخاوف أمريكية من الاصطدام المباشر بدول المحور حتى بعد أن أرسلت غواصات وسفن إلى منطقة الخليج والتي كانت قادرة لوحدها أن ترد لذلك فإن تحالف مع عدة دول للتعامل مع اسمته بالتهديدات في البحر الأحمر في تفادي منعها لتداعيات الرد المباشر.
الجدير بالذكر أن شركات الملاحة البحرية اليابانية بدأت بتغيير مساراتها عبر البحر الأحمر. وأوضحت قناة “إن إتش كيه” اليابانية الرسمية أن شركتي “نيبون يوسين” و”ميتسو أو إس كيه لاينز” غيرتا مسار سفنهما المتجهة لأوروبا والقادمة منها لتجنّب احتمال استهداف السفن من قِبل الحوثيين بالبحر الأحمر، لافتة إلى أنه تم توجيه السفن لسلوك طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا. وأفادت وسائل إعلام يابانية أخرى بأن شركتي “كي لاين” و”أوشن نيتوورك إكسبريس” غيرتا أيضًا مسار سفنهما لنفس السبب.
وتبعت الشركات اليابانية أخرى اتخذت الإجراءات نفسها، منها “سي إم إيه- سي جي إم” الفرنسية، شركة ناقلات النفط البلجيكية “يوروناف”، إيفرغرين التايوانية، فرونت لاين وغرام كار كاريرز (النرويج)، هاباغ لويد الألمانية، “إتش إم إم” الكورية الجنوبية، هوغ أوتولاينرز النرويجية، “إم إس سي” وأوشن نتورك إكسبرس (اليابان)، وأورينت أوفرسيز كونتينر لاين (هونغ كونغ)، لينيوس فيلهلمسن النرويجية، يانغ مينغ التايوانية، وغيرها.

قد يعجبك ايضا