تؤكد عدد من التقارير الاقتصادية المتزامنة مع قرار اليمن منع السفن الإسرائيلية والمتعاونة معها من مختلف الجنسيات من المرور عبر البحرين الأحمر والعربي إلى الكيان الصهيوني المجرم، أن تعطيل ملاحة سفن الكيان الصهيوني في البحر الأحمر يعني تعطيل نصف حركة التجارة الإسرائيلية وبنسبة تصل إلى أكثر من ٥٠% من البضائع والسلع إلى داخل الكيان الزائل، وهو ما لا تستطيع إسرائيل تحمله .
الثورة / أحمد المالكي
وفي تطور للعمليات التي تقوم بها القوات المسلحة اليمنية في اسناد المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة وفلسطين ضد السفن الإسرائيلية، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحي سريع السبت عن منع مرور السفن المتجهة إلى إسرائيل من أي جنسية كانت إذا لم يدخل لقطاع غزة حاجته من الغذاء والدواء.
هدف مشروع
وقال المتحدث إن هذا القرار يأتي بعد نجاح قوات صنعاء في منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي.
وستكون أي سفينة من أي جنسية كانت تتجه إلى إسرائيل هدفاً مشروعاً، وحذرت القوات جميع السفن والشركات من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية، مشيرةً إلى حرصها على استمرار حركة التجارة للدول والسفن كافة عدا المرتبطة بإسرائيل أو التي تنقل البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية.
تحويل المسار
ووفقا لتقارير اقتصادية ومهتمين فإن تطور العمليات العسكرية اليمنية يأتي في الوقت الذي بدأت فيه شركات رائدة بتحويل مسار بعض السفن المرتبطة بإسرائيل والإعراب عن قلقها بشأن الهجمات المتزايدة من جانب قوات صنعاء، لكن ثمة تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً بكثير قد تتكشف إذا تصاعد نشاط هذه الهجمات المستهدفة للسفن الإسرائيلية أو استمرت إلى أجل غير مسمى.
وتفيد بيانات بحرية حديثة بأن هذه الهجمات في البحر الأحمر دفعت بعض الشركات إلى تحويل مسار سفنها بعيداً عن قناة السويس ومضيق باب المندب الاستراتيجي، وشوهدت هذه السفن وهي تسلك طريقاً أطول حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى أوروبا وآسيا، مما يزيد من وقت عبورها.
وتناول معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، مخاطر حدوث تعطيل كبير للتجارة العالمية بسبب استهداف السفن التجارية التي تديرها شركات من جنسيات مختلفة.
وتوحي ردود الفعل الأولية لشركات التأمين البحري وشركات الشحن بأن هجمات قوات صنعاء تؤثر على عملية صنع القرار في هذا القطاع بشأن السفن ذات العلاقة الإسرائيلية.
نصيحة
وكانت شركة إدارة المخاطر “أمبري” قد نصحت أصحاب السفن بالتحقق مما إذا كانت سفنهم مملوكة أو مُدارة من قبل شركات لديها روابط إسرائيلية، لكن تتبع التفاصيل الإدارية لسفينة معينة ليس عملية سلسة دائماً، وقد لا تكون السفينة ذات الروابط الإسرائيلية بالضرورة مسجلة في إسرائيل أو ترفع العلم الإسرائيلي أو يتم تشغيلها من قبل جهة إسرائيلية طوال الوقت.
صلات إسرائيلية
تشير بيانات الموقع الخرائطي “مارين ترافيك” إلى أن بعض السفن التي لديها صلات إسرائيلية تتجنب البحر الأحمر منذ حادثة “جالاكسي ليدر”،
وتتسبب فترات العبور الأطول إلى تكاليف إضافية، منها حرق المزيد من الوقود، ويمكن أن تؤثر هذه التكاليف على البائعين والمشترين على حد سواء، وفقاً لنوع اتفاقية الشحن التي يبرمونها.
ضربة قاصمة
ووفقا لتقارير وخبراء اقتصاد فقد مثل قرار اليمن بمنع عبور السفن الإسرائيلية من البحر الأحمر ضربة قاصمة في عمق الاقتصاد الإسرائيلي، وقد أدركت إسرائيل ذلك منذ اللحظة الأولى لإعلان القرار وحاولت الالتفاف عليه بطريقة أو بأخرى فأعلنت شركة زيم -عملاق الشحن في الكيان- أنها لن تستخدم السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي في العبور من البحر الأحمر، قبل أن تعلن تحويل مسار بعضاً من سفنها.
هذه المحاولات لم تخفف من آثار ما أحدثته العمليات اليمنية في إطار تنفيذ القرار والتي تكللت بالاستيلاء على سفينة ومهاجمة اثنتين وإجبار عدد آخر على تغيير المسار، حيث أعلنت أكثر من شركة إسرائيلية عن تغيير مسارها والالتفاف حول أفريقيا بدلا من العبور عبر البحر الأحمر وهو ما يعني بالضرورة ارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الوقت، وكنتيجة طبيعية ارتفاع الأسعار على المستهلك الأخير وشحة البضائع في السوق، فما كان يصل في 10 أيام من ميناء موندرا الهندي يحتاج إلى نحو 40 يوما للوصول إلى ميناء حيفاء.
فاجأ العدو
ووفق التقارير فإن نوعية العمليات التي نفذتها القوات البحرية اليمنية ودقة المعلومات حول السفن المرتبطة بشركات إسرائيلية والتي تعد هويتها معقدة إلى حد بعيد فاجأ العدو الإسرائيلي، وأدرك حينها أن عبور سفن الشركات الإسرائيلية من البحر الأحمر مستحيل أو محفوف بمخاطرة كبرى، وحتى شركات تأجير السفن باتت تخشى تأجير سفنها إلى الشركات الإسرائيلية، فيما دعت هيئة الأمن البحري البريطانية (أمبري) جميع مالكي السفن إلى تحديث بيانات سفنهم ومراجعة ما إذا كان تم تأجيرها لإسرائيليين خلال الفترات الأخيرة.
ووفق خبراء اقتصاد وإعلام صهاينة فإن ميناء إيلات يعتبر أهم من ميناء حيفا، حيث يربط الكيان بالشرق الأدنى ودول أفريقيا.
ويشير موقع ذا ماركر الإسرائيلي إلى تأثير التغيرات الجيوسياسية على التجارة البحرية لإسرائيل، مما زاد من أهمية البحر الأحمر، الذي تصل عبره البضائع من الشرق، خاصة إلى موانئ أشدود وحيفا عبر قناة السويس.
ويستدل الموقع بتصريح للعميد شاؤول حوريف ، رئيس مركز حيفا للسياسة البحرية والدراسات الاستراتيجية الذي يؤكد فيه “أن مركز الثقل الاقتصادي يتحرك بشكل واضح للغاية نحو دول شرق وجنوب شرق آسيا، وبناء على ذلك فإن تجارة إسرائيل مع تلك الدول تتزايد. ويمر الجزء الحاسم منها عبر قناة السويس ومضيق باب المندب (الذي يقع بين البلدين).” اليمن وجيبوتي وإريتريا ويربط بحر العرب بالبحر الأحمر بالنسبة لإسرائيل، أهمية البحر الأحمر تتزايد،”
وتشير البيانات التي أوردها الموقع الإسرائيلي إلى الأهمية المتزايدة لتجارة الكيان مع الشرق حيث وصلت إلى إسرائيل خلال عام ٢٠١٩م حوالي 260 ألف حاوية. أكثر من ٥٠% من تجارة إسرائيل تمر عبر البحر.
إغلاق تام
وبينما كانت العمليات اليمنية قد دفعت بميناء إيلات إلى الإغلاق التام وتسريح العاملين، كانت المخاوف الإسرائيلية هي أن يتوسع القرار ليشمل كل السفن التي تشق طريقها من وإلى الكيان بحسب ما أعرب عنه حوريف في مقابلته مع ذا ماركر، وهو ما تم الإعلان عنه من قبل اليمن يوم السبت- التاسع من ديسمبر ردا على حصار العدو الإسرائيلي لغزة، ما يعني أن محاولات الكيان التعاقد مع شركات عالمية لتعويض الشركات الإسرائيلية لن يجدي نفعا بعد اليوم، وليس هناك من خيار سوى رفع الحصار عن أبناء غزة وأن يتوفر لهم حاجتهم من الغذاء والدواء، ولذا لم يكن مستشار الأمن القومي لنتنياهو مبالغا عندما قال في حديثه للقناة 12 ان ما يفعله من اسماهم بـ “الحوثيون” هو حصار بحري على إسرائيل.