شعر/ أحمد المعرسي
مِنْ سَكرةِ الوجدِ والأشواقِ أجمعُهُ
وفي حنايا صلاةِ الروحِ أسمعُهُ
روحي له, لا أطالَ اللهُ في بَصَرٍ
إن لم يطرْ بي إليه حين أرفعُه
يا دهشةَ الشوقِ أنفاسي مسافرةٌ
لِـمَنْ دموعي ببابِ اللهِ تسجعُه
روحي لمعناهُ سُجادٌ على سُرُرٍ
من الصباباتِ ربُّ الكونِ يَصنعُه
لأنه بابُ بابِ اللهِ, واحتُه
خضرُ التسابيحِ, فاهتفْ حين تَقْرَعُه:
يا سيدَ الخلقِ كنْ للصبِّ مُغتسَلاً
فالجمرُ عيناهُ, والنيرانُ أدمعُه
صلّى عليه الذي أذكى بصورتِهِ
نوراً, يدُ الغيبِ في الدنيا تُشَعْشِعُه
فالمصطفى مَهْبـِطُ الأنوارِ, ما لمعتْ
شمسُ الهداياتِ إلاّ بانَ مطلعُه
* * *
يا مولدَ النورِ سهمُ الشوقِ في كبدي
لا باركَ اللهُ يوماً فيه أَنـْـزِعُه
أُحبُّ طه, ولي في مدحِهِ نَسَبٌ
وفازَ من في دروبِ الحُبِّ يَتبعُه
فالمصطفى مُلتقى الأرواحِ ،ملجأُ مَنْ
ريحُ التناهيدِ في الدنيا تُوزِّعُه
أتى وليلُ المنايا شاهراً جبلاً
من الضلالاتِ فوقَ الخلقِ يرفعُه
فكان للكونِ نوراً، مَنْ تَعَشَّقه
حبّاً، أُحيطتْ بنورِ اللهِ أضلُعُه
* * *
يا مهبطَ النورِ، أشواقي إليكَ بلا
حدٍّ, فكونوا لمن جافاه مضجعُه
كم لي أسافرُ في روحي إليك, وكم
قال المعنَّى: بأن الشوقَ يُمْتِعُه!
لا عشتُ إن غبتَ عني نصفَ ثانيةٍ
يا من فؤاديَ والأنفاسُ مخدعُه
* * *
يا مولدَ النورِ في عصرِ الظَّلامِ أَجرْ
صبحَ المساكينِ من ليلٍ يُقطّعُه
في كلِّ قُطْرٍ لمعنى ديـنـِـنا جسدٌ
الكفرُ يرديه, والإرهابُ يُوجِعُه!
وكم فقيهٍ لوجهِ اللهِ يذبَحُنا!
وكم إمامٍ بسيفِ الحقدِ نَخلعُه!
ما عادَ للحُبِّ في أوطانِنا وطنٌ
مَنْ ينسجُ الحبَّ فينا أو يُرقِّعُه؟
* * *
يا مولدَ النورِ, حقلُ الودِّ في كبدي
بنورِ وجهِكَ باسمِ اللهِ أزرعُه
بعطرِ روحِك من تلقاءِ كاظمةٍ
ندافعُ الشَّرَّ, إنـّـا سوفَ ندفعُه
بالحبِّ بالحبِّ, يا وجهَ الحبيبِ أفضْ
على المُعَـنَّى سيولَ النورِ تَصْدَعُه
* * *
يا دهشةَ الكونِ هذا يومُ مولِدِهِ
طوى البرايا, ومَنْ ذا سوف يمنعُه؟
مَنْ أورقَ العقلُ مِنْ أغصانِ ملّتِهِ
لما أشارتْ إلى التوحيدِ إصْبَعُه
فكانَ للكونِ بدراً, ما رمى أحَداً
بنظرةِ الحبِّ إلاّ لذَّ مصرعُه
* * *
يا سيدَ الخلقِ أشواقي معلقةٌ
على فضاءٍ سيوفُ الدهرِ تذرعُه
حُبـِستُ عنك, ولكن في ضفافِ دمي
كونٌ من الشوقِ, كفُّ اللهِ مرتعُه
ولي بوصلِكَ أسرارٌ تروِّعني
كم لذَّ للصبِّ منكم ما يُروِّعُه!
فبالزيارةِ أكرمْ سيدي كَلِفـًا
الزهدُ يُغْـنِـيـهِ, والحاجاتُ تخدعُه
صلّى عليكَ إلهُ العرشِ يا أملاً
أعاهدُ اللهَ أني لا أضـيِّـعُه