شُرِع الزواج ليكون السبيل الوحيد لبقاء النوع الإنساني على الوجه الذي يليق بما اختص الله تعالى به الإنسان من تكريم وتفضيل، فإذا كان الزواج ضرورة ملحة للإنسان في كل عصر، فإنه اليوم أكثر ضرورة وأشد إلحاحًا لما يتعرض له الإنسان اليوم من حرب ناعمة تحرض على الابتذال والخلاعة دون مراعاة لشيء من الحياء والاحتشام الذي يميز الإنسان في ممارساته لغرائزه عن الحيوانات ، وهكذا تزداد حاجته الملحة إلى الزواج الذي يُعد الحصن الحصين والكهف المنيع من الوقوع في الحرب الناعمة؛ لهذا قامت الهيئة العامة للزكاة مشكورة بتحصين الشباب وإعانتهم على إكمال نصف دينهم بإقامة الأعراس الجماعية التي جسدت تعاليم الإسلام في تيسير الزواج وتخفيف المهور وتحصين الشباب من الوقوع في الحرب الناعمة التي يراهن عليها أعداء الأمة لتفكيك المجتمع اليمني واستهدافه في قيمه وأخلاقه، وحرف الشباب عن هويتهم الإيمانية، كما أنها أدخلت السعادة على كثير ممن لم يتمكنوا من الزواج من الفقراء والمحتاجين نتيجة تداعيات العدوان والحصار، بل إنها حققت الغاية المثلى من إقامتها لهذه الأعراس الجماعية وهي إحداث تغيير كبير في المجتمع للإقلاع عن العادات السيئة والمبالغة في تكاليف الأعراس من تبذير وإسراف في إقامة الأعراس من كسوة للزوجة وذهب ومبالغة في إقامة الحفلات والولائم التي ابتدعها المجتمع وأصبحت من أكبر معوقات الزواج، فالأصل في الزواج هو التيسير لا التعسير قال صلى الله عليه وآله وسلم:( يسروا ولا تعسروا) ، ولكن للأسف الواقع خير شاهد على تعسير أمور الزواج من جهة بعض أولياء الأمور، لهذا يجب إيجاد حراك فكري وثقافي داخل المجتمع اليمني وتفاعل رسمي وشعبي لإيجاد الحلول المناسبة والأزمة للحد من غلاء المهور وتسهيل الزواج وذلك بالالتزام بوثيقة تيسير المهور وتخفيف تكاليف الزواج الباهظة التي مثلت عبئًا على كاهل الأسرة والمجتمع .
برغم العدوان والحصار والظروف الصعبة والتحديات والحرب الناعمة المستعرة أثبت شعب الإيمان أنه شعب واعي متفرد، ونموذج راقي لكل الشعوب الأخرى من أبناء الأمة، مجسدًا لقول رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- “الإيمان يمان والحكمة يمانية”، حيث يواجه مشكلة ارتفاع المهور والإسراف في المجتمع بالأعراس الجماعية سواءً كانت مبادرات مجتمعية أم عبر هيئة الزكاة العامة ، اليوم أمام حدث كبير وتاريخي عظيم متمثل في العرس الجماعي الذي ستقيمه هيئة الزكاة العامة لـ 10044 عريساً وعروساً في يوم من المعسرين والمستضعفين خلال مترجمةً بذلك توجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي-حفظه الله- بتخفيف المعاناة عن الفقراء والمستضعفين والمساكين وتحصين الشباب وتيسير المهور؛ لأن المهور الغالية منافية لتحقيق هدف الزواج وهو اعفاف الطرفين والمحافظة على طهارة المجتمع، وقد ذكر الرسول الأعظم أن تخفيف قيمة المهر سبب من أسباب البركة حيث قال:( أعظم النساء بركة أيسرهن صداقًا) فالمرأة ليست سلعة يغالى في مهرها وكلما قل المهر علت المرأة وشرفت مكانته عند زوجها وزادت بركتها ففي الحديث:( أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة) أي أيسرهن نفقه فلا ينبغي أن يكون المهر عائقا لإتمام الارتباط، فالرسول الأكرم قد دعا لتيسير أمور الزواج بكل وسيلة ممكنة، وهنا يجدر بي أن أبارك للهيئة العامة للزكاة إسهاماتها العظيمة في إقامة مثل هذه المشاريع الكبيرة التي تعد أعمالًا جبارة تتطلب من الجميع مساندتها ودعمها ، فهذه الأعراس الجماعية ماهي إلا لوحة يمنية تعبر عن معاني الصمود الأسطوري اليمني والثبات والإرادة في ظل العدوان الأمريكي السعودي فالشعب اليمني رغم أنف العدوان سيتكاثر على أرضه ويزرع أرضه ويناضل من أجل أرضه وينتصر شامخًا على أرضه.