الجهاد مفهوم واسع، لا يقتصر على المواجهة بسلاح الحديد، بل هو بذل الجهد في جميع المجالات، كما عرفه الشهيد القائد رضوان الله عليه، فمن منبر الكلمة -مثلاً- تكون مواجهة الشائعات، ويكون الرد على أباطيل المرجفين، وفي زمن الحرب والعدوان تتضاعف أهمية سلاح الكلمة، وللكلمة رجالها، فللإعلامي دوره، كما للعالم دوره.
في هذه الحلقة نواصل حوارنا مع العلامة الجهبذ والمجاهد القرآني الفذ، العلامة المجاهد عدنان الجنيد، الذي بلغت مؤلفاته العشرات، بين كتب ورسائل وبحوث، هي في غاية الأهمية في التصدي لأكاذيب العدوان وأدواته، السابقة للعدوان بزمان طويل، والتي هي من الأسباب المهيئة لكل عدوان على عالمنا الإسلامي عموماً وعلى اليمن خصوصاً.
وفي زمن العدوان، حين بلغ الشر مبلغه، وتكشفت الحقائق للصغير والكبير، والعالم والجاهل، لازال هناك من يقول بالحياد، ويتخذ منه موقفاً، ويتمترس خلف أدلة واهية، وأعذار لا أساس لها .. فماذا يقول العالم المجاهد عدنان الجنيد في هؤلاء؟.. فإلى أفياء هذا الحوار الشيق، الذي فند بالأدلة كل تلك الأراجيف، ورد عليها بالقرآن الكريم، فصفع بالبرهان كل أكذوبة في وجه قائلها ..الثورة /
صلاح الشامي
المعروف والمشتهر أن مؤلفاتكم وبحوثكم ورسائلكم ومقالاتكم فاقت العشرات، وكلها بالغة الأهمية، في المنافحة عن دين الله الحق وشرعه، وعن سيدنا ومولانا رسول الله ونهجه، تفنيداً لأباطيل شذاذ الآفاق، من الوهابية وغيرهم .. أين هي الآن، وهل نالت حقها من النشر، وماذا طبع منها أو حتى نُشر في الصحف، وما لم ينشر؟
أغلب بحوثي ومؤلفاتي ورسائلي ومقالاتي التي كتبتها قديماً، نُشِرَت في صحيفة الأمة، والقليل منها نزلت في صحف أخرى كصحيفة المستقلة والبلاغ و26 سبتمبر والثقافية والجمهورية وغيرها من الصحف.
وأما البحوث التي كتبتها بعد قيام ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر وخلال سنوات العدوان على بلادنا فجميعها تم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك تم نشر الكثير منها في صحيفة الثورة، التي تكرمت بنشر أغلب مقالاتنا وبحوثنا، وهناك بعض المقالات نشرت في بعض الصحف كصحيفة التوجيه المعنوي وصحيفة لا، وفي مجلة الاعتصام التابعة لرابطة علماء اليمن..
هل لديكم نسخ منها، فيما إذا كان هناك اهتمام بطباعتها كلها في مجلدات، وهل لكم بإعطاء القارئ أهم عناوينها؟
سأعطيك قائمة بعناوين أهم مؤلفاتي وبحوثي ورسائلي، وأغلبها تم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي : أولاً ما تم طباعته:
إرشاد الأتقياء إلى تنزيه سيد الأنبياء.
لا نسخ في القرآن.
كيف ومتى تم تدوين القرآن الكريم.
من حقوق المرأة في القرآن.
تحريم الزواج بالصغيرة.
مشروعية الاحتفال بمولد المصطفى.
عالمية المسيرة القرآنية.
تفنيد شبهات المطبعين وأضاليل الوهابيين.
البيان في مقاطعة بضائع دول العدوان.
نفحة النُّسيمة في مناقب السيد علي بن أحمد الرميمة.
الشيخ الأعظم الإمام أحمد بن علوان.
قطب العباد سيدي أحمد عُباد.
سلطان العاشقين عبدالهادي السودي.
العارف بالله الحبيب إبراهيم بن عقيل.
الصاروخ العدناني في الرد على ابن تيمية والألباني. «وهو أو كتبي».
رسالة البيان في أدلة استحباب السيادة في الأذان.
وحدة الأمة في نبذ التقليد والتمسك بالكتاب الوحيد (طبع ضمن أبحاث تم اختيارها في مؤتمرات إسلامية وترجم إلى أربع لغات أجنبية) ..
من عناوين هذه الكتب، يتجلى بوضوح أهميتها، فهل ما يزال لديكم نُسخ منها أو من بعضها؟ ولأنها كلها تفند الفكر الدخيل الذي تقف وراءه إمكانات ضخمة، وميزانيات مهولة، فهل هناك اهتمام بطباعتها مرة أخرى نظراً لدورها في هذه المرحلة بالذات؟
جميع كتبي ومؤلفاتي التي طبعت، قد نفدت.
نتمنى على المؤسسات المعرفية والعلمية التي تعنى بنشر ورعاية الفكر التنويري الذي يقف في وجه الفكر المنحرف أن تقوم بطباعة هذه المؤلفات ليتحقق الهدف المنشود من تأليفها، خاصة أن قوى الشر تبذل الكثير من أجل تنمية الفكر الوهابي المنحرف سعياً منها للإيغال في حرف الأمة عن المسار المحمدي الصحيح.. وهذا يستدعي تكاتف كل الخيرين من أجل التصدي لزحف هذا الفكر الوهابي الدخيل، وأيضاً العمل على هدم قلاعه الفكرية الظلامية التي بناها منذ زمن.
ثانياً: الكتب التي لم تُطبع بعد
ماذا عن مؤلفاتكم التي لم تُطبع بعد؟
يحضرني الآن عشرين عنواناً مما لم يطبع حتى الآن، وكلها بحوث ومؤلفات تسير بتوازٍ مع مستجدات الأحداث، في ركب المسيرة القرآنية، خدمة للدين والأمة، وذلك بتوفيق الله وهديه، والحمد لله، وهي كالتالي:
سلسلة شبهات وردود.
الهوية اليمنية في مرمى استهداف الصهيو وهابية.
جمعة رجب في ذاكرة يمن الإيمان وأصل العرب
صلح الإمام الحسن وموقعه من ثورة الإمام الحسين
تنزيه الإمام الحسين عن الروايات القادحة في أسباب نهضته
مسجد الجند ومكانته في التاريخ الإسلامي
السيدة الزينب وتحديات المواجهة
رسالة إلى الخنساء بمنع الأزواج من ضرب النساء
فيض الودود في بيان معنى وحدة الوجود
رسالة التفنيد لمن أدّعى وجوب التقليد
رسالة إلى المنصفين بإبطال فتوى المتعسفين
البحث السامي في نبذة عن التصوف الإسلامي
مناقشة دعاء ليلة النصف من شعبان
حقوق المهمشين في الإسلام
الحرب الناعمة، هي الأشرس والأفتك بالأمة.
كشف الغطاء عن عدم صحة أخذ زيد عن واصل بن عطاء.
دروس من الهجرة النبوية وأثرها في واقعنا المعاصر.
الدواعي الشرعية والعربية لإحياء يوم القدس العالمي.
التركيز على تصحيح المفاهيم وأن مشكلة الأمة ثقافية وهي حرب المصطلحات « في مشروع الشهيد القائد «
أهمية الولاية في الإسلام .
وأما المقالات فقد بلغت المئات ولا يسعنا ذكرها ..
في حضرة رسول الله
لو تكلمنا عن منافحتكم عن جناب الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم -..ورسائلكم المختصرة للرد على شبهات المبطلين..
أولاً بالنسبة لمنافحتى عن حضرة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فقد كانت بالنسبة لي الهدف الذي حاز كل قصدي ورجائي.. فحبه -صلى الله عليه وآله وسلم- تمكن من سويداء قلبي وأصبح الذود عنه كل همي، لأننا في زمان كثر فيه التطاول على النبي الأكرم، وللأسف من المنتسبين للإسلام قبل غيرهم.. لهذا، فإن أول كتاب ألفته كان في الذب عن الجناب الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم – تناولت فيه تفنيد كل ما ألصق به صلى الله عليه وآله وسلم- زورا وبهتانا- مما يتنافى مع أخلاقه العظيمة وقداسته الكريمة، وهو كتابي :” إرشاد الأتقياء إلى تنزيه سيد الأنبياء ”
هل من أسباب المباشرة لتأليفكم هذا الكتاب (إرشاد الأتقياء إلى تنزيه سيد الأنبياء)؟
إضافة إلى ما تقدم من سبب تأليفي لهذا الكتاب، كانت هناك أسباب أخرى فرضت علي تأليف هذا الكتاب إليك بيانها:
أثناء ممارستي لمهنة التدريس في إحدى مدارس تعز في سنة 97م، تعلق بي بعض الطلاب وكانوا لا يكتفون بما يسمعونه من دروس في المدرسة، بل كانوا يحضرون في العصر إلى زاويتي، وكنتُ أعطيهم بعض الحقائق التاريخية، وأخبرهم عن الثقافات المغلوطة والأحاديث المدسوسة، بينما كنتُ في المدرسة أتحفظ عن ذكرها
ولمَّا أخبرتهم عن بعض الأحاديث التي تتنافى مع أخلاق وقداسة الجناب الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم – كانوا يكتبون نصوص هذه الأحاديث في أوراق دون أن يعزوها إلى رواتها ومخرجيها، ثم يقومون بتصويرها ونشرها بين الطلاب والمدرسين وفقهاء المساجد، وكان هدف طلابي _ هؤلاء _ هو إثارة النقاش مع الذين يؤمنون بهذه النصوص، وبالتالي تكون الفرصة لإقناعهم، لكن الناس فهموا فهماً آخر من تلك النصوص الحديثية، وظنوا أنها من أحاديث الشيعة وراحوا يقولون إن طلاب الأستاذ عدنان الجنيد يسبون النبي، حتى انتشر هذا الخبر بين الناس وفي منطقتنا التي نسكن فيها ، فجاء الطلاب وأخبروني بالخبر المُشاع بين الناس.
فما كان مني إلا أن عزوتُ تلك النصوص – التي قام بنشرها طلابي – إلى مصادرها الحديثية مع رقم الصفحة والجزء، ثم وضعتُ تعليقاتي عليها، وكانت عبارة عن ملزمة صغيرة، ثم أمرت طلابي بتصوير هذه النسخة بكمية كبيرة، وقاموا بنشرها في المدرسة وفي المساجد .. ولمَّا رأى المعارضون أن تلك النصوص الحديثية والتي ظنوها من أحاديث الشيعة، لمَّا رأوها موجودة في مصادرهم الصحيحة التي يعتمدون عليها، قاموا بتبرير وتأويل أحاديثهم المخترعة، التي تحط من قداسة ونزاهة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وذلك خوفاً من أن تزول هيبة الصحاح من قلوب الناس.
وياليتهم نزهوا رسول الله كما ينزهون صحاحهم !!
ولمَّا رأيتُ تقديسهم لكتبهم أكثر من تقديسهم لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – غاضني ذلك جداً فأضفت في نسختي مجموعة من الأحاديث التي تسيء إلى الجناب الأقدس وقمتُ بتفنيدها، وكذلك أوردتُ بعض الآيات التي فسرها بعض المفسرين التفسير الخاطئ مما جعل العوام ينسبون إلى رسول الله الأخطاء الفادحة والغلطات الواضحة…
وبعد ذلك صارت النسخة الصغيرة كتاباً مخطوطاً أسميته بـ» تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء «.. وتم تصويره إلى مئات من النسخ، واستفاد منه طلاب العلم في كل مكان.
ثم بعد ذلك طُلِبَ مني من قبل السيد العلامة (عبدالله حمود العزي) التعديل في عنوان الكتاب ليصير عنوانه :» إرشاد الأتقياء إلى تنزيه سيد الأنبياء « وكان الغرض من ذلك التعديل مراعاة لمشاعر من يخالفون في الرأي، وتقريبهم، وعلى ضوء ذلك تم إخراج الكتاب في صعدة بعنوانه الجديد، وتم طبعه في الأردن سنة2001م..
الرد على شبهات المُبطلين
يُقال «لكل حادث حديث» .. ومن المؤكد أن هناك أحداث سبقت كل مؤلف من مؤلفاتكم سواءً كان كتاباً أو رسالة أو بحثاً .. فماذا عن رسائلكم في الرد على شبهات المبطلين؟
بالنسبة لرسائلي التي قمت بها في الرد على شبهات المبطلين فكلها كانت لأسباب دفعتني لتفنيدها وإبطالها..
فمثلا:
سبب تأليفي لرسالتي الموسومة بـ «رسالة إلى المنصفين بإبطال فتوى المتعسفين»
هو أن بعض أصدقائي حلف يمينا بالطلاق ثلاثاً بأن معاوية بن أبي سفيان لم يكن كاتباً للوحي .. فذهب بعض طلاب العلم إلى لجنة علماء الإفتاء بالحديدة، واستفتوهم عن حكم من حلف يميناً بالطلاق ثلاثاً بأن معاوية ليس كاتباً للوحي،
فأفتت لجنة الإفتاء بطلاق الحالف وأن زوجته قد بانت منه، وكتبوا ذلك، وأتوا بأدلة على فضائل معاوية وأنه من كتاب الوحي ..
ولما وصلت إليّ الفتوى قمت بتفنيدها وبالرد على لجنة الإفتاء، وتم إنزال رسالتي عبر حلقات في صحيفة الأمة، وكان ذلك سنة 2003م تقريباً..
تحريم الزواج بالصغيرة
وأما سبب تأليفي لكتيبي الموسوم بـ «تحريم الزواج بالصغيرة» هو أن هيئة علماء اليمن التي كانت تتبع حزب الإصلاح كانت قد أفتت بجواز الزواج بالصغيرة التي عمرها ثماني سنوات!! وأتوا بأدلة، وتم نشر الفتوى ..
إضافة إلى أن الإصلاح دفع بمظاهرة نسائية تطالب بما يجيز الزواج بالصغيرة ورفعت المتظاهرات لافتات مكتوب عليها «لمَا تحرموا ما أحل الله « ..
وكانت الفتوى والمظاهرة بغرض الضغط على مجلس النواب لإرغامه على العدول عن قراره في منع الزواج بأبنة الثامنة عشرة ..
لما رأيت هذا ورأيت الكوارث التي حدثت من جراء الزواج بالصغيرة حيث قام الكثير من قادة وعلماء الإصلاح بالزواج بفتيات لا تتجاوز أعمارهن الثامنة، ويزعمون أنهم يقتدون برسول الله الذي تزوج عائشة وعمرها ثماني سنوات حسب زعمهم..
وحدث أن تلك الفتيات الصغيرات أصبن بالشلل والنزيف حتى وصلت حالات البعض منهن إلى الإعاقة بل والبعض منهن فارقن الحياة..
ولما رأيتُ وسمعت كل هذا قمت بتفنيد فتوى هيئة علماء اليمن بأدلة نقلية وعقلية وطبية، وأثبت بأن رسول الله لم يتزوج عائشة إلا وعمرها ثمانية عشر سنة..إلخ
وهكذا كان لكل بحث أو رسالة كتبتها سبباً لتأليفي لها..
بالنسبة للعدوان، الذي كان ولم يزل من أدواته إثارة الشبهات، بأسلوب همجي منفر، كأسلوب من أساليب حرب الشائعات، ولكن بطريقة وهابية فجة.
ماذا عن تصديكم لشائعات العدوان؟
بالنسبة للشبهات التي أبطلتها أثناء سنوات العدوان على بلادنا، فقد كانت – أيضاً- لها سبب، وإليك بيان ذلك :
إن تحالف العدوان وحربه على بلادنا – الجمهورية اليمنية – منذ سنوات لم يكن عسكرياً فحسب بل شمل بحربه على شعبنا جميع المجالات، وأخطرها الحرب الناعمة التي عن طريقها استهدف القلوب والعقول بكل وسائله القذرة، ومن وسائله نشر الثقافات المغلوطة حتى وإن كانت من الموروث الديني، لا سيما التي تقوم على تجميد الشعب وإذلاله وإبعاده عن القرآن الكريم، كي يتقبل أية ثقافة تتعارض مع كتاب ربه وتتنافى مع مقتضى عزته وكرامته ونخوته، كوجوب طاعة الظالمين والفاسقين، والتقليل من أهمية الجهاد في سبيل الله، وأن الجبن والبخل من صفات المؤمنين، ووجوب لزوم البيوت وكسر السيوف عند اقتتال المسلمين بعضهم مع بعض، فلا توجد فئة باغية، وأن الأسلم للمسلم الابتعاد عمّا يدور بين المسلمين من حروب، وأن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست واجبة على كل مسلم بل هي من الفرائض الكفائية وليست من الفرائض العينية .. وأن الحديث الصحيح هو « كتاب الله وسنتي « وليس « كتاب الله وعترتي « .. وأنه لا يوجد عترة لرسول الله وليست له ذرية، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ..)[الأحزاب :40]..
إضافة إلى نشرهم ثقافات تشكك بصحة أعياد المسلمين ومناسباتهم الدينية، كالاحتفال بعيد الغدير « يوم الولاية «، فمن خلال هذه الثقافات المغلوطة بدّعو وكفروا المحتفلين بهذه المناسبات، لاسيما المناسبات الدينية التي تربط المسلمين بنبيهم وبإسلامهم.
ولما رأينا هذه الثقافات المغلوطة لها رواج، وهناك من يقوم بنشرها وتثقيف الناس بها، عمدت إلى إنزال مواضيع تحت عنوان « سلسلة شبهات وردود ….. « وقمنا بنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كُنا نأتي بالشبهة ثم ندحضها بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة، وابتدأنا بإنزال هذه المواضيع من شهر شوال إلى الثامن عشر من ذي الحجة من عام ١٤٤١هجرية، والحمد لله كان لها الأثر الكبير والقبول التام..
والكلام يطول لو تكلمنا عن أسباب كل بحث أو رسالة أو مقال كتبناه..
رسالة إلى الصوفية
لو انتقلنا إلى موضوع آخر في غاية الأهمية، وهو موضوع الصوفية في زمن العدوان والحصار .. ما موقفكم من الصوفية الذين لزموا الحياد طيلة سنوات العدوان؟
ليس من الإنصاف بمكان أن نصدر حكماً ثم نعممه عليهم جميعاً، إذ لابد من تصنيف ظروفهم وأحوالهم أولاً لمعرفة الحيثيات والأسباب التي جعلتهم يقفون موقف الحياد ، كي نتجنب إصدار حكم أو إعلان موقف يعتريه ظلم أو إجحاف أو قسوة .
فأقول : إن الذين لزموا الحياد من الصوفية أو من غيرهم :
• إن كانوا ممن يقطنون في المناطق التي يسيطر عليها مرتزقة العدوان ، ولم يكن أمامهم سوى إيثار الصمت و اللجوء إلى الحياد خوفاً على أنفسهم وأولادهم وذويهم -إن جهروا بالحق- أن يمسهم الأذى ، فآثروا الصمت والحياد تقيةً و قلوبهم تنكر ما يقوم به هؤلاء المرتزقة ، وتدعو الله بأن ينصر الجيش واللجان الشعبية ..
فهؤلاء نلتمس لهم العذر في صمتهم وحيادهم..
• أما إن كانوا يقطنون في المحافظات التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية وقد آثروا الصمت والحياد، فلا عذر لهم بعد أن تكشفت لهم الأمور واتضحت الحقائق لتثبت على أن هذا العدوان على بلادنا (صهيوأمريكي) بامتياز .. وما السعودية والإمارات إلا أدوات للصهاينة والأمريكان ينفذون بهما أهدافهم.. لكننا وجدنا كثيراً من الصوفية كانوا محايدين ، وحين عرفوا الحق ، خرجوا عن صمتهم وحيادهم، وأصبحوا الآن يرفدون الجبهات بأبنائهم وأموالهم، ناهيك عن أن الكثير منهم الآن في ميدان التوعية والتثقيف، حيث يقومون بواجبهم الرسالي ..
• أما من وجدناهم -في النادر- من بعض مشايخ الصوفية الذين يتهربون من القيام بواجبهم عبر كل الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة ، بل ويرفضون أي تصريح بالقول أو بالفعل يمس العدوان بسوء، رغم أن الأمور متاحة لهم ولا خوف عليهم من أي سوء، فهؤلاء – وأقولها بكل أسف – إما أنهم مستفيدون من جهات خارجية جعلتهم يفضلون الصمت والحياد ، وهؤلاء يبرأ التصوف منهم براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام ، فهم لا يختلفون عن المرتزقة أخلاقاً بل هم أشد لؤماً وخبثاً ..
وإما لكونهم جاهلين جعلوا القرآن عضين ، فأخذوا منه ما يسرهم وتركوا منه ما يشق عليهم..
هذا وللعلم بأن الإمارات تدعم بعض الصوفية مكافأةً لصمتهم وحيادهم، لا سيما الذين مازالوا يعتقدون أن ما يحدث في اليمن إنما هو فتنة، (مسلم يقتل مسلماً).. حيث لا يوجد في قاموسهم أن الحرب على اليمن اعتداء خارجي من قوى الاستكبار وأحذيتهم من العربان ، وأن الشعب اليمني مع جيشه ولجانه الشعبية إنما يدافعون عن أرضهم وعرضهم ودينهم.
لا حياد بين الحق والباطل
البعض يبرر السكوت بحديث أو مقولة «الزم بيتك» .. ما قولكم في ذلك؟
الحياد لايقبل ، بل يعد خذلاناً للحق وتدعيماً للباطل وتثبيطاً عن الجهاد في سبيل الله، سيما إذا كان أصحاب الحياد من أهل العلم.
فلا حياد بين الحق والباطل ولا بين الخير والشر ، فإما أن تكون مع الحق أو أن تكون مع الباطل..
ويعلمنا القرآن الكريم أن الوقوف على الحياد بين الحق والباطل والإمساك بمنتصف العصا في الصراع بينهم صفة المنافقين، كما جاء في قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ )[النساء :141]
وقوله تعالى: (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء )[النساء :143]
فالحياد في الصراع بين الحق والباطل أو بين الظالم والمظلوم يعتبر ضمن الوقوف مع الباطل؛ لأنه يخذل الآخرين عن الوقوف مع الحق وتأييده..
كذلك المحايد أمام هذا العدوان قد يتعرض لسخط الله ولعنه؛ لأنه يرى المنكر ولا ينكره، والله تعالى لم يلعن بني إسرائيل إلا لأنهم كانوا يرون المنكر ولا ينكرونه ولا ينهون عنه، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴿٧٨﴾ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )[المائدة :78-79]
فالله تعالى ما أخبرنا عن بني إسرائيل إلا لكي لا نقع فيما وقعوا فيه فيحل علينا ما حل بهم من السخط واللعن الإلهي..
وهناك آيات في سورة الأعراف تبين عاقبة الساكتين والمحايدين عن المنكر، قال تعالى: ( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) ﴿١٦٣﴾
(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّـهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) ﴿١٦٤﴾
( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)
فالله تعالى في هذه الآيات الكريمات أخبرنا عن ثلاث طوائف :
الطائفة الأولى : وهم الذين كانوا يعتدون في السبت ويتجاوزون حكم الله بالصيد المحرم عليهم فيه.
الطائفة الثانية : وهم الواعظون الناهون عن المنكر، فقد نهوا العادين عن العدوان ومخالفة أمر الله ولم ييأسوا بل استمروا بوعظهم ونصحهم.
الطائفة الثالثة: وهم الساكتون المحايدون، وقد كانوا يلومون الناهيين عن المنكر قائلين لهم ( لمَ تعظون قوماً الله مهلكهم ) أي لما تتعبون أنفسكم بوعظ العصاة ونهيهم عن المنكر وقد قضى الله عليهم بالهلاك والعذاب…
فكان جواب الناهين عن المنكر هو ( معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون ) أي نحن نقيم عليهم الحجة ونبين لهم المحجة، ووعظنا لهم وعظ عذر نعتذر به إلى ربكم عن السكوت عن المنكر..
ثم بين الله تعالى عاقبة هذه الثلاث الطوائف، وهي أنه نجّى الطائفة الثانية، وهي التي تنهى عن المنكر، بينما الطائفة الأولى والثالثة أخذهم بالعذاب، لقوله تعالى: ( فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس ….) فالطائفة الأولى أخذهم الله بظلمهم بالعصيان، والطائفة الثالثة أخذهم الله بظلمهم بالسكوت والمحايدة فكانوا شركاء للعصاة بسكوتهم عن المنكر…
ومن الأدلة _ أيضاً _ على وجوب التصدي للعدوان وعدم المحايدة قوله تعالى :(وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ)[الشورى :39]
ولم يقل هم يسكتون ويحايدون، بل لابد أن ينتصروا لأنفسهم ولشعبهم ولوطنهم..
والله إن مجزرة واحدة فقط من المجازر التي ارتكبها العدوان في حق شعبنا تجعل أي مسلم يتحرك وينشط ضد هذا العدوان، ولو حتى بالكلمة، فكيف لو كان هذا المسلم يمنياً، ويرى هذه المجازر بأم عينيه!!
فكيف لا يصحو ضميره ويقوم بالواجب وبالمهمة التي أنيطت به بالجهاد في سبيل الله، سواء بالفعل أو القول، أو بما يقدر عليه، لأن الجهاد واسع بسعة ساحة الصراع..
وهناك أدلة كثيرة من القرآن الكريم وكذلك من السنة توجب على كل مكلف أن يتصدى للعدوان.. إن المحايدة والسكوت عن العدوان يعد تفريطاً وخزياً وعاراً..