يتذكر اليمنيون كيف كانت الأوضاع قبل ثورة 21سبتمبر ابتداء بعدم الاستقرار السياسي و ما تخللها من مسرحيات ومفاوضات ومبادرات ووساطات خارجية مرورا بتردي الوضع الاقتصادي وانتهاء بالانفلات الأمني غير المسبوق.
إذ ما زلنا نتذكر جيدا عمليات الاغتيالات التي كانت شبه يومية وجرائم التفجيرات التي استهدفت العروض العسكرية والتجمعات المدنية، بل لم تسلم حتى المساجد والتظاهرات السلمية ، حتى وصل الأمر إلى استهداف المكان المنوط به حماية المكتسبات والحدود ممثلا بمبنى وزارة الدفاع اليمنية.
ماذا عساي أذكر، وماذا عساي أتحدث ؟
كان ضباط الجيش والأمن يخشون الخروج إلى الشوارع وهم بالبزة العسكرية خوفا من اغتيالهم بكل تلك الأريحية لأن المجرم يدرك تماما أنه لن يطاله أي عقاب مادام يتبع منظومة الوصاية السعودية الأمريكية.
ما زلت أتذكر جيدا أيام إسقاط الطائرات العسكرية في شوارع عاصمتنا اليمنية ، بل ما زالت أتذكر انعدام المشتقات النفطية وتدهور الحالة المعيشية بسبب جرعة الموت الأمريكية ، وكيف حاول العدو تركيعنا اقتصاديا كي نظل تحت السمع والطاعة .
يكفي مواجع، ولنتحدث عن أهداف ثورتنا الشعبية اليمنية الخالصة، إذ كان أبرز أهدافها التخلص من الوصاية والتبعية من خلال توجيهات السفارتين السعودية والأمريكية ، لأن الكل يعرف أن الرئيس الفعلي لليمن كان السفير الأمريكي ، بل أتذكر صادق الأحمر حينما تحدث في أحد اللقاءات بأن السفير الأمريكي هو شيخ مشائخ اليمن ، وهذه شهادة من أحد أعمده الوصاية القبلية في اليمن- آنذاك – وليست شهادة من مواطن بسيط .
أيضا من أهداف ثورة 21سبتمبر الخالدة أننا كثوار تنفسنا عبق الحرية وهتفنا بهتاف التحرر من الارتهان والعبودية في كل الساحات الثورية ، وشارك كثير من أبناء شعبنا في رسم ملامح مستقبل دولتنا المدنية.
لذلك لا ننسى أهم عوامل صمود ثورتنا والذي كان بفضل الله ثم بفضل حكمة وحنكة قيادتنا الثورية ممثلة بالسيد العلم عبدالملك بن بدرالدين الحوثي ، حيث كان أهم رافد لتحرك الشعب وخروجه إلى الساحات ، بل إنه ساهم بشكل كبير بخطاباته الثورية في توعية الشارع ليتحرك بخطى الواثق بانتصار هذه الثورة العظيمة، أيضا تحرك جماهير شعبنا من كل الفئات والمستويات إلى كل الساحات وبذل الأموال والتبرعات شكل حائط صد ضد أموال الخارج التي سخَّرت لإجهاض ثورتنا ، وبالفعل كانت الغلبة لشعبنا كون التحرك كان ضرورة، فكان الله معنا رغم شحة الإمكانيات المتواضعة ، وهنا يكمن التأييد الإلهي الذي أذهل الداخل والخارج حينما فرت أدوات العمالة إلى عواصم دويلات أسيادها بتلك السرعة .
واجهنا تحديات كثيرة لكن أبرزها كانت التحديات الأمنية ، كون الثوار مستهدفون في تجمعاتهم وفي تحركاتهم الفردية ، حيث كانت مسدسات كاتم الصوت التركية تنتظر الكثيرين في الشوارع بهدف إسكاتهم وإخافتهم وقمعهم ، لكن ثورتنا كانت نقطة ارتكاز جعلت تلك المخاوف تتبدد ونصبح جميعنا مشاريع شهادة، فباطن الأرض خير من ظاهرها ونحن نحكم من قبل أدوات الوصاية الخارجية.
بعد انتصار ثورة 21سبتمبر نسينا كل التعب وكل الضغوط وكل المصاعب التي تعرضنا لها ، وأدركنا صوابية موقفنا الذي طهر بلادنا ، والذي تحققت من خلاله منجزات عديدة أمنية وعسكرية واقتصادية ، وكلنا يلاحظ أوضاعنا الأمنية المستتبة الآن إذا ما قارناها بالأوضاع في المحافظات المحتلة ، إضافة إلى الانتصارات العسكرية في كل الجبهات والتصنيع العسكري المتطور الذي وصلنا إليه بفضل الله ثم بفضل جهود من كانوا خلف الجانب العسكري.
أما في الجانب الاقتصادي ، فاستقرار العملة بحد ذاته- ونحن في ظل حصار ونقل للبنك وطباعة عملة غير قانونية- يعتبر انتصاراً اقتصادياً ساحقاً ، بينما المناطق المحتلة لديهم السيولة والإيرادات والمنافذ وكل الدعم ومع ذلك أوضاع الجنوب لا تسر عدواً والتظاهرات الأخيرة شاهد عيان على صحة ما أقول.
ختاما ، نشكر كل الثوار الذين كانوا شعلة هذه الثورة المباركة وفي مقدمة الصفوف مكون أنصار الله الذي كان الرافعة لتحقيق المكاسب الثورية التي جعلتنا رقماً هاماً بين الأمم ، ونسأل الله العلي القدير أن يرحم شهداء ثورتنا الأبرار، ويكتب أجر جرحانا الأحرار، فلولاهم بعد الله لما توجت ثورتنا بالنصر المؤزر، والعاقبة للمتقيين، ولا عدوان إلا على الظالمين.