لم يخرج المستعمر الغربي من المنطقة العربية فيما سمي بحركات التحرر والاستقلال إلا وقد رتب أوضاعا تعمل لصالحه.
قسم بلاد العرب والمسلمين بالمسطرة والفرجار، ووضع حدودا لهذا التقسيم، ورسم الخرائط كما يريد.
دعم المذهب الوهابي التكفيري، ثم أنشأ جماعة الإخوان المسلمين ودعمها بالمال، كما قام بإنشاء مملكة بني سعود كممثل لهذا المذهب وجعل لملكها الهالك عبدالعزيز مرتبا شهريا قبل عصر النفط، ثم زرع دولة العصابات الصهيونية في فلسطين بالتوافق مع الهالك عبدالعزيز.
وأخيرا في العام ١٩٧٠م أنشأ ما سماها الإمارات المتحدة على شواطئ الخليج ليكتمل مشهد السيطرة على المنطقة.
وعندما ضعفت بريطانيا الاستعمارية سلمت أمر هذه الدويلات والمستعمرات إلى المستعمر الأمريكي الذي ورث التركة الاستعمارية في المنطقة فجعل من نفسه حاميا لهذه الكيانات والدويلات، وزرع لذلك القواعد العسكرية في الكثير من هذه المناطق.
وإذا كان المستعمر الغربي قد زرع دولا لليهود والصهاينة العرب في مناطق النفط، وبجانب المقدسات الإسلامية والمسيحية في الحجاز وفلسطين، فإنه في المناطق الأخرى زرع عملاء وجواسيس وسلمهم تلك المناطق فيما حسب بعملية الاستقلال عند رحيله.
يكتشف المرء إن المسألة كانت نوعا من التكتيك والخداع للعرب؛ ليعود لنا المستعمر بأشكال متعددة أبرزها القوة العسكرية لحلف الناتو العدواني الذي تقوده أمريكا، ثم الشركات العابرة للقارات، وخاصة شركات النفط التي تستولي على ثروات العرب والمسلمين، وتحاصرهم، وتتحكم في حياتهم.
فهذه الأنظمة العدوانية التي زرعها المستعمر في المنطقة تعمل بالوكالة عنه، وتنفذ كل مخططاته ضد شعوب المنطقة وأحرارها.
هناك دولتان تحتلان مقدسات المسلمين والعرب هما ؛ مملكة بني سعود الوهابية، ودولة الصهاينة، فمنذ صناعتهما لم تعرف المنطقة طعما للسلام والأمن والاستقرار.
وشكلتا عامل عدم استقرار وإشعال للحروب واستنزاف للثروات وتعطيلا للتنمية في شعوب المنطقة، وقتل وتدمير لمنجزات المنطقة.
منذ بداية الحروب الصليبية وضع الغرب الاستعماري عينيه على الشرق، وجاءت فترة الحروب الاستعمارية لتزيد قبضة المستعمر على بلدان الشرق قوة.
كان الغرب يعرف عبر علماء الاستشراق والجاسوسية كل صغيرة وكبيرة عن بلدان الشرق.
كان لديه دراسات جاهزة عن مجتمعات الشرق؛ عن العادات والتقاليد والدين والثقافة والآداب وطرائق التفكير والعيش.
تلك الدراسات مكنته من صناعة حركات ومذاهب وأحزاب وجماعات والتحكم بها، ومقاومة أي تغيير لصالح الشعوب.
لقد اخترق المستعمر كل الأبنية الاجتماعية للشرق مما مكنه من التحكم بالحراك الاجتماعي وتوجيهه لخدمة مصالحه المتوحشة.
إزاء كل ذلك بدا العقل العربي والنخب العربية بشكل ساذج، ولم تستفد من التقدم العلمي والديمقراطي والتحرر. وانزوت في المكان الذي حدده لها الغرب. وبدا وكأن العرب لازالوا يعيشون في قرون التخلف، ولا يجيدون التعامل مع الأحداث وقراءة الوقائع، ولا يفرقون بين الصديق والعدو، بل إنهم يسيئون إلى أصدقائهم، ويختارون طريق التبعية للغرب الاستعماري.
كوارث الغرب ومؤامراته ضد العرب تتوالى
صنع الغرب التطرف وشجعه، وأمر أدواته بتمويله؛ خدمة لأجنداته، كما حدث في حرب أفغانستان التي انتهت إلى تدمير ذاك البلد واحتلاله مؤخرا.
الغرب يعمل بكل إمكانياته على إبقاء العرب في حيز التخلف والجهل والتطرف الذي صنعه لهم ليظلوا متناحرين.
هو لن يرضى للعرب والمسلمين أن يقرروا مصير بلدانهم، أو يمتلكوا القوة.
وما حدث للعراق وليبيا وسوريا وحصار إيران خير دليل على همجية الغرب وأدواته ضد شعوب المنطقة.