الجنوب وصراع المرتزقة
عبدالفتاح علي البنوس
الجنوب يسير بخطى متسارعة نحو الحرب الأهلية بدعم وإسناد سعودي إماراتي، هكذا تشير المعطيات الراهنة على الساحة الجنوبية ، لا بوادر لأي تقاربات أو تفاهمات بين أطراف العمالة والخيانة والارتزاق ، حتى بعد التوقيع من قبلهم على ما يسمى باتفاق الرياض، وعقب تشكيل حكومة السفير السعودي التي عمل آل جابر على فرضها على الدنبوع وشلته الفندقية ، بعد عملية تقسيم شكلية للحقائب الوزارية الفندقية التي منحت لما يسمى بالمجلس الانتقالي وحزب الإصلاح ومؤتمر الرياض وأبو ظبي وفق التقسيم السعودي بالتنسيق مع الحاكم بأمره الإماراتي..
قالوا إن تشكيل حكومة السفير سيطوي ملف الصراع بين قوى العمالة والارتزاق المحسوبين على المحافظات الجنوبية الذين يتقاسمون الولاء للمحتل السعودي والإماراتي، وسيعمل على توحيدهم تحت قيادة وراية واحدة لمواجهة أبطال الجيش واللجان الشعبية ، وإسقاط المحافظات اليمنية الحرة ، وإخضاعها للهيمنة والوصاية والتبعية السعودية الإماراتية ، كما هو حال المحافظات الجنوبية المحتلة ، وإذا بالجنوب وقبل أن تطأ أقدام حكومة السفير أرض مطار عدن الدولي يتحول إلى بركة دم ، عقب القصف الصاروخي الذي استهدفه بعد دقائق من هبوط طائرة الخطوط الجوية اليمنية على مدرج المطار، وعقب دقائق على مغادرة المرتزق شلال علي شايع مدير أمن عدن السابق الذي تمت إقالته أثناء تواجده في الرياض..
تفجيرات المطار جاءت فاتحة لإشتعال المواجهات المسلحة بين المرتزقة في الجنوب مجددا، وعودة الفوضى والانفلات الأمني إلى مدينة عدن التي تحولت إلى مسرح للاغتيالات والجرائم التي تشهدها بصورة شبه يومية في ظل عجز حكومة السفير وشرعية هادي المزعومة عن وضع حد لها ، وهو ما يجعل الأوضاع تزداد تدهورا وسط تحشيد متواصل من قبل مليشيات الإصلاح المدعومة سعوديا بهدف السيطرة عليها، وطرد مليشيات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيا التي تمسك بزمام الأمور في عدن، والتي سبق لها أن أعلنت عدم مغادرتها المدينة ورفض أي مقترحات تتضمن انسحابها من عدن، وهو ما أكده مجددا شلال شايع الذي توعد بإخراج من أسماهم بالدخلاء من عدن والدفاع عنها وإقامة ما أسماها بـ”دولة الجنوب العربي” ، في تصريحات اعتبرها البعض مؤشرا على انفراط عقد اتفاق الرياض الملغوم ، ودخول الجنوب مرحلة جديدة من الصراع والعنف والفوضى، وخصوصا مع تجدد المواجهات المسلحة في أبين وشبوة وتصاعد حدة التوتر في عدن، وحالة الفوضى التي تشهدها المناطق الخاضعة لسلطة الاحتلال في محافظة الضالع..
ناقوس الخطر يدق في المحافظات الجنوبية المحتلة والمخاوف تتسع وتتزايد في ظل الإصرار السعودي الإماراتي على التأزيم، الذي يتيح لهم البقاء هناك، ويعزز فرص حصولهم على الامتيازات، والهيمنة على ثروات ومقدرات الجنوب، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فإن الانفجار قادم لا محالة ، خصوصا في ظل التحشيد المتواصل والعسكرة المتواصلة التي يشهدها من كل الأطراف التي تتصارع على النفوذ والسلطة والثروة غير آبهة بتداعيات ذلك على أوضاع وظروف أبناء الجنوب، الذين يدفعون ثمن ذلك ، ويتجرعون الغصص والآلام يوميا ، بعد أن ركنوا إلى وعود السعودية والإمارات البراقة التي تبخرت كلها في الهواء ولم يجنوا منهما سوى الويلات والنكبات الواحدة تلو الأخرى..
بالمختصر المفيد: سفينة الجنوب تغرق نتيجة الخروقات السعودية الإماراتية التي تطالها عمدا وعدوانا مع سبق الإصرار والترصد، وعلى أحرار الجنوب التحرك الجاد والسريع للحيلولة دون ذلك، فالنتائج ستكون كارثية ولن يكون هناك أي حسابات للربح لأي طرف من الأطراف اليمنية على الإطلاق، فالربح سيكون حكرا على الغزاة والمحتلين فقط، والخسارة ستكون من نصيب اليمن واليمنيين وفي مقدمتهم أبناء المحافظات الجنوبية.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وجمعتكم مباركة، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.