تصعيد العدوان :إعادة استخدام الأوراق المحترقة
كتب / عبدالرحمن عبدالله الأهنومي
رئيس التحرير
تحالف العدوان السعودي الأمريكي يرتكب جرائم جديدة ويستهدف الأحياء والمنشآت والطرقات ويقصف بعشرات الغارات الجوية في العاصمة صنعاء وصعدة وحجة ومارب، محدثا دمارا وأضرارا واسعة في الممتلكات ، ومن السخرية أن يعيد تحالف الخطيئة والعار مشهدية الفشل المتكرر منذ بداية حربه الخاسرة على اليمن ، فمن الإعلان عن ما يصفه بعملية عسكرية واسعة والذي لم يغير في البيان سوى تواريخه ، إلى الأهداف والأماكن المستهدفة ، إلى التسويقات الذرائعية التي يتبعها عادة ، يعيد تحالف العدوان سيناريوهات فشله وهزائمه دون حرج ولا حياء.
وما يبدو اليوم هو أن منظومة العدوان الإرهابي وبالأخص “النظام السعودي” لا يستوعب الدروس من المرة أو المرات ، وإنما بالتكرار الذي سيكون مكلفا عليه ، بل وحتى على هذا المبدأ الأخير يبدو أن النظام المتشظي بفعل الانغماس المتورم بالخطيئة واستطالة الوهم لديه ، لم يتعلم شيئا من دروس عمليات الردع الأربع ، ولا من الدروس الأخرى التي دفع أثمانها باهضة ، بما فيها الضربة التي دمرت معامل “بقيق وخريص” التابعتين لارامكو ، والتي أوقفت نصف الإنتاج اليومي السعودي من النفط ، وقد لا يتعلم إلا بمرحلة أشار إليها قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي ب”قادمون بما ليس في حسبانكم وتوقعاتكم” ، وهذه المرحلة بالتأكيد لن تترك له خيار الخروج أو الانسحاب اختيارا ، بل سترغمه على ذلك إرغاما وبالعصا الغليظة.
نحن أمام جولة تصعيد جديدة يمكن وصفها ب”نوبة جنون” ، حيث شن تحالف البغي والخطيئة عشرات الغارات الجوية على العاصمة صنعاء ومحافظات حجة وصعدة ومارب يوم أمس بشكل مكرر لذات الأهداف والمواقع والجبال والهناجر والمناطق ، وبالتزامن يمعن في الحصار الإجرامي ، وبمزيد من الإجراءات العقابية ضد الشعب اليمني ، ويواصل قرصنة ومنع سفن المشتقات النفطية من الوصول إلى ميناء الحديدة ، بهدف تجويع اليمنيين ومفاقمة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة أصلا بفعل العدوان والحصار لمدة خمس سنوات ، والهدف الرئيسي من التصعيد المتزامن “عسكريا واقتصاديا” هو تركيع واخضاع الشعب اليمني واستسلامه لبغية تحالف العدوان والمرتزقة والطغيان والإرهاب والإجرام ، غير أن على تحالف العدوان وهو يعيد تكرار ما فشل به؛وفيه سابقا ، أن يتذكر أن تصعيده هذه المرة جاء في توقيت الهزيمة المحققة التي بات العالم يشاهدها على مقربة منه وعلى وشك الإطاحة به.
على أن اللافت هو التناغم بين الأدوات محكوماً بالهدف الذي تجري وراء تحقيقه منظومة العدوان من خلال تحريك الأدوات والوظائف في السياق ذاته دفعة واحدة ولتحقيق الهدف نفسه ، فقد زامن التصعيد العدواني بيانات صادرة عن وزراء بريطانيا وفرنسا والسويد تدين ما تسميه “استهداف أراضي المملكة” ، وتلك هي محاولة يائسة من المنظومة الداعمة للعدوان لإيجاد ذرائع من داخل الجزئيات الخاطئة ذاتها التي بنيت عليها حسابات الحرب التحالفية على اليمن ، كما أن مسلك المبعوث الأممي حاليا متزامنا مع التصعيد وتشديد الحصار وقرصنة السفن وحجزهت مع توظيف انعكاساتهما الإنسانية لما يخدم المهمة الوظيفية ذاتها ، والهدف هو استبقاء العناوين الذرائعية لاستمرار العدوان والحصار، وهذه الجزئية تلتقي مع مسلك الأمم المتحدة وتتناغم معها في التوقيت والسياق والأهداف ، فقد زامن احتجاز المشتفات اتخاذ “ليز غراندي” الإنسانية جدا بايقاف برامج المساعدات والمعونات والدعم التي تقدمه المنظمات التابعة للأمم المتحدة ، وأبرز تلك القرارات التي اتخذتها ايقاف برامج منظمة الصحة العالمية ، واليونسيف وبرامج إنسانية أخرى تزيد عن 33 برنامج ، كجزء من حروب الإخضاع والضغوط السياسية اليائسة.
من سياق التصعيد العدواني الجديد والمتزامن مع تشديد الحصار ، يتضح أنه الحلقة الأخيرة في سلسلة التعويل الطويلة التي يعول عليها تحالف العدوان لتغيير المعادلات سياسيا وعسكريا ،ولا يختلف عن المسالك التي تعرج فيها تحالف الخطيئة في سنوات الحرب الخمس الماضية ،علاوة على ما استتبعها من ارتدادات وانعكاسات كلها كاشفة للرهانات الخاسرة التي بنيت عليها حسابات العدوان على اليمن وفشلت في إنجاز شيء يذكر ، لقد فشلت منظومة العدوان في إخضاع الشعب اليمني على الرغم من شراسة الحرب وكثافة النيران وأعداد الحشود المجلوبة من كل أصقاع الأرض ، وفداحة الحصار المفروض على اليمن.
كما أن محاولة استرداد الأوراق المحترقة دفعة واحدة هي آخر ما في الجعبة لديهم ، والحقيقة المرة أمام منظومة العدوان وأدواتها ، أن فشلها محكوم بعوامل الفشل ذاته ، وسواء أكان التصعيد الجوي ، أو الدبلوماسية الأوربية والأمريكية التي تستخدم الخداع والتضليل والكذب ، أو فعائل المبعوث في تزييف الأحداث وتزويرها وتبديلها ، أو الكواليس الجانبية التي تأخذ طابع الجاسوسية ونقل التهديدات والضغوط كما تفعل ليز غراندي في صنعاء ، فإن مصيرها الفشل والخسران، والأسباب هو أنهم يواجهون شعبا متوكلا على الله..لا يراهن على أحد سواه..بينما تحالف العدوان يراهن على الشيطان ولن يكون للشيطان على شعب الإيمان سبيلا.