تعز .. ملتقى الثوار ومنطلق الثورة جنبا◌ٍ إلى جنب مع ردفان
, قبل العام 1962م ورغم وجود الحكم الإمامي في الشمال والإستعمار البريطاني في الجنوب كانت الوحدة متجذرة في حياة وعقول المواطنين
, جاء الحوار الوطني اليوم ليناقش الماضي ويضع تصوراته لما يتطلع إليه المواطنون في المستقبل
حوار/ محمد عبدالله قائد
ماهي العلاقة برأيك بين ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر وأثرهما على المستقبل¿
- لاشك أن المستقبل مرتبط بالماضي ففي 26 سبتمبر 62م و14 أكتوبر ٣٦٩١م تجاوب وتفاعل وشارك الجميع في شمال وفي جنوب الوطن وقدموا الكثير والكثير من أجل الثورة والحرية وبرأيي للأسف الشديد أن القيادات المتوالية لم تستطع تحقيق أهداف وطموحات المواطنين فمنذ خمسين عاما سنقرأ خلالها عشرات الآلاف من الضحايا (الشهداء) بسبب الصراعات الحزبية الشخصية مع اقتناعي أن الحزبية في بلادنا مجرد مسمى فلا سياسة ثابتة ولا وعي سياسي حزبي موجود فكل شيء يسير بعشوائية ولدت اللا استقرار وجعلت البلاد رغم مرور خمسين عاما من قيام الثورة اليمنية بدون ماء وبدون كهرباء ولا علاج ولا لقمة عيش كريمة للمواطنين حتى أن مرتبات القطاعين العام والخاص لا تكفي لأن يعيش المواطن مستورا ناهيك عن السلبيات السيئة للبطالة.
عاش الجميع سواسية
> كيف تقيمون حالة التعايش التي كانت قائمة بين أبناء الشمال والجنوب قبل انطلاق الثورتين 26 سبتمبر و14 أكتوبر¿
- قبل العام 1962م رغم وجود الحكم الإمامي في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب إلا أن الوحدة في قلوب المواطنين كانت مزروعة ومحققة الأهداف كانت عدن تتسع للجميع شماليين وجنوبيين وانجليز وفرنسيين وايطاليين وهنود وصومال وغيرهم فكان من يولد في عدن يحصل على شهادة الميلاد فيصبح مواطناٍ من حقه شهادة الميلاد والتعليم المجاني وأصبحوا هم العدنيين وعاش الجميع سواسية أمام القانون وكانت الوظيفة بحسب الكفاءة. وكان الجنوبيون يعيشون في الشمال إخوة متحابين ومتعاونين فحققوا مع بعضهم البعض ثورتين عظيمتين هما 26 سبتمبر و14 أكتوبر.. وكانت تعز بوجه خاص هي الملتقى للثوار والانطلاقة للثورتين جنبا إلى جنب مع ردفان الضالع بعد أن جاء الاستقلال عام 1967م سلمت بريطانيا مقاليد الحكم إلى حركة القوميين العرب (الجبهة القومية) ولم يتحملوا أي التزامات تجاه بلد وشعب استعمروه (128 عاما) ثم جاء رفاق السلاح ليعلنوها حرب شوارع من أجل السلطة والسيطرة على الحكم.. وبعد معارك طاحنة بين جيش الجنوب العربي والجبهة القومية من جهة وجبهة التحرير والتنظيم الشعبي لجبهة التحرير من جهة أخرى هزمت جبهة التحرير نتيجة اختلال توازن التسليح وانسحبوا إلى المناطق الشمالية.
إقصاء القوى الوطنية
> بعد أن تحققت الثورتان 26 سبتمبر و14 أكتوبر وتحقق الاستقلال ..ماهي التداعيات التي حدثت بعدها في الشمال والجنوب¿
- في ديسمبر عام 1967م قام علي سالم البيض بزيارة للاتحاد السوفيتي وربط الجنوب بالمعسكر الاشتراكي وفي مارس 1968م عقدت الجبهة القومية المؤتمر العام الرابع للجبهة في زنجبار محافظة أبين وفي المؤتمر تحولوا إلى يسار ويمين فقام اليمنيون بتصفية ودحر اليساريين وهروب اليساريين إلى الشمال من جديد وبعد مضي فترة غير كبيرة عاد اليساريون إلى الجنوب وانقلبوا على قحطان وفيصل وقادة الجيش وحولوا النظام إلى نظام ماركسي اشتراكي وقاموا بإقصاء جميع القوى الوطنية وأغلقوا الحدود وكان المواطن ملاحقاٍ في الشمال والجنوب وقد يسجن أو يعدم لمجرد الوشاية وأصبحت الأسر مشتتة وربما لاتعرف بعضها البعض حتى الآن.
ضاق المواطنون بالحياة التي كانوا يعيشونها بين حرب وملاحقة وضيق عيش إلى أن جاءت الوحدة التي تحققت بشكل انفرادي حينها إلا أن المواطنين هللوا وكبروا وباركوا لهذا الإعلان لأنهم كانوا يرون أن الحل للخروج من المشاكل والحروب إلى مرحلة الأمن والاستقرار هو تحقيق الوحدة فانفرد الموقعون بالحكم وبالمصالح ومع ذلك اختلفوا على التقاسم حتى وصلوا إلى حرب 1994م فكان الطرف الجنوبي في الوحدة(الحزب الاشتراكي) قد فقد وخسر ثقة المواطن الجنوبي بعد تهميشه وتحييده له وكان موقفه من حرب 1994م موقف محايد وبعض الجنوبيين العسكريين كانوا إلى جانب الجيش والشعب في الدفاع عن الوحدة وخيراتها.
أخطاء تتكرر
وأضاف يافعي: بعد1994م كان الجنوبيون الذين أقصاهم نظام الجنوب قبل الوحدة وتضررت مصالحهم كانوا ينتظرون من النظام الجديد إشراكهم وإنصافهم إلا أن الخطأ تكرر واتبع النظام الجديد نفس طريقة نظام الاشتراكي وركز أتباعه على تقاسم الأراضي وخير الوطن لفئة معينة وكانت مصالح البلاد مضروبة عرض الحائط فطفح الكيل عند المواطنين ليخرج المواطن الجنوبي إلى الشارع باسم الحراك الجنوبي خرجوا إلى الشارع لأن الإنسان لا يخرج إلا من معاناة وألم فبعد خمسون عاما من تهميش وإقصاء وقهر ومصادرة للحريات والحقوق وتسلط جماعات فرضت نفسها بطريقة أو بأخرى أصبح المواطن مهاناٍ في الداخل أو الخارج .
دور العمل الجماعي
> بعد خمسين عاما من الثورتين كيف تقيم الوضع اليوم في ظل حوار وطني يعتبر فرصة للجميع للتجديد والتصحيح وإلى مستقبل أفضل¿
- كان لابد من حوار بين الإخوة فجاء الحوار الوطني اليوم ليناقش الماضي ويضع تصوراته لما يتطلع إليه المواطنون في المستقبل وبرأيي أن الحوار الذي يجري هو مجرد نقاشات ودراسات والحقيقة أننا نبحث عن الحلول وعن القرارات التي تخرجنا من ظلمة الحكم الواحد إلى نور العمل الجماعي وإلى مصلحة شاملة كاملة لأبناء الوطن فقد أضعنا خمسين عاما هدرا لم نستطع الوصول خلالها إلى ما وصل إليه غيرنا ممن كانوا اقل منا عددا وعدة وخيراٍ فقد كان لدينا حكام جهلاء اتجهوا للسياسة بعد أن فشلوا في الدراسة وقد كان البيض والسيلي مثالاٍ لهذا الفشل إننا مازلنا في دوامة الصراع وللخروج من هذا الصراع يجب أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني بنتائج ايجابية ترضي كل الأطراف والجماعات.
واليوم نرى الاتجاه في الشمال أكثر إصراراٍ على الحلول في إطار الوحدة ونرى في الجنوب أن أقل سقف لفريق منهم هي الفيدرالية بين الشمال والجنوب ومزمنة وفريق آخر في الجنوب يرى أن تكون هناك ستة أقاليم كما أن هناك رأياٍ حضرمياٍ يدعو لفك الارتباط وتحويل الجنوب إلى إقليمين إقليم ( حضرموت – المهرة – شبوة) وإقليم (عدن وبقية المناطق).
الصراع والمصالح المشتركة
> برأيك ماهو الحل الطبيعي الذي يخرج الجميع من هذه الدوامة ويحقق أهداف الثورتين¿
- برأيي الشخصي أن الاتحاد أو الفيدرالية بين الشمال والجنوب في إطار الوحدة هو الحل ولكن بضوابط الحقيقة أن قضية الحوار ومخرجاته ليست بالبساطة التي نتصورها فالصراع اليوم لم يعد صراعاٍ يمنياٍ يمنياٍ بل قد تحول إلى صراع إقليمي لذلك سيلعب هذا الصراع بشكل أو بآخر في اتجاهات اليمن مستقبلا لكنني أرى أن الرئيس عبدربه منصور هادي رجل وطني ويحب النظام والقانون وهو يتعامل مع الغير في دول الجوار أو الأصدقاء بما يتناسب مع مصلحة اليمن ويتعاون مع من يتعاون مع اليمن وهو غير مقيد أو مرتبط مع أحد بل مع مصالح اليمن كما أنني أرى أن المصالح المشتركة مع الأوروبيين والأمريكيين ليس فيها مشكلة طالما الغرض منها مصالح اليمن حتى وإن تحققت فيه مصلحة للغرب فلا أعتقد أن الإجماع الأمريكي والأوروبي لا أعتقد أنه يأتي من فراغ فالاتجاه الواضح هو حماية اليمن من أجل حماية مصالحهم وهذا ليس فيه أي مشكلة والترحيب به مطلوب من الجميع.
الطريق الصحيح
> ختاما : ماذا تودون قوله في نهاية اللقاء¿
- أود أن أرسل رسائل إلى فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي لأقول له لا تترك اليمن واليمنيين للفاسدين وأصحاب المصالح الضيقة حتى تضعنا في الطريق الصحيح وإلا فإن اليمن سيعود إلى ماهو أسوأ مما كان عليه في الماضي فاليوم الشارع الجنوبي مازال مغلوباٍ على أمره وليس عنده قيادة ناجحة وهو يدرك ذلك ويدرك أن القيادة التي تقوده الآن هي قيادة مجربة وهي شريكة في السلبيات التي حصلت له منذ خمسين عاما وهي قيادة فاشلة لذلك أتمنى منه أن لا يكرر أخطاء الماضي وأن يضع المصلحة العامة فوق أي مصلحة أخرى.
كما أود أن أبعث برسالة هامة إلى أحبابي أبناء محافظة تعز حيث كانت وما زالت هي المحافظة التي تنطلق منها الثورات وأقول لهم تعاونوا مع محافظكم النبيل وساعدوه على أن تكون الكفاءة هي نقطة الانطلاق ولا تنجروا إلى ما أنجر إليه غيركم فمصالحكم يمكن أن تتحقق في ظل هذا المحافظ أفضل بكثير مما يمكن أن تتوقعوها في ظل محافظ آخر وأفضل ما يمكن أن تعملوه أن تتعاونوا معه لا أن تقفوا حجر عثرة أمام ما يمكن أن يتحقق في عهده.
ورسالتي الأخيرة إلى أعضاء مؤتمر الحوار الوطني وأقول فيها: إذا كنتم تحبون اليمن والخير والاستقرار لليمن ولليمنيين عليكم أن تثبتوا حسن النية وتعيدوا المنهوبات وتؤمنوا بالنظام والعدل والمساواة هنا فقط يمكن أن يعيش الجميع في عز ونماء كبيرهم وصغيرهم وطالما تساوى الجميع أمام النظام والقانون فلن تكون هناك مشكلة اسمها وحدة اندماجية أو اتحاد أو فيدرالية فالقضية هنا تكون تكاملية ولكل مجتهد نصيب وأهم ما في ذلك كله أن تكون هناك الضوابط التي تضمن لنا الاستقرار وتضمن حقوق الجميع والتداول السلمي للسلطة في ظل ثورات سالت خلالها الدماء الطاهرة ليعيش الأبناء والأحفاد مستقبلاٍ آمناٍ ومستقراٍ.
