تحقيق / أسماء حيدر البزاز –
أعطو الأجير حقه قبل أن يجف عرقه .. تلكم كانت وصايا رسولنا الكريم لزمن تربصت فيه أطماع الناس ببعضهم البعض وصارت لحوم أكتاف أقويائهم من عرق المساكين والضعفاء الذين جفت دمائهم وشحبت مناظرهم وهم يطالبون بحقوقهم ويصارعون الحاجة لنيلها من قبل تهميش يصنعه الاستغلال والجشع الفاحش في نفوس أرباب أعمالهم … هكذا يخطون العاملون في القطاع الخاص والحر معاناتهم في زمام هذا التحقيق الذي يرفده الدعاة والعلماء بالنصح والعظة والعبرة وبيان فادحة الأمر وعقوبته !!
هناك العديد من المدرسين في المدارس الخاصة يعانون من شتى أنواع الاستغلال والجهد والتكليف والعناء لمبالغ زهيدة يجنونها لا تفي حتى بأجر وعناء أسبوع وفوق ذلك تتأخر أجورهم إلى شهور عدة وقد هضمت أنصافها وفي صميم هذا الموضوع سردت لنا الأخت أمل الريمي – تربوية في إحدى المدارس الخاصة معاناتها قائلة :
أنا بكالريوس لغة انجليزية لي أكثر من ست سنوات خبرة في عدد من المدارس الخاصة وكلها ظلم واستغلال تصوروا أتولى تدريس الصفوف الرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع لست حصص متواصلة في اليوم والمواصلات علينا وتكاليف النشاطات المقامة نحن نتحملها ويوعدوننا بالمكافآت الزائفة ورفع المعاشات التي لا تتجاوز ثلاثة عشر ألفا وهكذا يمر الشهر الأول والثاني والثالث لم نستلم حت حقوقنا وإذا طالبنا يقولون المدرسة عليها ديون وإجار وتكاليف مواصلات الباصات وفي الشهر القادم سنعطيكم كل حقوقكم تتبعها إكرامية وفي الاخير لا نجد الا وعود ظالمة وما صبرنا على المر إلا ما هو أمر منه من ظروف حياتية صعبة نعيشها ولهذا فهم يستغلون حاجتنا للريال الواحد لإشباع جشعهم ولولا الحاجة والله ما بقيت فيها لحظة واحدة !!
أناس ظلمة !!
الصحفية زهور عبد الله هي الأخرى كانت تعمل في إحدى المواقع الإخبارية على أمل أن تلقى عائد مادي وأجور أتعابها التي تتعدى مبلغ تسعون ريال ولكن الاحتيال من قبل إدارة الموقع الكتروني وهضم الحقوق كانت سيدة الموقف خاصة أن العمل لم يتم بعقود موثقة فأنكرت الادارة أي مستحقات لها واكتفت زهور بالقول : حسبي الله فيهم ونعم الوكيل أناس لا تعرف غير الظلم وهضم الحقوق من جهود الضعفاء وعرق جبينهم !!
قليلو ذمة
وأما العامل سليمان عباس فهو يقول : أقف هناك على أرصفة الطريق لساعات انتظر من يدعيني لأي عمل في مجال البناء وكم قد هضمنا من أناس قليلي ذمة فتارة نعمل حمالين وأخرى نبني ونزخرف وهكذا البعض يتعامل معنا في اليوم وآخرون في نهاية الأسبوع وهكذا حسب مدة العمل الموكل إلينا !!
موضحا : وللأسف الشديد كم هي تلك المرات التي نقع فيها ضحايا الاستغلال فبعد أن ننهي العمل يتنصل أرباب العمل عن إيفائنا بأجورنا تحت ذرائع زائفة ووعود مؤجلة فليس أمامنا أي حل سوى الصمت فنحن لا نقوى على المشارعة فبالكاد أن نجد ما يسد رمق جوعنا ودخل قوت أسرتنا !!
إذلال وتعنت !!
وحول هذا الموضوع أفادنا المستشار القانوني الدكتور أحمد الأديمي – جامعة صنعاء : إن هظم ارباب العمل للعامل عنده والأجير وموقف القانون اليمن من ذلك فان القانون وان كانت قواعده ومواده عامة ومجردة إلا انه لا يمكن الفصل بين القانون والحالة المجتمعية او الواقع المجتمعي اذ برزت في الاونة الاخيرة صورا جديدة لاستغلال العمال والموظفين بالقطاع الخاص بل وتم التفنن في اذلال موظفي وعمال القطاع الخاص ولن اتشعب في تلك الصور ولا كيف ساهم القانون بالإساءة للعمال والجهات القانونية التي تعمل على تنفيذه إلا بالقدر الضروري ولعل اهم عامل كما اسلفنا القانون نفسه في ابتكاره لقضاء عمالي خاص للنظر في القضايا العمالية وإنشائه لمكاتب للنظر في منازعات العمل والصلح الودي ومن المعلوم ان القانون او المشرع عندما اخضع المنازعات العمالية للجنة تحكمية كان حريصا على ان لا يزج العمال ضمن المنازعات التي يختص بها القضاء العادي تقديرا من المشرع على ان العمال طرف ضعيف ول ايتحمل تكاليف التقاضي امام القضاء العادي ولا يتحمل الاوقات التي قد تطول امام القضاء العادي لذا كان انشاء لجان التحكيم والتي تتشكل من موظف بدرجة مدير عام من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل وممثل عن العمال اي الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية وممثل عن ارباب العمل وحدد القانون امام هذه اللجان مدة زمنية لاتزيد عن اسبوعين للفصل في قضايا العمال وأسبوعين امام الاستئناف فيما اذا تم الطعن بقرارات لجان التحكيم كما اعفاء القضايا العمالية من الرسوم اضافة الى تسهيل طرق الاثبات امام العامل وسلسلة من المواد الرائعة التي تنصر وتحافظ على حقوق العمال لكن للأسف كان القانون او المشرع كأنه بعيدا عن الواقع من حيث عدم اخذه بالاعتبار فساد وزارة الشئون الاجتماعية والعمل وفساد المنظمات النقابية للعمال وللارباب العمل وبالتالي ما سوف تلمسوه عند اول زيارة للجنة التحكيم في امانة العاصمة سيدمي قلوبكم وانتم ترون العمال كل يوم ينتظرون متى يحضر رئيس اللجنة وأعضائها وينجلي الامل عند اذان الظهر وهكذا واشهر وراء اشهر بل وسنه وراء سنه والعامل مازال امام لجان التحكيم في الوقت الذي يكمل القضاء العادي ألاف القضايا في الشهر في لجان التحكيم
أكرم الناس هم …
وعن هذا الموضوع استهل الدكتور خالد النجار كلامه بحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء رجل فقعد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله! إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأشتمهم وأضربهمº فكيف أنا منهم¿! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامةº يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهمº فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهمº كان كفافا لا لك ولا عليك وإن كان عقابك إياهم دون ذنبهم كان فضلا لك وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم º اقتص لهم منك الفضل فتنحى الرجل وجعل يهتف ويبكي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما تقرأ قول الله تعالى ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )فقال الرجل : يا رسول الله! ما أجد لي ولهؤلاء شيئا خيرا من مفارقتهمº أشهدك أنهم كلهم أحرار
وتابع القول :. والإسلام يوجه الأغنياء المخدومين إلى التواضع وعدم التكبر على الخادمين ويجعل لهؤلاء حقوقا على أولئك يجب عليهم أن يؤدوها بدون مماطلة ولا نقص , فالمخدوم ينبغي أن يتواضع مع خادمه ولا يترفع عليه لأنه قد يكون أعظم درجة منه عند الله وليس الفضل بكثرة الأموال ولا بعظم الأجسام , ولا بغير ذلك من متاع الدنيا وزينتها ومظاهرها وإنما الفضل بالتقوى { إنِ أِكúرِمِكْمú عنúدِ اللِه أِتúقِاكْمú } ولقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في معاملة الخادم , فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أف قط ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا¿ وهلا فعلت كذا» والرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لأمته , وهي إذا لم تستطع أن تصل إلى درجة الكمال التي بلغها صلى الله عليه وسلم فلتسدد ولتقارب «وفي حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره
الظلم ظلمات
ومن جهتها أوضحت الداعية سكينة محمد قائد صور ظلم حق العامل والأجير قائلة : اتفق العلماء على نقاط وصور معينة تبين حقيقة التعامل وبيان وجه القصور ومن صور الظلم هي : – أن يجحده حقه بالكلية ولا يكون للأجير بينة فهذا وإن ضاع حقه في الدنيا فإنه لا يضيع عند الله يوم القيامة فإن الظالم يأتي وقد أكل مال المظلوم فيعطى المظلوم من حسنات الظالم فإن فنيت أخذ من سيئات المظلوم فطرحت على الظالم ثم طرح في النار.2- أن يبخسه فيه فلا يعطيه إياه كاملا وينقص منه دون حق وقد قال الله تعالى: (ويل للمطففين) . ومن أمثلة ذلك ما يفعله بعض أرباب العمل إذا استقدم عمالا من بلدهم وكان قد عقد معهم عقدا على أجر معين فإذا ارتبطوا به وباشروا العمل عمد إلى عقود العمل فغيرها بأجور أقل فيقيمون على كراهية وقد لا يستطيعون إثبات حقهم فيشكون أمرهم إلى الله وإن كان رب العمل الظالم مسلما والعامل كافرا كان ذلك البخس من الصد عن سبيل الله فيبوء بإثمه.
– ومن ذلك أن يزيد عليه أعمالا إضافية أو يطيل مدة الدوام ولا يعطيه إلا الأجرة الأساسية ويمنعه أجر العمل الإضافي .- أو أن يماطل فيه فلا يدفعه إليه إلا بعد جهد جهيد وملاحقة شكاوى ومحاكم وقد يكون غرض رب العمل من التأخير إملال العامل حتى يترك حقه ويكف عن المطالبة أو بقصد الاستفادة من أموال العمال بتوظيفها وبعضهم يرابي فيها والعامل المسكين لا يجد قوت يومه ولا ما يرسله نفقة لأهله وأولاده المحتاجين الذين تغرب من أجلهم.