أبناء الجزيرة: سئمنا الوعود والمطلوب حلول عاجلة لمعاناتنا


استطلاع/ عبدالباسط النوعة –
أرخبيل سقطرى الذي حباه الله بيئة آسرة الجمال.. وبخيرات بحرية وبرية كثيرة ومتنوعة لم يلاق الاهتمام الذي يستحقه من قبل السلطة المحلية بمحافظة حضرموت ولا من قبل الحكومات المتعاقبة منذ فجر الثورة اليمنية 26 سبتمبر- 14 أكتوبر وبدلا من أن تحول إلى واحة سياحية وإلى مركز اقتصادي يرفدان خزينة الدولة بالعملة الأجنبية ويستوعبان الآلاف من الشباب اليمني العاطل لما يتميز به من مقاومات سياحية واقتصادية تحول إلى سجن كبير معزول عن الدولة اليمنية وعن العالم.
(الثورة) زارت الأرخبيل مؤخرا واطلعت على ما يتكبده أبناؤه من معاناة جراء الحرمان من الكثير من الخدمات العامة وفي الأسطر التالية نوجز عددا من قضايا وهموم أبناء سقطرى كما اوردها العديد منهم:
هموم ومعاناة أبناء سقطرى كثيرة ومتعددة حسبما يوضحها الأخ فهد سليم كيفاني أمين عام المجلس الأهلي في الأرخبيل وعضو مؤتمر الحوار الوطني حيث يقول: سكان سقطرى يعيشون حياة بؤس وشقاء بعضهم لا يزالون يتخذون من الكهوف بيوتا ونحن في القرن الواحد والعشرين وجزر الأرخبيل تعاني من تردي مستوى الخدمات إلى درجة كبيرة وكذا ضعف البنى التحتية لاسيما خدمات التعليم والصحة وإذا أراد السكان أن يحسنوا هاتين الخدمتين عبر الخروج من الجزيرة فإن تذاكر السفر عبر اليمنية والسعيدة تقف لهم بالمرصاد فلا يستطيع أحد أبناء الجزيرة الخروج منها سواء للتعليم أو التداوي وغيرها من الأشياء الا الميسورين وهم قلة جداٍ في الجزيرة فالكهرباء لا توجد في جزر الأرخبيل باستثناء كهرباء بمولدات قديمة جدا ذات خدمات رديئة تغطي في قلنيسة وكذا في حديبو (المدن الرئيسية) حوالي (1)كم2 كما انها تنطفئ أياما لتضيئ ساعات كما ان سقطرى تمتلك الكثير من الشلالات والينابيع والأودية ذات المياه العذبة في حين أن معظم سكانها لا يجدون الماء.
وهذه الوديان والينابيع تصب إلى المحيط كما ان بيئة سقطرى وتراثها ولغتها هذه الأشياء التي تتميز بها سقطرى في طريقها إلى الاندثار وذلك لغياب الرعاية الرسمية للدولة.
وأشار أمين عام المجلس المحلي إلى أن جزر سقطرى ليست بحاجة إلى التغني بجمالها وبيئتها الفريدة ولكن بحاجة إلى اهتمام وعناية وتوفير أدنى متطلبات الحياة المعيشية لأبنائها.
مؤكدا أن حصول الجزيرة على مكون اداري يحظى بصلاحيات واسعة ولا يتبع أي محافظة قد يكون خطوة هامة واذا ما تحققت ستسهم في حل الكثير من المشاكل والمعاناة في هذه الجزيرة.

صعوبة في التعليم
> الأخ أحمد غيثان من أهالي قرية تربك شرق الجزيرة يؤكد أن التعليم بالنسبة لأبنائهم قبل بناتهم يمثل صعوبة بالغة فاقرب مدرسة إلى قريتهم تبعد عنها ساعة اما المرحلة الثانوية فغير متاحة الا في العاصمة حديبو وهي مسافة كبيرة يحتاج إلى سيارات وهي غير متوفرة بكثرة الأمر الذي يضطر البعض إلى ترك الدراسة الثانوية والبعض الآخر ينتقلون إلى حديبو للإقامة فيها ومواصلة التعليم.
وأضاف: نريد من الدولة ان تلتفت إلينا وتخصص لنا وظائف مثلاٍ تستوعبنا في الجيش أو الأمن فقد صادفنا في إحدى المرات أحد الضباط الكبار في الدولة ووعدنا بأنه سوف يقوم بتجنيدنا أنا وستة من أبناء القرية إلا أن السنين تمضي والوعد لم يتحقق حتى الصيد الذي كنا نعتمد عليه كأساس للترزق بات يشكل خطورة على حياتنا فالقراصنة الصوماليون لنا بالمرصاد حتى انهم يقتربون من شواطئ سقطرى.

ماذا بعد الثانوية¿¿
> وتحدث الأخ علي أحمد أديب عبدالله من أبناء حديبو عن مشكلته في مواصلة الدراسة قائلا: الآن أوشكت على إكمال دراستي الثانوية ولكن ماذا بعد هذا لايزال الأمر مجهولاٍ فلا يوجد في سقطرى سوى كلية تربية تتبع جامعة حضرموت ومنها تخصصين والإقبال عليها مزدحم جدا وقد لا أوفق في التسجيل لأن استيعاب الكلية غير كافُ لكل أبناء الجزيرة التي حكم على أبنائها بالدراسة في هاذين التخصصين فقط والانتقال إلى الضفة الأخرى من البلد لمواصلة التعليم واختيار التخصص المناسب يحتاج إلى موازنة مالية ضخمة كما أن معظم المشاريع الموجودة في الأرخبيل أما هبات أو منح من الدول الأخرى حتى المستشفى الوحيد الذي اعتزمت الدولة بنائه إلى الآن 13 عاماٍ وهو مبنى فقط ولم يستكمل تجهيزه وتأثيثه ومن بعد سنوات قام الأشقاء الإماراتيون وبنوا المستشفى الوحيد مستشفى “زايد” وأيضاٍ المياه قليلة في معظم مناطق الجزيرة وها نحن مقبلون على موسم الخريف رياح عاتية وجفاف وانعزال تام عن العالم الخارجي فمن يلتفت إلينا ونحن على هذا الحال منذ سنوات.
علي الشاب الطموح الذي يرغب بالدراسة في عدم قدرته على مواصلة تعليمه الجامعي يظهرها أيضاٍ الشاب صالح حاج من أهالي دشيل هنيتي وهو شاب يحب نباتات سقطرى والنباتات بشكل عام ويتمنى أن يدرس ويتخصص في هذا المجال ولكن عندما يرى الصعوبات والعوائق يصاب بالإحباط وخيبة الأمل حيث يقول صالح: محكوم علينا في هذه الجزيرة أن ندرس تخصصين فقط. أما اللغة الإنجليزية أو اللغة العربية وقد نضطر إلى الانتظار عاماٍ أو عامين لأن الكلية لا تستوعب سوى نسبة معينة والمتقدمون قد يكونون اكثر بكثير من نسبة الاستيعاب في الكلية.

الخدمات تتحسن
> الأخ أحمد علي سعد من أهالي منطقة قاضب الواقعة بين حديبو ومودي حيث يوجد المطار ويقع الخط الإسفلتي على مقربة منها أن لم يكن مارا فيها ولذلك قد تكون منطقتهم أفضل حال من غيرها فهو يرى ان الخدمات في تحسن مستمر في الجزيرة والمدارس موجودة وكذا المراكز الصحية وكذا خدمات الهاتف إلا أن بعض المناطق تعاني شحة في المياه كذلك أبرز الأشياء التي تشكل معاناة لنا في الجزيرة هي صعوبة التواصل بمركز المحافظة في حضرموت فإذا كان لديك معاملة مثلا تغيير اسم ابنك بدل (حمد أحمد) تحتاج إلى مئات الآلاف ما بين تذاكر سفر ذهابا وعودة وتكاليف الإقامة والمشرب في حضرموت وقد تستدعي المعاملة مواصلة السفر إلى صنعاء كذلك تحتاج إلى وفرة المال إذا أردت أن تدخل ابنك التخصص الذي يريده في الجامعة سواء بحضرموت أو صنعاء.

سجن كبير
> تتواصل لقاءاتنا بأهالي سقطرى فهذا عبدالرحمن سليم من أهالي منطقة الشرقية يلخص أهم وأبرز مشاكل ومعاناة أبناء سقطرى قائلاٍ: كأننا في سقطرى نعيش في زمن الجاهلية فالناس لا يزالون يعيشون على الحطب والنار سواء للإضاءة أو إعداد الطعام لأن الكهرباء غير موجودة في معظم المناطق حتى حديبو وقلنسية أبرز المدن لديها كهرباء تضيئ بالأسبوع ربما ساعات الليل ليوم واحد فقط نشعر في الجزيرة أننا منعزلون عن العالم الخارجي على الوطن الذي يفترض أننا جزء منه تذاكر الطيران مرتفعة الثمن إلى درجة كبيرة وما يسمى بالميناء في سقطرى كذلك هو الآخر خدعة كبيرة فهو عبارة عن لسان بحري بالكاد يستقبل السفن الصغيرة والتي لا تكفي حمولتها لسد احتياجات الناس ونحن نحتاج إلى توفير وسائل مواصلات بحرية مناسبة لأبناء الجزيرة مثلاٍ عبارات وخلاصة القول نحن في سقطرى نعيش في سجن كبير.
وأضاف: حتى المراكز الصحية والمدارس تفتقر إلى الكوادر المؤهلة لذا نطالب الدولة بممارسة دورها كدولة تجاه رعاياها وتجاه هذا الأرخبيل الذي حباه الله بمقومات الجمال والفرادة التي يمكن إذا ما توفرت النوايا الصادقة من الدولة لاستغلال هذه المقومات في هذا الأرخبيل لعم الخير الوفير ليس للجزيرة وسكانها فحسب بل على عموم اليمن.

رحلات الصيد انتحار
> معاناة أخرى ينقلها لنا أحد الصيادين من أبناء منطقة سرهن وهو سالم أحمد صعباب والذي يقول: إنه كان يخرج ورفاقه من صيادي الجزيرة في رحلة طويلة للصيد ويدخلون إلى البحر حوالي «30» ميلا ويعودون ومعهم الخير الوفير من الأسماك يبعون وبثمنه يعيشون بيد أنهم الآن باتوا يعتبرون مثل تلك الرحلات انتحارا فقد يكونون هدفا سهلا للقراصنة الصوماليين الذين يجوبون مياه سقطرى وسواحلها في بعض الأحيان وهم مدججون بالسلاح ويتسألون عن الدور الحكومي في حمايتهم من هؤلاء القراصنة وحماية مصادر أرزاقهم.
ويروي سالم إحدى القصص قائلا: ذات يوم وبينما كان صيادون من «نوجد» في رحلة صيد شاهدوا قاربين اعتقدوا أنهما تابعين لأصدقاء لهم من أبناء الجزيرة يريدون المساعدة اقتربوا منهم فإذا بهم قراصنة على مقربة من سواحل الجزيرة اشهروا عليهم الأسلحة وأخذوا قواربهم وأسماكهم وأخذوهم أسرى والبحرية تقول إنهم لا يملكون امكانيات بينما القراصنة لديهم إمكانيات هائلة جدا كيف وهم يأخذون بواخر كبيرة ما بالك بسفينة أو قارب صغير.
ويضيف سالم: كل شيء بفلوس والغلاء فاحش لا سيما المواد الغذائية والسبب كما يقول التجار هو بعد المسافة بين الجزيرة ومدينة المكلا والدولة لا تستطيع إيجاد وسائل وأساليب مناسبة على الأقل توفر لنا المواد الغذائية بأسعار تشابه الأسعار في حضرموت وغيرها من محافظات الجمهورية.

مشكلة المركزية الشديدة
> وفي النهاية كان لزاما علينا الالتقاء بمسؤولين في المجلس المحلي سواء من مديرية حديبو أو مديرية قلنسية لكن وجدنا رئيسي المجلس المحلي في كلا المديريتين في حضرموت لمتابعة الاحتياجات والأعمال بينما وكيل محافظة حضرموت لشئون أرخبيل سقطرى في صنعاء وكذلك للمتابعة بحسب ما أوضحه الأخ عبدالعليم محمد عبدالله أمين عام المجلس المحلي بمديرية حديبو حيث شكا الأمين العام بدوره من المركزية الشديدة التي أدت إلى إعاقة كافة المظاهر والمشاريع التحديثية في الجزيرة بشكل عام مثلا المستشفى الحكومي المتعثر منذ 13 عاما رغم احتياج الجزيرة له إلا أنه متعثر والسبب ارتباطه المباشر بوزارة الصحة والمقاول يقول إن الوزارة لم تعط له المستخلصات بمبلغ «100» مليون ريال.
وأضاف لماذا نذهب بعيدا فهذا مبنى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الجهة التي تراقب الجهات وتحاسبها وهي بحاجة إلى من يحاسبها فالمبنى التابع لها متعثر منذ عشر سنوات كذلك المياه لدينا عدد من الينابيع التي كنا نريد أن نستغلها لتوفير احتياجات بعض المناطق المحتاجة مثلاٍ في عرعر يوجد عين ماء تصب إلى البحر يمكن أن تكفي حديبو والمناطق المجاورة إلا أن وزير المياه والبيئة في زيارته الأخيرة لسقطرى قال: إنه لا يمكن أخذ الماء من هذا النبع لأن أخذه قد يسبب كارثة بيئية.
وأكد الأمين العام أن أكثر احتياجات الجزيرة تتمثل بالكهرباء التي باتت في حكم المنتهية ويتم اصلاحها باستمرار فالمولد الكهربائي في حديبو قديم جدا وتساءل لماذا لا يتم توفير الكهرباء للجزيرة بالطاقة الشمسية أو بالرياح خاصة أن الرياح التي تهب بالجزيرة سنويا يمكن أن توفر تياراٍ كهربائياٍ يكفي لسكان الأرخبيل ويزيد وبات توليد الطاقة الكهربائية بالرياح هو المعمول به في الكثير من دول العالم.
وأشار إلى أن دور وزارة السياحة في الجزيرة غائب مستغربا أن تكون سقطرى التي تعتبر الأولى على مستوى عموم المناطق والمدن والجزر السياحية اليمنية والرابعة على مستوى العالم من ناحية التنوع الحيوي والبيئي ووزارة السياحة في سبات عميق.
وذكر أمين عام المجلس المحلي أن المعضلة الكبرى أمام سكان الجزيرة تتمثل في الثمن الباهظ لأسعار تذاكر الطيران كذلك أرخبيل سقطرى مترامي الأطراف ويحتاج إلى قوات وزوارق بحرية تستطيع حمايته وما هو موجود من زوارق وقوات لا يكفي أبداٍ.
وكشف عن وجود مشروع للأرخبيل بشكل عام في مجال المياه والصرف بطريقة بيئية حديثة وبتكلفة تبلغ 350 مليون دولار والذي من خلاله سيتم التغلب على مشكلات شحة المياه وكذا الصرف الصحي.

حملة نظافة في قلنسية
> من جانبه أكد أمين عام المجلس المحلي بمديرية قلنسية عيسى سعيد محمد أن المديرية تعاني الكثير من المشاكل ابرزها عدم إكمال مشاريع سفلتت الطرق التي كانت مقرة ومعتمدة ولكنها إلى الآن لم تنفذ والأدهى من ذلك أنها لم تدخل ضمن موازنات هذا العام.
وقال كذلك الكهرباء الآن في موسم الصيف المديرية مهددة بالكامل فهي على مولد كهرباء واحد وهو لا يكفي مطلقاٍ في الصيف وقد وعدنا المحافظ بتوفير مولد إضافي كذلك المياه في هذا الموسم تشكل أبرز الصعوبات لدى السكان ومعظم مناطق المديرية تعاني من الجفاف لدرجة أنهم يهاجرون إلى مناطق أخرى خارج المديرية.
وعن عدم توفر النظافة يقول لدينا خطة لتنظيم حملة نظافة يشارك فيها السكان ونتخذ بعدها إجراءات كفيلة بالحفاظ على النظافة فليس المهم حملة النظافة ولكن الأهم هو ما بعد حملة النظافة لأن الكثير من زوار المديرية هم سياح محليون وأجانب ينزعجون كثيراٍ من المظهر الذي وصلت إليه بعض الأماكن في المديرية.

 فؤاد الحرازي

قد يعجبك ايضا