عبد الوهاب شمهان
كثيرا ما نسمع أصواتا تتحدث بحدة وقسوة حول ما يكتب عن السياحة في ظل العدوان وتراجع مستوى الخدمات وتوقف الأنشطة وأن الحديث عنها مع استمرار العدوان وتنوعه بين الزحوفات والغارات والحصار وضرب الاقتصاد وسحب العملات ومحاولة زعزعة الأمن العام يعد ضربا من الخيال وبعيدا عن الواقع والحقيقة وهو ما يفرض الاطلاع على بعض جوانب هذا الواقع الذي يؤكد أن كل العاملين في القطاع السياحي يعيشون المأساة والخسارة وحدهم ومعهم رأس المال الوطني الذي ساهم بشجاعة في إنشاء البنية السياحية في كل من صعده وحجة وهما محافظتان حدوديتان أخذت مدنهما جانبا من الاهتمام المحلي ومن الاستثمار الذي شكل نقلة سياحية نوعية وعلى وجه الخصوص في محافظة حجة وفي مدينة حرض خاصة التي تميزت بحركة سياحية تجارية وإلى جانبها بعض المدن المتصلة بها تجاريا وضاعف من أهميتها أنها المنفذ البري الأكثر حيوية وحياة وحركة وهي أكثر المنافذ البرية الحدودية مع المملكة استقبالا لزوار اليوم الواحد على مدار العام هذه الحركة فتحت أبواب العمل وهيئة الفرص لإنشاء المنشآت الفندقية وتطوير خدماتها إضافة إلى خدمات المأوى التقليدية أو الشعبية وخدمات الطعام والشراب والاتصالات والتجارة حتى المدن والقرى الواقعة على خط الطريق الممتد إلى الحديدة والمتفرع إلى مدينة حجة عاصمة المحافظة ومدينة المحويت والي الكثير من مناطق الساحل والداخل جميعها استفادت من هذه الحركة ومن تطور المنشآت السياحية لتضج بالحياة والعمل وتبادل المنافع بين السكان مما جعل حياتهم أكثر يسرا إلى جانب انتشار المزارع الكبيرة والتي أضافت ميدانا حيويا وبيئة طبيعية واسعة شكلت مناطق جذب للسياحة المحلية والبيئية فضاعفت من كثافة العمالة والزوار وساعد على ذلك كما سبق الإشارة مشاركة الاستثمار المحلي في قطاع السياحة وهو الأكثر اعتمادا على الأيدي العاملة الماهرة والمتوسطة المهارة وحتى عديمة التجربة مما أوجد حراكا تنافسيا على مستوى الخدمات أدى إلى ارتفاع قدرات ومهارة العمالة السياحية وتعدد المنافع والمصالح المختلفة وتنوع الخدمات الأخرى فكانت الحياة بكل ما تعنيه الكلمة وكان الازدهار وتنوع مصادر الدخل وانتعاش الكثير من الحرف وهكذا هو الحال في كل مدينة برزت فيها الخدمات السياحية وذلك في ظل السلام والأمن والأمان وتواجد الإدارة الحكومية كل وزارة وجهة حسب مساحة العمل الملقى على عاتقها وفي هذه البيئة تتوافر للسياحة عوامل النمو والتوسع في منشآتها وتكاثرها بفعل النشاط لتنبع نهرا متدفقا من الأرزاق في ظل السلام يروي كل شبر من الأرض فتخضر بانتعاش الأرواح والأسر وتشكل المساحات الخضراء الواسعة وتظلل على المواقع والمعالم والمناطق السياحية بظلال الاطمئنان حتى كان العدوان والدمار والنزوح والكارثة السياحية ..إن خدمات السياحة لا يمكن لأي بلد الاستغناء عنها ودفنها في رؤى ضيقة ومحدودة الأفق لذلك أقدمت وغيري في محاولة الكتابة عن السياحة وتوضيح الصورة والإشارة إلى ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار حماية للبنية المؤسسية للسياحة اليمنية وذلك عندما تحرج وتأخر الكثير من الكتاب السياحيين أو انقطع تواصلهم مع ملحق السياحة والتراث وكل له أسبابه وخاصة في ظل غياب المعلومات السياحية التي تفتقد أو تحتكر وهذا الإقدام محاولة لإيصال رسالة لكل من يرتبط بالسياحة اليمنية بأن قطاع السياحة لازال يمارس نشاطه برغم الأضرار الناجمة عن غارات العدوان المتواصلة على المنشآت المدنية السياحية متجاوزا كل الحقوق المدنية والإنسانية .
إن السياحة تنبع من السلام لتحيي الأرض وتنتشر في ربوع الوطن اليمن فاتحة كل منفذ رزق وخير للأيدي العاملة الباحثة عن العمل. علينا أن ندرك أن التوجه والإصرار على الاهتمام بالسياحة وما تسعى إليه وزارة السياحة إنما هو الوصول إلى الحد الأقصى من الاستفادة من النشاط السياحي والخدمات السياحية في الجانب الاقتصادي التنموي الاجتماعي ومن الموارد السياحية المتاحة وتكريس العناية بتشجيع الإقدام على كل عمل شريف يدر دخلا للأفراد والأسر ويساعد على التنمية الريفية والمحافظة على البيئة ورفع مستوى المسؤولية في احترام حقوق الضيف واحترام القيم الاجتماعية والدينية والحفاظ على تماسك المجتمع تلك غايات عامة يعلمها البعض ويجهلها البعض وكل له رأيه ‘ لكن الغاية من الوجود السياحي حاليا ومستقبلا هو بناء شبكة متكاملة من المنشآت السياحية ومجموعه من الأنشطة الموسمية والمستمرة وتقديم العون والتسهيل للاستثمارات السياحية المحلية والخارجية وتحقيق تواجد شبكة مترابطة تساعد على نمو العمل السياحي بخدماته وأنشطته المختلفة والمتنوعة التي تعتمد على الإنسان المستهدف تشغيله في هذا القطاع الواسع فالسياحة كصناعة لا يمكن أن تقوم بذاتها دون مشاركه فعليه من قبل الدولة وقطاعاتها الأخرى واضعة الالتزام بالقوانين والتهيئة للاستثمار والمشاركة في ما هو ممكن في مقدمة الاهتمام لتتضاعف فاعلية المساهمة والتشجيع لإنشاء بنية سياحية متكاملة وإعداد قوى عاملة ماهرة وتوجيه الإعلام في المشاركة الإلزامية بتوعية المواطن وأهمية احترام التشريعات السياحية والعمل بها من قبل الجميع بما فيهم أجهزة الدولة والسلطات المحلية والتعريف بأهمية هذا القطاع في التنمية وفي تنمية المجتمعات المحلية على وجه الخصوص .
إن الأضرار التي أصابت قطاع السياحة متعددة فمنها الأضرار المباشرة التي أصابت المنشآت السياحية والمناطق والمعالم السياحية والأثرية والأضرار غير المباشرة التي أصابت القطاعات الأخرى المساعدة والتي لا يمكن أن تقوم السياحة إلا بوجودها. تلك ملامح مختصرة لواقع السياحة وما تحمله من هموم داخلية أما الهموم الخارجية فسوف نشير إليها في مواضيع قادمة نستكمل فيها بقية من ملامح العمل السياحي ولنؤكد على أهمية السياحة وأنها نبع للسلام .
Prev Post
قد يعجبك ايضا