عن الدخيل والأصيل !
عباس السيد
* في محاضرة له عن الآثار اليمنية بجامعة صنعاء ، خاطب الدكتور العربي أحمد فخري الطلاب قائلا : يا أبنائي ، ينبغي أن تكونوا أعرف ببلادكم من غيركم ، وأكثر اهتماما ببناء أنفسكم ، وأنتم أذكى من أن يخدعكم ما يسمى بالدكاترة والخبراء
.. فمهما كانت خبرة الذين يأتون إليكم ، فإنهم لا يخدمون إلا مصالحهم أو مصالح الشيطان .. أما مصالحكم فأنتم أدرى بها وأهم بها ، كما يقول مثلكم الشعبي : ” ما من دخيل عافية ، لو جاء بزاده وماه ” *.
لقد كان الدكتور أحمد فخري يحذر من الدخلاء وهم ” دكاترة وخبراء ” فماذا كان سيقول لو أن الدخلاء ” جيوش ومرتزقة ” ؟؟.
المثير للسخرية ، أن التدخل الخارجي الهمجي السافر في اليمن والمتواصل منذ عام ونصف ، لا يزال محل جدل عند البعض ، رغم ما الحقه هذا التدخل من قتل ودمار قل نظيره في تأريخ الحروب والنزاعات بين الدول .
الدخلاء الذين تكالبوا على اليمن ، جمعوا في صفوفهم المرتزقة وخبراء الجريمة من كل أصقاع الأرض ، وتحول تدخلهم ـ الذي بدأ بعدوان جوي وبحري ـ إلى غزو , واحتلال لمحافظات يمنية . وفي أكبر عملية تزييف للحقائق عبر التاريخ ، يجري توصيف العدوان بأنه دعم للشرعية ، ويعرف الغزو والاحتلال كعمليات تحرير !.
في جامعة صنعاء ، أستعان الدكتور أحمد فخري بموروثنا الشعبي اليمني الأصيل ليحذرنا من الدخلاء ، ولم يلجأ إلى مراجع عربية أو أجنبية أو مناهج أكاديمية ليعلمنا ما ينبغي أن نعلم .
وفي هذا ، يمكن القول أن معظم القبائل اليمنية ، التي طالما وصفها البعض بالتخلف ، أثبتت خلال هذا العدوان ، أنها الأكثر دراية بالمصلحة الوطنية ومقتضياتها ، والأكثر وعيا بمخاطر الدخلاء ومكائدهم ، من مدعي الثقافة والسياسة والحداثة والمدنية .
مفارقة أخرى تتجلى من خلال تعامل المناهج المدرسية في الحقبة الجمهورية مع الغزو والاحتلال العثماني لليمن ، بأنه فتح أو حكم ، في حين كان لسان القبائل أثناء الاحتلال التركي يقول :
يا شركسي يا قرش يا مجيدي .. مش حق أبوك صنعاء هي حق سيدي .
لا زالت القبيلة ثابتة في مواقفها الوطنية ، وهي تتحدى الدخلاء الجدد وتصرخ : صنعاء بعيدة ، قولوا له : الرياض أقرب .
ولا عزاء للأغبياء من عبدة الشيطان ، وشاكرو سلمان .
هامش :
* : من كتاب : الثقافة الشعبية في اليمن ، للأديب الشاعر: عبدالله البردوني .
ص 421