من الوقوف ضد الجمهورية إلى محاولة إجهاض الوحدة
ظل حكم الأئمة في اليمن ضعيفا غير قادر على السيطرة على مختلف مناطق اليمن وكانت تخشى على الدوام من جارتها الجنوبية بريطانيا التي كانت قد استولت على عدن.
وفي فترة الضعف هذه تمكن محمد الإدريسي الغريب والدخيل على اليمن والمغربي الأصل والذي ينسب الأدارسة إلى السيد أحمد بن ادريس من السادة الأدارسة في المغرب والذي درس التصوف وأصبح قطباً من أقطابه له طريقته المعروفة بالطريقة الأحمدية أقام في مصر فترة ثم مكة وبقي فيها ثلاثين عاماً, توجه بعدها إلى اليمن ضيفا عزيزاً على مفتي زبيد داعياً إلى طريقته الصوفية وعند عودته إلى الحجاز أصيب في مدينة صبيا اليمنية والقريبة من ابي عريش في عسير بمرض الحمى وتوفي فيها عام 1937م والذي أصبح قبره مزاراً مما أعطى أسرته الدخيلة مكانة روحية كبيرة في المنطقة والتي تطورت إلى سلطة سياسية على يد محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إدريس والذي وصل إلى عسير واستقر فيها واخذ يقود المقاومة ضد الاتراك مخالفاً ضدهم الايطاليين والانجليز وقد اعتمد اعتماداً كبيراً على دعم الانجليز له بالمال والسلاح بعد أن عقد التحالف مع الانجليز في ابريل 1915م وتعهد الانجليز بحمايته ضد الامبراطورية العثمانية حليفة الامبراطورية الألمانية زعيمته دول المحور دعماً لحركته العسكرية في تهامة اليمنية بواسطة الأسطول البحري والحربي البريطاني المتمركز في مياه البحر الأحمر وبذلك كان محمد الإدريسي أول عميل عربي مغربي الأصل انظم إلى دول الحلفاء وحمل السلاح ضد جيوش الامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
وبعد ذلك لجأ محمد الإدريسي إلى ابن سعود لحمايته من التهديد اليمني ثم تمرد على المحاولات السعودية للسيطرة عليهم وطلب أحد امراء الأدارسة اللجوء السياسي في اليمن وقد كانت هذه النقطة بداية التوتر بين المملكتين.
فعندما تدخلت السعودية عسكرياً في النزاع بين الإمام يحيى ملك اليمن والإدريسي أثناء تمرد الأخير كان التدخل ضد الحكم القائم ولم تكن هناك أية اخطار تهدد الأمن السعودي لأنهم وصلوا للحماية فقط وإذا بالحامي أًصبح صاحب حق بعد أن استولى على الأراضي اليمنية ورجالها وسمى الشعب والأرض باسمه شخصياً حتى يومنا هذا.
على إثر هزيمة الإمام يحيى حميد الدين في الحرب مع السعودية عام 1934م وضم الأقاليم اليمنية الثلاثة عسير ونجران وجيزان للسعودية قسرا ولم يكن بتراضي الدولتين اليمنية والسعودية فقد ظلت السعودية تتوجس من أية تطورات على الساحة اليمنية ورغم ما يتردد كثيراً من أن السعودية لا تتدخل في الشؤون الداخلية لليمن فإن الواقع يثبت انه لم يمر حدث ذو شأن في اليمن على امتداد القرن العشرين وحتى الآن دون أن تساهم السعودية فيه وتترك بصماتها عليه.
وهناك العديد من التدخلات السعودية الصارخة في الشؤون الداخلية لليمن وسيتم الإشارة باختصار لأهمها:
بدأ الدعم السعودي للملكيين منذ عام 1962م – 1970م للعمل ضد الجمهوريين من اجل استعادة السلطة فكان المبرر السعودي لتدخلها في النزاع الملكي الجمهوري أنه تم بناء على التماسات من الأسرة المالكة وكان نتيجة للأخطار التي شكلها التدخل العسكري المصري على الأمن السعودي واحيانا كانت تبرر أعمالها بضرورة الدفاع عن الشرعية في اليمن ودرء الأخطار الماركسية عن الجزيرة العربية.
وهكذا بدأ الدعم السعودي للملكيين للعمل ضد الجمهوريين عن طريق تكوينها لعلاقات مع عملاء من الشخصيات الهامة والمجموعات الاجتماعية المستقلة مثل القبائل وأصبحت هذه هي الوسيلة التي من خلالها استطاعت أن تمارس نفوذها وقد استمرت الروابط التي تكونت في كل من اليمن الشمالية واليمن الجنوبية أثناء تلك الفترة حيث استغلها السعوديون في محاولاتهم المستمرة لتوجيه سياسة الحكومة لتكون دائماً في صالحهم سواء في اليمن الشمالية أو الجنوبية وفي كلتا الحالتين فعلى الرغم من المخاطر التي تمس أمن السعودية نفسها فلم تستخدم السعودية قواتها العسكرية لتحقيق أهدافها.
ولا شك في أن السلطة السعودية قدمت دعماً مالياً للملكيين فرصدت ملايين الريالات لدعم حلفائها وأجبرت العمال اليمنيين المقيمين في السعودية على الانخراط في الجيش الملكي المقاوم للتغيير وأجزلت لهم العطايا واشترت ضمائر العديد منهم ليقتل اليمني أخاه اليمني كما هو حاصل الآن من المرتزقة والمويدين للعدوان السعودي يدمرون البيوت فوق الأطفال والنساء.
لتبقى اليمن في حالة حرب مستمرة لا تتفرغ لبناء نفسها ولا تلتفت إلى المشاريع العمرانية التي تعود على أبنائها بالسعادة والخير وتصبح منطقة نفوذ لتنفيذ مخططات الاستعمار والرجعية السعودية والخليجية.
لقد كان منع أي نفوذ معاد من البقاء في اليمن هدفا سعوديا هاماً طوال تلك الفترة كما كان اخراج المصريين من اليمن الشمالية هدفا لصانعي القرار السعودي أما الهدف الإيديولوجي لاستعادة النظام الملكي في اليمن، فلم يكن بنفس الأهمية والحماس كما كان في البداية خاصة بعد التفاوض مع الحكم الجمهوري والوصول إلى حل يرضي الطرفين بتشكيل حكومة تضم وزراء جمهوريين وملكيين صحيح أن السعودية قبلت بذلك إلا أنها لم تفعل ذلك إلا اضطراراً وبعد أن تبين لها استحالة تحقيق نصر حاسم في الحرب وبعد أن أدت إلى حدوث تطورات داخلية في غير صالحها وأدخلت البلد في دوامة من العنف والأعمال الانتقامية التي لم تكن السعودية لتحسب لها حساباً عند بدء الحرب الأهلية في اليمن كان الهدف من عزل دولتي اليمن عن أي حلفاء خارجيين هو ضمان عدم مساعدة اليمنيين في الحصول على حريتهم من السيطرة السعودية وإذا أصبح هذا هدفا رئيسيا للسعودية بالنسبة للدولتين حتى في السنوات التي تبعت ذلك.
وبعد انسحاب القوات المصرية من اليمن الشمالية والقوات البريطانية من اليمن الجنوبية أصبحت السعودية تواجه موضوعات وتحديات أخرى في حدودها الجنوبية حيث استمر الجمهوريون في الشمال في القتال وقدمت حكومة عدن الجديدة تهديداً ايديولوجيا وتهديداً جغرافيا سياسيا جديداً حيث استعانت بحليف خارجي لتعضيد موقفها الداخلي الضعيف.
ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن السعودية قد ألقت بثقل كبير لها في اليمن من أجل التحكم في قرارها السياسي الداخلي والخارجي وقد قامت بدعم الموالين لها بالمال الوفير والعتاد والأسلحة بشكل لا يمكن اعتباره بأقل من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدولة قائمة وهي عبارة طالما رددها ويرددها المسئولون السعوديون في أحاديثهم الصحفية ولقاءاتهم ولكنهم قاموا بعكسها تماما في اليمن.
بالإضافة إلى الدعم السعودي المباشر للملكيين في اليمن ضد الحكم الجمهوري وإعطاء المساعدات السخية لهم فلم تكتف السعودية بذلك بل تدخلت حتى في تعيين الوزراء ورؤساء الحكومات وحتى رئيس الدولة وكانت تزيد المساعدات إلى الحكومة اليمنية أو نقلها وتوقفها تبعاً لولاء المعنيين في هذه المناصب.
وهكذا ترى عمق التدخل السعودي في الشؤون الداخلية لبلد مستقل إلى درجة يتدخل فيها بتعيين أقطاب الحكم في اليمن إلى جانب ذلك الضغوط السعودية لإقالة رؤساء الوزارات عدة مرات أثناء الحكم الجمهوري وتعيين أنصارها لرئاسة الوزراء لعدة مرات واشعال النظام السعودي حربين أهليتين بين الشطرين عامي 1972 و1979م بواسطة عملائها وأخذ تعهد من رئيس الوزراء عبدالله الحجري باتفاق ملف الحدود بين البلدين إلى الأبد عام 1973م.
والضغط السعودي على الرئيس ابراهيم الحمدي لطرد الخبراء السوفيت واستبدالهم بأمريكيين وعندما حاول التحرر من التبعية السعودية وقام بخطوات حثيثة لإقامة الوحدة مع الشطر الجنوبي من الوطن كما عطل مجلس الشورى عقب تسلمه رئاسة الجمهورية والذي كان يضم في أغلبيته رؤساء القبائل الموالية للسعودية إلا أنه تعرض لضغوط اقتصادية وعسكرية حجة الأمر الذي جعله في موضع حرج ومتقلب في مواقفه تجاه السعودية والغرب بشكل عام حيث أنه كان ينشد الموقف المستقل ولكنه لا يستطيع الاستغناء عن الدعم السعودي والغربي له وقد سببت له مواقفه هذه اضطرابات عسكرية عديدة أودت في النهاية بحياته في 11 أكتوبر 1977م قبل يوم واحد فقط من زيارته المقررة لعدن للتفاوض حول الوحدة معها.. وقد أشارت أصابع الاتهام في قتله إلى السعودية.
ولذلك فإن السعودية قد تحملت أعباء كبيرة في اليمن وأنفقت الأموال الطائلة على الوجوه المؤيدة لها المعارضة للوحدة مع الجنوب اليمني بل أنه يمكن القول بطمأنينة تامة أن علاقة السعودية مع أقطاب الحكم في اليمن ارتهنت بوجهة نظر هؤلاء تجاه الوحدة اليمنية.
فالسعودية لا تريد أن ترى دولة قوية تنافسها في الجزيرة العربية فعشرون مليون نسمة في الجمهورية اليمنية ومساحة شاسعة نصفها تحت الاحتلال السعودي واطلالتها على مضيق هام كباب المندب وشعب ذو حضارة عريقة كالشعب اليمني يمكن بعد توحيده أن يشكل القوة الرئيسية الأولى في شبه الجزيرة العربية إذا ما توافر لها استقلالاً اقتصادياً.
وهكذا فإنه تقف أمام قضية الوحدة بين البلدين عقبات عديدة أهمها الرفض السعودي لها وعدم استقلالية القرار اليمني فما أن تشعر السعودية بوجود تقارب بين الشمال والجنوب حتى تقوم بتشجيع نزاع حدودي بينهما.
ورغم كل المؤامرات على الوحدة اليمنية فقد تحققت وتمت في 22 مايو 1990م وكانت السعودية ترى فيها خطراً على مصالحها ونفوذها وهيمنتها في الجزيرة العربية وقد انجزت هذه الوحدة من غير رأي السعودية وعلى الرغم من معارضتها الخفية لها ولكنها إلى أن وقعت حرب الخليج الثانية واتخذ النظام الوحدوي الجديد في اليمن موقفا مع الحل العربي ومعارضا التحالف الدولي ووجود القوات الأجنبية على أرض الجزيرة العربية ودفع ثمناً باهضا لموقفه هذا بطرد مليون عامل يمني مسلم من السعودية والكويت وحل الغضب الشديد السعودي الكويتي المشترك على اليمن وتم تصنيفه من دول الضد.
وانطلق السعي في الرياض والكويت للعمل على تقويض الوحدة اليمنية بكل قدرتها وامكانياتها واتصالاتها الإقليمية والدولية وفتحت السعودية خطوطها بالمال وهو ملح الأرض اليمنية وبها استطاعت الوصول إلى صنعاء وعدن في محاولة دائمة لتوسيع شقة الخلاف بينهما توصلا إلى انفصال يعيد اليمن إلى سابق عهده شمال وجنوب وربما إلى تشطير أكثر يحقق لها انتقامها عبره.
منذ بداية حرب الانفصال في يونيو – يوليو 1994م في اليمن والتحريض السعودي على الانفصال يأخذ عدة اتجاهات وكانت البداية دعوة الملك فهد بن عبدالعزيز عاهل السعودية للزعماء اليمنيين إلى التحلي بالواقعية في التفكير التي أعلن عنها في كلمة له في عيد الأضحى عام 1994م وفسرها المراقبون بأنها اعتراف ضمني بتقسيم اليمن.
ومما لا شك أن علي سالم البيض نائب رئيس الجمهورية اليمنية قد حصل على وعود خليجية واضحة بالاعتراف بدولته وأن دولا من دول الجوار قد حفزته على سرعة اتخاذ قرار الانفصال واقنعته بـ»أن قراراً كهذا هو السبيل الوحيد لتدويل الأزمة وإبعادها خارج حدود اليمن.
مما دفع صنعاء وقد هالها أمر التحريض هذا إلى بذل أقصى الجهد لحمل السعودية على وقف دعمها للانفصاليين مقابل ضغوط سعودية لتسوية موضوع الحدود وهذا ما حصل بالفعل في اتفاقية 12 يونيو 2000 تحت ضغوط للتآمر على الوحدة من الداخل والخارج والخوف من تدويل الأزمة اليمنية هو الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى عدم الاعتراف بدولة الانفصاليين خشية من أن يتحول النزاع اليمني إلى نزاع اقليمي يؤدي إلى استقطابات جديدة في العالم العربي وهو تحول لا أحد يعرف أين ستؤدي به الحرب اليمنية أما إذا كانت ستجعل من اليمن افغانستان ثانية كما اشاع الأمريكيون على لسان وزير خارجيتهم وآرن كريستوفر وهو يحذر دول مجلس التعاون الخليجي من التدخل في اليمن ويدعوهم إلى العمل لوقف تدفق الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة ملوحاً أن الحرب ستستمر إلى ما لا نهاية وسوف تساهم في الاضطرابات في المنطقة ومن الواضح أن الولايات المتحدة في تلك المرحلة قد اكتفت بالتلميح دون التصريح في تحذير حلفائها الخليجين وتحديداً السعودية أولاً ومن ثم الكويت من التدخل في الشأن اليمني.
وبالمقارنة مع الموقف الأمريكي ظهر أن المملكة العربية السعودية تحرض أو على الأقل تدعم ماليا على انشقاق اليمن من جديد بينما الموقف الأمريكي الداعم للوحدة اليمنية وفي ضوء نهاية العملية المعروفة بـ حرب تعزيز الوحدة قد احبطت محاولة الأقاليم الجنوبية لجر اليمن والسعودية منذ العام 1986م إلى صراع حرب الانفصال اليمنية الداخلية مايو ويونيو 1994م.
وتؤدي دراسة حصيلة الأزمة اليمنية والتمرد ضد الثابتين الديمقراطية والوحدة إلى الاستنتاج بأن المملكة العربية السعودية لعبت دورا رئيسيا في هذه الأحداث التي ترتكز على تمرد يقوده أشخاص نافذون في الحزب الاشتراكي ضد نتائج الانتخابات العامة التي جرت في 27 ابريل 1993م لذا فقد كان ما حدث تمرداً ضد إرادة الشعب اليمني الممثلة في مجلس النواب المنتخب ضد دستور عام 1991م وبالتالي ضد عملية الديمقراطية ككل.
أما الوضع الداخلي في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح فقد وصل إلى الحضيض في السنة الأولى لحكمه فقد تعرض لمحاولة اغتيال كما حصلت محاولة انقلاب عسكري في اكتوبر 1978م أي بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه الحكم كما اندلع القتال بين الشمال والجنوب في فبراير 1979م.
وقد توقع العديد من المراقبين أن الرئيس صالح سوف يتجه بسرعة نحو الاعتماد على السعودية وقبائل اليمن المدعومة من السعودية من أجل ضمان استمرارية حكمه ولكن يبدو أنه لم يتعجل ذلك بانتظار أن يتمكن من بلورة سياسية يمنية جديدة تقوم على استقلالية القرار السياسي الداخلي والخارجي.
ولكن الرئيس صالح خيب آمال السعوديين فالأمريكان في بداية حكمه فقد أعلن أنه لا يقبل أن تستغل القوى الكبرى خلافاته مع اشقائه في الجنوب لاملاء سياساتها على بلاده كما أن السعودية أصيبت بصدمة نتيجة إقصاء حلفائها من الحكومة وذلك في منتصف عام 1979م.
وهكذا استمر الوضع في عهد الرئيس صالح ملئيا بالمخاطر حيث اشعلت الحرب الحدودية بين اليمن والسعودية عدة مرات وخاصة بعد ما وردت أنباء عن وكالة الأنباء اليمنية عن اكتشافات نفطية جديدة وبكميات تجارية في منطقة الجوف ومارب وحضرموت حيث أن قضية اكتشاف النفط واستقلالية القرار اليمني أمر مصيري بالنسبة لنظرة النظام السعودي لليمن.
مما دفع السعودية إلى توجيه انذارات للشركات النفطية العالمية بالتوقف عن العمل فيها بحجة أنها تنقب في أراض سعودية وأن معها مشاكل مع اليمن بشأنها لا سيما بعد اكتشاف النفط مؤخراً في هذه المناطق.
ولذلك فقد عانت اليمن من التدخلات السعودية في شؤونها الداخلية فكانت تتطاول على أكثر الشخصيات في اليمن تلك هي العلاقة بين النظام السعودي والشعب اليمني منذ ما يزيد عن نصف قرن.
وهكذا كانت العلاقة والتي لم تستطع الحكومات المتوالية على حكم اليمن التخلص من الهيمنة السعودية وظل الشعب المسلم في اليمن خلالها يئن من ثقل الضغوط السعودية ومن جراء استخدام المال كوسيلة لذلك فقد استغل النظام السعودي المال بصورة مزرية في علاقاته مع اليمن مستفيداً من ضعف الموارد الاقتصادية في اليمن في تلك الفترة من الزمن إنها رحلة حزينة ومثيرة في نفس الوقت لمعرفة بعض التدخلات السعودية في الشؤون اليمنية أو ما يسمى اليوم الجمهورية اليمنية.
ومن أجل كشف حقيقة أسباب تأخر الاكتشافات النفطية في اليمن حتى الثمانينيات من القرن الماضي وتخلف اليمن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بسبب قلة الموارد الاقتصادية وشحة المساعدات الخارجية التي تعتمد عليها اليمن ولولا الضغوط السعودية وتدخلاتها في شؤونها الداخلية والخارجية لتمكنت اليمن من اللحاق بدول الجزيرة العربية الغنية بمواردها النفطية لأنها تعيش معها في اقليم جغرافي واحد فهل من المعقول أن يظهر النفط في كل الدول المجاورة لليمن وفيها يكتشف متأخراً كما سبق الإشارة اليه.
والثابت أن مظلومية الشعب اليمني من قبل النظام السعودي كانت وراء عدم الاستقرار طيلة الفترة الماضية وبعد تسوية الحدود البرية والبحرية بشكل نهائي ودائم واغلاق كافة الملفات في 12/6/2000م قل الدور السعودي في التدخل في الشؤون اليمنية وقلت الصدامات الحدودية والمشاكل التي كانت السعودية تثيرها من وقت إلى آخر.
وإذا كانت السعودية قد تمكنت من جعل النظام الجمهوري في السبعينيات والنظام الوحدوي في التسعينيات يعلنان التزامها بمعاهدة الطائف فإنها رغم امكاناتها الضخمة وجهودها الحثيثة عجزت عن اجهاض النظام الجمهوري واخفقت في افشال الوحدة وهزمت في حب الانفصال 1994م وكذا في افشال الديمقراطية والتعددية ومن ناحية أخرى فإن قدرتها على التأثير في القرار اليمني قد ضعفت بدرجة كبيرة فلم يعد هناك عمال تلوح بطردهم ولا مساعدات تهدد بقطعها.
ولم تكتف جارة السوء بما سبق الإشارة اليه من التدخلات بالفشل الذريع مما دفعها ليلة 26 مارس 2015م بإعلان حرب كونية على اليمن من واشنطن عن طريق سفيرها عادل الجبير وزير الخارجية السعودي الحالي وحتى كتابة هذه السطور وما يتعرض له اليمن عام ونيف من حصار بري وبحري وجوي وقصف جوي ليلاً مع النهار على مدار الساعة لم تستثن أي شيء في اليمن إلا دمرته فارتكبت جرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل المتعمد والممنهج من خلال استهداف المدنيين والتجمعات السكانية واستهداف البنية التحتية والصحية والصناعية والزراعية والنفطية والرياضية والمدارس والجامعات والمساجد وتجويع المدنيين من خلال فرض الحصار الشامل ومنع دخول المواد الغذائية والأدوية والمشتقات النفطية وتدمير الموانئ والمطارات والطرق والجسور.
وهنا يتسأل سبعة وعشرون مليون يمني لماذا هذه الحرب البربرية والوحشية ولمصلحة من؟!
وبذلك نستطيع القول بأن اليمن يتعرض للإبادة الجماعية بأسلوب لا إنساني ولا اخلاقي بل غجري ووحشي وبربري على شعب مسلم ومسالم لم يسبق أن اعتدى على أحد على مدى التاريخ وهذا هو السياق الذي جاء فيه العدوان السعوأمريكي والصهيوني ضد الشعب اليمني المظلوم والمكلوم والصابر والمحاصر ولكنه أيضا الصامد والمتصدي بشجاعة وبأس شديد قل أن شهد العالم مثيلاً له وانتصر عليه رغم حشود قوى الشر العالمية بقيادة أمريكا من أسلحة وجيوش وإرهابيين ومرتزقة تبدأ من عملاء الداخل مروراً بجيوش الأنظمة العربية الرخيصة وعلى رأسهم عصابة مجرمي جنجاويد السودان الإرهابية وانتهاء بمقاولي بلاك ووتر عصابة المخدرات والقتل والتخريب في العالم.
لهدف تجويع الشعب اليمني وقتله أو الاستسلام والخضوع لأسرة بني سعود في ظل الصمت الدولي المخزي.
قائمة المراجع:
1- سعيد محمد باذيب الصراع السعودي المصري حول اليمن الشمالي 1962 – 1972م القاهرة دار البياتي.
2- خديجة أحمد الهيصمي العلاقات اليمنية السعودية 1962م – 1981م .
3- جريجري جويس العلاقات اليمنية السعودية بين الماضي والمستقبل للاتينية الداخلية والمؤثرات الخارجية ترجمة سامية الشامي وطلعت غنيم حسن القاهرة مكتبة مدبولي. 1993م.
4- سمير العبدلي الوحدة اليمنية والنظام الإقليمي العربي القاهرة مكتبة مدبولي 1997م.
5- رياض نجيب الرئيس رياح الجنوب اليمني ودوره في الجزيرة العربية 1990 – 1997م ط بيروت ، رياض الرئيس للكتب والنشر سبتمبر 1998م.
Miadl, Esat, val 39 No 3p
Drysdle, A.D. and Blake, G.H.
And North Africa: Apoliticl
Geography. Oxford university press1985 .
أكاديمي وباحث سياسي – جامعة صنعاء
Hussein-mutaher@hotmail.com