سياسيون ومراقبون.. يقيمون مسار مفاوضات الكويت:

التحشيد الأجنبي في الجنوب.. واستمرار خروقات العدوان قد يجهض المشاورات

¶  المفاوضات خطوة متقدمة لكنها تفتقد للنوايا الحسنة من قبل السعودية

استطلاع/ أسماء حيدر البزاز

ما بين التفاؤل والترقب الحذر حول مفاوضات الكويت ومخرجات لجانها تختلف وتتمحور رؤية الساسة في اليمن تبعاً للأحداث والمستجدات على الواقع.. إلا أنهم اعتبروها خطوة متقدمة على ما سبقها من الحوارات رغم أنه إلى الآن لم يفض إلى نتائج جيدة على المسار السياسي،ويبقى هذا التفاؤل مصحوباً بحذر شديد بسبب التحشيد العسكري الأجنبي وعدم احترام وقف إطلاق النار والمزاجية المفرطة للنظام السعودي في التعامل مع مختلف القضايا الساخنة في الشرق الأوسط..

أستاذ العلوم السياسية بجامعة تعز الدكتور محمود البكاري يرى بأن مؤتمر الكويت بحد ذاته هو فرصه لإحلال السلام في اليمن متمنياً أن يكون أيضا فرصة لإحلال السلام في المنطقة وهذا يتطلب من كافه الأطراف المشاركة فيه سواء بصورة مباشرة
أو غير مباشرة أن يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية والقومية والتاريخية لنضع حدا للصراع السياسي الذي لا يخدم سوى أعداء الأمة ونناشد كافة العقلاء في اليمن والمنطقة أن يعوا الدرس جيدا وأن يدركوا أنه مهما طال الصراع فلا أحد سينتصر على الآخر ومن يعتقد انه منتصر بتدمير الآخر فهو مخطئ لأن الكل على سفينة واحدة.
وأضاف: والحقيقة أننا نعيش هذا الوضع المأساوي من الصراع عربياً وإسلامياً منذ قرون وهذا سبب تخلفنا عن العالم الذي أصبح يعمل بلغة الربح والمصالح من هذا الصراع ولذلك فإن التفاؤل بنجاح مؤتمر الكويت مرهون بمدى حرص المشاركين فيه ومن خلفهم كل العرب والمسلمين على حقن الدم العربي الإسلامي في أي مكان ومن المهم الإشارة إلى أننا كعرب ومسلمين عموما من نسفك دماءنا بأيدينا بأوهام ومبررات واهية وهذا ما لا يحدث في أي أمة أخرى.
صمود إعجازي
من جانبه يقول مستشار محافظة عمران الدكتور ناصر العرجلي – رئيس حزب اليمن الحر: أن مفاوضات الكويت بين الفرقاء اليمنيين ما كانت لتحدث لولا أن المجتمع الدولي قد أصبح على قناعة راسخة بفشل الخيار العسكري الذي اعتمده تحالف العدوان بقيادة النظام السعودي وأن الأسرة الدولية قد ألقت بكل ثقلها من أجل جمع لم الخصوم السياسيين في اليمن والخروج باتفاق سلمي يضع حدا للحرب والصراعات في البلاد ويحفظ ما أمكن من ماء وجه النظام السعودي وداعموه من قوى الاستكبار والطغيان في هذا العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني والمملكة المتحدة البريطانية والتي مُنيت جميعها بهزيمة نكراء أمام الصمود الاعجازي لأبناء الشعب اليمني وأبطال جيشه ولجانه الشعبية؟..لهذه الأسباب يسود الشارع اليمني حالة واسعة من التفاؤل بنجاح المفاوضات ووصولها إلى إنهاء العدوان وإرساء دعائم الأمن والاستقرار على الرغم من المراوغات والمحاولات الصبيانية التي تبديها المملكة السعودية عبر مندوبيها في المفاوضات من اجل تحقيق بعض المكاسب والخروج على الأقل بنصر إعلامي وإنجاز صوري يحفظ بعض الهيبة أمام شعبها المخدر بالانتصارات العظيمة التي لا تتجاوز استديوهات قنواتها الإعلامية.
وبخصوص توقعاته بنجاح المفاوضات يقول العرجلي : لا تختلف كثيراً عن بقية المشاعر العامة للشارع اليمني مع إبداء بعض التحفظات والتي تعود إلى الإصرار السعودي الغريب على اللعب في الوقت الضائع والاستماتة في المناورات التافهة التي تقوم بها بين الحين والآخر عبر عملائها في المفاوضات ومرتزقتها في الميدان والذين لايزالون على مايبدو يوهمون أسيادهم في الرياض بإمكانية تحقيق انتصار عسكري حاسم وهم يريدون بذلك استمرار تدفق الدعم المالي الذين لايزالون ينساقون بغرابة خلف هذه الاكاذيب والأوهام.. متوقعاً أن يتأخر الوقت كثيرا قبل الوصول إلى اتفاق سلام شامل وعادل.
عبدالسلام الكبسي – رئيس بيت الشعر يقول: الشعب في اليمن لا يرغب في حوار مع عملاء آل سعود بالكويت ، ولن يتسامح مع من استدعى العدوان السعودي ، ولا مع آل سعود ، وعليه ، فمن الحكمة إغلاق الأبواب بفرض سياسة الأمر  الواقع بالإعلان عن حكومة..
وتابع: قال لي شيخ مسن من بني مطر: بعد نزول الأمطار، نحن على استعداد للدفاع عن اليمن لـ7 سنوات ، لكن قل لأصحابك “يقطّفوا في الكويت”.
خطوة متقدمة
البرلماني كهلان صوفان يعتبر مؤتمر الكويت خطوة متقدمة على ما سبقه من حوارات، رغم أنه لم يفض حتى الآن إلى نتائج جيدة على المسار السياسي. وهناك عدة أسباب تدعونا للتفاؤل بإمكانية نجاحه ، منها: – رعاية سمو أمير دولة الكويت المباشرة له، وحرصه على نجاحه. – لم يعد لدى النظام السعودي أي أوراق جديدة يستخدمها في المسار العسكري بعد مرور أكثر من العام على العدوان، رغم أنه كان يراهن على أسابيع فقط في بدايته. – ارتفاع الكلفة المالية على النظام السعودي عن كل يوم إضافي لعدوانه، في ظل ما يعانيه الاقتصاد السعودي من أزمات خانقة نتيجة تراجع أسعار النفط وتآكل الاحتياطي من النقد الأجنبي. – التحول الكبير للشريك الرئيسي للنظام السعودي، إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد السياسات السعودية في المنطقة. – انهيار الاتفاق السعودي الإماراتي في إدارة الحرب على اليمن، وتقاسم النفوذ فيه.
وتابع : من بين الأسباب زيادة الضغط الدولي على النظام السعودي، وخاصة شركائه الأمريكيين والأوروبيين، على ضرورة توقف الحرب والاتجاه إلى المسار السياسي نظراً لتفاقم الوضع الإنساني في اليمن، الذي ينذر بكارثة وشيكة قد يصعب محاصرتها. ونظراً للضغط الشعبي الذي بدأ يتشكل في تلك الدول بضرورة الضغط لوقف الحرب في اليمن. – التخوف من انتشار وتوسع التنظيمات الإرهابية في المناطق التي يسيطر عليها التحالف، والذي قد يهدد مسار الحركة الملاحية الدولية عبر مضيق باب المندب وخليج عدن. – التخوف من فتح ملفات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، والمجازر الجماعية التي ارتكبها طيران قوى تحالف العدوان السعودي على الشعب اليمني. – الإغراءات التي قدمتها الصين للسعودية لإنقاذ الاقتصاد السعودي من الانهيار مقابل نزع التوترات القائمة في الشرق الأوسط ومنها اليمن..
ومع ذلك يعتبر تفاؤلنا هذا مصحوباً بالحذر الشديد، بسبب المزاجية المفرطة للنظام السعودي في التعامل مع مختلف القضايا الساخنة في الشرق الأوسط، لاسيما وأن من يتقلد السلطة هناك وإصدار الأوامر والقرارات صبي في الثلاثينيات من العمر لم تتوفر له بعد الخبرة ولا الكياسة ولا التجربة، حيث تتسم كل قراراته بالتهور وعدم تقدير العواقب.
سيناريو
من جانبه يقول   – أستاذ القانون الدولي بجامعة صنعاء – أحمد عبدالملك حميد الدين: يبدوا أننا قادمون على فترة ” لا سلم ولا حرب” أو الحرب الباردة على الطريقة العربية. مناوشات هنا وهناك. بدون حسم. لكن سنشهد تخفيف من حيث الحصار وقصف الطيران.وهذا مايريده المخرج في المرحلة الثانية المرسومة في السيناريو المعد. فقد تحققت الأهداف للمعركة الأولى وهي تدمير اليمن وإدخالها نفق الأزمات السياسية وإنهاك الجارة ووضعها في حالة قانونية صالحة للابتزاز في ملف حقوق الإنسان وجرائم الحرب ووضع مسمار الطائفية الجيودينية في المنطقة.. لهذا سينتقل بنا المخرج في مسرح الفوضى الخلاقة إلى فصل جديد بمشاهد أخرى..أول هذه المشاهد “مفاوضات الكويت” سيناريو وحوار الأمم المتحدة , بطولة ولد الشيخ..إنتاج وتمويل بعض دول الخليج تمثيل كمبارس سياسي في المنطقة ذات العلاقة..ونحن المتفرجون والمستهدفون..!!
وقال: ان منظمات دولية تدفع إلى السلام…وبعض أصحاب القرار في التحالف يراوغون..ومندوبي الرياض ليست لهم رؤية محددة.
فيما يتفاءل الدكتور  عبدالله القليصي – جامعة صنعاء – مبرراً ذلك التفاؤل بالمعطيات التي تبرهن على أن اليمن لا يمكن أن يستقيم فيه نظام الحكم إلا بتوافق بين الأطراف السياسية.
الانقسام السعودي
من ناحيته أبدى الدكتور عادل عبدالحميد غنيمة – جامعة عمران – تفاؤله وقال: التفاؤل صفة حميدة ولابد أن نتفاءل لوجود مؤشرات دالة على رغبة دولية إقليمية في حل سياسي باليمن لعدة أسباب ومنها عدم قدرة هادي وحكومته في المنفى من السيطرة على مدن الجنوب وعدم سيطرته على الميلشيات التي تقاتل باسمه وبنمو سيطرة تنظيمي داعش والقاعدة في الجنوب وتهديدهم للأمن والسلم الدولي في البحر العربي والأحمر وداخل باب المندب وثانياً الرغبة السعودية في الخروج من المستنقع الذي وقعت فيه لمدة تزيد على 14 شهرا حتى يومنا هذا وكذلك المخاوف من حدوث كارثة إنسانية في اليمن بسبب وصول نسبة المجاعة في اليمن  إلى50 %.
ويستطرد :ولكن توجد مؤشرات تدل على إمكانية فشل مفاوضات الكويت ومنها الانقسام السعودي على طريقة الحل السياسي في اليمن بين المتصارعين على الحكم ما بعد سلمان وكذلك الخروقات السعودية عبر مرتزقتها للعديد من الجبهات لاسيما نهم ومأرب وتعز وكذلك إمكانية خروج بعض القيادات من التسوية السياسية مثل هادي وعلي محسن ما يجعلهم يسعون بقوة لإفشال المفاوضات وكذلك عدم وجود وسيط دولي نزيه لكون ولد الشيخ منبطح سياسيا للرياض ويمثلها في المفاوضات بدلاً من ممارسة دور الوسيط السياسي وهذه مؤشرات وإن كانت ضعيفة فإنها تدل على الفشل وأن كل الاحتمالات مفتوحة وإن كنت لازلت متفائلاً بنجاح المفاوضات إذا ما أبدت السعودية رؤية موحدة للحل السياسي في اليمن والابتعاد عن اليمن قدر الإمكان في صراع الأحفاد على السلطة.
إرادة غامضة
هاشم علوي – رئيس قسم البحث العلمي بجامعة إب: أخذت القوى الوطنية ممثلة بأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وحلفاؤهما من القوى الوطنية المناهضة للعدوان السعوصهيوامريكي على الشعب اليمني لقاء الكويت على محمل الجد منطلقين من المصلحة الوطنية في إيقاف العدوان ورفع الحصار متجاوببن مع دعوة الأمم المتحدة لعقد مؤتمر سلام بدولة الكويت التي تدعم السلام باليمن وهي إحدى الدول الخليجية المشاركة بالعدوان ومع هذا قبل الوفد الوطني التفاوض مع وفد مرتزقة الرياض في مؤتمر سلام لم ترق تسميته إلى مؤتمر السلام باليمن بل تراوحت تسمياته وتعددت من لقاءات إلى مشاورات إلى مفاوضات إلى حوار منطلقا من دعوة الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن.
وقال: لقد ظهر جليا  عدم التزام دول العدوان بدعوة الأمم المتحدة وما تم التوقيع عليه عبر لجان الجبهات فكل ما يجري من تحشيد واستمرار العدوان وعدم الالتزام بوقف إطلاق النار الذي يمثل المدخل الحقيقي لأي حل سياسي والذي لن يتحقق إلا بوقف العدوان ورفع الحصار وانسحاب القوات الغازية والأجنبية من كل شبر باليمن والذي يظهر معه جليا أن مؤامرة كبيرة تحاك ضد اليمن بهدف احتلاله والسيطرة على قدراته وما تعزيز جبهات المرتزقة بالسلاح والمعدات والآليات العسكرية والتحشيد ووصول قوات أمريكية إلى عدن وقاعدة العند بمحافظة لحج وقوات إماراتية إلى المكلا بمحافظة حضرموت إلا أكبر دليل على أن العدوان يتجه نحو احتلال اليمن تحت ذرائع مختلفة.
وأضاف: ولهذا لن تقدم مشاورات أو لقاءات الكويت أي حل سياسي حتى لو خرجت بحل سياسي توافقي فإنه سيكون حبراً على ورق وستكون دول العدوان ومن خلفها أمريكا وإسرائيل قد سدت منافذ النجاح لأي حل سياسي وما أعتقد أن الوفد الوطني حققه هو توضيح الصورة لعدد من القنوات الدبلوماسية الإقليمية والدولية ما يجري في اليمن وحسن نية الوفد الوطني لتجاوبه مع دعوة الأمم المتحدة والذي نجح في تعرية وفد الرياض بأنهم أدوات وليسوا أصحاب قرار أو رؤيا للخروج بحل سياسي.
مناورات ومراوغات
وأما المنتج التلفزيوني وليد كحلاء فيرى أنه بات من الصعب الحديث اليوم عن إمكانية نجاح مفاوضات الكويت وما نسمع عنه من تطمينات أممية في هذا الجانب هي بحد ذاتها ليست مطمئنة لأنها لا تستند لأي نتائج أو مؤشرات إيجابية ملموسة تدعو للتفاؤل والاطمئنان.. حيث تلعب الكويت اليوم بالنسبة للرأي العام دوراً ضاغطا باتجاه إنجاح المفاوضات غير أن التسليم بذلك غاية في الخطورة خصوصا في ظل غياب آلية زمنية للمفاوضات ، أضف إلى ذلك أن دولة الكويت جزء رئيسي من تحالف الشر الذي تقوده السعودية.
وقال إنه وبالنظر إلى سير المفاوضات وما يحدث فيها من مناورات ومراوغات وافتعال طرف العدوان لأحداث لا أساس لها كالحديث مؤخرا عن احتلال ” معسكر العمالقة ” الذي سبق وأن استهدفه العدوان بعشرات الغارات واعتبار ذلك خرقاً للهدنة على لسان ممثل الأمم المتحدة أو من يُمثِل عليها ” ولد الشيخ ” !! وبالتالي صنعوا لأنفسهم مبرراً للانسحاب من المفاوضات ، ثم العودة إلى الطاولة مجددا عبر ما وصفوه بـ” الجهود والمساعي الحثيثة ” التي بذلها أمين عام مجلس العدوان الخليجي عبداللطيف الزياني ،، كل ذلك وأكثر يؤكد قطعاً وبما لا يدع مجال للشك أن الهدف الحقيقي من مفاوضات الكويت هو امتصاص غضب الرأي العام العالمي للجرائم التي ترتكبها أمريكا وإسرائيل وقوات التحالف بحق الشعب اليمني وتخفيف الضغط عليهم.
ونبه الى أن  الأهم من كل ذلك هو كسب المزيد من الوقت الذي يضمن لقوى العدوان والاحتلال إعادة تموضعها وتمركزها العسكري على الأرض خصوصا في المساحات الاستراتيجية وبمنأى عن أي اعتراض للقوة الصاروخية والعمليات النوعية للجيش واللجان الشعبية الذين تقتصر عملياتهم العسكرية اليوم في ظل الهدنة على صد الزحوفات والرد عليها.
وخلص إلى القول: بناء على ما سبق وغيره من الأحداث والمستجدات والتفاصيل نقترح على الوفد الوطني المفاوض ضرورة وأهمية تزمين المفاوضات وحصرها بفترة زمنية قريبة ومحددة إلا إذا كانت لديهم حسابات أخرى، يبقى الخيار لهم.. ومنا الدعاء.

قد يعجبك ايضا