> الطاقـة الشمسية.. منظومات متفاوتة الجودة والرداءة
مستهلكون :
– أقبلنا بتفاؤل كبير على الألواح الشمسية لكننا فقدنا المال وخسرنا الأمل بالفكاك من أغلال الظلام
– حالات النصب التي تعرضنا لها بألواح وبطاريات مغشوشة أفقدتنا الثقة في المصنوع
تجار:
– لسنا في منأى عن الخسارة فقد تعرضنا للغش بصفقات استهلاكية رديئة الجودة
– لا نستطيع ضمان المنتج لعدم وجود قائمة مواصفات ومقاييس تضبط هذه التقنية الجديدة في البلد
تحقيق – أحمد محسن غليس
المهم في طفرة الطاقة الشمسية التي صارت منتجاتها السلعة الأكثر رواجاً في السوق اليمنية رغم تدني القدرة الشرائية، ليس في الإقبال عليها، وما تمثله للمجتمع من خطوة هامة باتجاه الاستغلال الأمثل للطبيعة.. ولكن الأهم هو في كونها مصدراً جديداً على المستوى المعرفي والثقافي للمواطنين، إذ يجهل المواطن الخصائص الفنية وطرق الاستخدام لهذه التقنية، ترافق مع هذه الطفرة والجهل، غياب الجانب الرقابي والمؤسسي لتجارة الطاقة الشمسية، وهو ما دفع بالتجار لتمرير صفقات كبرى في السوق خارج أطر الموصفات والمقاييس الدولية لصناعة منتجات الطاقة الشمسية، حيث لم تتبلور بعد مواصفات حديثة وضبطية في بلادنا تواكب هذه التقنية..
في هذا التحقيق اعتمد النزول الميداني لمواطن وسوق الطاقة الشمسية سنتتبع تفاصيل وأنواع هذه المنتجات، والمشكلات الفنية التي تكتنف هذه التقنية، وحالات النصب والاحتيال التي تعرض لها المستهلك……….. إلى التفاصيل:
مع تلاشي واضمحلال المنظومة الوطنية لشبكة الكهرباء، بدأ اليمنيون البحث عن بدائل الطاقة الكهربائية لتسيير أعمالهم ومشاريعهم المختلفة، فبدأت الطاقة الشمسية بتدرج خجول تغزو الخارطة الاستهلاكية في المجتمع اليمني، إلى جانب المولدات الخاصة مختلفة الأحجام.. ومع الانهيار الكامل للمنظومة الوطنية لخدمة الشبكة الكهربائية، واحتدام أزمة المشتقات، منذ بدء العدوان على اليمن، شهدت تجارة الطاقة الشمسية طفرة غير مسبـوقة..
وبعد سماع الكثير من المواطنين عن الطاقة الشمسية وفوائدها كخدمة بديلة قرر الآلاف الذهاب إلى الأسواق لاقتنائها لحل مشكلة الطاقة الكهرباء التي توقفت منظومتها الوطنية خلال العام 2015م ليفاجأ الجميع بخيبة أمل في فاعلية الكثير من الألواح التي تختلف في الأشكال والأنواع والأحجام.
الحاج أحمد علي من محافظة صنعاء بعد طابور من الزبائن وصل للتاجر ليقتني لوحين بحجم (150) وبطارية بحجم (200)، ومحولاً ومنظماً، تسلمها وهو مشغوف بمميزات هائلة لكنه لم يجد مما سمعه عن هذه المنظومة شيئاً يذكر.. فرغم شراء المحول والمنظم والمقفل وغيرها من الأجهزة إلا أن الألواح كانت عبارة عن صناعة استهلاكية عديمة الجودة والجدوى، فلم تستمر أسبوعاً إلا أحجمت عن تعبئة البطارية وبدا للحاج أحمد كما أنه لم يشتر شيئا.. ليعرف بعد تخبط وأسئلة مكررة على مهندسين أنه خدع بألواح ضعيفة جداً، وأنه لم يوفق بألواح أصلية ذات أعمار افتراضية طويلة..
خداع الجميع
ما وقع فيه الحاج أحمد يشتكي منه الكثير من المواطنين، حيث وقعوا ضحية خداع طال الجميع، ليجد الكل أنفسهم أمام مشكلة ضعف تعبئة الألواح الشمسية، وبل فساد أغلبها، وتلف البطارية التي تعمل معظمها أسابيع وتبدأ مشكلتها بالفوران أثناء التعبئة ففترة عمرها قصيرة جداً فحسب ناجي العقبي – أحد المزارعين- تصل بعضها إلى ساعات فقط.. مؤكداً ذلك بأنه اشترى لوحاً شمسياً بحجم مائة وبطارية بحجم (70) وأنه لم تمض ساعات حتى فارت البطارية، ليقوم بفصلها عن اللوح أكثر من مرة.. ثم قام بعد ذلك بشراء مقفل بين ألوح و البطارية ولكن بدون جدوى فالمقفل يمنع دخول الطاقة للبطارية مما يؤدي إلى ضعف عمرها أيضا.. ويضيف العقبي بأنه قام بحرق الشاشة بمجرد خطأ لمس بسيط بين الموجب والسالب.. ليبحث بعد ذلك عن قطع غيار لكرت الشاشة وبعد شهر وجد كرت بنص قيمة الشاشة، مضيفاً أنه قام بتغيير الرسيفر ثلاث مرات نظراً لضعف صناعته..
بعد دوامة فنية كبيرة حاول ناجي العقبي إعادة البطارية للتاجر الذي رفض التعامل معه، أو أخذها باعتبار أنه باعها وهي صالحة، وأنه لا يتحمل مسؤولية إعطابها.. هذه الحالة أيضا مر بها الكثير من المستهليكن، الذين خدعوا كما خدع.. لكن هذه الدوامة تكشف أيضا أن معوقات ومشاكل الطاقة لا تتوقف عند التاجر أو السوق بقدر ما تأتي من قبل المستهلكين، وهي متمثلة في الجهل بها فنياً، ما أصاب الكثير من الذين يريدون اقتنائه بخيبة أمل وبالتالي الإقلاع عن شراء منتجات الطاقة الشمسية..
هذا ما أوضحه المواطن أحمد الشرفي، مؤكداً أنه رغم فوائد الطاقة الشمسية إلا أنه متردد بين شرائها أو الانظمام إلى صفوف المخدوعين بتقنيات يجهلونها.. معيداً أسباب عزوفه الأساسية في كثرة انتشار الألواح الشمسية الصينية في ظاهرة تعكس رداءتها بل إنها لا تفي بحاجة المنازل من الطاقة الكهربائية، إضافة إلى تكاليف الأدوات التكميلية كالمنظم والمقفل وغيرها من الأدوات الضعيفة والتي تعرف بضعف صناعتها ..
أسواق الألواح الشمسية
في السوق تلاحظ طفرة غير مسبوقة في سوق الطاقة الشمسية، ففي سوق شعوب( مديرية شعوب أمانة العاصمة) تنتشر المئات من محلات الطاقة الشمسية وتمتد على الأرصفة الألواح المختلفة في الأنواع الأحجام والتي تتحد تحت صناعة واحدة وهي الصناعة الصينية والتي لا تتجاوز العام بحسب الكثير من التجار الذين رفضوا عمل أي ضمانة للألواح الموجودة معيدين ذلك إلى أنها بضاعة جديدة لم يتم بعد وضع المواصفات والمقاييس اللازمة لها في البلد، ولم يتم دراستها فنيا ومدى ملاءمتها للطبيعة اليمنية وثقافة المستهلك اليمني، كلما في الأمر أنهم وجدوا طلباً في السوق اليمني على المنتجات، فعقدوا صفقات كبيرة، لكنهم فوجئوا بشكاوى المستهلك، ليكتشفوا في ما بعد أنهم أنفسهم تعرضوا للغش من بعض المنتجين في السوق المفتوحة، والتي باعتهم كميات استهلاكية ذات عمر افتراضي قصير.. ولكنهم- أي التجار- يؤكدون في نفس القوقت أنها جيدة بدون ورق ضمانات كما أن التجار كل منهم يتهم الآخر بضعف بضاعته وفي الأخير وجدنا تاجراً يبيع بعض الألواح الياباني المتسوبيشي بضمانة (25)عاماً بعد الإلحاح على الضمانة ويقول التاجر انه مضطر لاخفائها لكي يبيع الأنواع الصينية الموجودة لديه..
غياب الوعي
فنيا تمتلئ الأسواق بألواح الطاقة الشمسية ومنتجاتها الأخرى من الدبوس إلى الأسلاك إلى القناديل إلى المنظمات والبطاريات والمحولات، لتتداخل المشكلة في المنتجات، غير أن طريقة الغش الأهم في هذه المنتجات تأتي، من خلال وضع لواصق مزيفة لا تعبر عن بلد المنشأ أي الذي صنع المنتج فيها، فأحياناً تكون مصنعة في مناطق صناعية في أي من بلدان العالم، هذه المناطق لا تخضع لمعيار الجودة العالمية، وإنما تخضع لمعايير ارتجالية احتيالية كأن تكون منتجات استهلاكية، ذات عمر افتراضي قصير جداً، تجعل المستهلك يعود للسوق في أقرب وقت، وهذه إحدى وسائل استنزاف الاقتصاد، في المجتمعات.. وتحدث المغالطة أن هذه اللواصق مثلاً تحمل صنع في ألمانيا، أو النمسا أو اليابان، وهي جميعها صنعت في الصين، غير أنها صنعت في مكان واحد، هو في مناطق الصين غير الخاضعة للرقابة، فأي صناعات صينية حقيقية تجدها جيدة..
هذا ما ذهب إليه المهندس نبيل العصيمي، موضحاً أن التجار يغالطون الناس بلواصق كاذبة ومزورة لخداع الناس تحت مسميات مطاطية غير واقعية كالمدرع والضوئي وغيرها من المسميات رغم أنها لا تجدي نفعا.
وأضاف العصيمي: هناك الكثير من المشاكل التي تعيق الاستفادة من الألواح الشمسية منها غياب وعي المواطنين في شراء الألواح الشمسية الجيدة ذات الصنع القوي والمتعارف عليه كالألواح الهندي (الداتا) والألواح (ميتسوبيشي ) الياباني، و(الكوبكس) والراجي وهي من أفضل البضائع الصينية، ذات الماركات المتميزة عالمياً.. لكن غياب الرقابة على هذه الأسواق هو الذي شجع التجار على استيراد الكثير من الألواح الضعيفة والتي لا يتجاوز عمرها العام الواحد حيث تقوم بالضعف تدريجيا إلى الأسو إضافة إلى بعض التجار يقومون بوضع لاصقات مزورة لكي ينسب ألواحه إلى شركات كبيرة ومعروفه الاستخدام لخداع المواطنين مشيراً إلى أن بعض التجار يستغل جهل المواطنين تجاه هذه السلعة الدخيلة ليقوم بتسمية الواحة بالمدرع والضوئي وغيرها من الأسماء كي يجذب المواطنين لشرائها رغم أنها كلها صيني ولكنها مسميات لخداع المواطنين فقط.
سوء الاستخدام
وحول جهل المواطن المعرفي قال المهندس العصيمي: إن من الأسباب أيضا سوء استخدام البعض للوح شمسي كبير(150) وبطارية بحجم (100) وهو الشيء الذي يسبب فوران البطارية وإضعاف عمرها الافتراضي إضافة إلى أنها تسبب حدوث أمراض بسبب استنشاق غازاتها السامة مؤكدا أن اللوح حجم(150) يجب أن يكون المقابل بطارية بحجم (150) أيضا منوها بأن أسباب ضعف تعبئة اللوح يعود إلى ضعف الألواح وفصل الشتاء وكذلك عدم استخدام سلك نحاسي أصلي وربط أسلاك نحاسية بين اللوح والبطارية ويضيف العصيمي أنه يجب أن تكون الألواح “عدني شمالي غربي “في فصل الشتاء وميال قبلي في فصل الصيف.
لافتاً إلى إن من الأسباب الهامة أيضا استخدام بطاريات ضعيفة الصنع أو ذات حجم صغير فمثلا البعض يقوم بشراء بطارية الكترونية الصنع وهذا النوع يعد من الأنواع الضعيفة مقارنة ببطارية الأسيد حيث لا يتعدى عمر البطارية الالكترونية ثلاثة أشهر خاصة إذا فارت كما تعد البطاريات الأسيد ضعيفة مقارنة بالبطارية ذات صناعة الجل والتي تعد من أفضل أنواع البطاريات خاصة نوع بنسونيك وغيرها وكذلك بطارية كوبكس..
طرق ناجعة
أخيراً.. يؤكد الفنيون المختصون بتقنيات الطاقة الشمسية ضرورة اتباع الطرق الناجعة لاستغلال الطاقة الشمسية استغلالاً ناجحاً، حيث يجب على المستهلك اتباع عدة خطوات لكي يحصل على جودة أفضل، منها شراء ألواح شمسية مضمونة تباع من وكيل كألواح الدلتا الهندي، أو ألواح ميتسوبيشي أو الألواح الفرنسي أو ألواح الكوبكس والراجي وتعد أفضل الألواح الشمسية، كما يجب شراء سلك نحاس بحجم(4)ملي للوح الذي بحجم (100-150) وشراء سلك (6)ملي للوح بحجم(200-250)، إضافة إلى استخدام رابط نحاسي بين اللوح وسلك النحاس المؤدي للبطارية وأصابع نحاس مضمونة.. كما يشترط الفنيون أن تتواءم أحجام البطاريات بأحجام الألواح وأن تكون الصناعة جل ويفضل أن تكون بنسونيك كونها صنعت خصيصا للطاقة الشمسية أيضا وجوب شراء المنظم المقفل لكي يمنع فوران البطارية وكي تطول في عمرها.
تصوير/ فؤاد الحرازي