مساحة خضراء…نزار قباني يحسن الصهيل
فؤاد عبدالقادر
وقد كتب بالسكين .. فكانت قصائده عارمة غاضبة .. رافضة الرفض, فلم يترك نظاماً أو سلطة .. أو زعيماً سياسياً .. إلا وجه له سهامه وحرابه فأثخنه جراحاً وأدماه.
قصائده مجنونة صريحة كحد السكين .. بسيطة بكلماتها .. صافية كالماء .. لهذا قيل عن نزار قباني أنه يكتب بلغة مائية شفافة لا يهادن .. ولا يهون .. إلا أنه يظل صاحب الكلمات العذبة .. لا تزال تشع في واقعنا .. ولا تزال قصائده الثائرة .. تعيش في أعماقنا .. وتنمو ورودا وحنطة .. وحبات بهار .. وتعبر عن واقعنا العربي المزري.
يعتبر نزار قباني – رحمه الله .. الأنيق المثقف .. العروبي حتى النخاع مثل خيل غير مروض .. نافر .. يعمل ليل نهار .. يرمح في البراري والقفار .. ويأخذ كل من أمامه .. كقطار يدهس كل من أمامه.
متى تفهم .. متى يا سيدي تفهم
بأني لست من تهتم بنارك
أو بجناتك
وأنا كرامتي أكرم .. من الذهب المكدس
بين راحاتك..
وأن مناخ أفكاري غريب عن مناخاتك
أيا من فرخ الإقطاع في ذرات ذراتك
ويا من تخجل الصحراء .. حتى من مناداتك
تمرغ يا أمير النفط .. فوق وحول لذاتك
كممسحة تمرغ في ضلالاتك
لك البترول فاعصره على قدمي خليلاتك
كهوف الليل في باريس .. قد قتلت مروءاتك
على أقدام مومسة .. هناك .. دفنت ثاراتك
فبعت الله .. بعت القدس .. بعت رماد أمواتك .. الخ القصيدة الصارخة
حياة .. حافلة
حياة حافلة عاشها الشاعر الكبير .. وقبل الشعر .. عمل الرجل في السلك الدبلوماسي .. وتنقل كدبلوماسي .. بين القاهرة وانقرة واسبانيا .. والصين .. بعدها ترك الخارجية .. قدم استقالته وتفرغ للشعر .. كانت بدايته مع الشعر .. الإبحار مع شعر الغزل .. واستمر في تشبيه بالنساء معبراً عن همومهن وتطلعاتهن .. دواوين شعرية أصدرها (قالت لي السمراء، خبز وحشيش وقمر) الذي ألبّ عليه مشايخ الدين .. وأثاروا في مجلس النواب السوري .. آنذاك .. ضجة كبيرة .. كتب نزار جل قصائده عن المرأة .. حتى كانت 5 يونيو 67م فكانت نقطة تحوله إلى الشعر السياسي .. وابتدأ بقصيدة (هوامش على دفتر النكسة) عبارة عن هجر للتخاذل العربي .. ثم بدأت رحلته مع الشعر السياسي .. فكانت قصائده بلسما للشفاء.