وديع العبسي –
> فعل ورد فعل.. كل يراقب الآخر ماذا فعل أو ماذا سيفعل وإذا لم يجد منه شيئا رأى في ذلك فرصة سانحة للقيام بـ”فعل” يعلم مسبقا انه سيستفز الآخر وربما يدفعه للقيام برد فعل وهكذا لا تزال علاقات الأطراف السياسية ملغمة بالتوجس والعدائية وإذا أردنا تخفيف التوصيف فبالكراهية.
وصحيح أننا نسير إلى مؤتمر الحوار رغم العقبات لكن ذلك ليس مؤشرا على أننا نقترب من الحل والنفوس لا تزال مشحونة بهذا الشكل وتنذر بمعارك حوارية لا تخلو من التشنج والاتهامات.
هي بالتالي مناسبة لإعادة التأكيد بأن التجارب اليمنية التي نحن بطبيعة الحال أعلم بها أكثر من مجلس الأمن ومن الأمم المتحدة أثبتت أن سياسة فرض الحلول والواقع السياسي لا يمكن أن تقود إلا إلى بؤر توتر لا نزال نشهد بعضها حتى اليوم شمالا وجنوبا.
وبالتالي فإن التوافق الافتراضي الذي بدأنا به التسوية هي فقط -ولكن بشكل صادق هذه المرة- التي يمكن أن تخرجنا جميعا من أزماتنا المركبة والمعقدة¡ ما يفترض بالضرورة العمل على تهيئة النفوس للتقارب والتوافق عن قناعة.
ومنذ البداية كان واضحا◌ٍ أن اللجنة الفنية تسير في أداء واجب أكثر منها رغبة في لعب دور يمكن أن يحسب لها في قدرتها على سد هذه الفجوات في العلاقات حد التوتر أو التخفيف على الأقل من حدة هذه الخصومات المعروفة للقاصي والداني باعتبار ذلك أفضل مدخل إلى نتائج أكيدة لعملية الحوار.
كان ولا يزال ه◌ِمø اللجنة الفنية (فقط لا غير) الوصول إلى مؤتمر الحوار وكأن مجرد الوصول إليه هو الحل لكل المشاكل ولتطبيب النفوس وهذا غير صحيح بالمرة.. والماضي القريب جدا أعطانا مؤشرات واضحة لاحظناها ولا نزال في تلك الارتدادات التي كانت تحدث عقب أي خطوة كانت تخطوها اللجنة في عملية التحضير ففي كل مرة كان المشهد يسخن من جديد هذا له رأي وهذا له تحفظ وهذا رافض وهذا يهدد بالمقاطعة¡ فكيف بنا وقت الجد.. وقت الحوار.. حين نتحسس الجراحات الكثيرة والكبيرة.. حين نكون أمام مسائل نعرف سلفا موقف هذا الطرف من ذاك ونتوقع ما سيطرحه وما سيطرحه ذاك في جو مشحون ينذر بمعارك حوارية حادة.
أتصور انه من الصعب ونحن لا نزال في مربع التوتر والاستفزازات والمهاترات المتبادلة التكهن بان رياحا يمكن أن تأتي بما يشتهي الحوار¡ وبان أي محاولة دولية يمكن أن تنجح في الخروج إلى الواقع الهدف ما لم يتفق اليمنيين وأؤكد ما لم يتفق اليمنيين.. وما لم يكن هناك تصالح ونفوس تتبادل حب الناس المتطلعة لوطن ينعمون فيه.
صحيح من الصعب اتفاق الجميع لكنا نرمي إلى اتفاق قوي مدعوم بالأغلبية القصوى مع عدم -في الوقت ذاته- إهمال الطرف المعارض لأي نتيجة¡ والانطلاق من القناعة الأكيدة التي لا يشوبها ظنون بأن أي طرف معارض أو غير متفق مهما كان طرحة لا يمكن إلا أن يكون نابعا◌ٍ من شعور بفقدان الثقة وهو ما يتطلب تفتيت أسبابه¡ هذا إذا ما كانت هناك نيøة فعلا للتعايش والقبول بالآخر من اجل الوصول معا إلى طريق واحد سواء.
walabsi1@gmail.com