الفاقة والشتاء.. و”صرع السياسة”
محمــد محمــد إبراهيـــــم
محمــد محمــد إبراهيـــــم –
وسط صقيع الساعة الفاصلة بين الغبش والشروق جلس بملابسه الشتوية وأدوات عمله “كريك فاس وسطل فيه ملعقة الاسمنت وقدوم ومتر وأشياء أخرى تنم أنه عامل متعدد المهارات”.. تمتم بعض أذكار الصباح واعتدل مقرفصا على الرصيف فيما يداه المختبأتان تحت القفازات تلف منتصفه مع ساقيه من صقيع البرد وبصمت مطúبöق وعلى مدى ساعة استرجع الحاج أحمد خلالها صباحات الريف والزمن الجميل استرجع دفء القرى بحميمية الجوار وقيم التعايش وعزيمة التعاون وروائح القهوة وحفلات الديكة والقطط والأطفال الذين يحملون- قبل أوان المسئولية- مهمة جلب الماء من مسافات بعيدة.. استرجع أيضا بهجة الصيف وعرúف الربيع ومهاجل العلان.. هكذا تخيلت الحاج أحمد – عامل خمسيني في حراج القاع جوار الجامعة القديمة – لحظة انتظاره لأحد ما يبحث عن عامل حسب ما كان يشرح لصاحبه..
“أهلا أهلا كيف الحال يا وöليدú ¿! وين الغيبة لليوم.. ¿”.. هكذا قال الحاج احمد حين صعد الباص ملقيا السلام على رفيقه ومصافحا لصاحبه -الذي لا أعرف اسمه -عامل آخر كان في الباص وربما من قريته يصغر الحاج احمد سنا وتبدو على ملابسه والأدوات التي يحملها أنه يبحث عن عمل..
اعتدل جواره بطريقة توحي أنه في لهفة وشوق للجلوس معه والنقاش في ظروف العمل وقضايا حراج العمال ولم يخطر ببالي أن صرع السياسة بغصصöه وغيبوبته سيحضر بعد لحظات من تبادل السلام والسؤال عن العمل ليختزل النقاش مفارقات لم تزل حديث الشارع فيه خيط الفاصل بين معضلة الوفاق الوطني (أربع سنوات تقريبا مرت على حكومته) وحجم التفاؤل بحكومة الكفاءات الوطنية وحكومة السلم والشراكة التي بدأت خطواتها العملية مؤخرا..
لحظتها كان أذان صلاة الظهر يرتفع عاليا ما جعل الحاج احمد يردد مع بداية الآذان كلمتين والتفت إلى صاحبه مباشرة: شكل الحكومة هذه تبشر بخير يا وöليد..!!
التفت صاحبه مستغربا: ما أسرع ¿!!! ما قد جابت لك ¿!..
رد الحاج أحمد بثقة: والله الحمد لله اليوم اشتغلنا يا وöلöيد من الصباح للآن.
رد عليه صاحبه والابتسامة تضيء قسمات وجهه: مع الحكومة.. ¿!
لا لا .. مع تاجر..
هااااه. باين الفرح عليك.. كان وليش متجمöل من الحكومة.. ¿! هيا خرجنا من السياسة وخبöر.. متى طلعت من البلاد..¿!
الحكومة جاءت والناس ضابحين مراعاة والأوضاع ازدادت سوء والناس ملوا حياتهم. صدق أخوك.. والآن الرهان كلووووه على الوزراء الجدد.. هذه هي الجمالة.
رد عليه: الله يجملها.. متى طلعت من البلاد.. ¿! وأيش أخبارك يا حاج أحمد ¿!
الحمد لله ما عد نسوي مشي حالك.. لكن بيني وبينك: كل الناس مستبشرين بخير بحكومة السلم والشراكة والكفاءات قد كانوا طافشين من حكومة الوفاق.. أهم شيء الأحزاب ما ترجع تعصد البلاد مرة ثانية.. وكل حزب يمكنا : حقي. حقي. أنا رب الثورة أنا رب الوطن أنا رب الإنجاز الفلاني. أنا أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا.. نسوا البلاد والعباد وانشغلوا بالوفاق والنطيح على المناصب والحزبية وهات يا عمل.. كل وزير منتظر توجيهات حزبه أو الشيخ “الركúبة” الذي فرضه في حكومة المحاصصة.. أيش يقرر في المدير الفلاني!.. أو في الموظف العلاني! أيش يقرر بخصوص مشروع الطريق والماء والمركز الصحي في المنطقة كذا وهي محسوبة على من!.. أيش يقرر مع المستثمر الرأس مالي الذي جاء يعمل مشروع في اليمن..! وتبع منه..! ومن هو وكيله في اليمن.! وما هو المدخل القانوني لإفشال المشروع..! إذا ما الوكيل واحد من خبúرة الشيخ أو الحزب أو أو …. كان الوزير بكلوووه يعصد الوزارة والمكاتب كلها بحثا عن أين وصلت توصية الشيخ فلان..¿! بخصوص ترقية فلان الذي يحمل بمؤهل: “محسوب علينا أو مرسل من قبلنا أو التعاون سلفا”.. اليوم حكومة كفاءات لا مناصفة ولا محاصصة والعبرة في العمل لا في الخطابات..
أقلك يا حاج احمد خرجنا من السياسة الله يرضى على والöديúك. شبعنا يا عم احمد يا الله ندور لنا عمل بسيط نحصل منه لقمة العيش قدك داري.. قلöي: متى طلعت من البلاد.. ¿ وكيف البلاد..¿
طلعت أمس.. البلاد تنتظر الفرج من الحكومة الجديدة..
رد عليه: ما تفعل لها الحكومة ..¿ شي مطر..!!
شي شتاء ومشاكل.. البلاد تشتي من الحكومة تضع حدا نهائيا لخطر القاعدة وتوقف المشاكل والمواجهات بين القاعدة واللجان الشعبية………..