عناقيد قصصية بتقنية شعرية

الغربي عمران


سمة في مبدعي المغرب تجسير العلاقات الإبداعية مع المجتمعات العربية.. جغرافيا سميت المغرب بالمغرب الأقصى لموقعها الجغرافي النائي .. لكن كثيرأ من مبدعي المغرب تغلبوا على الجغرافية ..وكأنهم الضوء لا يعترفون بالأقصى والأدنى.
وممن ينشطون لتجسير تلك العلاقات من مبدعي المغرب .. القاص الشاعر عبدالله المتقي والقاص الناقد حميد ركاطة .. والقاص الروائي مصطفى لغتيري والشاعرة نعيمة زايد.. وكذلك جماعة جسور بالناظور.. وجمعية الأنصار بخنيفرة الأستاذ عبد العزيز ملوكي وجمعية السلام ومركز الأندلس بقلعة السراغنة الأستاذ عبدالله ساورة.. وجمعية التواصل للثقافة والإبداع بالصويرة الأستاذة ليلى مهيدرة.

والأديب الأريب عبد الله المتقي يأتي في طليعة من لهم اهتمام كبير بالتحايل على الثبات الجغرافي وتحويل المغرب إلى قلب يتصل بأدباء المغرب والمشرق.. فهو على الصعيد الإعلامي ينشط بالتواصل مع الأدباء عند تعرضهم للتهديد أو مصادرة أو منع إصداراتهم بالمقابلة والخبر الصحفي والتضامن .. ولي تجربة في عام 2010م حين منعت رواياتي مصحف أحمر كان المتقي وركاطة ولغتيري في طليعة أدباء وأديبات عرب بالتجاوب والتضامن مع تلك الرواية التعيسة والمنكوبة.
وهذا ليس موضوعنا في هذه السانحة الجميلة بقدر ما أحببت أن أحيي تلك المواقف وتلك الأنشطة والتواصل والتجسير الثقافي لفرسان الأطلس .
وما وددت تناوله في مقاربة سريعة وموجزة لإضمامة قصصية بعنوان الأرامل لا تتشابه.. الصادرة عن وزارة الثقافة المغربية 2012م للمبدع الجميل المتقي. المجموعة تضم ثلاثة عشر نص قصيرا ومقالة حول الإبداع المغربي أتت كتوطئة في بداية الإصدار.
وبداية بالعنوان “الأرامل لا تتشابه” عنوان يحمل من الدلالات ما يحمل .. عبدالله المتقي في جل كتاباته يأتي بالمختلف.. والمفضي إلى إيحاءات قد تمس وتتحرش بذهنية القارئ وكوامنه النفسية. بحيث يفسح لنا العنوان لنتساءل فيم التشابه المقصود وفيم لا تتشابه أرامل المتقي¿ هل يعني الملامح¿ أم الرغبات¿ أم يقصد هيئاتهن¿ أم في ما يجيده الإنسان وما لا يجيده من لذة وألم¿ أم أن للمعنى أوجها أخرى.. وعنوان إضمامة اليوم ليس وحيدة الإدهاش.. فلكاتبنا عدة عناوين صدرت منها”قصائد كاتمة الصوت” و “الكرسي الأزرق” و “قليل من الملائكة” والمتأمل لتلك العناوين سيجدها عناوين ملفتة وفارقة .. بل وعميقة.. وهذا ديدبان المتقي في جل حروفه. وما نحن بصدده اليوم نصوص الأرامل لا تتشابه. وسنركز على نقطتين بشكل رئيسي.
– فنيات الشعر لدى المتقي.
– أسلوبه الساخر الضاحك.
وبداية باستخدام المتقي تقنية شعرية .. أو الإتيان بفنية من فنيات الشعر إلى ساحة القصة.. ليس على طريقة النص المفتوح.. بل ما يصوغه كاتبنا ويبتدعه أبعد من ذلك.. حين يأخذ من القصيدة استقلالية البيت أو الضلع كنص قائم بحد ذاته في داخل القصيدة ليستخدم ذلك في بنى القصة. عبدالله جاء بهذا في نصوص قصصية كثيرة.
أي بمعنى أوضح أنه يقدم لنا عناقيد نصية .. يأتينا بالمعنى في بنى منفصلة ومتصلة في الوقت نفسه في أكثر من نص.. بل وداخل الجزء الواحد نلاحظ نصوصا قائمة بمعناها وفكرتها.. تتصل إن أردنا بما يسبقها وما يليها داخل النص الواحد.
كثيرون من يكتبون وقد وزعوا كل نص إلى عدة عناوين فرعية .. لكنها تظل نصوصا ذات مضمون واحد ولا تتجزأ.. المتقي يخط عناقيده بحيث يقدم لنا أكثر من نص داخلي مكتمل المبنى والمعنى.. وبما لا يخل بالسياق العام للنص .. فقد نجد ذلك النص المكتمل تحت عنوان فرعي وقد نجده على شكل فقرة ضمن نص.. كل تلك نصوص مركبة بالدهشة..وبلغة شعرية رشيقة.
في نص بعنوان “الرجل والقطة” يستبطن عناوين داخلية هي: الرجل..القطة.. القطة والرجل. وفي نص آخر بعنوان”ماء تساوت” يتفرع النص إلى عناوين فرعية: حكاية الفقيه.. قفل الحكاية. وهكذا في نص “الجنون الذي أكل صاحبه” ونص “فلوات” و”السيد باء يبتلع لسانه”. تلك النصوص وغيرها تفرعت كما ذكرنا سابقا إلى عناوين داخلية. إلا أن المتقي لم يكتف باستخدام العناوين الفرعية بل استخدم الأرقام لتجزئة بعض النصوص .. ومنها :الأرامل لا تتشابه.. جغرافية ولصوص.. ذاك الحنين .. الجنون الذي أكل صاحبه.
ولا يعني ذلك أن المتقي اقتصر في نصوصه على تلك العناقيد السردية المجزأة إلى عناوين وأرقام .. بل قدم أكثر من نص وقد احتوى بداخله على أكثر من نص .. بحيث تأتي بعض الفقرات نصوصا سردية مكتملة.. دون عناوين أو أرقام وقد صاغها المتقي بمضمون فني رفيع.. ولذلك نجد أن جميع نصوص هذه الإضمامة قد تكونت من عناقيد حكائية .. تميز بها المتقي.. وابتدعها شكلا ومضمونا.. بل وأجزم أن ذلك يعد بصمة أو أسلوبا خاصا به.
وهو القائل في بداية مقدمة هذا الإصدار وتحت عنوان “زمن القصة المغربية” “لندع الناس تكتب تغامر تشاغب ت

قد يعجبك ايضا