حكومة الكفاءات .. الناس لا يأكلون سياسة

عارف الدوش


 - 
ابتلانا الله وتربيتنا وأساليب عملنا جيلا بعد جيل بالانشغال بالسياسة والتنظير لها في المنزل والشارع والمدرسة والجامعة وأماكن العمل وفي الفسح والإجازات والتنقلات والم

ابتلانا الله وتربيتنا وأساليب عملنا جيلا بعد جيل بالانشغال بالسياسة والتنظير لها في المنزل والشارع والمدرسة والجامعة وأماكن العمل وفي الفسح والإجازات والتنقلات والمقايل وجلسات ” التفرطة ” وفي كل مكان نتحرك فيه مشغولون بأسئلة السياسة المكررة والممجوجة أيش الأخبار¿ كيف الأمور¿ با تسبر أوبا تقرح و”هات يا عجن ولت ” حتى نصدق أنفسنا ونتعبها في الوقت نفسه وننسى كيف نعمل وننتج ونحسن من ظروف معيشتنا.
وإذا حضر حديث الاقتصاد على قلته نبدأه بالسياسة فنفسده ولا نصل فيه إلى التشخيص ووضع البدائل والحلول أو طرح نماذج اقتصادية ناجحة للاستفادة والتحفيز أو حتى للتقليد لإحداث تغيير في حياتنا ينفعنا على مستوى الفرد أو الأسرة والمجتمع وإنما ليدعم حديثنا عن الاقتصاد رأينا السياسي أو لشن هجوما كاسحا وشتما لشخص ما أو أفراد أو حزب أو حكومة أو قيادة.
نواجه جميعا قسوة الحياة بالحديث عن السياسة وعاجزون عن فتح نوافذ للشباب وكل القادرين على العمل والإنتاج تبصرهم كيف يواجهون قسوة حياتهم وتوحش اقتصاد السوق والظلم والجوع والبطالة برغم أن الناس يتحركون في هذه البلاد مهمومين بقوت يومهم بوجبة غداء أو عشاء يبحثون عن فكرة أو نافذة يوفرون منها لقمة العيش ويسكتون بها ” قرقرة” الأمعاء الخاوية.
قليلون جدا الذين خففوا على أنفسهم من أثقال السياسة فأسسوا مشاريع خاصة صغيرة لكنهم أحبطوا بفعل اقتصاد السوق المتوحش وغياب الحماية والتشجيع وظلم الحكام والساسة وضعف القدرة الشرائية ونظام الجبايات الظالم والنهب والفيد كل ذلك أمات مشاريعهم الصغيرة وقضى على أحلامهم وأعادهم إلى مربعات الفقر والبطالة فاكتفوا بتبريرات سياسية.
وكثيرون جدا في هذه البلاد ينتظرون أن يأتيهم الغيث من السماء وهم يلوكون كلام وتنظيرات السياسة ومن لم يبتلوا بالسياسة يفتح لهم دهاقنة السياسة وأمراء الحروب أبوابا للرزق فيمنحوهم أدوات الحروب من أسلحة متنوعة يقتلون بعضهم البعض فيعتبرون الاقتتال والحروب مصادر رزقهم وتصبح ” البنادق والرشاشات والمدفع والدبابات ” وسائل إنتاج بالنسبة لهم لأن الناس لا يجدون أرزاقا غيرها فلا مصانع ولا مزارع ولا مشاريع صغيرة ولا إدارة ولا تسويق فتصبح الحروب ميادين رزق والسلاح بأنواعه وسائل إنتاج.
لقد ظلت الحكومات المتعاقبة لأكثر من ثلاثين عاما تبيع لليمنيين وهم السياسة وتبرر بشماعة الإمكانيات وتريق ماء وجهها لدى المانحين والأغنياء من الأشقاء دون أن تصنع تراكما يؤدي إلى بداية اقتصاد إنتاجي برغم ما تمتلكه البلاد من خيرات كثيرة لا تحصى ولا تعد واكتفت الحكومات بانتظار ما تجود به الدول والمنظمات من مساعدات وليتها صرفتها في جوانب اقتصادية.
لدينا تجارب سابقة ناجحة في حماية البسطاء والغلابى والكادحين والجائعين من خلال مؤسسات القطاع العام والمختلط والتعاوني فنحن دولة فقيرة عليها أن تحمي وتراعي مصالح الأغلبية العظمى من سكانها ففي الولايات المتحدة يبلغ انتاج قطاع الدولة من المنتجات17- 20% وفي فرنسا 30-35 % وفي بريطانيا 25-30% في ايطاليا نفس نسبة بريطانيا وفي السويد 60 % وتدلل الوقائع أن الوضع المعيشي الأكثر استقرارا وتطورا هو في تلك الدول التي تملك الدولة من المؤسسات الاقتصادية بنسبة عالية كالسويد مثلا.
يا سادة يا كرام ويا حكومة الكفاءات لا وألف لا لاستمرار ” العجن واللت ” في قضايا السياسة والتنظير والتبريرات السياسية فلابد من حماية الأغلبية من أبناء الشعب من توحش اقتصاد السوق والاستغلال والاقتصاد الطفيلي ودعوات مشاريع الثراء السريع أو التحايل فلابد من توازن اقتصادي يخدم جميع فئات ومستويات الناس وعليكم أن تعرفوا أن الجوع كافر وأن أغلبية أبناء الشعب تتضور جوعا وتعاني وصابرة ومنتظرة الفرج قبل أن تتحول تلك الأغلبية إلى قنابل متفجرة ضد بعضها البعض ويصبح الاقتتال والحروب مصادر رزق والسلاح أدوات إنتاج .
وأخيرا: استفيدوا من تجربتين في تونس وكردستان وكيف تجاوزتا تداعيات المشكلات الاقتصادية بسبب سياسات حكومية متميزة تجاه العامة من أبناء الشعب بحسب مجلة فورين بوليسي الأميركية وأعيدوا النظر في النظام المالي للدولة ” القربة المقطوعة ” التي تراكم الفساد وتعلم الناس أصوله وأساليبه ووجهوا المال على قلته إلى الاقتصاد والإنتاج لتنجو البلاد والعباد من الحروب والاقتتال.

قد يعجبك ايضا