لن تتحقق الرؤية المستقبلية الخاصة بالشباب إلا بعودة هيبة الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار


استطلاع / رجاء عاطف –
أكاديميون ومراقبون:يصعب صياغة رؤية مستقبلية للشباب ما لم تستقر الأوضاع

الشباب هم الشريحة الأوسع في المجتمع وأمل المجتمعات المتطلعة للرقي والتقدم لأنهم يمثلون المرتكز الأساس بما يمتلكونه من طاقات وإمكانات.. إن تم استغلالها بشكل أفضل..
والمتتبع لحال الشباب اليوم سيجد أن الكثير من طاقاتهم معطلة..أو تم تعطيلها من قبل بعض القوى التي ترى في النهوض بالمجتمع خطراٍ على مصالحها ..
وحسب رؤية مهتمين بهذا الشأن فإن واقع الشباب في اليمن معقد ويصعب الحديث عنه أو وصفه وتحديد مدى مشاركتهم في المجتمع في الكثير من الجوانب والقضايا التي تهم الوطن ..
ووسط هذا الواقع المرتبك ..هناك سعي رسمي وعبر منظمات المجتمع المدني لاستثمار الشباب كأداة بناء سياسيا واقتصاديا وإبعادهم عن بؤر التطرف والجريمة .
من خلال هذا الاستطلاع نتعرف على موقع الشباب اليوم في رؤية ومستقبل اليمن الجديد..

الدكتور أحمد مطهر عقبات أستاذ الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام بجامعة صنعاء يقول: لأول مرة يصعب على المرء إيجاد تكهنات منطقية نابعة من روح المسئولية أو تحديد معالم مستقبلية مفترضة في مثل الظروف التي نعيشها الآن وكذلك المجازفة بالتعليق على أي شيء نظرا لسرعة التحولات التي تحدث داخل البلد وغياب التوافق تحت مظلة المصلحة العامة .
وأضاف عقبات : لا ندري أي مفترق طرق ينبغي علينا تحديده والسير على هداه لصنع مستقبل مزدهر ومستحق لشبابنا التائهين في دهاليز الإحباطات المتتالية ومن هنا يصعب وضع رؤية مستقبلية للشباب حول مختلف القضايا الوطنية ورسم ملامح دورهم الفاعل.
ويربط قضية النهوض بالشباب بمسألة الاستقرار حيث يقول: ما لم تستقر الأوضاع ونتلمس واقعا جديدا يخضع لمنطق التطور والتحديث ويهيئ الأجواء المناسبة للعبور الآمن نحو بوابة مستقبل واعد للشباب وللأمة اليمنية في ظل توافق وديمقراطية حقيقية وقبول بالآخر ومحاربة الفساد وإقامة دولة النظام والقانون والمساواة المبنية على وحدة متماسكة تضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات ويشارك الجميع فيها للدفع بعجلة التنمية بثقة ومحبة وتعاون حينها فقط يمكن وضع الملامح المطلوبة لمستقبل الشباب الذين يمثلون أغلب سكان اليمن..
ذهن مشوش
ومن جانبه يقول ياسين التميمي – كاتب ومحلل سياسي : إن الشباب اليوم نتيجة التحولات التي شهدتها الساحة اليمنية أو التي ربما أدت إلى انتكاسة بحلمهم هم في حالة ذهنية مشوشة وإحباط شديد إلا أن طموحهم وإرادتهم لم ولن تْصطدم وأن كل ذلك يكمن في نقاء بيئة سياسية ومدى توفر نقطة قادرة على تبني طموحات وأحلام الشباب وتوجهاتهم وتصورهم إزاء المستقبل ..
وأكد على أن الشباب يريدون تغييراٍ ومستقبلاٍ وتعليماٍ ووظائف ويريدون حياة أفضل كالتي يشاهدونها في الخارج عبر الفضائيات وهذه الطموحات والأحلام مشروعة لكن هناك طريقاٍ صعباٍ وشاقاٍ ومحفوفاٍ بالمخاطر من أجل الوصول إليه والذي لن يتحقق إلا من خلال إرادات خيرة ووطنية صادقة تحملها النخب وكل الأطراف والقوى السياسية ..
موضحا أن تلك الرؤية لابد أن تنطلق من آلية إلى جانب أن تكون هناك مشاركة بين مؤسسات الدولة التي يجب أن تكون لديها آليات كافية وواضحة لاستيعاب تطلعات الشباب وأفكارهم وكذلك عبر منظمات المجتمع المدني كشريك ومساعد فعال وأن يكون هناك حالة تكامل وأن تتوفر استجابة من قبل مؤسسات الدولة المعنية الأولى وأن توفر الإمكانيات والدعم والمناخ الملائم بحيث يمكن التقاط الأفكار التي يقدمها الشباب وتبنيها وإخراجها إلى النور لأن في الأخير الشباب يظلون قوة تغيير وقوة احتجاجية قادرة على تحريك المياه الراكدة .

برامج وطنية
نشوان حمود الباردة – محامي- قال : للشباب اليمني المتعلم رؤية كبيرة وآمال واسعة وطموحات عالية تجاه مستقبل اليمن وهي النهوض بالاقتصاد الوطني والتطور والازدهار من خلال العلم والثقافة لا بالسلاح والحد من البطالة للاستفادة من طاقات الشباب ليتعلموا وينتجوا إنتاجاٍ حقيقياٍ وفعلياٍ .
وأضاف: لن تتطور الدولة أو تنهض إلا بهمة أبنائها وشبابها ولن تتحقق تلك الرؤية إلا بوجود الأمن والاستقرار للبلد وانتهاء كل الصراعات المذهبية والحزبية التي تعيق التغيير وتنحرف بالبوصلة إلى اتجاهات لاتخدم اليمن بدلا من الاتجاه نحو البناء والتنمية والديمقراطية الحقيقية ووضع برامج تخدم مصلحة الوطن وليس مصالح خاصة .
ويرى أن واقع الشباب اليوم لايسر..ولايتم الاستفادة من آرائهم وطاقاتهم في الوجه الذي يخدم الوطن.
وضع صعب
وتوافقه الرأي نادية عبدالله الأخرم– ناشطة سياسية وإعلامية حين تقول: لن تتحقق الرؤية المستقبلية لهم إلا بوجود الأمن والاستقرار وعودة هيبة الدولة إلى جانب تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل .
وتشير إلى أن اليمن تمر بمرحلة صعبة ووضع الشباب أصعب في الوقت الذي لا صوت يعلو فيه غير صوت الرصاص مع أن الشباب هم من قدموا أغلى ما يملكون وفي مقدمة ذلك أرواحهم من أجل بناء دولة مدنية حديثة وساهموا أيضاٍ في الحوار الوطني من أجل هذا الهدف الكبير الذي يحلم به جميع الشعب اليمني وأرادوها ديمقراطية ولكن للأسف .
وتطالب الأخرم الشباب بالاستمرار في نضالهم السلمي والسعي من أجل بناء دولة مدنية حديثة للجميع وأن لا يتخلوا عن مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة حتى يتم بناء الدولة والتي بدونها سيكون مستقبل اليمن مظلماٍ.
الوضع ضبابي
ومن جهتها ترى بلقيس العبدلي – عضو مؤتمر الحوار لفئة الشباب: أن الشباب مثلهم مثل بقية فئات المجتمع يرون الوضع الراهن في اليمن ضبابياٍ جداٍ وأي رؤى مستقبلية ستقف أمامه حائرة.. لأن الأحداث التي تنتجها حالة الصراع السياسي وكذا التدخلات الخارجية التي تخضع لموازين قوى تارة ترجح كفة وتارة ترجح تزيد الطين بله .
وقالت: يحدث كل هذا الاضطراب في ظل عدم امتلاك الشباب كفئة عمرية في اليمن لأدوات تسهم في جعلهم مؤثرين وفاعلين كوسائل الإعلام مثلاٍ وكذا تدهور الأوضاع الاقتصادية وسوء الأوضاع المعيشية وقلة الوعي أحياناٍ بأهمية العمل الجماعي والبعد عن أي تصنيفات والالتفاف فقط حول الفكرة.
وأضافت بالقول: أيضاٍ وجود فجوة ثقة بين الشباب أنفسهم في كثير من الأحيان يجعل من الصعوبة التحدث عن رؤية موحدة للشباب لكن ليس هناك ما يمنع من وجود رؤى شبابية ناضجة مع أن المشوار سيكون طويلاٍ وقد يحتاج لسنوات ليرى النور على أرض الواقع للأسباب السالف ذكرها .
التقريب بين وجهات النظر
وتنبه العبدلي إلى أن الأفكار الجديدة وقوى التجديد في أي تيار أو مكون ومجتمع دائما ٍ ماتلقى مقاومة وقد يكون أهم دور يجب أن يلعبه الشباب في المرحلة الراهنة هو التقريب بين وجهات النظر المختلفة للمكونات السياسية بالأخص المتصارعة والعمل على حثها للجوء إلى لغة الحوار والتعايش والقبول بالآخر وكذا الالتفاف حول مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والضغط على كافة القوى الالتزام بها وتنفيذها كوثيقة اتفق عليها الجميع .
ولاتنكر دور الشباب في إنضاج مخرجات الحوار وفي الرقابة المجتمعية والنشاط المدني والحقوقي ورصد الانتهاكات والحشد والمناصرة للكثير من القضايا ودورهم كفئة قوية ومؤثرة.
متسائلة في الوقت ذاته وفقاٍ للمعطيات السابقة: لكن هل سيكون صوت الشباب مسموعاٍ بعد إسهاماتهم الكبيرة ¿
لهذا ترى وجوب وجود الشباب على الخارطة السياسية كما تبين في تشكيل الحكومة الجديدة ووجودهم المجتمعي من خلال دورهم وتوحدهم حول الفكر الوطني والدفاع عن القضايا الوطنية والوطن والمواطن وعدم الانزلاق خلف صراعات الماضي التي لا يد لهم فيها وكذا تمسكهم بمبادئ حقوق الإنسان والنضال السلمي والخروج من قوقعة الأنا والشيخ والقبيلة أو المذهب والحزب والطائفة والعمل على إنتاج حلول بحجم هذا الوطن المسلوب ليتسع لنا جميعاٍ.
غياب التأهيل الوطني
محمد الغانمي تربوي له رأي مخالف لمن سبقوه لأنه يرى أن الشباب للأسف تحركهم أحزاب وأن عقولهم أصبحت أسيرة لأهواء لاتخدم مصلحتهم بل مصلحة من يديرونهم.
وأعاد ذلك إلى أن الشباب لم يؤهلوا لحمل رسالتهم الوطنية للإسهام بشكل فاعل في نهضته وانتشاله مما هو فيه من تردُ وصراع ..ولعل دورهم منذ بداية 2011م كان طليعيا لكنه أجهض بفعل قوى المصالح .
التطوير والتطور
الباحثة منى الفقيه تحدثت عن دور الشباب في التغيير وتقول: إن سن الشباب يمتاز على مراحل العمر الأخرى بمزايا أساسية توفر له أهلية خاصة في مشاريع التغيير ومنها الطاقة والحيوية المتجددة والمتفجرة والتفاعلية مع المتغيرات والأحداث وعلو الهمة والقدرة على العطاء البدني والعقلي والطموح المتجدد والكبير وعدم الاستسلام واليأس وحب المغامرة ومواجهة التحديات وعدم الخوف ورفض الذلة والاستسلام للظلم أو التعايش معه والقدرة على التطوير والتطور .
وترى أن الشباب في ثورة اليمن يقدر عددهم بـ(50% ) من حجم السكان اليمنيين ويشكلون أغلبية هذا الفعل التاريخي كنتيجة طبيعية للنسبة التي تشكلها هذه الفئة .
وقالت: لقد أفرزت الثورة من صفوفها قيادات شبابية إعلامية وسياسية وعلى كل المستويات كما تبدلت تلقائياٍ النظرة التقليدية لفئة الشباب بأنهم طائشون وغير مسئولين ولا يستطيعون تحمل الصعاب لتصبح مسئولية بناء الوطن الجديد هي مسئولية ملقاة على عاتق الجميع ويؤمن الشباب بأهميتها وأهمية مشاركته الفاعلة فيها وحينها كان لهم الأدوار الرئيسة ومنها الدور الإعلامي الحقوقي وكذلك الدور القانوني والاجتماعي والسياسي والفني والدور الأمني ويبقى الدور الأهم هو أن تتراص أقدام الشباب لبناء القادم الأجمل بعيداٍ عن الإملاءات والتعصب.

قد يعجبك ايضا