في الأفق البعيد
محمد المساح
* كان يهرول.. يسرع في مشيته وكانت أمه تقول له:
– وطاء.. وطاء..دلا .. دلا في مشيتك يسمعها في الحال ويبطئ في سيره.. يتأنى في نقل الخطوة بعد الخطوة بعد قليل من السير.. ينسي نفسه وعفويا وبدون أن يدري تعود أقدامه تتدافع في إيقاع السرعة تتعجب الأم لطفلها الغريب تحاول أن تعيد إليه الكلام.. لكنها وهي مستغرقة في تساؤلاتها.. تحاول أن تصل إلى تفسير مقنع.. لتلك العجلة .. والا ستعجال اللتين أصابتا الطفل.. بتلك الهرولة في مشيته.. لاضروره ولا استعجال يقتضيان للمشوار تلك الهمة والعجلة وهي في جو التساؤل والعجب تحاول التفسير.. يكون هو.. قد باعد المسافة فيما بينه وبينها تناديه مش قلت لك دلا.. دلا حتى لا تدقف تتضيح يتوقف .. وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة مرتبكة.. يتوقف تماما ويتعجب لنفسه.. ويتفرج بغرابة المندهش لقدميه الحافيتين.. المغبرتين كأني به يوجه اللوم لهما حينها تصل أمه إليه وتحاذيه.. تربت بأصابعها الحانية على كتفه وتنظر إلى وجهه بإمعان.. تحاول أن تستنطقه لماذا تلك العجلة¿ يكتسي وجهه بتلك الوداعة المعهودة لديها وتحاول أن تجد تفسيرا معقولا لتعجله مسرعا هكذا.. يعاودان السير لا يتقدمها هذه المرة.. ولا هي تحلفه تحاذيه.. تمسك بيده اليمنى.. وعلى مهل يسيران.. وكلما حاول أن يضبط قدميه لتسايرا مشية أمه الهوينا كلما حاول.. كانت القدمان تصطدمان ببعضهما.. وتدفعانه إلى أن يفك يده من قبضة يدها الحانية.. فلا يستطيع. قبل نهاية الطريق.. وقد انشغلت بأفكارها وسرحانها.. تنظر حولها.. وهو يهرول مسرعا.. نقطة تغيب في الأفق البعيد.