قادمون من حضارة مفقودة !
حسن أحمد اللوزي
يعترف العالم في الغرب وفي الشرق بالحضارة العربية الإسلامية وما قدمته من موروث حضاري عقيدي وفكري وعلمي وفلسفي عظيم للإنسانية وتأثيراتها العميقة في الحضارة الإنسانية اللاحقة وما صار معاشا اليوم بفضلها وما إشتملت عليه عناوينها البارزة في نقاء الإيمان وسموه والتمسك بالعلم وحرية الإنسان وعدالة الحياة وقيم الإخاء والمساواة والتكافل والتراحم والإلتزام بمكارم الأخلاق وقد قال الرسول الأعظم والنبي الخاتم عليه أفضل الصلوات والتسليم (( إنما بعثت لأتمöم مكارم الأخلاق )).
فلا أحد يمكنه أن ينكر ذلك وكل ما صارت تختزنه ذخائر الثقافة العربية الإسلامية وتلك التي تشكلت منها قسمات وحقائق مكانتها التاريخية في السفر الانساني العريض والطويل المبهر والمتعدد فضلا عن إسهاماتها كما أشرنا سابقا في تشكيل الحضارة الإنسانية المعاصرة والتي غلب عليها صفة الحضارة الغربية باعتبار ان جل اركانها وعناصر تكوينها قد جاءت من الغرب وانبثقت قوتها الحيه الدافعة والمتناميه بل والداهمة منه وفيه.. وبتسخير من إرادته العلمية والعملية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية في المراحل الاستعمارية المتلاحقة في صور ولبوسات متعددة!
وإذا كان هناك الكثير مما يمكن أن يقال في هذا الموضوع مع خبرة وتخصص المتحدثين إلا أن السؤال الأخطر في نظرنا هو ما الذي تقدمه لنا ثقافتنا العربية الإسلامية اليوم وأين نحن منها وهناك حملة تشكيكية بل وتشريحية حادة حول صلة أمتنا بها وحقيقة وجودنا المعرفي المعاصر المنبت عنها..! وبمعنى أدق وضعنا المعرفي الثقافي والتعليمي المتخلف في الوطن العربي والذي هو سبب هذا التردي المتواصل في حروب الفتنة الطائفية والمذهبية والتمزق والإرتهان للمؤامرات العدائية المكشوفة ضد محاولات نهوضنا واسترجاع وجودنا الحضاري وإمعانا في الإضعاف والسقوط ولا اقول الاحتضار لا قدر الله ولا سمح. .
نعم نحن قادمون من حضارة مفقودة أضعناها في فترة زمنية قصيرة من التاريخ الانساني وبقيت بين يدينا آثارها..ومفردات قيمها وإيماناتها تلوكها الألسنة وأحلام اليقظة وأمام عيوننا الشواهد والآثار الدالة عليها ونتطلع اليها في اندهاش وذهول وتعجب مثل غيرنا وكأنها لم تكن من ابداع اسلافنا ونستجر خيباتنا المريرة على امتداد الأرض العربية والاسلامية في حروب الفتنة والتناحر دون أن نعرف السبل التي تمكننا من استرداد الصالح منها ليعيش معنا في هذا الزمن ولنعيش به وبالمعطيات المنسجمة معه من حضارة قائمة وحاكمة وداهمة !!
برغم أننا نتغنى بتأثيرات حضاراتنا فيها وفضائل ثقافتنا عليها – كما أفعل في هذه الكتابة المحزنة والمكررة عن قصد- مع إدراكي الواضح بأنه يجب علينا أن نكف عن التباهي بأسلافنا وبعظمة ما أبدعوه لهم بل ولأمجاد حياتهم وللإنسانية وأن ننظر إلى حقيقة المأساة التي تعيشها أمتناالمفقودة والقادمة في الألفية الثالثة من حضارة مفقودة لتعاني الفقدان ! وحتى إشعار آخر وكل عام وأنتم بخير.
لقرة العيون :
“””””””””””””””””
يا مهد أهل الضاد والشورى
ومنهل حكمة الأزل
ومنتزه الزمان في كل الفصول
وقرة عين الناس والأهل
لك المحبة في القلوب
ولك الولاء في كل العقول
ولك الدعاء مرتلا في كل حين
ولك السلام.. لك السلام
يا غادة السحر الموشى بالشروق وبالحبور
يا قبلة الأشواق واللهفات في كل الصدور
ومنتهى طيب البسيطة والربوع
لك الصلوات في نبض الحشا
ولك السلام..لك السلام
يا غيمة الوحي الندي إذا همت..
جاءت بآلاء النشور
أندت مفازات الشعور
فلك الرؤى المختالة الخضراء في صدر الكلام
ولك الأمان..لك السلام.. لك السلام…”