حين كسرت اليمن جدار الخوف العربي منذ عقود، اعتاد الكيان الصهيوني على صورة نمطية صنعها بنفسه عن العرب: شعوب لا تتحرك، وأنظمة لا تفعل سوى إصدار بيانات شجب واستنكار جوفاء، لا تغيّر شيئًا من واقع الاستيطان والاعتداء والقتل المستمر. لقد ترسخت في ذهنية الإسرائيليين فكرة أن العربي مجرد متفرج عاجز، وأن الخنوع هو السمة الغالبة.
لكن الواقع تغيّر. فوسط هذا السكون، خرج رجال أحرار من اليمن، ليكتبوا تاريخًا جديدًا في معادلة الردع. الصواريخ والمسيّرات تنطلق ليل نهار لتضرب العمق الإسرائيلي، وتفرض على قادة العدو الصهيوني معادلة لم يعرفوها من قبل: أن دماء الفلسطينيين والعرب ليست مباحة بلا ثمن، وأن زمن العجز العربي قد انتهى.
اليوم، يقف العالم أمام مفارقة صارخة: الملايين من العرب والمسلمين لم يتحركوا قيد أنملة، بينما بلد يعاني من العدوان والحصار كاليمن اختار أن يكون رأس الحربة في مواجهة الغطرسة الصهيونية. لم يعد الشعب اليمني يقاتل فقط من أجل نفسه، بل أصبح لسان حاله يقول للعرب والمسلمين: “إن لم تدافعوا أنتم عن كرامتكم، فنحن سنفعل”.
هذه الحقيقة الجديدة يجب أن توقظ العرب من سباتهم: فالتاريخ لا يرحم الضعفاء، ومن يظن أن الدور لن يأتيه واهم. إن ما يجري اليوم إنذار لكل الشعوب العربية أن زمن التواطؤ والصمت اقترب من نهايته، وأن المعادلة لم تعد كما كانت.
اليمن اليوم لا يرد على العدوان فحسب، بل يكتب شهادة ميلاد جديدة للعرب الأحرار: أن الشجاعة ممكنة، وأن الرد واقع، وأن الاحتلال لم يعد في مأمن كما اعتاد.