“المعايير الدولية بشأن مكافحة غسل الأموال واستخدامهـــا في مكافحــــة الفســــــاد “

عاصم الحميدي

 - يدرك القادة في جميع أنحاء العالم بأن تدابير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب هي أدوات قوية وفعالة في مكافحة الفساد.  وقد وضعت مجموعة العمل المالي
يدرك القادة في جميع أنحاء العالم بأن تدابير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب هي أدوات قوية وفعالة في مكافحة الفساد. وقد وضعت مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف) ورقة لرفع مستوى الوعي في كيفية مساعدة توصياتها على مكافحة الفساد عند تنفيذها بشكل فعال.
اعتمدت مجموعة العمل المالي بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (فاتف) أربعين توصية, وهذه التوصيات الأربعون تشكل إطارا شاملا بشأن مكافحة غسل الأموال,وتستهدف التطبيق الفعال لها من جانب كافة بلدان العالم. وتنص هذه التوصيات على مبادئ اتخاذ التدابير كما أنها تمنح البلد المعني المرونة في تنفيذ تلك المبادئ وفقا لظروفه ومتطلبات دستوره, ورغم أن هذه التوصيات الأربعين ليست بمثابة قوانين ملزمة إلا أنها تتمتع بمصادقة المجتمع الدولي والمنظمات المعنية باعتبارها المعيار المقياسي الدولي بشأن مكافحة غسل الأموال. وهذه التوصيات الأربعون تعتبر بالفعل إلزاما للبلد المعني باتخاذ إجراءات لكي تصبح مستوفية للمعايير الدولية. وقد وضöعت التوصيات الأربعون الأصلية لمجموعة العمل المالي (فاتف) في عام 1990 م كمبادرة لمكافحة سوء استخدام النظم المالية من قبل الأشخاص الذين يقومون بغسل أموال المخدرات. تمت مراجعة التوصيات لأول مرة في عام 1996م لتعكس تطور اتجاهات وأساليب غسل الأموال, وتوسيع نطاقها إلى ما وراء غسل أموال المخدرات. وفي أكتوبر 2001م, وسعت مجموعة العمل المالي مهامها للتعامل مع موضوع تمويل الأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية, واتخذت خطوة مهمة تمثلت في وضع التوصيات الخاصة الثمان المتعلقة بتمويل الإرهاب (والتي أصبحت لاحقا تسعا). وتمت مراجعة توصيات مجموعة العمل المالي للمرة الثانية في عام 2003م, وأيد ما يزيد على 180 دولة هذه التوصيات الجديدة جنبا إلى جنب مع التوصيات الخاصة, والمعترف بها عالميا باعتبارها المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وعقب انتهاء الجولة الثالثة من عمليات التقييم المشترك للدول الأعضاء في مجموعة العمل المالي (فاتف), قامت المجموعة بمراجعة توصياتها وتحديثها, بالتعاون الوثيق مع مجموعات العمل المالي الإقليمية والمنظمات المراقبة, بما في ذلك صندوق النقد الدولي, والبنك الدولي وهيئة الأمم المتحدة. وتتناول التعديلات التهديدات الجديدة والناشئة, كما توضح العديد من الالتزامات القائمة وتعززها, مع المحافظة في ذات الوقت على الاستقرار والقوة اللازمة في التوصيات.
وقد تمت مراجعة هذه المعايير من أجل تعزيز الالتزامات بالنسبة للحالات مرتفعة المخاطر, وللسماح للدول بإتباع منهج أكثر تركيزا يستهدف المجالات التي لا تزال مرتفعة المخاطر أو تلك التي لا يزال من الممكن تحسين مستوى تطبيق المعايير فيها.
***
وفيما يتعلق بالفساد, فالفساد ظاهرة قديمة وجدت مع وجود المجتمعات الإنسانية والأنظمة السياسية التي تحكم هذه المجتمعات عبر التاريخ ولا تقتصر ظاهرة الفساد على شعب واحد أو دولة أو ثقافة واحدة دون الأخرى كما تخبرنا كتب التاريخ بذلك.
وتختلف ظاهرة الفساد في حجمها و درجتها من مجتمع لآخر وبالرغم من وجود الفساد في معظم المجتمعات السياسية إلا أن البيئة التي ترافق بعض أنواع الأنظمة الحاكمة مثل الأنظمة الاستبدادية الدكتاتورية (والتي لا تأخذ إلا برأي حاكمها الشخصي وبناء على وجهة نظره الشخصية وتجاربه فقط) تشجع على بروز ظاهرة الفساد كرد فعل على هذا التسلط في هذا النظام أكثر من غيره بينما يقل حجم هذه الظاهرة في الأنظمة الديمقراطية التي تشارك الشعب في الحكم وتستمع إلى رأيه وتحترم حقوق الإنسان وحريته العامة.
***
العلاقة بين الفساد وغسل الأموال
هناك علاقة وطيدة بين الفساد وغسل الأموال. وكغيرها من الجرائم الخطيرة الأخرى, فإن جرائم الفساد, كالرشوة وسرقة المال العام, ترتكب لغرض الحصول على مكاسب خاصة. حيث يعرف البنك الدولي الفساد بأنه” إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص”. أما منظمة الشفافية الدولية فتعرف الفساد بأنه” استغلال السلطة من أجل المنفعة الخاصة”. ويعرف صندوق الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) الفساد بأنه ” إساءة استعمال السلطة المخولة لتحصيل كسب خاص”, وعرفه القانون اليمني رقم (39) لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد بأنه ” استغلال الوظيفة العامة للحصول على مصالح خاصة سواء كان ذلك بمخالفة القانون أو استغلال الصلاحيات الممنوحة”.
أما غسل الأموال Money Laundering فهو كما جاء في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية (1988) (

قد يعجبك ايضا