حتى لا تسقط مهابة الوحدة..
محمــــد محمـــــد إبراهيـــــم
محمــــد محمـــــد إبراهيـــــم –
ما يجري في حضرموت مؤلم جدا ونذر كارثة تهدد عمق اليمن الحقيقي ولا يظن أو يتوهم عاقل أن ثمة مصلحة من هذا العنف اللامسؤول ترجى لأي يمني ارتضى الحوار مسلكا لخروج اليمن من دوامة الصراع والمحن ولا أظن أن يمنيا يجهل المثل الشعبي القائل : (من ضيع الطرفú ضيع الوسط) ومن كان يجحد هذه المعادلة فلا خير فيه لليمن.
يا سيادة الرئيس لقد حملت عبئا ثقيلا وبوطنية مشهود لها وتاريخ ناصع من الصبر والصمت لصون اليمن هوية وأرضا وسيادة وإنسانا فلا يوهمك أي طرف سياسي إن ما يجري في حضرموت هو حراك شعبي مطلبي وأنت أدرى وقد سعيت جهدك لسد الثغرات ومعالجة ما هو مطلب شعبي وحقوقي بقرارات كانت شجاعة وصارمة.. فما يجري بعد ذلك في أغلا وأعرق ضلع من اليمن ليس سوى عمل استراتيجي منظم تدعمه قوى سياسية – بتأثير خارجي- عرفت على مدى السنوات والعقود أن هذه القوى لا تريد الخير لليمن ولا تريد سوى تشطيره وتمزيقه ليعيش رهن التشظي والتبعية لمن لا حق له في اليمن..
منطق العقل والحكمة يقتضي من كل القوى السياسية أن تدرك – وهي تدرك- أنها لا ولن تستفيد مما يجري في حضرموت ولا يمكن لها جني أي مكسب سياسي ولن يوصلها إلى هدفها السلطوي المقيت ولن يكúسöبها واليمنيين سوى مزيدا من الشتات وعليها أن تستشعر أن خلافها وتنازعها واحترابها واحتكامها للحوار- بعد مطاف الدمار- لا يعني طي صفحة ماضيها المشرق حين كانت صفا واحدا وعرف عنها الدفاع المستميت عن وحدة اليمن أرضا وإنسانا وحملت مشروع إعادة الوحدة العظيم وجدانا وفكرا وثقافة وتضحية..
كما أن على تلك القوى استرجاع الحكمة اليمانية وتاريخ العقلاء الذي يضيء جنبات الكون منذ أكثر من 2000 عام كانت حضرموت عبر هذه العصور والحقب تتصدر مشهد الحضور اليماني بل وكانت محورا للأحدث الهامة على مر العصور وليس خاف على أحد أن حضرموت هي أصل الهوية اليمنية عبر التاريخ بل ومرابع امروء القيس بن حجر الكندي اليماني : ( تطاول الليل علينا دمون/ دمون إنا معشر يمانيون/ وإننا لأهلنا محبون).. ومنها إشارة تنبئ عن أصلها في قصة أسر عبد يغوث بن وقاص الحارثي في الجاهلية : (فيا راكبا إما عرضت فبلغن/ نداماي من نجران أن لا تلاقيا/ أبا كرöب والأيهمين كليهما / وقيسا بأعلى حضرموت اليمانيا)..
ومن هنا يتوجب على أي طرف سياسي داخليا أو خارجيا كانت له أو ستكون يدا خفية وراء هذه الأعمال المشينة -حلما منه بالسقوط المريع لحضرموت من كنف الهوية اليمنية التاريخية- الإدراك المسبق لحقيقة الفشل بكل المقاييس ليس لأن حضرموت عصية على الزوابع السياسية والفتن منذ الأزل بل ولأنها في الوقت الذي تعد فيه وجهة لسفراء العلم والمعرفة هي – أيضا- إشعاعا حضاريا عكس صورا مثúلى للإسلام بمعناه القيمي والعروبة بجذرها اليماني والتعايش الإنساني بروحه الحضارية..
ولا ينسى أحد من جهابذة الفكر والتاريخ العربي والإسلامي على المستوى الخارجي والدولي أن حضرموت هي رمز الجاليات اليمنية التي نشرت الإسلام والثقافة العربية وصنعت حركة فكرية ناضجة محافظة على الهوية اليمنية في دول شرق آسيا على مر تاريخ طويل تترجم زخمه في إسهامات هذه الجاليات في العصر الحديث عبر نشاط ثقافي وإعلامي ابهر العالم..
إن هذه المعطيات التاريخية تحتم على اليمنيين العقلاء في كل شبر يمني وفي كل أصقاع الدنيا أن لا يراهنوا على أحد في حقن دمائهم وحفظ الهوية والسيادة اليمنية بل يعودوا إلى أنفسهم وينسوا الصراعات والخلافات ويحلوا المعضلات التي صنعوها بأنفسهم قبل الوصول إلى بؤرة اللاعودة..
والحديث هنا لا يعني أننا ننكر ونجحد ما قدمه المجتمع والدولي خصوصا الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي من مبادرة نزعت فتيل الاقتتال والإجرام في اليمن الذي طال الأبرياء في الميادين والطرق وحتى في بيوت الله فما قدمته دول الخليج والمجتمع الدولي من مخرج إيجابي يحمدون عليه لكنه لم ولن يأتي بحل لقضايا اليمنيين إذا لم تصدق الإرادة اليمنية.. فتدخل المجتمع الدولي لم يمنح العراق الديمقراطية إلا في الدمار والنزيف المستمر ولم يمنح الصومال السلام إلا في التشرد خارج أراضيهم ليذوقوا الموت حفاة عراة ولم يتوöج ليبيا بالانعتاق من الدجل والظلام إلا في مشاهد الدمار التي بانت للعيان ولم يعط سوريا فرصة العيش إلا في صراع دموي بدأ ولم ولن ينتهي وكذلك أفغانستان وغيرها
فاتعضوا يا معشر الي