لا جديد في مصر.. ليس هناك غير “غلبة القوة”..
عبدالله دوبلة

لا جديد في الذي يحدث الآن في مصر _بغض النظر عن كونه انقلابا أو ثورة_ فهو ما كان يحدث دائما وأبدا لا أتحدث هنا عن زمن الفراعنة أو عن زمن المماليك ومحمد علي إذ يمكن البدء من عهد عبدالناصر حيث غلبة القوة هي الفاعل الوحيد حتى الآن.
فسواء كانت يوليو 52 ثورة أو حركة انقلابية على الملك أو الرئيس محمد نجيب فقد حكم ناصر بغلبة القوة من خلال الجيش القول أنه كان محبوبا أو زعيما عربيا لا يعد فارقا هنا كذلك الأمر مع السادات وصولا إلى مبارك الذي حكم بغلبة الجيش وقوته ولا أفهم كيف يفصل بين مبارك وبين تغلبه على السلطة بتأييد الجيش.
تموضع “القوة” أو الحصول على السلطة بغلبة القوة يعد مدخلا جيدا لتفسير الحدث المصري الراهن وتطوراته المستقبلية فليس هناك ما هو مغاير أو استثنائي عن الأحداث التاريخية المشابهة.
فمنذ التاريخ القديم للدول حتى الآن ليس هناك غير آليتين للتحصل على السلطة وهما: الغلبة بالقوة وهي ما كان يفعله الملوك والسلاطين في التاريخ القديم أو الملوك والرؤساء المستبدون في التاريخ الحديث أو الغلبة بالإرادة الشعبية الحرة وهي ما تعرفه الديمقراطيات الحديثة وبين الآليتين هناك آلية استثنائية وانتقالية عادة هي آلية التوافق السياسي. فلا هي بالمستبدة تماما ولا هي بالديمقراطية.
منذ يوليو 52 حتى الآن لم يحدث أي تغيير على ميزان القوة في مصر الذي ظل لصالح الجيش به حكم ناصر والسادات ومبارك و به يحكم السيسي الآن أيضا. ثورة 25 يناير وتخلي الجيش عن مبارك لم يحدث أي تغيير على ميزان القوة هذا ولا حتى العملية الانتخابية التي أتت بمرسي رئيسا للجمهورية التي تحسب على غلبة الإرادة الشعبية أحدثت أي فارق في ميزان القوة الذي ظل لصالح الجيش كحالة من الأمر الواقع فضلا عن تقديس المؤسسة العسكرية واستدعائها في مقابل هشاشة العملية السياسية النامية التي عصفت بها الخلافات مبكرا..
ولأن ثورة يناير لم تكن قد أحدثت أي تحولات في ميزان القوة لطبيعتها الشعبية والسلمية فقد كنت ممن توقع دورا سياسيا مهما ومهيمنا للجيش المصري على الحياة السياسية هناك لعشرين سنة على الأقل قبل أن يتراجع الجيش لأدواره الطبيعية لصالح آلية سياسية ديمقراطية تقوى مع الوقت والتجربة. لا أنكر أن صعود الإخوان المبكر وتسلمهم للرئاسة كان صادما لي ليس لأنهم لم يكن لهم في ذلك أو أني كنت أتنبأ بهذا الصدام الذي حصل فقد كنت أظن أن صعود الإخوان المبكر لا يساعد على تقوية تلك الآلية السياسية الديمقراطية التي تسحب الدور السياسي من الجيش وفكرة غلبة القوة عموما فقد كنت أفضل الليبراليين لهذا الدور بإسناد إخواني أما حين يتصدر الإخوان فهم سهل الاستهداف والتحريض ضدهم والفصل بين استهدافهم واستهداف الآلية السياسية الديمقراطية الذي هو واحد إن أتى بهم. فكثيرون في مصر وخارج مصر من هم على استعداد للتواطؤ على ضرب الديمقراطية إن كان الإخوان هم الهدف.. وهذا ما حدث ويحدث الآن بالفعل.
لا تحتاج لذكاء خاص لتعرف أن الديمقراطية هي المستهدفة الآن وليس الإخوان لكن كثيرين لا يريدون رؤية هذا لكن هل الإخوان حاملون جيدون لمفهوم الديمقراطية ومعركتها¿! لا أحاجج هنا عما إذا كان الأمر خللا في بنية الإخوان أنفسهم أو هو صورة نمطية صنعها خصومهم لهم.. فما يهمني هو أنهم لا يقدمون كحملة جيدين للديمقراطية. ربما الإخوان ليسو ديمقراطيين كفاية وربما هي صورة نمطية صنعها خصومهم لهم لكن المسألة لا شك معضلة إضافية للإخوان وللديمقراطية على حد سواء.
استنساخ 25 يناير في حركة أو ثورة 30 يونيو لا يحدث فارقا كبيرا في القول أن ما يحكم مصر الآن هو امتداد لـ “غلبة القوة” غلبة الجيش الدلائل أكثر من كثيرة يكفي أن إرادة قائد الجيش هي من أتت بكل ما يحكم الآن ابتداء من عند خارطة الطريق كبديل عن دستور مستفتى عليه شعبيا ورئيس معين كبديل عن رئيس منتخب. المحاججة بثورة 30 يونيو كشرعية شعبية للحال القائم حجة مبالغ فيها فهي تتجاوز حتى ثورة 25 يناير التي لم تفعل ذلك واكتفت بإسقاط مبارك فيما استمد المجلس العسكري الذي حكم بعد ذلك مشروعيته من تكليف مبارك نفسه.
حجية صناديق الاقتراع وحدها هي ما يمكن بها قياس الإرادة الشعبية والشرعية السياسية الشعبية أما إرادة الشارع فهو ما يدعيه الجميع ليس هناك إلا شرعية القوة و الأمر الواقع وهو ما يفرضه الجيش الآن.
وحدها إرادة شعبية جامعة يمكن لها كسر إرادة القوة إلا أن ذلك يكون متعذرا حين تكون المجتمعات منقسمة كحال المجتمع المصري الآن. لكن وماذا بعد¿.. هل يمكن القول أن الأمر الواقع الذي يفرضه ا
