أحمد الأغبري الشعر طريق زاه بالحلم والضوء
أحمد الأغبري

رحل الشاعر العربي الكبير سليمان العيسى عن دنيانا (9أغسطس2013)لكن شعره سيظل شلالا من نور يتدفق بعنفوان الحلم العربي ينابيعا وجداول لا يتوقف هديرها لتسقي حدائق أرواحنا الظامئةفتزهر وتزهو قيم الحياة على وقع مهرجان الانسان في أغانيه وقصائده التي أنشدها بصدق وفن قلما يلتقيان في شاعر كبير.
بقي سليمان العيسى على مدى ثمانية عقود من الابداع صوتا للجمال والعقل وبينهما الانسان : الثورة والوحدة والحياة الكريمة محتفيا بالجمال في أسمى صوره ومعانيه وفي مقدمة ذلك الطفولة متموضعا في الصفوف الأمامية في المعركة ضد الجهل والاستبداد والتخلف والتشرذم .
زار اليمن وأقام فيها شعراء عرب وأجانب كثيرون لكن الشاعر الكبير سليمان العيسى بزهم جميعا بفرادة علاقته بهذا البلد شعرا أعاد من خلاله اكتشاف اليمن في قصائد تأتي ضمن أنضج ما كتبه شعرا وترقى إلى مرتبة أجمل وأصدق ما كتبه الشعراء العرب عن مهدهم التاريخي تعبيرا عنها وانفعالا بآمالها وأحلامها.
خلال زياراته و اقامته في اليمن وحتى بعد عودته إلى بلاده غنى سليمان العيسى للمكان والتاريخ في بلده (المهد) كما كان يحب تسميته وصدح بروائع العواطف شعرا ساحرا عن الانسان في ترجمات عبقرية لأبسط تفاصيل الحياة اليومية التي عاشها الشاعر في هذا البلد فضلا عن علاقته بالمكان واحتفائه المختلف بأجمل ما في اليمن في كل تلك المشاهد الساحرة التي اسرته خلال تنقلاته و رحلاته في مدنه وأوديته وجباله والتي أعاد تصويرها في قصائد موقعة بحبات قلبه لتبقى تلك القصائد منارات ضوء خالدة في سماوات أحلام هذا الشعب ..
قد يستغرب القارئ لدواوينه من ذلك الفيض المتدفق من التفاصيل والمشاهد والخواطر اليمانية الحاضرة بمحبة وجمال وفن في قصائده وهنا نؤكد على أن تجربته الشعرية في اليمن بقدر ما مثلت مدرسة نهل وتعلم منها الكثير من مبدعي اليمن خاصة فقد برزت مرحلة شعرية متقدمة في تجربة العيسى أحد أهم قامات الشعرية العربية الحديثة.
مرارة احساسنا بالخسارة الكبيرة – تجعلنا عاجزين عن توقيع بطاقة حب وشكر وعرفان (لائقة ) باسم (وضاح اليمن) إلى الشاعر الكبير سليمان العيسى لكننا نقول بقلوب مكلومة: كيف لليمن أن تنساك وقد أعدت صوغ جمالها شموسا جديدة تشرق في شعرك ونثرك المرصع بالجمال والحب والصدق…نحن اليمانيون نتباهى باليمن في أغانيك لأنك – وهذا اعتراف – قد كنت أصدق منا في اكتشافها وانشادها والإصغاء إلى قلبها. في حضرة قصائدك نجد أنفسنا جديرين بالانتصار لأحلامنا ومستقبلنا.
اليمن لن تنساك واحدا من أبنائها وعظماء أمتها ممن كتبوها صدقا وجمالا نصوصا وشهادات عاطرة للتاريخ والأجيال وممن منحوا القصيدة العربية فضاء جديدا اخلصت فيه للإنسان للأحلام بالانعتاق.
يكفي اليمن أن تعيد قراءة نفسها من خلال ما نسجته روحك – أيها الشاعر العظيم – من قصائد وأغان ضمتها عناوين واصدارات كان اليمن عرسها ومهرجانها :
– من أغاني المهد :صدر عن دار طلاس – دمشق عام 1987م .ويطلق الشاعر كلمة (المهد) على اليمن منذ بدأ الكتابة عنه
– ديوان اليمن : ضم أربع مجموعات شعرية صدرت طبعته الثانية عن الهيئة العامة للكتاب – صنعاء 1999م
– يمانيات : مجموعة شعرية صدرت عن وزارة الثقافة والسياحة – صنعاء عام 2004م .
– أمشي وتنأين : قصائد لصنعاء صدرت عن وزارة الثقافة والسياحة – صنعاء عام 2004م .
– ديوان عدن : صدر عن جامعة عدن عام 2004م
– اليمن في شعري : مختارات من شعره اختارتها زوجه الدكتورة ملكة أبيض
وبمزيد من المحبة لليمن أصدر الشاعر من صنعاء – خلال اقامته فيها – عددا من أهم كتبه كان لمؤسسات يمنية شرف اصدارها :
– ثمالات 4: صدرت عن وزارة الثقافة – صنعاء عام 2004م
– الكتابة بقاء : مجموعة شعرية صدرت عن مؤسسة الابداع للثقافة والاداب والفنون – صنعاء عام 2002م .
– الثمالات شعر ونثر باجزائها الثلاثة : صدرت عن الهيئة العامة للكتاب – صنعاء عام 2001م
– من رحلة الظمأ: مختارات شعرية صدرت عن وزارة الثقافة والسياحة – صنعاء عام 2004م
عاش العيسى قصة حب طويلة مع اليمن (المهد ) لم تبدأ بقدومه إليها ولم تنته بمغادرته لها : قصة تعجز اللغة وعبارات الوصف عن تقديمها وتصويرها والتعبير عنها بالقدر الذي يفيها حقها .
“منك تعلمنا كيف نذرو أقمار أحلامنا في مفازات اليأس كي تثور سنابل حياة وتفوز ينابيع أمل” يقول وزير الثقافة السابق الكاتب الكبير خالد الرويشان في أحد المهرجانات الاحتفائية بالشاعر:”احتفاؤنا بك اليوم احتفاء الملايين من احفادك احتفاء من أنشدت وغنيت وهدهدت وأنميت ورعيت .اليوم في صنعاء نهديك – أو بالأحرى- نعيد إليك وردة حب ووفاء – مجرد وردة – ق