القاسم المشترك بين جرائم الإبادة ومعاداة السامية

طاهر محمد الجنيد

أدت الهزائم المتتالية للحروب الصليبية إلى السعي لتامين تحالف أوسع يضمن التفوق ويؤمن الاستمرار؛ فكان اليهود هم الأنسب رغم الخصومات والعدوات بينهم تم إزالة النظرة الاحتقارية لهم ووجوب قتلهم وانتهي الأمر إلى تقديسهم والتعاون معهم لمواجهة الإسلام والمسلمين من اجل استعادة السيطرة على فلسطين.
العصابات الصهيونية التي راهن عليها المشروع الاستيطاني عمدت إلى افتعال حوادث إرهابية مدبرة لدفع المستوطنين إلى اختيار الرحيل إلى فلسطين منها التفجيرات التي تمت في العراق ومصر وفي دول أوروبا وغيرها من البلدان من أجل إجبارهم وهو ما اعترف به قادة كيان الاحتلال ومنهم الهالك مناحيم بيجن.
معسكرات الاعتقال التي ارتبطت بالهلوكست ومعاداة السامية لم تكن حكرا على اليهود بل كانت لكل المعارضين من الدول المحتلة، فقد نقل الألمان المعارضين لهم من فرنسا وبولندا والنمسا وغيرها اليها؛ لكن تم اختزال الأمر باليهود دون سواهم لضمان إرسالهم إلى فلسطين وتوفير الدعم المالي واستدرار التعاطف معهم؛ فألمانيا لديها من الأموال الكثير وأمريكا في بداياتها وبريطانيا تواجه الثورات وفرنسا ومثل ذلك روسيا.
اليهود الآن هم واجهة المشروع الاستيطاني للتحالف الصهيوني الصليبي وتهمة معاداة السامية أساس لحمايتهم في دول أوروبا وأمريكا ولتمكين الاستيطان في فلسطين وهي ذاتها الالتزامات التي نص عليها وعد بلفور حماية حقوقهم في بلدانهم التي كانوا يعيشون فيها وحمايتهم في فلسطين.
الحماية والرعاية مكنت العصابات الصهيونية من ارتكاب أبشع الجرائم في فلسطين، وقمعت الأصوات المعارضة في كل الإمبراطوريات الاستعمارية؛ ومكنتهم من اغتيال كل القيادات الفلسطينية والعلماء والوجاهات الاجتماعية داخل البلدان العربية وغيرها والتي كانت تتم بتعاون مخابرات الإمبراطوريات الاستعمارية والأنظمة المتصهينة مع الموساد الإسرائيلي.
استغل المشروع الاستيطاني تهمة معاداة السامية لإثبات الهلوكوست وحصره على اليهود مع انهم كانوا يشكلون نسبة قليلة من إجمالي الضحايا؛ واستغلوها في استدرار الدعم للمشروع الاستيطاني ولإسكات الرأي العام عنهم وعن جرائمهم التي جلبت النقمة عليهم.
الأنظمة العربية التي صنعها التحالف الاستعماري لجأت إلى إسكات المعارضة من خلال تقديس الحاكم والأمير والسلطان وأصدرت الفتاوى بذلك .
على مدى السنوات الماضية كانت تهمة معاداة السامية كفيلة بإنهاء كل من يقف أو يعترض اللوبي اليهودي أو حتى يتناوله بالبحث والدراسة هذا إذا لم يتم تصفيته وتقييد الجريمة ضد مجهول.
الهوس الإجرامي الذي يتملك المشروع الاستيطاني يدفعهم إلى أنكار أبشع الإجرام واصطناع مبررات لا علاقة لها بالحقائق المشاهدة، فقادة الحركة الصهيونية يعتقدون أن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني سببه انتشار معاداة السامية وعدم السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي – فالناطق باسم جيش الاحتلال السابق (دانيال هاغاري) خسرنا المعركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسنخوض حربا حقيقية معها خلال الـ10 سنوات القادمة).
تهمة معاداة السامية التي مكنت المشروع الاستيطاني من الاستقرار في فلسطين والتمدد والتوسع يعاد اليوم بعثها من جديد لا للدفاع عن اليهود كمضطهدين لكن كقتلة ومجرمين من أجل محاربة التضامن العالمي وإسكات الشعوب وأحرار العالم المنكرين لجرائم الإبادة والتهجير القسري والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ وهذا التحول الإجرامي الاستراتيجي بهدف ضمان استمرار المشروع الاستيطاني واستمرار الإجرام ومواجهة اثار طوفان الأقصى الذي فضح الإجرام وعرى صهاينة العرب والغرب ومشاريعهم الإجرامية.
اختيار تهمة المعاداة لتبرئة الإجرام وعدم الاعتراف بكل المجازر البشعة وتحميل الضحية اللوم لإشباع الغرائز الإجرامية والمريضة والمهووسة بسفك دماء الأبرياء وهو ما يؤكده المحلل الأمريكي (جيفري ساكس) لو تمت معاقبة أمريكا على جرائم الحرب لكان العالم أفضل ولو عُوقبت إسرائيل على جرائم الإبادة التي تجري أمام أعيننا لكان أمرا رائعا لكن ما نفعله اتهام الطرف الآخر دون الاعتراف بخطايانا .
ما يتفق عليه أحرار العالم ينكره صهاينة العرب والغرب تارة يقولون دفاع عن النفس وهم يعلمون ان قادة المشروع الاستيطاني يسعون بذلك لإقامة ما يقولون إسرائيل الكبرى؛ وتارة تنفيذا لأمر الله وغير ذلك من الأكاذيب.
اليهود معروفون بتحريف الكلم عن مواضعه، والخلط المتعمد، والكذب والمشروع الاستيطاني يذهب في ذات الاتجاه لإثبات ارتباط المشروع الاستيطاني بالتوراة واليهود فتهمة معاداة السامية اخترعت لحماية اليهود باعتبارهم ضحايا، والآن يتم التسويق لها لحماية الإجرام والتغطية عليه والتبرير له.
الهلوكوست اذا تعرض له اليهود لكن اذا فعلوا أبشع منه بغيرهم من الأمم فليس هلوكوست ويكفي ان يفتعل اليهود حادثة ثم يصرحون معاداة السامية، لكن اذا تحدث الضحايا الذين استهدفهم الإجرام بالآلاف وتضامنت معهم الشعوب والأمم فذلك معاداة للسامية، والفارق هنا ان العرب وهم أحفاد سام بن نوح عليه السلام يتعرضون للهلوكوست على أيدي العصابات الإجرامية من يهود الخزر ومن عصابات المشروع الاستيطاني من صهاينة العرب والغرب.
رئيسة مؤسسة أوقفوا معاداة السامية اليهودية الخزرين لوراريز-انشأت مؤسستها للدفاع عن جرائم الإبادة والتهجير القسري والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب تحت عنوان أوقفوا معاداة السامية- كل من يعارض تلك الجرائم ستتم ملاحقته طوال حياته والقضاء عليه وذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي وبالتعاون مع كبريات شركات تقديم الاتصالات والخدمات في العالم.
عقليات إجرامية تلبس الحق بالباطل وتكتم الحقـ وتدافع عن الإجرام، لان المجرمين من القائمين على تنفيذ المشروع الاستيطاني للتحالف الصهيوامريكي.
ما ذنب الشعب الفلسطيني ليدفع فاتورة تكفير ذنوب النصارى الذين اضطهدوا اليهود ؟؟ما ذنب شعوب العالم التي تناصر الحق وتكره الظلم والإجرام أن يتم اتهامها بمعاداة السامية وتسليط الأنظمة المتصهينة للفتك بها وملاحقتها مع أنها لو تعرض اليهود للظلم لخرجوا يدافعون عنهم ، لكنهم يمارسون الإجرام تحت رعاية وحماية المشروع الاستيطاني ويرُاد القول إنهم ضحايا .
الأنظمة المتصهينة اتخذت كل الممارسات الإجرامية لقمع المظاهرات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني؛ صهاينة العرب فتحوا السجون وفتكوا بالعلماء والمعارضين وغيروا المناهج وقدموا القتلة والمجرمين ضحايا؛ وفي خلط متعمد يزورون الحقائق والتاريخ وينكرون الحق ويعتمدون الباطل.
الأنظمة الغربية اعتمدت تهمة معاداة السامية لتكميم الافواه لصالح حماية اليهود من الاضطهاد، والآن تحولت لحماية الإجرام والمجرمين وتريد استهداف المظاهرات والناشطين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ومعاداة السامية، مما يؤكد الشراكة التامة بين الأنظمة المتصهينة والمشروع الاستيطاني واصدق وصف لذلك ما قاله المستشار الألماني (إسرائيل تقوم بتنفيذ المهام القذرة نيابة عن الغرب؛ وسنظل ندعمها حتى النهاية).
رئيسة المؤسسة تدعي ان كل الإجرام الذي ارتكبه ومازال يرتكبه شذاذ الآفاق في فلسطين وغزة ما هو إلا دعايات كاذبة ومعاداة للسامية انفجرت عقب طوفان الأقصى وان مؤسستها ستتحرك من التنظير إلى ممارسة الملاحقة الأبدية والقضاء على كل من يعترض على كل تلك الجرائم (جعلنا الصمت مستحيلا في كل المؤسسات الحكومية وغيرها ونستخدم كل إمكانيات الذكاء الاصطناعي للبحث عنهم وملاحقتهم والقضاء عليهم أينما كانوا فليس من المعقول ان يتم استهداف اليهود وتشويه صورة إسرائيل وترك ذلك دون عقاب ) .
لقد أمنت الأنظمة المتصهينة كل أشكال الدعم للمشروع الاستيطاني وفرضت عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بتهمة معاداة السامية وتعتمد استراتيجية التحرك للقضاء على الشعوب لمنعها من التضامن مع مظلومية الشعب الفلسطيني فالتظاهر ضد الإجرام الصهيوني يتعارض مع الديمقراطية وحقوق الإنسان، فالمعركة كما تقول (ريز) أمنا أقوى عمليات مكافحة المعاداة في أمريكا بمراقبة الجامعات والشبكات الرقمية ومجموعات الناشطين والمسؤولين …فالاعتراض والاحتجاج ليس نشاطا سياسيا بل تعصب وكراهية وسبب لفقد الوظيفة) والملاحقة الأبدية والتصفية الجسدية وكل ذلك دفاعا عن الإجرام واستمراره وحماية المجرمين ولكن باستخدام الإمكانيات الحكومية والأهلية في مواجهة الشعوب؛ فمن أجل استمرار المشروع الإجرامي تهون كل الجرائم.

قد يعجبك ايضا