تنوع اللهجات دليل إضافي

عبدالله السالمي


 - تنطوي لغة الخطاب اليومي في اليمن أو المحكية الدارجة على تنوع واسع في اللهجات إنú على مستوى الكثير من المفردات المتداولة والتراكيب اللفظية أو الأداء الصوتي لبعض حروف الأبجدية وطرائق النطق بها. وهذا التنوع الغزير في
تنطوي لغة الخطاب اليومي في اليمن أو المحكية الدارجة على تنوع واسع في اللهجات إنú على مستوى الكثير من المفردات المتداولة والتراكيب اللفظية أو الأداء الصوتي لبعض حروف الأبجدية وطرائق النطق بها. وهذا التنوع الغزير في اللهجات وبقدر ما هو ظاهرة ثقافية تقف خلفها العديد من العوامل الجغرافية والتاريخية بدرجة رئيسية فإنه ولا ريب واحد من أهم السمات الدالة على أصالة المجتمع اليمني وثراء مرجعياته الثقافية واللغوية والسوسيولوجية.
وتنوع اللهجات شأنه شأن أنماط ومستويات الكثير من التنوع المجتمعي يعكس السمة الجوهرية للتعدد الثقافي في المجتمع اليمني لجهة كونه ينبني على المواءمة بين تعدد مستويات الهوية الفردية والجماعية من جهة وبين تعدد مصادرها في التنوع الجغرافي والتاريخي من جهة ثانية. والمعادلة هنا أن القبول بالتعدد فضلا عن كونه الخيار الأنسب للتعايش فإنه الخيار الوحيد الذي يعكس الوعي بحتمية التنوع الإنساني بذات القدر من الوعي بحتمية التنوع الكائن في الطبيعة والكون بشكل عام.
على أن التعاطي مع مؤشرات تأزيم التنوع المجتمعي كواحدة من أبرز سمات المرحلة الراهنة بمعزل عن تجليات تأزيم التنوع في أبعاده اللغوية والتواصلية ذات الصلة بتعدد اللهجات لا يساعد في استقصاء عوامل الارتداد المجتمعي عن عنوان الانتماء الجامع والهوية الوطنية الكلية إلى العناوين الجزئية ذات السقف العصبوي «ما دون وطني» وهويات ما قبل الدولة.
من الطبيعي أن يترتب على تنوع اللهجات اكتساب التعدد الكائن في المجتمع بمستوياته التاريخية والجغرافية والمذهبية معالم إضافية تعكس أبعادا أخرى لثراء الشخصية اليمنية وأصالة مرجعياتها الثقافية. لكن من غير الطبيعي أن يتم استغلال تنوع اللهجات في سياق رسúم حدود لهويات جغرافية تأخذ كل منها على الأخرى في معرشض الذم وعلى سبيل الاستنقاص اختلافها في طريقة نطق بعض حروف الأبجدية.
وبعبارة أخرى ففي التداول اليومي قد يؤخذ اختلاف طريقة نطق حرف القاف على سبيل المثال كمؤشر يتم التعرف من خلاله على الانتماء الجغرافي لهذا اليمني أو ذاك. ومثل ذلك يقال على الثاء والجيم والدال والذال وغيرها من الحروف اللاتي يحيل تفاوت النطق بها على خصوصية لهجاتية بين مجتمعات هذه الجهة أو تلك ضمن الامتداد الديموغرافي لليمن ككل.
والمؤكد أن هذا القدúر من التعاطي مع تنوع اللهجات عادي وطبيعي إنما أنú يسúحب هذا التنوع من سياقه الطبيعي إلى دائرة التنميط السلبي وفيها يصúبح اختلاف طريقة نطق تلك الحروف مثار سخرية المختلفöين بعضهم من بعض فتلك هي المشكلة التي تعكس تعاظم معطيات تأزيم التنوع في المجتمع.

قد يعجبك ايضا