الاختبارات ليست شرا

كتبها : علي أحمد بارجاء

 - يؤكد علماء النفس و خبراء البرمجة العصبية أن العقل الباطن يستجيب لما نفكر فيه, وما نشعر به ونوطöن أنفسنا عليه فيعزز فينا استجاباته وفقا لإراداتنا السلبية أو الإيجابية حتى تتحول إلى قناعات لا نستطيع التخلص منها أو تعديلها
كتبها : علي أحمد بارجاء –
يؤكد علماء النفس و خبراء البرمجة العصبية أن العقل الباطن يستجيب لما نفكر فيه, وما نشعر به ونوطöن أنفسنا عليه فيعزز فينا استجاباته وفقا لإراداتنا السلبية أو الإيجابية حتى تتحول إلى قناعات لا نستطيع التخلص منها أو تعديلها.
في نهاية كل فصل أو عام دراسي يكثر الحديث عن الاختبارات والامتحانات التي أصبحنا نرى بأنها (شر لابد منه), وعندها (يكرم المرء أو يهان), ونظن أننا بقولنا ذلك عنها إنما نساعد في حثö أبنائنا وبناتنا على المذاكرة والجد لتحقيق النصر والفوز لبلوغ منزلة التكريم ويتحول كل بيت إلى جبهة إنقاذ, فيسود القلق, وتصبح رقابة الأهل صارمة حرصا منهم على أن لا يفوöت الأبناء دقيقة من وقتهم. فإحساس الخوف من الرسوب عند الأهل والأبناء لا يؤدي إلى مذاكرة مثمرة ولا إلى نجاح مقبول.
كان السابقون من آبائنا يردöدون مثلا أخذوه من حياتهم القروية البسيطة وتعاملهم مع الحيوان, هو قولهم: (ما ينفع الطعم عند العقúبهú), ليسقطوه على الجهد الذي يبذله الطلاب في المذاكرة عند اقتراب أيام الاختبارات, في إشارة ذكية منهم لا تبتعد كثيرا عما يقرöره ويؤكöده علماء التربية وخبراء التعليم من أن المذاكرة المستمرة المنتظمة للدروس أولا بأول منذ بدء العام الدراسي, والمتابعة الدائمة للمعلم للاستفهام عن كل ما غمض في المواد الدراسية, هي الطريقة المثلى التي تجعل الطالب يحقق النتائج العليا في تحصيله العلمي, ويبقى أثره في عقل ونفس الطلاب ثابتا لا يمحوه تقادم الأيام والسنين. أما أن ينقضي العام الدراسي و الطالب منصرف عن الجد والاهتمام, ويذهب إلى المدرسة ليمارس الحضور الجسمي في الفصل, من غير أن يحضر ذهنيا, ولا ينصت إلى المعلم وهو يشرح الدرس, ولا يتفاعل ولا يجيب على أسئلة, ولا يكمل كتابة دروسه في كراساته, ولا ينجز حل واجباته في البيت, بل لعله يستعين بأحد أفراد أسرته لينجزها له فلا يعلم كيف تم له ذلك, وربما لم يشغل نفسه بمراجعة دروسه, فكيف له أن ينجح في الاختبار وقد تراكمت عليه الدروس¿ وينبغي عليه أن يقرأ ويفهم ويطبق كل ذلك في حل التمرينات, وليس له من الوقت متسع يكفيه لتغطية المواد الدراسية الكثيرة¿ فيسقط في يديه, ويرى أن حاله قد أصبحت كحال خراش الذي تكاثرت عليه الظباء فلا يدري ما يصيد منها وما يدع!
ما يحدث اليوم من إهمال للمذاكرة ثم الخوف من الاختبارات في أوساط الأسر وعند الأبناء ظاهرة حديثة ووليدة هذا العصر لانشغال الجميع بوسائل المعرفة وتقنيات الاتصال والتسلية التي أبعدت الطلاب عن التلقي العلمي الخالص الذي لا ينافسه منافس, وعدم استغلالها في صالح تحسين المستوى العلمي , بدليل أن الطلاب من الجيل الذي ينتمي إليه جيلنا, والطلاب من أجيال قبله وبعده لم يعرفوا هذا الشعور المخيف من الاختبارات, بل كانوا يشعرون بالسعادة أنهم سيمرون بتجربة جميلة وممتعة ليحصدوا ثمار ما جنوه وما بذلوه من جهد في التحصيل خلال عام دراسي مشفوع بالمذاكرة والاجتهاد المستمر, فلا يجهدون أنفسهم كثيرا في المذاكرة عندما تقترب أيام الاختبارات, بل يمرون على الدروس مرورا سريعا لمجرد تنشيط الذاكرة, وهذه حقيقة مارسها وعرفها من درس على المناهج القديمة إلى أواخر الثمانينيات وجزء من التسعينيات من القرن الماضي وما قبلها من السنوات.
كانت المدارس قبل الاستقلال في 1967م وبعده تقيم الاحتفالات عند بدء كل عام دراسي لتحث الطلاب على ضرورة الاجتهاد من بداية العام الدراسي, وتدعوهم إلى مذاكرة دروسهم أولا بأول باستمرار وبانتظام لتكون المذاكرة عادة لهم, مع وجود نظام المذاكرة المسائية بين المغرب والعöشاء فيأتي الطلاب إلى المدرسة كما يأتون إليها في الصباح للمذاكرة بإشراف المعلمين الذين يشرحون ما غمض من الدروس كلما احتاج الطلاب إلى ذلك.
كما تحتفل تلك المدارس أيضا باختتام العام الدراسي وقرب موعد الاختبارات, فتكون الاختبارات نöعمة يتوق الطلاب إليها ليثبتوا لأسرهم ولمعلميهم إنهم كانوا عند مستوى ثقتهم فيهم, وإنهم استمعوا إلى إرشادهم ونصحهم, وإن كل ما قالوه لهم وما فعلوه من أجلهم لم يذهب هباء منثورا.
وفي تلك الاحتفالات كانت تلقى الخطب التوجيهية والقصائد الشعرية لشعراء من المعلمين ومن غيرهم من شعراء البلد تشجيعا للطلاب وزيادة في حثöهم على تحقيق النجاح.
إن ما يعانيه الطلاب اليوم من مشكلة في التحصيل, ومن خوف من الاختبارات

قد يعجبك ايضا