أنا مراهق

حنان عوبل

حنان عوبل –
من منا لا يتذكر كم عانى ابنه الصغير عندما عاش تجربة الفطام الجسدي كم صرخ وبكى وتذمر عندما حرم من الرضاع ولكن بعد فترة قصيرة من الحب والاهتمام المضاعف به والإفراط بتدليله تجاوز الأزمة وانفصل ولو دققنا الملاحظة لوجدنا انه بعد الفطام بفترة زمنية قصيرة لا نعد نستطيع أن نضعه بالحضن لفترة طويلة لأنه سرعان ما يتململ ويفر هاربا منا ليتابع أعماله … على عكس الفترة التي قبلها حيث كان يتلذذ ويستمتع عندما نحضنه لا بل وحتى نخنقه بالحضن والتقبيل اليوم تراه يعطينا إشارة أن كفوا عن ذلك فأنا كبرت وأريد أن استطلع استكشف ابحث وابتعد عن عالمي المغلق بحضنك ماما … لكن بنفس الوقت هذا لا يعني أنني لم أعد متعلقا بكم وأحبكم فأنا بحاجة ماسة جدا لأن أسمع وأرى أحدا منكم لأشعر بالأمان والسعادة.
إن حال المراهق لا يختلف بالشعور بشيء عن شعور الرضيع الذي يفطم بل شعوره وآلامه اكبر بكثير فهو دائم الدوم ينادينا ويقول لنا (سامحوني أنا مراهق) ولسان حاله يقول : الآن وبعد أن بقيت سنوات طويلة بأحضانكم اعتمد عليكم بالقرار والحاجات وأحب أن أرافقكم بكل مكان حان الوقت لي أن استقل قليلا فأنا كبرت لكني بنفس الوقت أحن لكم وأتألم .. افتحوا قلبي لتروا البركان الهائج فيه!!
عقلي الصغير لم يعد يتسع للتناقضات والأفكار الغريبة فأنا اليوم كتلة هائجة من الخيالات والأوهام والأفكار وأحلام اليقظة أريد أن استقل انفصل واشعر بكينونتي ولكن بنفس الوقت أنا بحاجة لكم كونوا لي أصدقاء حاوروني فأنا الآن استطيع الحوار والنقاش أحب أن أسمع منكم كل شي فأنا لا أصدق أحدا ولا أثق بأحد أكثر منكم خبروني بكل شي لا تقولوا لي( لا… ممنوع.. غلط …عيب… حرام) بل اشرحوا لي لماذا غلط ..ولماذا عيب ولماذا ولماذا …
أمي – أبي أن جسدي الذي يغلي نشاطا وحيوية …طاقات غريبة لم أعهدها أرجوكم ساعدوني أرشدوني كيف افرغ هذا الطاقات أليس الرياضة هنا مفيدة أم الرسم لا بل… أنا لا أعرف وجهوني إلى الطريق الصحيح.
بابا أرجوك لا تعاقبني عقوبة الأطفال لا أحب التوبيخ والضرب فانا أفهم أكثر بالكلام وأخجل منك أكثر ولا أتمرد عندما تخبرني ماهو الخطأ الذي ارتكبته ..
ماما: أرجوكö لا تستخدمي معي ألفاظا جارحة مثل غبي! حيوان! مجنون! أنت ما تفهم! بطلت حبك!
أرجوكما وأتوسل لكما كونوا لي عونا على الدنيا ولا تدعوني اشعر إنني فقدت حبكم .. ولي رجاء آخر لا تعاقبوني أمام الأغراب وإخوتي الصغار فأنا في هذه السن الحرجة أخجل جدا وأحب أن أكون جيدا ومثاليا وأحظى بإعجاب وحب واهتمام الجميع!
لدي الكثير من الأسئلة المحرجة أرجوكم بادروا معي بنقاشات حول البلوغ والجنس والحب والجنس الآخر أفيدوني من خبرتكم بالحياة وأعطوني المعلومة المهذبة المنتقاة خيرا لي من أن أبحث عنها في مصادر أخرى قد تكون مغلوطة … جربوا أن تحملوني مسؤوليات بسيطة استطيع انجازها وعززوني كلما حققت شيئا إيجابيا وجلب لكم الفخر والسرور.
أمي… أبي… معلمي .. أقراني: أعتذر منكم جميعا أنا أعرف أنني أحيانا أتصرف تصرفات تثير غضبكم ولكن هذا لأنني أعيش بركانا من التغيرات النفسية والجسدية.
بالنهاية أود أن أوصل لكم فكرة أنني أحبكم جميعا ولكن أنا الآن أتخبط في غياهب بحر عميق كله مد وجزر وأرجوكم أن تكونوا لي بر الأمان كونوا لي المرسى الهادئ الأمين الذي افرغ معه كل طاقاتي…
وأكرر سامحوني أنا مراهق فالشباب اقترب ومعكم يقترب ويصبح أجمل ويحمل معاني أفضل …

كلمة لكل الآباء :
أن يسترجعوا مراهقتهم مع أبنائهم ويستمتعوا بها ولا يحولوها لازمة فكم عشتم الطفولة المحببة معهم وتذكروا دوما أنهم الآن بحاجة لكم أكثر وأنها مرحلة حاسمة في حياتهم لا تطلقوا عليها مسميات مثل اخطر وأصعب .. بل هي مرحلة نمو وتطور نفسي فحسب ونحن من نستطيع أن نسخر المسميات ونجعلها تخدم شعورنا وتقود وتحكم تصرفاتنا دعونا نسميها مرحلة نمو ممتعة وشيقة لتكون كذلك…. دعونا نستمتع الآن بأن طفلي لم يعد طفلا بل سيصبح شابا .. صديقا لي .. مساعدا .. حاميا سندا ومستقبلي يزهو بوجوده .. ولنقل لأبنائنا جميعا لأني احبك كيف ما كنت ومهما فعلت .. إني أخاف عليك اعذرني على قوتي عليك أيضا عندما أحذرك .. أعدك من اليوم أنني سأجعلك أقرب صديق لي ..

قد يعجبك ايضا