رمضان والعادات الضارة

يحيى يحيى السر يحي

 - لا يذكر شهر رمضان إلا ويذكر معه أصناف الأطعمة والأشربة المختلفة التي يستعد بها غالبية الناس ـ إن لم يكن كلهم ـ  لاستقبال شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار وحجة الناس في ذلك ما جرت عليه العادة غير الحميدة المتوارثة وتعاقبت عليها أجيال وتزيد كذلك من إيمان أرباب
يحيى يحيى السر يحي –

لا يذكر شهر رمضان إلا ويذكر معه أصناف الأطعمة والأشربة المختلفة التي يستعد بها غالبية الناس ـ إن لم يكن كلهم ـ لاستقبال شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار وحجة الناس في ذلك ما جرت عليه العادة غير الحميدة المتوارثة وتعاقبت عليها أجيال وتزيد كذلك من إيمان أرباب تلك العادة السيئة لدى مختلف فئات المجتمع هي تلك المقولة التي لا تظهر إلا في شهر رمضان والشهر الذي قبله ـ وليس بعده ـ وهي المقولة الشهيرة « سنة ما تشقي على شهر مش سنة « ففي رمضان خاصة تتركز اهتمام غالبية الناس وينصب همهم على توفير الطعام والشراب والتغذية الجسدية وإغفال التغذية الروحية , فانصرف الناس عن جوهر الصيام والغاية منه , والإقبال على الملك الديان بالإكثار من الذكر وسهر الليالي للتقرب إلى الله بقراءة القرآن وكثرة الاستغفار وصلاة القيام فبدل أولئك الغافلين ما هو خير بالذي هو أدنى بالإكثار من الطعام والتأهب للسهر والتقرب من الإعلام لمتابعة المسلسلات والأفلام وعقب كل ليلة مضنية في الغفلة والأوهام تجد أولئك الناس أكثرهم في النهار نيام وهذا حالهم طوال شهر الصيام . ولا ننكر حاجة الناس للطعام وضرورته لاستبقاء الحياة ومندوب أليه شرعا وعقلا لما فيه من حفظ النفس وحراسة الجسد فالشهوة الباعثة وهي شهوة الطعام ولذته هي في الأصل وسيلة لكن جعلها كثيرا من الناس غاية لسوء التقدير وضعف الإرادة أو لعادة ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان , وقد ثبت علميا أن الإكثار من الطعام يجهد المعدة ويصيبها بالإعياء والإرهاق ويفقدها الحس بالزمن وانتظام العمل لأن المعدة المجهدة بكثرة تناول الطعام لا تلبث بعد حين أن تكبر وتتضخم ولا يكسب المرء من ورائها غير المرض وسوء المغبة , وربما لا يعرف الكثيرون أن المعدة ذات تكوين إلهي عجيب إذ تشبه في تكوينها البالون وأنها ذات طبيعة مطاطية عالية وتمتاز بالقدرة على التمدد والانكماش فالإفراط في تناول الطعام هو السبب الرئيسي والوحيد لكبر البطن ـ المعدة ـ لأن الإنسان لا يولد بمعدة كبيرة أصلا فمعدة الإنسان القنوع الذي لا يصيب من الطعام إلا على قدر حاجته الضرورية تتسع حتى 250سنتيمترمكعب فقط بينما تتسع تجويف معدة الإنسان الشره إلى الطعام ما يقارب 2500سنتيمترمكعب كما أن حجم معدة القنوع لا تزيد عن حجم قبضة اليد وتظل متمركزة تحت عظمة القص أسفل الصدر وأعلى البطن , ولكن حجم المعدة عند الإنسان الأكول أضعاف ذلك حتى إنها تسقط من مكانها المألوف وتقع في الحوض لترتكز على عظامه . لذا نجد أن شعور القانع بالشبع والامتلاء يتحقق بمجرد تناول قدر يسير من الطعام بينما النهم الأكول الذي سقطت معدته إلى أسفل حوضه يحرم من هذا الشعور وهذا يذكرنا بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : « المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء « صحيح مسلم والإمام الشافعي رحمه الله له بيتي شعر في هذا السياق حيث يقول :ثلاث هن مهلكات الأنام وداعية الصحيح إلى السقام دوام مدامة ودوام وطء وإدخال الطعام على الطعام. فالطعام عطاء إلهي وضرورة حياتية وقد فرض الصوم كعبادة روحية خالصة توجöب على المسلمين اغتنام حلول شهر رمضان ـ ضيف الرحمن ـ بحسن الصيام والقيام والتزود بالطاعات وفعل الخيرات وفرصة يمكن اقتناصها للتخلص من شره الأكل وتجنب الكثير من الأوجاع والأمراض التي تتسبب جراء الإفراط في الأكل لا سيما في شهر رمضان ..

قد يعجبك ايضا