مشاعر تتأرجح بين آلام الغربة وذكريات الزمن الجميل


تحقيق/ علي الأبارة- زهور السعيدي- اسماء البزاز –
ما إن يحل شهر رمضان الكريم إلا وتحل معه ذكريات الزمن الجميل لتجول في عقول وقلوب المغتربين ممن يعيشون خارج حدود الوطن الأم.
تزداد هذه المشاعر الانسانية الصادقة مع تجليات وروحانية الشهر الكريم ولا يلبث المغتربون في مختلف بلدان المهجر في اطلاق العنان لذكرياتهم التي لا تكاد تمحى في ذاكرة الإنسان لكي تسترجع شيئا مما كان يحدث لهم في هذه الأيام المباركة وكذا استرجاع تلك العادات والتقاليد الرائعة التي ترتبط بشهر الصوم.

حنين متزايد
> هذه المشاعر وما يصاحبها من حنين واشتياق إلى الوطن لا شك تتزايد في هذا الشهر المبارك وخاصة عندما تكون الغربة في بلد غير إسلامي كما أنها لا تتوقف بالنسبة للمفارق لأهله وأحبائه في أي مكان كان حتى للمقيمين في دول عربية بعيدا عن عائلاتهم وأفراد أسرتهم :
يقول محمد الريمي مغترب بالمملكة العربية السعودية صحيح أننا مغتربون في دول عربية خليجية قريبة من عاداتنا ولكن هناك خصوصيات جميلة وأخذه لمجتمعنا اليمني اعتدنا على قضائها بلمه الأهل والأصدقاء والأحباب وبقدر فرحتنا بحلول شهر رمضان المبارك بقدر شوقنا لقضائه في اليمن .
ألم الغربة
> أما صفاء نجيب مغتربة في فرنسا تقول وطنك غير, مهما كانت السعادة الوهمية التي تجدها في بلد المهجر ولكنها مجرد شكليات تخفي ألم البعد والغربة .. مازلت أتذكر رمضان الأعوام السابقة مع أهلي وجيراني وأنظر هذا العام إلى حالي بفرنسا وأقول.. كيف سأقضي رمضان وسط هذه الأجواء والنواميس والعادات المختلفة والمجتمع المغاير ولا أراه إلا كيوم عادي لا يختلف عن بقية الأيام التي أقضيها ويكفيني فيه الصيام والتواصل مع الأهل والذي لا يمكن وحده معايشة واقع أهلنا وذو قربنا في اليمن .
الزينة والأضواء
> بشرى محمد الحدي مغتربة في الإمارات- دبي تتحدث قائلة من الناحية الروحية هيئت نفسي للطاعات والتفرغ لها وتم هذا الاستعداد من النية الصادقة لختم القرآن الكريم والذهاب إلى المساجد التي يحضرها كبار المقرئين لكتاب الله الحكيم أمثال: فارس عباد السد يس العفاسي وغيرهم وذلك لأداء صلاة التراويح وأيضاٍ أتابع الصحف والبرامج التلفزيونية لمعرفة أماكن إقامة المحاضرات الدينية والمسابقات مثل منشد الشارقة وغيرها دولة الامارات تنظم الكثير من الفعاليات الروحانية الخاصة بهذا الشهر الفضيل تقربا إلى الله سبحانه وتعالى.. وعلى الرغم من تواجد الكثير من القوميات المختلفة الأديان الإ أننا تعودنا على تميز أنفسنا كمسلمين من خلال الاحتفاء بقدوم الشهر المبارك بوضع الزينة والأضواء ترحيبا بأجمل وأفضل الشهور عند الله ففيه أنزل القرآن وفيه تصفد الشياطين وتفتح أبواب الجنة ولهذا فالعبادات تطغى على كل شيء في هذا البلد الغني بالإنسانية تجاه المقيمين بمختلف دياناتهم دون تميز بين فئة على أخرى كل هذا.. وتواصل بشرى حديثها بالقول ما يلاحظ أن معظم المغتربين اليمنيين يقضون شهر رمضان في اليمن فالأجواء الرمضانية التي يعيشها الإنسان مع أقربائه في مسقط رأسه تظل عالقة في ذهنه لهذا لا يستطيع أن يتأقلم بموطن الاغتراب الإ بصعوبة فالأجواء التي نعيشها في الإمارات ليست كمثل الأجواء التي نعيشها في اليمن .
الموظفون في رمضان
> فيما أوضح المغترب محمد أحمد الحدي مدير موارد بشرية بدولة الإمارات تركيزنا كموظفين في بلد مثل الإمارات هو محاولة التغلب على نظام الوقت في العمل والذي يتغير في شهر رمضان فهناك اختلاف بعدد ساعات العمل حيث تكون برمضان أقل بساعتين عن الأيام العادية وهذا بحد ذاته تحدي من ناحية إنجاز الأعمال اليومية في وقت أقل من المقرر.. كما أن هناك تتواجد أعراق مختلفة فتجد في أماكن العمل كل يصوم أو يفطر بحسب ديانته وهذا لا يمثل لنا مشكلة في الشهر الكريم وما يمثل لنا مشكلة في شهر رمضان تراجع التواصل الاجتماعي مع زملاء العمل في رمضان كون المغتربون اليمنيون يسافرون في رمضان لقضاء الإجازة السنوية في اليمن وبذلك نفقد التواصل مع زملاء العمل وكذلك الإفطار الجماعي وصلاة التراويح ونحاول أن نلتقي بمن تبقى بقدر الإمكان ولكن ليس كمثل السنوات السابقة لأن رمضان جاء هذا العام ودرجة الحرارة مابين 42و50 درجه مئوية مما يجعل فرص الخروج لتناول الإفطار في الحدائق ضئيلة جدا ولكن نعتمد على الأسواق المغلقة.
شهر الخير والتغيير
> من جهته يتحدث الأخ عبد الغني أحمد الحاج نائب رئيس الجالية اليمنية في منطقة مكة المكرمة قائلاٍ:
– حقيقة لقد استقبلنا شهر رمضان المبارك الذي حل علينا منذ يومين ضيفاٍ عزيزاٍ غائباٍ لا يفدْ إلينا إلا مرة في العام يزورنا غبِاٍ فنكون له أشدْ حباٍ ضيفَ تِخفق بحبه القلوب وتشرئب إليه الأعناق وتتطلع الأعين لرؤية هلاله وتتعبِد النفوس المؤمنة ربِها بذلك حيث فرحنا برؤية هلاله فهلاله ليس كبقية الأهلة هلال خير وبركة عم ببركته أرجاء العالم ونشر في النفوس روح التسامح والألفة والمحبة والرحمة.
ونود في هذا الصدد أن نناشد من خلالكم جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل الأطياف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني أن يضعوا مصلحة اليمن فوق مصالحهم وأن يتصالحوا ويتعالوا فوق الجراح وأن يتجاوزا مشاكل الماضي لمافيه مصلحة البلاد والعباد داعين اياهم الى الانصهار في بوتقة عمل وطني بناء وإننا ننتظر منهم ما هو معهود فيهم من روح المسؤولية الوطنية العالية في انتهاج الحوار الخلاق والاصغاء والانفتاح لكل الاراء لأننا نريده مناسبة لتأكيد تشبث اليمنيين بالنموذج الديمقراطي التنموي اليمني المتميز كما ندعوه سبحانه وتعالى أن لايغادرنا هذا الشهر الكريم إلا وقد وفقنا لصيامه وقيامه لأنه شهر اجتهاد وجهاد وتضحية وهو شهر الخير والتغيير .
شهر الفضائل العظيمة
> ويتفق معه الأخ ابراهيم محمد قايد – مغترب في مكة المكرمة – بقوله : أولاٍ شهر مبارك على كل أبناء الوطن في الداخل والخارج وبالنسبة لنا فإن صيام شهر رمضان المبارك في منطقة مكة المكرمة يعتبر من أروع ما يكون لأنها بلد المشاعر المقدسةالتي يؤمها الناس من شتى أصقاع الأرض أكان ذلك لأداء العمرة والعبادة أو لأداء فريضة الحج وهو شهرالخير والبركة والاحسان فقد أختصه الله بفضائل عظيمة ومكارم جليلة فهو كنز المتقين ومطية السالكين ,كما نسأل الله العلي القدير في هذا الشهر المبارك أن يحفظ وطننا الغالي وأن يديم عليه نعمة الأمن والاستقرار كما نسأله سبحانه وتعالى أن يوفق قيادتنا السياسية وحكومة الوفاق الوطني إلى القيام بواجباتهما الوطنية والاسلامية حتى يعود وطننا قوياٍ عملاقاٍ ويخرج من أزمته أكثر قوة وأشد عزيمة لمافيه خير ومصلحة أبناء الشعب اليمني الذين عانوا في الفترة الماضية من قساوة الحياة نتيجة الازمة التي مرت بها بلادنا.
وفي هذه السطور اتمنى أن يكون هذا الشهر المبارك رافداٍ بالخير والبركة لوطننا الغالي الذي لايستحق من أبنائه إلا التوجه إلى الله العلي القدير أن يمن عليه بالأمن والاستقرار
من جانبه يقول الأخ عبد العزيز محمود طاهر جحاف -عضو النشاط الثقافي مدير معرض الجالية اليمنية بمحافظة الطائف : لشهر رمضان المبارك علاقة وطيدة ورباط متين بين القرآن وشهر الصيام تلك العلاقة التي يشعر بها كل مسلم في قرارة نفسه مع أول يوم من أيام هذا الشهر الكريم فيقبل على كتاب ربه يقرأه بشغف بالغ فيتدبر آياته ويتأمل قصصه وأخباره وأحكامه وتمتلئ المساجد بالمصلين والتالين وتدوي في المآذن آيات الكتاب المبين معلنة للكون أن هذا الشهر هو شهر القرآن قال جل وعلا : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }( البقرة:185 ) قال الحافظ ابن كثير : « وكان ذلك – أي إنزال القرآن – في شهر رمضان في ليلة القدر منه كما قال تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة القدر } وقال سبحانه :{إنا أنزلناه في ليلة مباركة } ثم نزل بعده مفرقاٍ بحسب الوقائع على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- « وكان جبريل – عليه السلام – يأتي إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فيدارسه القرآن كل ليلة في رمضان – كما في الصحيحين – وكان يعارضه القرآن في كل عام مرة وفي العام الذي توفي فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عارضه جبريل القرآن مرتين رمضان في الغربة مختلف .. رائحته مختلفة .. وأيامه ولياليه ذات نكهة خاصة يأتي إلينا مع مسحة حنين ووحده .. وقد صمت رمضان في الغربة أكثر من 15 عاماٍ ولكني قبل 5 سنوات صمت رمضان بين أعز وأغلى ما في الوجود والدي ووالدتي اسأل الله لهم العافية في الدنيا والآخرة وأن يطيل الله في أعمارهما في طاعته ويوفقنا لطاعتهما ورضاهما أوصل حديثي حنين لافتقادنا الجو الرمضاني في الوطن ووسط الأهل والجيران وذلك المذاق المتميز الذي نحسه ونستشعره في يمن الإيمان والحكمة .. ولكنه يظل الشهر المتميز بكل معنى الكلمة يلفنا بروحانيته أينما كنا ويحوطنا بطمأنينة وسكون مع أرواحنا التي تترقب قدومه بكل شوق وهمة نحث النفس فيه كي تتسابق على الخير والعبادة والطاعة مع دعوات أن نفوز برضا الله ورضاء الوالدين تبدأ نسمات هذا الشهر العطرة تتسلل إلينا عبر ترقب ظهور الهلال وإعلان أول يوم فيه وفي هذا يعتمد المهاجر أكثر على وسائل الإعلام بانتظار إعلان هذه الدولة أو تلك عن قدومه وأكثر دولة يترقبها المغتربون هي المملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين بشكل عام جو رمضان في الغربة لا تستطيع التعرف عليه لأن وتيرة الحياة تمضي كما هي دون تغيير فالحياة العملية للمهاجر واحدة..فهو يذهب لعمله ..جامعته .. مدرسته .. بنفس التوقيت تبعا لطبيعة البلد الذي يقيم فيها.
كما أسأل الله عز وجل أن يبلغنا رمضان ويعيننا فيه على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان ويبلغنا فيه ليلة القدر أنا وإياكم وجميع المسلمين وان يحفظ اليمن وسائر بلاد المسلمين من كل شر .
شهر له ميزة خاصة
> اما الأخت حنين صالح -مغتربة في مدينة الرياض- فقالت : لقد سعدت كثيراٍ بإستقبال شهر رمضان المبارك الذي له معزة خاصة في قلبي لأنه شهر فضله الله سبحانه وتعالى على بقية شهور السنة ففيه يتكاتف المسلمون ويتراحمون ولا أبالغ إذا قلت أنه يأتي ومعه الخير الكثير والرزق الوفير وهذه نعمة من الله انعم بها علينافي هذا الشهر الفضيل ولذلك فعندما استقبلناه – قبل يومين – فكأنما استقبلنا ضيفاٍ كريماٍ وزائراٍ رحيماٍ وطاهراٍ سليماٍ وهكذا تكون ضيافته من كافة ابناء الأمة الاسلامية ولاغرابة أن تكون ضيافة هذا الضيف عجيبة فقد جرت العادة أن الضيف لا يعطي شيئاٍ بل المضيف هو الذي يعطي ويكرم ونحن مع ضيف كريم هو الذي يكرم من استضافه وأحسن وفادته ضيفنا الكريم هو شهر رمضان المبارك إن هذا الوقت وهذا الزمن من السنة له منزلة عند ربنا ولهذا أودع فيه من الخير والبركة مالا يوصف من مضاعفة الحسنات وتكفير السيئات والعتق من النار وتصفيد الشياطين وفتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران وجعل سبحانه جزاء الصوم خاصاٍ به من سائر الأعمال وأودع فيه ليلةٍ خير من ألف شهر وهذه الفضائل معلومة عند كثير من المسلمين ولعلي في هذا المقام لن استطيع أن افيه حقه لمافيه من فضائل وهبات قد لا يعلمها كثير من الناس أو تكون منسية لا يؤبه لها أو إلى شيء منها.

قد يعجبك ايضا