مقترح بآلية مؤقتة للتدوير في الوظائف القيادية العليا
طاهر شمسان
طاهر شمسان –
معايير نجاح الثورة في تحقيق أهدافها:
تثير كلمة «الثورة» حساسية خاصة عند بعض الفرقاء الذين يفضلون عليها كلمة «أزمة»..والبعض يقول إنها «أزمة مفتعلة»..لكن الجميع تقريبا يجمع على ضرورة «التغيير»..وحتى الرئيس السابق علي عبد الله صالح قال أكثر من مرة: «نحن مع التغيير»..وإذا كان الأمر كذلك فليس من الحكمة أن تستغرقنا الخلافات الشكلية حول المسميات..ولكن: هل نجح التغيير في اليمن¿ وما هي معايير قياس نجاح التغيير¿
مازال الوقت مبكرا للحديث عن النجاح أو الفشل..لكن هناك معايير يتداولها الباحثون لقياس نجاح أو فشل التغيير في تحقيق أهدافه..ولبعض هذه المعايير علاقة مباشرة بالجهاز الإداري للدولة..فلننظر أولا في هذه المعايير مجتمعة.
1 – إعادة توزيع وانتشار القوة السياسية.
2 – إعادة بناء المؤسسات السياسية
3– إعادة توزيع الثروة والموارد الاقتصادية والاجتماعية.
4 – إقامة مجتمع قائم على استقرار الحرية لا على استقرار الاستبداد.
5 – المحافظة على الوحدة الترابية للبلاد.
6 – صياغة نظام سياسي دستوري قائم على المواطنة والدولة المدنية.
7 – موضعة البلاد على مسار التنمية المستدامة (بما في ذلك إنعاش الإقتصاد ورفع معدلات التشغيل بشكل أساسي ).
8 – تعزيز السيادة الوطنية وبناء علاقات خارجية غير قائمة على التبعية.
هذه ثمانية معايير أو مؤشرات يمكن من خلالها قياس نجاح أو فشلالتغيير في تحقيق أهدافه..والملاحظ أن المعيار الأول ينص على إعادة توزيع وانتشار القوة السياسية بينما ينص المعيار الثاني علىإعادة بناء المؤسسات السياسية..وكلمة «السياسية» في الحالتين توحي من الوهلة الأولى بأن هذين المعيارين لا يتعلقان بالجهاز الإداري للدولة..غير أنه من الخطأ الإستسلام لهذا الإيحاء..صحيح أن أهم المؤسسات التي يجب أن يصار إلى إعادة بنائها هي المؤسسة الدستورية كون ذلك سيعيد رسم شكل العلاقة بين سلطات الدولة ومؤسساتها وتحديد ملامح النظام السياسي الجديد..غير أن إعادة إصلاح وهيكلة الجهاز الإداري للدولة واحدة من أهم عمليات إعادة بناء المؤسسات السياسية..فالمعروف أن هذا الجهاز خضع لسنوات طويلة للتسييس المنظم والممنهج وبإشراف مباشر وغير معلن من أجهزة الأمن وتحول بسبب ذلك من فضاء عام يخضع لمنطق الدولة إلى فضاء خاص ملحق بمراكز القوى في السلطةولذلك استشرى فيه الفساد وفقد عنصري الكفاءة والحياد السياسي..ومن الصعب إنجاز عملية التحول الديمقراطي من غير إعادة بناء الجهاز الإداري للدولة على النحو الذي يعيد توزيع وانتشار القوة في كل مفاصله لصالح الدولة.
يضاف إلى ذلك أن المعيار الثالث الذي يتحدث عن «إعادة توزيع الثروة والموارد الإقتصادية» يستوجب القضاء على الفساد في الجهاز الإداري للدولة وسد كل الأبواب أمام المداخيل غير المشروعة..وهذا يحتم إسناد الإصلاح الإداري بإصلاح النظام المالي..أما المعيار الرابع فينص على «إقامة مجتمع قائم على استقرار الحرية لا على استقرار الاستبداد»..ومن البديهي أن القضاء على تسييس الوظيفة العامة هو من بين أهم شروط قيام المجتمع القائم على استقرار الحرية.
معنى إعادة توزيع القوة في الجهاز الإداري للدولة:
إن استقرا الجهاز الإداري للدولة وكفاءته وحياده السياسي تستوجب عدم خضوعه للمحاصصة السياسية لصالح أحزاب ومراكز قوى تحت مبرر إعادة توزيع وانتشار القوة..فإعادة التوزيع هنا لا تعني إحلال نخب ناصرت الثورة محل نخب أخلصت للنظام السابق ولا تعني النقل من فضاء خاص إلى فضاء خاص آخر..إن إعادة التوزيع تعني في المقام الأول النقل من الفضاء الخاص السلطوي إلى الفضاء العام الدولوي أي إعادة الجهاز الإداري إلى حظيرة الدولة وإلى الشعب..وما لم يتم ذلك فإن هذا الجهاز لن يكون مستقرا ولن يكون كفؤا ولن يكون محايدا وسيظل بيئة منتجة وحاضنة للفساد بكل أشكاله وأحجامه.
معنى الحياد السياسي في الجهاز الإداري للدولة:
يقال الجهاز الإداري للدولة ولا يقال الجهاز الإداري للسلطة..ومعنى ذلك أن هذا الجهاز ينتمي إلى فضاء الدولة أي إلى العام المشترك بين كل المواطنين..وأهم ما يجب أن يميزه هو الإستقرار المؤسسيوالكفاءة في الأداء والحياد السياسي..وهذه الميزات الثلاث هي التي تجعله مؤهلا لتنفيذ أي برنامج إنتخابي ينال الأغلبية الشعبية بغض النظر عن الحزب صاحب هذا البرنامج..وعندما نتحدث عن الحياد السياسي في الجهاز الإداري فإننا نتحدث عن حياد المؤسسة وليس عن حياد المنتسبين إليها..وحياد المؤسسة تضمنه منظومة حمائية منالقوانين واللوائح