كلمـــــــات
–
صالح البيضاني
إذا مر القطار وسمعت لإحدى عرباته جلبة فاعلم أنها فارغة.. وإذا سمعت تاجرا يحرج على بضاعته فاعلم أنها كاسدة وهكذا أيضا حال البشر.. فكل فارغ من البشر له جلبة وصوت وصراخ.. بينما العاملون المثابرون في سكون لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح.
إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة.. أما الفارغة في مهب الرياح لخفتها وطيشها وهناك من الناس من سقطوا في مدرسة الحياة وأخفقوا في حقول المعرفة والعلم والإبداع والإنتاج فأخذوا يعملون في الهدم وذلك بتشويه أعمال الناجحين فهم كالطفل الأرعن الذي إذا أتى على لوحة رسام هائمة بالحسن ناطقة بالجمال فشطب جمالها وأذهب ثروتها وهؤلاء الكسالى مشاريعهم كلام وحججهم صراخ وأدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحد منهم لقبا مميزا ولا وصفا جميلا فليس بأديب ولا خطيب ولا كاتب ولا مهندس ولا تاجر ولا يذكر مع الموظفين الرواد ولا مع العلماء.
بل صفر على اليسار.. الرقم يعيش بلا هدف ويمضي بلا تخطيط ويسير بلا همة ولأنه لا يعمل فليس له أعمال تنقد لذلك ينشغل في نقل إشاعات وأكاذيب للنيل من الآخرين ويجد لذة في تحطيم أعمال الآخرين ويشعر بمتعة في تمريغ كرامة الرواد وتهميش إبداعهم وبالمقابل تجد العامل المثابر النشيط منغمسا في إتقان عمله وتجويد إنتاجه ليس عنده وقت في تشريح جثث الآخرين ولا بعثرة قبورهم فهو منهمك في إنتاج شيء ولعل ما ينطبق هنا هو النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع كثيرة المنافع ولهذا إذا رماها بحجر أعادت إليه تمرة أما الحنظل من الشجر عديمة الثمر مشؤومة الطلع مرة الطعم لا نظرا بهيجا ولا ثمرا نضجا.
إن السيف يقص العظام وهو صامت أما الطبل يملأ الفضاء وهو أجوف.. وعلينا أن نصلح أنفسنا ونتقن أعمالنا وليس علينا حساب الناس والرقابة على أفكارهم والحكم على ضمائرهم فالله يحاسبهم والله وحده يعلم سرهم وعلانيتهم ولو كنا راشدين بدرجة كافية لما أصبح لدينا فراغ في الوقت نذهبه في كسر عظام الناس ونشر غسيلهم وتمزيق أكفانهم التافهون وحدهم هم المنشغلون بالناس كالذباب يبحث في الجرح أما الخيرون فأعمالهم الجلية تشغلهم عن توافه الأمور كالنحل المشغول برحيق الزهر يحوله عسلا فيه شفاء للناس إن الخيول المضمرة عند السباق لا تنصت لأصوات الجماهير لأنها لو فعلت لفشلت في سباقها وخسرت فوزها اعمل واجتهد واتقن ولا تصغö لصوت حاسد أو فارغ.