خبراء: تدني مؤهلات ومهارات الموظفين يحد من الكفاءة الإنتاجية


كتب/محمد راجح –
تواجه تنمية الموارد البشرية في اليمن قيودا عديدة أبرزها ارتفاع نسبة الأمية التي تصل إلى 47% من السكان البالغين ومحدودية المؤسسات التعليمية والتدريبية فضلا عن ذلك ارتفاع التسرب في التعليم الأساسي والثانوي وخاصة بين الإناث والفجوات التعليمية بين الذكور والإناث وبين الحضر والريف وتدني مستوى مخرجات التعليم وأيضا انخفاض مؤهلات المدرسين ونتيجة لذلك يظهر تدني الإنتاجي ومن ثم حجم النشاط الاقتصادي الذي يترتب عليه انخفاض الدخل والاستهلاك والادخار وفرص النمو وكذلك اتساع ظاهرة الفقر والبطالة الأمر الذي يحد من تنمية الموارد البشرية في اليمن واستغلالها في إحداث تقدم وتطور في شتى مجالات الحياة.

ويؤكد الخبير في مجالي الاقتصاد والإدارة الدكتور محمد يحيى الرفيق نائب عميد كلية العلوم الإدارية بجامعة ذمار أن نظام التعليم في الجمهورية اليمنية بكافة روافده يعاني من معوقات عديدة جعلته عاجزاٍ عن تخريج أفواج تتوافق مؤهلاتها مع احتياجات الاقتصاد الوطني وأصحاب العمل بالإضافة إلى ذلك تدني مؤهلات ومهارات العاملين مما يقلل من رفع الكفاءة والإنتاجية كما أن الطلب على العمالة يعاني من ترهل القطاع الخاص المنظم ومن بيئة استثمارية غير قادرة على توليد فرص عمل كافية وأيضا زيادة التسرب في التعليم بسبب تدني مستويات الأجور والرواتب مع تحيز واضح للذكور في معدلات المشاركة بإلاضافة إلى أن التغطية للتأمينات الاجتماعية غير ملائمة وشروط عمل غير مواتية.

طاقة متنوعة
ü يمثل التعليم طاقة إنتاجية متنوعة ومتجددة تؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة القيمة المضافة وكذلك تحسين مستوى الحياة الإنسانية فقد أوضحت الدراسات أن 34% من النمو الاقتصادي يرجع إلى المعارف العلمية الجديدة و16% ينتج عن الاستثمار في رأس المال البشري من خلال التعليم بما يجعل 50% من النمو الاقتصادي يرجع إلى التعليم بمفهومه الشامل .
ويشدد الدكتور محمد على أن هناك تحديات متعددة يواجهها التعليم في الجمهورية اليمنية من أبرزها تفشي ظاهرة الأمية بسبب بقاء نسبة كبيرة من الأطفال في الفئة العمرية (6-14) سنة خارج المدارس واستمرار ظاهرة التسرب من السنوات الأولى من التعليم وخاصة بين الإناث وضعف البرامج والأنشطة الإعلامية والثقافية للتعريف بالأمية وخطورتها ومحدودية برامج محو الأمية وتعليم الكبار في المناطق الريفية والنائية نتيجة قلة المراكز والمدرسين وانخفاض أجورهم وتدني المخصصات المالية لجهاز محو الأمية التي لا تتناسب بأي حال مع حجم المشكلة.

تحديات
ü على الرغم من التحديات الجمة فقد سعت الدولة جاهدة نحو التركيز على تطوير جانب التنمية البشرية من خلال الاهتمام بمحو الأمية حيث تراجع معدل الأمية للفئة العمرية 10 سنوات فأكثر من 56% إلى 45% خلال العقدين الماضيين ورغم ذلك فقد بلغ إجمالي الأميين من الذكور والإناث بنحو 5.3 مليون أمي مثلت الإناث أكثر عددا من الذكور حيث كان هناك 3.5 مليون أنثى أمية وتعليم الكبار والاهتمام بالتعليم العام والتعليم الفني والتدريب المهني وقد زاد عدد الأميين إلى 6.2 مليون أمي وتقدر عدد الإناث الأميات بنحو 4.2 مليون أمية أنثى ويشير إلى أن
هذه المعدلات بحسب الدكتور الرفيق عالية بالمقاييس الدولية ويعزى ذلك إلى وجود تباين في توزيع الخدمات التعليمية على مستوى المحافظات والمديريات فضلا عن ذلك انتشار ظاهرتي الفقر والتسرب في الأرياف وخاصة لدى الإناث وأيضا وجود أعداد غير كافية من مدارس ومدرسي ومدرسات محو الأمية وتعليم الكبار.
كما يواجه التعليم العام تحديات تؤدي إلى تباطؤ في تطويره وذلك نتيجة للتشتت السكاني الذي يحد من إمكانية الوصول إلى كافة التجمعات السكانية فضلا عن ذلك ارتفاع النمو السكاني والهيكل الفتي للسكان الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على الخدمات التعليمية وتزايد أعداد الملتحقين بمعدل يفوق قدرة النظام التعليمي وكذلك عدم كفاية الموارد المالية لتأمين متطلبات التعليم من منشآت تعليمية ومكتبات ومختبرات وتطوير مناهج وأيضا نفقات التشغيل والصيانة والترميم يعكس نفسه على تقادم وعدم صلاحية العديد من المباني المدرسية وعلى الرغم من تنامي دور القطاع الخاص في التعليم العام إلا أن استثماراته لم تبلغ مستوى الشراكة المرجو.
تدني المخرجات
ü فيما يتعلق بالتحديات التي يواجهها التعليم الفني والتدريب المهني يشير الدكتور محمد إلى ان ذلك يخلق عدة عوائق تحد من زيادة عدد الملتحقين من أهمها انخفاض الطاقة الاستيعابية للمعاهد المهنية والفنية وكليات المجتمع وتقليدية البرامج ونمطيتها وضعف أعداد المدرسين والمدربين وعدم تأهيلهم بصورة مستمرة لمواكبة التطورات التقنية والعلمية.
ويضيف أن ذلك انعكس ذلك على تدني مستوى المخرجات وعدم ملاءمتها لاحتياجات التنمية بالإضافة إلى عدم كفايتها كما يظهر انخفاض الوعي بأهمية التعليم الفني والتدريب المهني في البناء الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن ذلك الدور الذي يمكن للمرأة أن تساهم فيه من خلال هذا النوع من التعليم علاوة على ذلك محدودية الروابط بين مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني وقطاعات الإنتاج المختلفة .
ويوضح أن هناك تحديات يواجهها التعليم العالي والبحث العلمي تتمثل في غياب كل من الفلسفة الواضحة التي تواكب التجديد المعرفي وكذلك معايير الاعتماد وضبط الجودة وهيمنة التخصصات النظرية والإنسانية وتقادم المناهج وضعف سياسة القبول وعدم اتساقها مع احتياجات سوق العمل فضلا عن ضعف البحث العلمي الذي يعاني إلى حد الآن من صعوبات أهمها عدم وجود استراتيجية وطنية للبحث العلمي وقصور التنظيم المؤسس الذي يربط بين مؤسساته ومحدودية البنية التحتية اللازمة لتطوير البحث العلمي وضعف الكادر البشري العامل في هذا المجال وأخيرا ضعف علاقته بالمجتمع وضآلة التمويل.

إجراءات ضرورية
ü ونظرا إلى ارتفاع معدل النمو السكاني في الجمهورية اليمنية فقد أدى ذلك إلى زيادة عدد الملتحقين في مرحلة التعليم الأساسية وتطلب الأمر التوسع في بناء المدارس الخاصة بالإناث والمنشآت التعليمية بشكل عام ولردم فجوة الالتحاق بين الذكور والإناث بشكل خاص حيث أن عدد الإناث الأميات بلغت نحو 4.2 مليون أمية أنثى وعليه ينبغي على الدولة أن تتوجه نحو تنويع مصادر الدعم من خلال التوسع في المنشآت التعليمية.
يشدد الدكتور الرفيق على ضرورة تركيز السياسات والإجراءات على تحسين أحوال الأسر الفقيرة بهدف الحصول على الحد الأدنى من الدخل والغذاء وأيضا الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية عن طريق تخصيص الموارد نحو تحقيق العديد من الأهداف.
ومن أهم هذه الاهداف التي يمكن تحقيقها نشر الوعي بالقضايا السكانية على مستوى التجمعات السكانية والأفراد وتوفير فرص التعليم للجميع وخاصة للفتيات في الريف بالإضافة إلى تتبع مسببات الأمية والحد من روافدها وتعزيز برنامج مكافحة الأمية وتعليم الكبار وكذا توفير خدمات البنية التحتية الأساسية في الريف لكسر عزلة المناطق النائية.
كما أن هناك ضرورة لتنفيذ العديد من السياسات المهمة التي يجب على الدولة ان تتبعها.
وبحسب الدكتور محمد فإن ذلك يقتضي ضرورة التوسع والتنوع في خطة التنمية وتشعيب احتياجاتها من القوى العاملة لاستيعاب المزيد من الخرجين ودراسة حجم العمالة وخريطة توزيعها في مجال التعليم حسب التخصصات المختلفة لاستيعاب خريجي الجامعات والمعاهد الفنية .
ويدعو إلى زيادة نسبة الانفاق على التعليم من خلال زيادة الموازنة الخاصة بالتعليم وتوجيه المساعدات والمنح لتطوير هذا القطاع وأيضا اتخاذ سياسات رقابية قوية لضبط الكشوفات الوهمية لأسماء المدرسين.

قد يعجبك ايضا