الدكتور نجيب عبد العزيز عبد الله- مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة السل بوزارة الصحة العامة والسكان يبين حقيقة مرض السل باعتباره مشكلة جلية في رمضانº مرض السل (الدرن) يبعث على مخاوف كثيرة بسبب ضراوته وما يلحقه من أضرار تدميرية بالمصاب المتخلف عن العلاج أو المهمل له وهو قاتل – لا محالة – متى طال عليه الأمد وقْرن بالإهمال.
إنه – في حقيقة الأمر- مرض تسببه جراثيم (بكتيريا) تسمى عصيات السل تدخل رئتي الإنسان عن طريق التنفس ويمكن أن تستقر في أماكن أخرى بالجسم لكنها في الغالب تستقر في الرئتين.
وليس بالضرورة لمجرد تلقي عدوى السل أن يصبح متلقيها مريضاٍ تظهر عليه أعراض المرض وعلاماته لأن الجهاز المناعي كفيل بإيقاف جراثيم السل إلا أنها – في الوقت ذاته- تكون محمية بجدار سميك يْمكنها من البقاء حية بداخله لسنوات وسنوات.
وبضعف مناعة حامل العدوى ومتى سنحت الفرصة ينكسر الحصار فتنشط تلك الجراثيم ولذلك تزداد فرص الإصابة وظهور الأعراض وتبعاتها بشكلُ أكبر.
وليس السل رئوياٍ في كل الحالات مع أن الرئتين غالباٍ ما تكون ضالته فقد يصيب أي عضو من الأعضاء داخل الجسم وبذلك تتخذ الإصابة به شكلين:
– سل رئوي: يصيب الرئتين وإذا ما ثبت بفحص البصاق أنه إيجابي يسمى عندها (السل الايجابي القشع/البصاق) ويكون معدياٍ. أما غير المعدي فيسمى (سل رئوي سلبي القشع).
– سل خارج الرئة:- يمكن أن يصيب أي عضو في الجسم كالجهاز البولي الأمعاء العظام المفاصل الجهاز التناسلي الغدد اللمفاوية سحايا الدماغ العمود الفقري… إلخ.
ومن علامات الإصابة بهذا المرض: السعال الذي يمكن أن يترافق مع ألم في الصدر ونفث الدم أحياناٍ مصحوباٍ بنقص الشهية وفقدان الوزن مع ارتفاع درجة حرارة الجسم والتعرق الليلي هذا في حالة السل الرئوي.
أما في حالات السل خارج الرئة فيصاحب المرض نفس الأعراض السابقة دون سعالُ أو ألمُ في الصدر أو نفثُ للدم كما يمكن معها ظهور أعراضُ خاصة بحسب مكان الإصابة.
وبالتالي إذا لم يعالج معالجة صحيحة يمكن أن يموت بسبب هذا المرض.
وعلى الطرف الآخر تنتقل عدوى المرض بواسطة:
– التنفس:- من خلال سعال أو عطس المريض واستنشاق الشخص السليم المتلقي للعدوى عبر التنفس لجراثيم السل المتناثرة في الرذاذ المتطاير في الهواء لتصل إلى أعماق الرئة مع العلم بأن هذه الجراثيم يمكن القضاء عليها بالهواء النقي عبر التهوية الملائمة وأشعة الشمس القاتلة للجراثيم في غضون نصف ساعة .
– الجهاز الهضمي: عند شرب الحليب الملوث من ضرع بقرةُ مصابة بالسل إلا أنها الآن نادرة الحدوث.
إن الوقاية من الإصابة بهذا المرض سهلة للغاية وتشمل:-
– تجنب السعال أو العطس في وجوه الآخرين والحرص على وضع مناديلº لتحول دون ذلك ولمنع تلوث يد المصاب أو حامل العدوى من الرذاذ المليء بجراثيم السل.
– التخلص السليم من المناديل والأقمشة الملوثة بمفرزات الفم والأنف للمريض وتجنب البصق على الأرضيات والأسطح أو على الأدوات وما شابه.
– الامتناع عن التدخين بأشكاله المختلفة فهو يزيد من تفاقم حدة المرض ومن شأن تداول تدخين المداعة والشيشة بين الناس تسهيل وتيسير نقل العدوى ونشرها بين المدخنين.
ولا بد من مثابرة مرضى السل في العلاج للوصول إلى الشفاء تماماٍ من المرضº من خلال الحرص على تناول الأدوية بشكلُ يومي بلا انقطاع ففي الفئة العلاجية الأولى تمتد هذه المعالجة تحت الإشراف المباشر إلى (6)أشهر وبدورها تقسم إلى مرحلتين:
– المرحلة الأولى: تسمى المرحلة البدائية أو المكثفة وتستمر لشهرين وخلالها يتناول المريض أربعة أدوية مركبة في قرص واحد.
وفي نهاية هذه المرحلة- بالتحديد عند اليوم السادس والخمسين- يْعاود فحص بصاق المريض للتأكد من خلوه من جراثيم السل فإذا تبقى منها شيء ْتمدد المعالجة بالأربعة الأدوية لشهرُ آخر(28) يوماٍ.
وبعد انتهاء المرحلة الأولى عقب التأكد من خلو المصاب من الجراثيم عبر فحص البصاق تبدأ المرحلة التي تليها.
– مرحلة المتابعة والاستمرار:- يتعاطى فيها المريض دوائيين في قرص واحد لأربعة أشهر(120) يوماٍ وعموماٍ تسمى هذه الطريقة بالعلاج اليومي تحت الإشراف المباشر(DOTS) وقد ثبتت فاعليتها في ضمان شفاء المصاب بشكلُ قاطع حيث يتم تطبقيها في كافة المستشفيات والمرافق الصحية في البلاد ومعها يْعطى مريض السل أدويته في المنزل ولا مانع من أن يختار المريض من يشرف على معالجته ممن يجد فيه الثقةº كأحد أفراد الأسرة أو قريب أو صديق.
أما بالنسبة لمرضى الفئة الثانية فيتعاطوا الأدوية المقررة مدة(8) أشهر من خلال مرحلتين:
– الأولى: مكثفة لمدة شهرين(56) يوماٍ يتناول خلالها المريض خمسة أدوية وبعد ذلك أربعة أدوية لمدة شهر(28)يوماٍ.
– الثانية: وهي مرحلة المتابعة التي تمتد إلى خمسة أشهر(140) يوماٍ ويتعاطى خلالها المريض ثلاثة أدوية.
وفي هذا الشهر المبارك هناك صنفين من مرضى السل تتحدد عند كلُ منها القدرة أو عدم القدرة على الصيام وهما:-
– الحالات شديدة المعاناة كحالات(الانصباب البلوري ثنائي الجانب) سل الدماغ سل التامور(غلاف القلب) سل العمود الفقري وهي حالات يجوز الإفطار فيها لقوله تعالى :” فمن كان منكم مريضاٍ أو على سفرُ فعدةَ من أيامُ أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ..” سورة البقرة- الآية (85).
– جميع الحالات الأخرى المكتشفة باكراٍ لا يمنع معها الصيام وهنا يمكن للمريض تناول أدويته وهي جرعة واحدة بعد السحور أو الإفطار تحت الإشراف اليومي المباشر على أن يتغذى قبل تناول العلاج غذاءٍ مشبعاٍ مؤلفاٍ من مختلف العناصر الغذائية المفيدة للجسم.
* المجلس الوطني للسكان
بوزارة الصحة العامة والسكان
