وكيل وزارة المالية الدكتور/ عبدالله المخلافي لـ”الثورة”



تخلفنا التنموي يرجع إلى تفشي الفساد وغياب العمل المؤسسي.. وبرنامج الإصلاح الاقتصادي فاشل
السياسة المالية والنقدية الخاطئة مسئولة عن تحقيق الفشل والرود ومضاعفة معدلات البطالة والفقر
{ نجاح حكومة الوفاق مرهون بمحاربة الفساد والانتقال من دائرة الأقوال إلى الأفعال.. وعلى الجميع الوقوف إلى جانبها والابتعاد عن الاعتبارات الحزبية والشخصية
{ الأوضاع الاقتصادية المتدهورة هي الدافع الرئيسي لخروج الناس للاحتجاج والمطالبة بالإصلاح والتغيير
{ فشل نظام اقتصاد السوق يرجع إلى استخدام آليات لا تتناسب مع طبيعة النظام وإنما مع رغبات شخصية تلهث وراء الربح
{ المستقبل هو من صناعة الشباب وعلى الحكومة الاهتمام بهذه الشريحة
{ الحكومات السابقة لم تقم بترشيح قاعدة صناعية بل قامت بتصفية البنك الصناعي
{ التغيير يجب أن لا يقف عند الأشخاص بل يمتد إلى الآليات التي ترسخت منذ فترة بعيدة.
{لا يجد الدكتور/ عبدالله المخلافي- وهو وكيل وزارة المالية- حرجا في الاعتراف بأن الأوضاع الاقتصادية المتدهور وتفشي الفساد هي السبب الرئيسي في حدوث الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير وأن السياسات المالية الخاطئة أدت إلى الركود الاقتصادي ومضاعفة معدلات الفقر والبطالة.
فالدكتور المخلافي وهو بالمناسبة استاذ للعلوم المصرفية بجامعة تعز ظل على الدوام أحد المجاهرين بالحقيقة خلال السنوات الماضية ويرى أن نجاح حكومة باسندوة مرهون بقدرتها على محاربة الفساد واجتثاثه وأن التغيير يجب أن لا يقف عند تغيير الاشخاص فحسب بل يجب أن يمتد إلى تغيير الآليات التي ترشحت منذ فترة بعيدة..
وأكد الدكتور المخلافي في حديث لـ”الثورة” أن انتشار ظاهرة الفساد وسيادة عادات وتقاليد ” إدارية” بخصوصية يمنية بدلا من سيادة نظام إداري مؤسسي بالإضافة إلى أمور أخرى قد أدت في النهاية إلى ما يمكن أن يطلق عليه ” التنمية المستحيلة” أو ” التنمية الوهمية” إذا جاز القول. مشيراٍ إلى أهمية تجاوز الأقوال والتنظير في الخطط والبرامج والعجز والانتقال إلى دائرة الفعل.
وهذا نص اللقاء :

حاوره/ علي البشيري
ونحن على أعتاب مرحلة جديدة.. هل تعتقد أننا بحاجة إلى تغيير النظام الاقتصادي الحالي¿
– لسنا بحاجة إلى تغيير النظام الاقتصادي المعتمد في بلادنا لكننا بأمس الحاجة إلى تغيير آليات العمل التي تبرز أصلا من خلال إعادة النظر في قضية القضايا وهي “الإدارة” إدارة الدولة وإدارة السياسات الكلية واعتماد آليات عمل بفعل العشوائية والارتحال والعادات والتقاليد التي برزت كبديل للنظام الإداري والاقتصادي..
أما التشوهات التي برزت في اقتصاد السوق على المستوى المحلي أو الدولي فليس السبب النظام الاقتصادي وإنما عدم العمل بالنظام الاقتصادي كما هو فعلا واستخدمت آليات لا تتناسب مع طبيعة النظام الاقتصادي كما استخدمت آليات عمل تلبي رغبات ونزعات أشخاص هنا وهناك في المؤسسات المالية والمصرفية محليا ودوليا هذه الآليات لا تعكس طبيعة السياسات التي ينبغي أن تتخذ في الوقت المناسب وإنما كانت تعكس كما سبق القول نزعات شخصية لاهثة وراء تحقيق أقصى الأرباح حتى لو كانت على حساب الاقتصاد الوطني سواء كان اقتصادا متقدما أو اقتصادا ناميا وهذه هي المشكلة التي أصابت الاقتصادات المتقدمة والنامية وعليه نؤكد ليست المشكلة في النظام الاقتصادي الذي تنتهجه هذه الدولة أو تلك.
> أقصد هل من الممكن وضع ضوابط على آليات السوق المفتوحة¿
– النظام الاقتصادي المعتمد على آليات السوق أو آليات العرض والطلب هو نظام دقيق ومنضبط وبالتالي فهو يتناسب مع وضعنا في اليمن باعتبارنا دولة نامية محدودة الموارد العامة وبحاجة ماسة إلى مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية الشاملة اقتصاديا واجتماعيا.. وكل ذلك في ظل برامج وخطط اقتصادية تعكس الواقع الاقتصادي اليمني ولا تتجاوزه.
سبب الفشل
> إلى ما تعزو فشل برنامج الإصلاح الاقتصادي ¿ وهل لسياسات الباب المفتوح دور في ذلك¿
– الفشل والتدهور الاقتصادي الذي ترافق مع تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في اليمن لا يرجع إلى سياسات الباب المفتوح كما جاء في سؤالك وإنما جاء الفشل والتدهور الاقتصادي بسبب القائمين على إدارة السياسات الاقتصادية وبالذات السياسات المالية والنقدية وما يتفرع عنها من آثار على مختلف مكونات الاقتصاد الكلي للأسف الشديد فإن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة يمكن إرجاعها وبثقة تامة إلى السياسة المالية التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية فصانع السياسة المالية وجهة خاطئة بحيث اتبع سياسة مالية انكماشية في الوقت الذي اتبع فيه العالم إلى سياسة مالية توسعية نتيجة الركود الذي عانى منه الاقتصاد العالمي وأيضا الاقتصاد اليمني وفي ظل سيادة معدلات الفقر والبطالة في اليمن. وانكماش السياسة المالية بالضرورة يؤدي إلى انخفاض الاستهلاك سواء كان ذلك الانخفاض في سلع الاستهلاك أو سلع الاستثمار والإنتاج نتيجة انخفاض الطلب على الاستهلاك وبالتبعية تقفل المصانع وتوقف عملية الإنتاج ويتم تسريح العمال.
وبالتالي بما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ناهيك عن أن ما سبق ذكره يخص الاستثمارات القائمة ومدى تأثير السياسة المالية بشكل مباشر أو غير مباشر سواء كانت استثمارات محلية أو أجنبية… ما بالنا بالاستثمارات المحتملة أو الكامنة ومدى قدرة السياسة المالية على جذب الاستثمارات محلية أو أجنبية أو أن تشكل هذه السياسة عامل طرد للاستثمارات وأعتقد جازما أن السياسة المالية قد لعبت دورا كبيرا خلال الفترة الماضية على تخفيف الفشل في الركود والتدهور الاقتصادي بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي أصابت الاقتصاد اليمني.
تدهور الاقتصاد
> ألا ترى أن تفشي الفساد يقف وراء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير¿ وهل من معالجات فعلية لمشاكل الشباب وبالذات فيما يتعلق بتوفير فرص العمل¿
– نعم.. نعم الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتفشي ظاهرة الفساد هي الدافع الرئيسي لخروج الناس للاحتجاج والمطالبة بالإصلاح والتغيير ولا يخلو الأمر من المحفزات المادية والتعبئة السياسية من بعض قوى الضغط وبعض القوى السياسية في المجتمع لخروج الناس إلى الاحتجاجات وتثوير الشارع في مختلف محافظات الجمهورية على أن يكون واضحا لدى الجميع أن سوء الأوضاع المعيشية لغالبية أفراد المجتمع لأسباب تدني متوسط الدخل لدى شريحة من الناس الذين يمتلكون فرص عمل ومن جهة ثانية هناك شريحة مجتمعية من خريجي الثانوية العامة وخريجي الجامعات ولا يمتلكون فرص عمل ومصادر دخل ويعيشون عالة على عائلاتهم وعلى المجتمع وهم كثيرين ويشكلون قنابل موقوتة في أي زمان ومكان وهؤلاء هم الوقود المستخدم من قبل أولئك المتربصين بالوطن والمواطنين واستغلال فراغ هذه الشريحة بأموال زهيدة سواء قبل الأزمة وأثناءها أو بعد ذلك.
وفي الواقع لا نلوم هذه الشريحة لأن متطلبات الحياة كثيرة ومتطلبات الحياة المعيشية بل إن المسألة تمس حياتهم وبقاءهم من عدمه على قيد الحياة ولكننا نلوم الحكومة ومسئولي الدولة لعدم الالتفات والعناية من قبل الحكومة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية لكافة أفراد المجتمع سواء بشكل مباشر عن طريق توفير فرص عمل ومصادر دخل لمعظم أو كل خريجي الجامعات والمعاهد الثانوية العامة الطالبين للعمل والقادرين عليه أو بشكل غير مباشر وذلك مهمة الحكومة الرئيسية المتمثلة بإدارة السياسات الاقتصادية الكلية واعتماد آلياتها التنفيذية المؤسسية الكفيلة بوضع وتنفيذ الخطط والبرامج الاقتصادية والمالية وفق أسس علمية ومعايير عملية تعكس أولويات ومتطلبات تحقيق التنمية الشاملة الملموسة لدى كافة أفراد المجتمع وذلك بتحقيق نقلة نوعية في حياة ومعيشة الناس في اليمن كما ونوعا والانتقال بالمجتمع من مستويات معيشية متدنية إلى مستويات أكثر رفاهية وعيش رغيد وعدم الاكتفاء بالأقوال والتنظير في الخطط والبرامج والعجز عن الانتقال إلى دائرة الفعل ولا يفوتني الإشارة هنا إلى أن المشكلة السابق ذكرها وهي “مشكلة فراغ الشباب من خريجي الجامعات والمعاهد المتوسطة وحتى خريجي الثانوية” لا بد من إيجاد حلول عاجلة لها حيث قمت شخصيا بطرح المشكلة من خلال الصحافة والقنوات الفضائية ثم طرحتها على بعض كبار مسئولي الدولة في لقاءات ومناسبات خاصة وعامة وطرحنا معالجات عديدة منها في المدى القصير والمتمثلة بضرورة قيام الخدمة المدنية بتوفير أكبر قدر من الدرجات الوظيفية في مختلف مؤسسات الدولة المدنية من جهة وفتح معسكرات جديدة عسكرية وأمنية لاستيعاب الراغبين الانخراط في الخدمة العسكرية من جهة أخرى.. وبذلك تكون الدولة أدت دورها واستفادت مرتين مرة القيام بدورها تجاه شعبها وجماهيرها الشابة وهي الفئة الأكبر في المجتمعن ومرة أخرى أنها قامت بجذب الشباب وإبعادهم عن الاستغلال من قبل الأطراف المناوئة للدولة من الداخل أو الخارج والحقيقة أن هذا الطرح لقي اهتمام وثناء أولئك المسئولين ولكن للأسف لم يتم العمل والتنفيذ وكانت النتيجة كما نعرف جميعا خروج الشباب إلى ساحات وميادين مختلف المحافظات في فبراير 2011م والمطالبة بالإصلاح والتغيير بل المطالبة بإسقاط النظام.
أما في المدى الطويل فكانت المعالجات التي طرحناها تتمثل في قيام الدولة بمهامها ومسئولياتها وتحديدا في المجال الاقتصادي وذلك بترسيخ العمل المؤسسي وآليات العمل المؤسسية وتفعيل أو اعتماد الأسس والمعايير العلمية والحر ص على تنفيذ اللوائح والنظم والقوانين وتفعيل مبدأ الشفافية في مختلف أجهزة الدولة وممارسات مسئولي الدولة في مختلف المستويات الإدارية وإدراك الجميع بأنهم رجال دولة ومسئولين عن كل اليمن وكل اليمنيين هنا سيتلاشى الفساد المالي والإداري وسيتم تعزيز الثقة بين المجتمع والدولة وكذلك بين القطاع الخاص والدولة باعتبارهم شريكي التنمية وعلى الدولة والقطاع الخاص مسئولية إيجاد فرص العمل وخلق مصادر دخل لليمنيين دون تمييز هنا سيعمل القطاع الخاص بكل ثقة وسيقوم بدوره على أكمل وجه وستقوم الدولة بدورها على أكل وجه وسيقل الفساد إلى حدوده الدنيا وفي المحصلة النهائية ستخفف التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
معاناة
> هل فاقمت الأزمة السياسية أو الاحتجاجات الشعبية من معاناة الاقتصاد الراكد¿
– نعم عانى الاقتصاد اليمني من ركود واختلالات اقتصادية هنا وهناك والحقيقة لقد حاولت الحكومة وغيرها من الحكومات السابقة في الحد من تلك الاختلالات من خلال جهود ذاتية والاستعانة بالإمكانات المادية والفنية أقليميا ودوليا وتم عمل البرامج والمصفوفات والاستراتيجيات الهادفة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية أو/ وتحقيق معدلات نمو للاقتصاد اليمني وبالذات خلال العقدين الأخيرين إلا أن انتشار ظاهرة الفساد وسيادة عادات وتقاليد ” إدارية” بخصوصية يمنية بدلا من سيادة نظام إداري مؤسسي بالإضافة إلى أمور أخرى قد أدت في النهاية إلى ما يمكن أن يطلق عليه ” التنموية المستحيلة” أو ” التنمية الوهمية” إذا جاز القول.
وجاءت الأزمة السياسية مطلع عام 2011م المستمرة حتى اللحظة الراهنة على الرغم من التوقيع على المبادرة الخليجية والبدء بتنفيذها وتشكيل حكومة الوفاق وانتخاب رئيس الجمهورية إلا أن الأزمة قد فاقمت من الاختلالات الاقتصادية وأصابت الاقتصاد بتدهور شديد وربما شارف على الانهيار ذلك أن الأضرار شملت مختلف مكونات الاقتصاد مثل تراجع العملية الإنتاجية الزراعية والصناعية ولم يقف الأمر عند التدهور في بعض الجوانب العملية الاقتصادية وإنما توقفت كثير من الأنشطة الاقتصادية وهدم المنشآت العامة والخاصة وأقفلت العديد من الأنشطة أيضا وتسريح العمالة وتوقف فرص العمل ومصادر الدخل وبالتبعية زيادة معدلات الفقر والبطالة نتيجة هروب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتوقف تدفق دعم ومساندة المانحين وهذا كله أصاب الاقتصاد اليمني بحالة ركود شديد وحالة انهيار.
بوادر أمل
> هل من بوادر أمل¿
– نعم وبكل تأكيد هناك إمكانية وبوارق أمل لإعادة الاقتصاد إلى نقطة التوازن السابقة للأزمة في مطلع شهر فبراير 2011م وذلك من خلال خطة انقاذ عاجلة تقع على كاهل الحكومة التوافقية وعلى كل وجميع المؤسسات الرسمية والأهلية والقطاع العام والخاص والأحزاب وعلى كل مؤسسات المجتمع الوقوف إلى جانب الحكومة والابتعاد عن الخلافات الحزبية والشخصية وإعانتها على تحقيق ما يلي:
– وقف التدهور الذي يعاني منه الاقتصاد نتيجة الأزمة.
– قيام الحكومة بمهامها الاقتصادية وغيراه بعيدا عن الاعتبارات السياسية والشخصية والعمل كفريق واحد وليس فريقين كما جاء على لسان رئيس الحكومة دولة الأستاذ محمد سالم باسندوة في خطابه في أول اجتماع مع الحكومة وأنا حقيقة الأمر متفائل جدا بهذه الحكومة من خلال خطابها النظري على الأقل وهي الحل الأمثل والوحيد وبدونها الضياع للبلاد والعباد وعلى جميع الاطراف السياسية إتاحة الفرصة للحكومة للقيام بمهامها وبالذات الاقتصادية دون أي تدخل من قريب أو بعيد وبعيدا عن أي مماحكات سياسية تؤثر على أداء الحكومة لمهامها العاجلة.
-التركيز أولا على إعادة الخدمات الاجتماعية لسكان البلاد كهربائية ومشتقات نفطية وأمن استقرار ورفع التقطعات من مختلف المدن ومحافظات الجمهورية..
برنامج نمطي
> ألا ترى بأن برنامج الحكومة يتسم بالنمطية ولا يختلف كثيرا عن برامج الحكومات السابقة¿
– برنامج الحكومة التي أقره البرلمان هو برنامج نمطي اعتادت الحكومات السابقة على تقديمه بما فيه من تناقضات في السياسات الاقتصادية الكلية بل تناقض على مستوى السياسة الاقتصادية الواحدة وهذا البرنامج لا يلبي تطلعات الجماهير اليمنية بل هو كغيره من البرامج التي سبق تقديمها للبرلمان في السنوات الماضية كان أحد أسباب هز ثقة المجتمع بالدولة دائما لمخالفته ومجافاته للواقع المعاش من جهة وفي آليات تنفيذ تلك البرامج المغايرة تماما لنصوصه من جهة ثانية وعدن تكامل السياسات الاقتصادية فيما بينها من جهة ثالثة.
وفي رأيي الشخصي كان الأجدر بالحكومة الحالية أن تقدم برنامج يتضمن إعادة البلاد والعباد إلى ما قبل 2011م مع وقف التدهور الذي أصاب جميع مناحي الحياة ويمكن تحديد تلك المهام فيما يلي:
1) إعادة خدمات الكهرباء وتوفير المشتقات النفطية وفتح المدارس والجامعات ورد الاعتبار لها.
2) إزالة المظاهر المسلحة الرسمية والشعبية.
3) إعادة ترسيخ الأمن والاستقرار والقضاء على آثار ومظاهر الأزمة والحرب التي أصابت الشوارع والمباني والمنشآت العامة والخاصة. أما الآثار المعنوية التي أصابت الكبار والصغار فيصعب إزالتها في المدى القصير.
4) إعادة الأعمار للمنشآت العامة والخاصة.
5) توفير السلع والخدمات اللازمة لإشباع حاجات المجتمع وضبط ومراقبة المبالغين في أسعار تلك السلع والخدمات مع الأخذ في الاعتبار أن الحكومة لن تستطيع ضبط ومراقبة الأسعار والمخزون السلعي إلا من خلال قيام الدولة بالاستثمار في مختلف مجالات السلع الاستراتيجية على الأقل شريطة عدم استخدام سلطتها وماليتها كمميزات على القطاع الخاص. بمعنى آخر يحق للدولة الدخول في العملية الاستثمارية في ظل سياسات الاقتصاد الحر شريطة أن يكون عليها ما على القطاع الخاص ولها ما للقطاع الخاص.
كنت أتنمى أن تقدم الحكومة مثل هذا البرنامج لإنجازه خلال الفترة الانتقالية للسنتين القادمتين.
على أن يكون واضحا أمام الحكومة وأمام الجميع من أن الحكومة لن تستطيع إنجاز البرنامج المقترح السابق إلا بإعلان الحرب على الفساد المالي والإداري وتصحيح الاختلالات في مختلف أجهزة الخدمة العامة للدولة نتيجة الفساد المالي والإداري الذي استشرى في مختلف أجهزة الدولة وبعد ذلك طلب الدعم من المانحين إقليميا ودوليا لمساعدة الحكومة على إنجاز المهام السابقة.
> وماذا عن تنمية القطاعات الواعدة¿
– موضوع القطاعات الواعدة وتنشيط قطاع الصناعة إذا كانت الحكومات السابقة فشلت في استغلال تنوع الموارد الاقتصادية في اليمن سواء في مجال الثروة السمكية أو في مجال السياحة أو مجال التعدين أو في الصناعة واعتماد هذه القطاعات كقطاعات قائدة لعملية التنمية بشكل جمعي أو بشكل فردي أي اعتبار كل قطاع على حدة من تلك القطاعات قائدا لعملية التنمية. الحكومة السابقة فشلت في ذلك والدليل على ذلك خروج الناس للاحتجاجات والاعتصامات..
فما بالك بالحكومة الحالية بعمر سنتين لن تكون قادرة على تنفيذ البرنامج الذي أقره مجلس النواب وعليها أن تعمل على إعادتنا اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا وسياسيا إلى ما قبل 2011م كما ذكرت سابقاٍ..
> هل تعتقد أن الحكومة قامت بواجبها في ترسيخ قاعدة صناعية متينة¿
– لم تقم الحكومة السابقة بترسيخ قاعدة صناعية بل قامت بتصفية البنك الصناعي كأحد متطلبات البنية الأساسية لقيام قطاع صناعي وذلك كله يعود إلى رؤية الحكومات السباقة لأولويات عملية التنمية في أحسن الأحوال وعدم امتلاك رؤية تنموية لدى المجموعة الاقتصادية في الحكومة.
إعادة البنك الصناعي
> ما هو المطلوب من الحكومة الحالية لتنمية وتطوير القطاع الصناعي¿
– نظراٍ لأهمية القطاع الصناعي فلا بد من انتهاج سياسية صناعية تركز على المدخلات الصناعية المتوفرة محليا كمرحلة أولى لتنمية القطاع الصناعي مع إعادة البنك الصناعي ليقوم بإتاحة الفرصة للراغبين في الاستثمار في القطاع الصناعي بتوفير القروض لأولئك بأسعار فائدة تفضيلية ثم قبل ذلك إجراء مسوحات صناعية لمختلف محافظا الجمهورية وإبراز الميزات التنافسية لكل محافظة ثم بناء على ذلك تقسيم محافظات الجمهورية إلى مناطق استثمارية صناعية زراعية سياحية سمكية تعدين… وبالتالي على صانع القرار الاقتصادي الاهتمام بالقطاع الصناعي وتوفير التمويل اللازم سواء بإتاحة الفرصة للقطاع الخاص محليأجنبي الانخراط في الاستثمار في المجال الصناعي بالإضافة إلى الصندوق المقترح لتمويل المنشآت والمشاريع الصناعية.
كشف الفساد
> كيف تنظرون إلى ثورة المؤسسات وهل الفساد أدى إلى قيام هذه الثورة¿
– ثورة المؤسسات حسب وصفكم لها.. في الحقيقة لم تأت هذه الاحتجاجات في الوقت المناسب من وجهة نظري صحيح أن الفساد استشرى في مختلف مؤسسات الدولة قبل الأزمة وأثناء الأزمة وبعدها أيضا بل أن الفساد في بلادنا للأسف الشديد تأسس وبرز ويتعزز في الفترات الانتقالية الناتجة عن الأزمات والاحتراب قبل الوحدة وبعدها.
فإذا كان الفساد موجودا قبل الأزمة كما سبق الذكر فلماذا إذا لم تظهر الاحتجاجات قبل عام 2011م أما الآن فالوقت غير مناسب لأن البلاد خرجت من أزمتها بتوقيع المبادرة كمخرج وحيد وسلمي بإشراف إقليمي ودولي وعلينا التمسك بهذا الحل وعدم التفريط به حتى يتم إجراء انتخابات رئاسية بعد سنتين بعده علينا جميعا كشف الفساد وآلياته والمفسدين ومحاسبتهم وفق اللوائح والقوانين النافذة وإحالة من يثبت تورطهم في قضايا فساد إلى محاكم ونيابات الدولة على أن يكون واضحا أن اجتثاث الفساد لم/ ولن يكون من خلال الانتظار حتى يطلع لنا فاسد هنا أو هناك وخروج الناس للاحتجاجات..وإنما اجتثاث الفساد يكون بطريقتين:
الأولى: خلق وعي مجتمعي مناهض للفساد وذلك من خلال كل أفراد ومؤسسات المجتمع العامة والخاصة والأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والكشف عن أي انحراف أخلاقي وفسادي في أداء مختلف المسئولين وفي مختلف مجالات العمل العام والخاص.
الثانية: بعد ذلك إذا ظهرت حالات فساد وثبت تورط البعض في حالات فساد يتم فورا إحالة تلك القضايا وحالات الفساد إلى المحاكم ونيابات الأموال المعنية بذل.
الشباب صناعة المستقبل
> ما الدور الذي ينبغي أن يقوم به الشباب في صناعة المستقبل¿
– سنة الله في خلقه تعاقب وتواصل الأمم والأجيال والتغيير أيضا سنة من سنن الكون والثابت الوحد هو المتغير الدائم بمعنى إذا كان هناك من قاعدة عامة فهي التغيير بشكل مستمر في كل زمان ومكان ولكن في الأوقات والأزمان المناسبة من وجهة نظر هذا المجتمع أو ذاك.
ولذلك فإن المستقبل هو من مسئولية الشباب الواعي بمعترك الحياة الذي يمتلك المؤهلات والمعايير العلمية والعملية واكتساب الخبرات الواقعية العملية وهذا لا يكون إلا من خلال الأجيال السابقة التي تقود العمل ولكن وفقا لمعايير عملية ووطنية وأخلاقية واستثناء من ذلك من يرى المجتمع بتورطهم في قضايا انحراف أو فساد أو أمراض اجتماعية وتجسيدها في ممارستهم لأعمالهم في مختلف المؤسسات.
وعليه فإننا نؤكد أن المستقبل هو من صناعة الشباب الذي يمتلك الخبرات العملية والعلمية وفي مختلف التخصصات أيضا الشباب الذي يمتلك المنظومة القيمية السليمة بمرجعية دينية ووطنية وأخلاقية وولاؤه لله والوطن والمواطنين في هذه الأرض الطيبة.
آلية مؤسسية
> ما هي الآليات التي تكفل بأن يكون الشباب إدارة منتجة وفاعلة في المستقبل¿
– الآليات التي تجعل الشباب وغير الشباب أداة فاعلة وبالتالي تجعل اليمن تخطو بثقة واقتدار نحو المستقبل ببساطة شديدة هي:
1) اجتثاث العادات والتقاليد الشخصية النابعة من هذا المسئول أو ذاك في هذه المؤسسة أو الوزارة أو تلك والتي أصبحت للأسف الشديد البديل لنظام إداري وعمل مؤسسي ولذلك لم يحدث أي تراكم أو تنمية.
2) بعد ذلك اعتماد وتفعيل العمل المؤسسي وآليات العمل المؤسسية بما يجسد النظم واللوائح والقوانين وهذا يعني أن التغيير الذي ينبغي أن يتم نقصد قبل الأزمة أو بعدها لا يقف عند تغيير الأشخاص وإنما الأصل هو تغيير الآليات التي ترسخت منذ فترة بعيدة ربما تصل إلى البدايات الأولى للثورة التي كانت تعتمد على رؤية الشخص الأول في هذه الوزارة أو تلك وبذلك ترسخت فجوة كبيرة بين اللوائح والنظم والقوانين كمرجعية لإدارة هذه المؤسسة أو تلك وبين رغبات ونزعات وقدرات ورؤية أولئك المسئولين الحكوميين لمختلف أجهزة الدولة مع وجود فوراق وتفاوت بين أولئك المسئولين بالضرورة فهناك أناس شرفاء ووطنيين أدوا أعمالهم بأمانة ومسئولين بما يتفق مع مضمون القسم أو اليمين الدستوري وكذا وفق اللوائح والنظم والقوانين المعتمد في جهاز الدولة ونتمنى أن يتم ذلك حتى يحدث نوع من التراكم وتتحقق التنمية في مختلف المجالات واستدامة التنمية باعتماد مقومات الاستقرار الاقتصادي الكلي الذاتي وبعد ذلك تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي بعون الله.

قد يعجبك ايضا